حرب حقيقية بكل المقاييس تعيشها قرى الجنوب اللبناني إثر الحرب الدائرة في فلسطين. فالعدو الإسرائيلي لا يتوانى لحظة عن قصف أهدافه بالغارات والقذائف الفوسفورية، التي بمجرّد ذكرها، تحضر فوراً صورة الدمار البيئي والزراعي إلى الأذهان. وفي ظل الحرب الدائرة، تبدو صورة القطاع الزراعي، الذي لطالما شكّل العصب الإقتصادي للقرى الحدودية، مشوّهة إثر الخسائر الفادحة التي طالته، فهل التعافي ممكن؟
لا يمكن حصر الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي في الجنوب إثر العدوان الإسرائيلي، في إطار أرقام معيّنة، بحسب ما أشار إليه وزير الزراعة عباس الحاج حسن لـ"لبنان24".


الأضرار فادحة جداً
ويعود ذلك لأسباب عديدة وفق الحاج حسن، أولّها قيام وزارة الزراعة بإحصاء أعداد الحرائق والقذائف وما تسببه من أضرار، وبخاصة الفوسفوري منها المحرّم دولياً وانعكاسه الضارّ على الشقين الحيواني والنباتي.
وقال الحاج حسن: "الأضرار فادحة جداً سواء بالشكل المباشر أو غير المباشر وبالتالي نتحدث اليوم عن مليارات الدولارات التي يخسرها لبنان والجنوب، جراء هذا الإعتداء الإسرائيلي"، مشدداً على أنه "بالرغم من هذه الخسائر، إلا أننا معتصمون وثابتون في أرضنا وحكماً منتصرون".
وكشف وزير الزراعة لـ"لبنان24" أنه يمكن تخمين الخسائر، إلا أنه فعلياً على الأرض، لا يمكن الخروج بأرقام حاسمة سوى فور انتهاء العمليات العدوانية الإسرائيلية"، موضحاً أنه عندما يحصل ذلك سيتمّ القيام بمسوحات عبر الوزارة أو مجلس الجنوب أو الهيئة العليا للإغاثة وكل الجهات التي تنضوي تحت هيئة الطوارئ التي شكّلتها الحكومة بهدف وضع الأرقام الرسمية أمام الرأي العام العالمي والوطني.
وأكّد أنه على المدى القريب "نحن نعيش إرهاصات هذه الأزمة من خلال ارتفاع أسعار بعض السلع والمزروعات والنقص الحاصل في الإنتاج"، مشيراً إلى أن ما لا يقلّ عن 30% من حجم الإنتاج الوطني هو من الجنوب الذي يتعرّض اليوم لقصف متعمّد لإحداث أكبر ضرر بالقطاع الزراعي.
أمّا على المدى البعيد، فشدد الحاج حسن على "أننا نتحدث عن أشجار مثمرة وغير مثمرة عمرها 200 سنة قضي عليها بالكامل، وحتى ولو توقف العدوان الإسرائيلي، فسنعود ونزرع مكان كل غرسة 10 غرسات ومكان كل شجرة 10 شجرات"، جازماً أنه لا يمكن الحديث عن أية إنتاجية قبل 3 سنوات.
دعم المزارعين الجنوبيين
وفي ما خصّ دعم الوزارة للمزارعين الجنوبيين، فأوضح وزير الزراعة أنه تمّ بالفعل وضع خطة لمواكبة الإعتداءات الإسرائيلية، مضيفاً عن خطة الدعم، أن الحكومة اللبنانية تلتزم بدعم المزارعين والمواطنين وهذا واجب عليها لأنهم الجزء الأعز والأغلى على الوطن، بمسحييه ومسلميه، وبالتالي فهذا الأمر أوجب الوجوب.
وتابع: "هناك دعم من المنظمات الدولية التي نستهدفها في سبيل أن توفّر دعماً مباشراً فور انتهاء العمليات العدوانية الإسرائيلية التي تطال شرف وكرامة جميع اللبنانيين".
وفي هذا الإطار، كشف الحاج حسن أن محاصيل الزيتون هي المتضرر الأكبر من الحرب الدائرة، موضحاً أنه تمّ القضاء على 60 ألف غرسة بشكل كامل بعضها كان معمّراً، خاصة وأن بعضها كان موجوداً في قانا الجليل، المنطقة التي شهدت أولى عجائب السيد المسيح.
واعتبر أن "العدو الإسرائيلي ينفّذ هذه الإستهدافات حتى يؤكد نظرية أن بإمكانه اقتلاع الشعوب من أراضيها، إلا أننا نؤكد أنه ربما بمقدوره أن يحرق زيتوننا، إلا أنه لن يستطيع حرق تاريخنا"، مشدداً على "أننا من يكتب التاريخ والحاضر، ونحن متأصلون في أر ضنا عبر الأنبياء وعمرنا فيها هو من عمر كل الديانات السماوية".
كما جزم وزير الزراعة بأن تدمير المحاصيل الزراعية هو من ضمن الخطة الإسرائيلية، معتبراً أن العدو لا يمكن له سوى أن يفكر بهذه العدوانية وبالتالي يستهدف أهدافه عسكرياً، مدنياً، اقتصادياً، زراعياً ودينياً وأمنياً وصحافياً، كما رأى أن اسرائيل تريد من عدم وصول المزراعين إلى المساحات الشاسعة، أن تكسر الإقتصاد الوطني اللبناني.
هل التعافي ممكن؟
وفي السياق، شدد الحاج حسن على أن لبنان، بقطاعه الزراعي، هو منافس شرس لبعض دول العالم بمونته وبزيت زيتونه وغيره من الأصناف التي يصدّرها للخارج.
وعن تقديم لبنان شكوى في الخارج لحماية محاصيله الزراعية، فأكد وزير الزراعة ذلك من خلال تقديم وزارة الخارجية شكوى أمام مجلس الأمن، مضيفاً أنه ستكون هناك تحركات لاحقة لوضع مجلس الأمن والرأي العام العالمي أمام مسؤولياته في ما خصّ الإعتداءات الإسرائيلية.
كما أكد أن لبنان سيطالب العدو الإسرائيلي بالتعويض عن كل ما لحق من تدميره القطاع الزراعي بأمه وأبيه، فضلاً عن مبانٍ ومستشفيات وقرى، وقتل أطفال ونساء من المدنيين.
وبالنسبة لإمكانية التعافي، أشار الحاج حسن إلى أن "العدو الإسرائيلي، ومنذ أربعينيات القرن الماضي وهو يعتدي على لبنان، ونحن نعود وننتصر تماماً كطائر الفينيق، سواء في انتصارنا عام 2000، واليوم أيضاً من خلال صمودنا فنحن قادرون على مقاومة هذا العدو الذي يخرق سيادتنا بشتّى الطرق".
وأضاف: "القطاع الزراعي سيعود كما كان، لا بل أقوى ممّا كان بسبب وجود توجيه من القيادة السياسية العليا لإيلاء أقصى اهتمام  للجنوب اللبناني ومنتجاته وتسويقها، وبالتالي نحن لا نخاف من أن تعود العجلة الإقتصادية كما كانت عليه، إذ عوّدنا الجنوب أنه كلّما كانت قساوة المعركة أكبر، كلّما كانت عودة الحياة والثبات في الأرض أكبر".
 
ما حققته إسرائيل من أضرار بالقطاع الزراعي، يرقى بحدّ ذاته إلى مستوى الجريمة. وعلى الرغم من أن النهوض هذه المرة قد يكون أصعب، إلا أن إرادة الحياة في أرض لبنان، دائماً ما تتفوق على الأزمات التي تحل به. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: العدو الإسرائیلی القطاع الزراعی وزیر الزراعة الحاج حسن لا یمکن إلا أن

إقرأ أيضاً:

الرئيس الفرنسي يستقبل نظيره اللبناني في باريس.. 28 مارس

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، أنه سيستقبل نظيره اللبناني جوزيف عون في باريس، يوم 28 مارس، في خطوة تعكس استمرار الاهتمام الفرنسي بالشأن اللبناني، ودعم الاستقرار والإصلاحات في البلاد.

وجاء الإعلان، عبر منشور لماكرون على منصة "إكس"، حيث تطرق إلى تفاصيل محادثة هاتفية أجراها مع رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، هنّأه خلالها على الجهود التي يبذلها مع حكومته لتعزيز وحدة لبنان وأمنه واستقراره، مؤكدًا أن فرنسا ملتزمة بدعم البلاد في هذه المرحلة الحساسة.

وقال ماكرون: "ناقشنا آفاق إعادة الإعمار والإصلاحات التي يتطلبها لبنان. هذا العمل ضروري ليس فقط للبنان، بل للمنطقة بأسرها".

وأضاف: "التزام فرنسا تجاه لبنان لا يزال كاملاً، من أجل تعافيه ومن أجل سيادته"، في إشارة إلى استمرار باريس في لعب دور محوري في دعم بيروت، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد.

إعلام إسرائيلي: لبنان يطالب بالحصول على رأس الناقورة في مفاوضات ترسيم الحدود البريةالجيش الإسرائيلي يشن غارات على مواقع لحزب الله جنوبي لبنانبموافقة مجلس الوزراء.. قيادات أمنية جديدة في لبنان| تفاصيلفرص عمل على مهنة غسيل وتشحيم في لبنان براتب 500 دولارهل تطبع إسرائيل العلاقات مع لبنان؟إعلام إسرائيلي: المفاوضات مع لبنان جزء من مسار شامل وخطة واسعةاسرائيل تعلن عن اتفاق مع لبنان على إجراء مفاوضات لترسيم الحدود البرية

وكان الرئيس الفرنسي قد زار بيروت في 17 يناير، بعد 9 أيام فقط من تولي قائد الجيش السابق جوزيف عون منصب رئاسة الجمهورية، في خطوة أكدت رغبة فرنسا في كسر الجمود السياسي الذي عاشه لبنان لأكثر من عامين بسبب الفراغ الرئاسي.

وبعد أيام قليلة من هذه الزيارة، تم تكليف نواف سلام برئاسة الحكومة، ما اعتبره مراقبون مؤشرًا على بداية مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي النسبي.

كما سبق لماكرون أن أعلن خلال زيارته الأخيرة للبنان، عزمه عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار البلاد، في ظل الأضرار التي لحقت به نتيجة الحرب بين إسرائيل وحزب الله، والتي توقفت في 27 نوفمبر بعد دخول اتفاق لوقف إطلاق النار حيز التنفيذ. 

ويهدف هذا المؤتمر إلى حشد الدعم الدولي للبنان، خاصة في ما يتعلق بإعادة بناء البنية التحتية وتعزيز الاقتصاد المنهار.

وتسعى باريس إلى لعب دور رئيسي في مساعدة لبنان على الخروج من أزماته السياسية والاقتصادية، عبر الدفع نحو إصلاحات هيكلية، بالتوازي مع دعم الجهود الدولية لإعادة الإعمار، وهو ما يجعل لقاء ماكرون مع جوزيف عون في باريس، محطة مهمة في سياق العلاقات الفرنسية اللبنانية.

مقالات مشابهة

  • الوعي: جهود الدولة لتمكين القطاع الزراعي بارقة أمل لتحقيق الاكتفاء الذاتي
  • هل تنجح الحماية الدولية للبنان؟
  • لتعزيز القطاع الزراعي.. جولة ميدانية لوزير الزراعة في البقاع الغربي
  • الرئيس الفرنسي يستقبل نظيره اللبناني في باريس.. 28 مارس
  • السعودية تتفوّق على مصر وإسرائيل.. الدول التي تمتلك أقوى «مقاتلات عسكرية»!
  • إعلام عبري: فريق التفاوض الإسرائيلي سيعود الليلة من قطر
  • حصاد الزراعة.. تعزيز الاستثمار الزراعي الصيني في مصر
  • شراكة مغربية-روسية استراتيجية لتعزيز الابتكار الزراعي ومواجهة التحديات المناخية
  • العدوّ الإسرائيليّ أطلق النار على قطيع ماشية
  • الاسمر: لدمج الرواتب التي تعطى كمساعدات في القطاع العام ضمن أساس الراتب