لا يخلو إنسان في هذه الحياة من المتاعب والأحزان والآلام ، وتقلب الأطوار وتغير الأحوال من قبض وبسط وعسر ويسر وفرج وكرب وشدة ورخاء وسراء وضراء. ولا شك أن ذلك كله يظهر أثره على وجهه ولكن ما سبب ذلك؟ وماعلاجه؟ يقول الشيخ مبارك علي محمد علي، إمام وخطيب مسجد سيدي أبي الحجاج الأقصري، لا شك أن القبض الذي يصيب الإنسان له أسباب كثيرة منها:

وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يناقشان الاستعداد لعقد مسابقة النوابغ في القرآن

 1- كثرة الذنوب وهذا يزول بالتوبة والاستغفار.

أخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أبِي مُوسى أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «لا يُصِيبُ عَبْدًا نَكْبَةٌ فَما فَوْقَها أوْ دُونَها إلّا بِذَنْبٍ وما يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ أكْثَرُ. وقَرَأ: ﴿وما أصابَكم مِن مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أيْدِيكم ويَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشورى»: ٣٠] وذكر الإمام القرطبي عن ابن صبيح قال : "شكا رجل إلى الحسن الجدوبة : فقال له : استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر فقال له : استغفر الله وقال له آخر : ادع الله أن يرزقني ولداً فقال له : استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له : استغفر الله، فقال له الربيع بن صبيح أتاك رجال يشكون أنواعاً فأمرتهم كلهم بالاستغفار ! فقال : ما قلت من عندي شيئاً ! إن الله عز وجل يقول في سورة نوح : " قُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا " ( سورة نوح، الآيات: 10-12 ) .

 2- وقد يكون القبض والكرب بسبب أمل ضاع أو مرض ألم بالإنسان وعلاج ذلك يكون في التسليم لأمر الله وفي ذلك يقول الإمام الشافعي: دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ القَضاءُ وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ وَكُن رَجُلاً عَلى الأَهوالِ جَلداً وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاءُ وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ وَلا تُرِ لِلأَعادي قَطُّ ذُلّاً فَإِنَّ شَماتَةَ الأَعدا بَلاءُ وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ المَنايا فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا سَماءُ وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ.

 3- وقد يكون القبض والكرب بسبب ظلم وقع على الإنسان لا يستطيع دفعه وعلاج ذلك الصبر وسعة الصدر فدعْوةُ المظلومِ تُحمَلُ علَى الغَمامِ و تُفتَحُ لها أبوابُ السَّماءِ و يقولُ اللهُ تباركَ وتعالى وعزَّتي وجلالي لأنصرَنَّكَ ولَو بعدَ حينٍ. 4- وهناك قبض لا يعرف له سبب وهذا يزول بالذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) الرعد28. 

أخرج أحمد والترمذي في سننه من حيث أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: «ما شئت». قال: قلت: الربع، قال: «ما شئت فإن زدت فهو خير لك»، قلت: النصف، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قال: قلت: فالثلثين، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك»، قلت: أجعل لك صلاتي كلها قال: «إذا تُكْفَى همَّكَ، ويُغْفرُ لك ذنبك»: «هذا حديث حسن».وفي رواية: «إذن يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك». والمتدبر للقرآن الكريم والفاهم لسنة النبي الكريم يعلم: أن كل شيء بقدر الله والله سبحانه قسم للعبد سعادته وشقائه ورزقه وعمره، فما كان لك سوف يأتيك على ضعفك، وما كان لغيرك لن تناله بقوّتك.

 قال تعالى: (وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّۢ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍۢ فَلَا رَآدَّ لِفَضْلِهِۦ ۚ يُصِيبُ بِهِۦ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِۦ ۚ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ). والسنة النبوية الشريفة مليئة بالأذكار والأدعية لتفريج الكربات وأهل البيت وصحابته الكرام تعلمنا منهم في الشأن الكثير فمن ذلك قول سيدنا الإمام علي كرم الله وجهه: وَكَم لِلّهِ مِن لُطفٍ خَفيٍّ يَدِقُّ خَفاهُ عَن فَهمِ الذَكيِّ وَكَم يُسرٍ أَتى مِن بَعدِ عُسرٍ فَفَرَّجَ كَربَهُ القَلبُ الشَجيِّ وَكَم أَمرٍ تُساءُ بِهِ صَباحاً وَتَأتيكَ المَسَرَّةُ بِالعَشيِّ إِذا ضاقَت بِكَ الأَحوالُ يَوماً فَثِق بِالواحِدِ الفَردِ العَلِيِّ تَوَسَّل بِالنَبِي في كُلِ خَطبٍ يَهونُ إِذا تُوُسِّلَ بِالنَبيِّ وَلا تَجزَع إِذا ما نابَ خَطبٌ فَكَم لِلّهِ مِن لُطفٍ خَفيِّ وقال الحافظ السيوطي رحمه الله في تاريخ الخلفاء: أخرج البيهقي وابن عساكر من طريق أبي المنذر هشام بن محمد عن أبيه قال: أضاق الحسن بن علي رضي الله عنهما وكان عطاؤه في كل سنة مائة ألف فحبسها عنه معاوية رضي الله عنه في إحدى السنين فأضاق إضاقة شديدة، قال: فدعوت بدواة لأكتب إلى معاوية رضي الله عنه لأذكره نفسي ثم أمسكت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال: " كيف أنت يا حسن" فقلت بخير يا أبتِ وشكوت إليه تأخر المال عني، فقال: " أدعوت بدواة لتكتب إلى مخلوق مثلك تذكره ذلك" فقلت نعم يا رسول الله فكيف أصنع، فقال: (قل اَللَّهُمَّ اقْذِفْ في قَلْبِي رَجَاءَكَ وَاقْطَعْ رَجَائِي عَمَّنْ سِوَاكَ حَتى لا أَرْجُو أَحَدًا غَيْرَكَ اَللَّهُمَّ وَمَا ضَعُفَتْ عَنْهُ قُوَّتِي وَقَصُرَ عَنْهُ عَمَلِي ولَمْ تَنْتَهِ إِلَيْهِ رَغْبَتِي وَلَمْ تَبْلُغْهُ مَسْأَلَتِي وَلَمْ يَجْرِ عَلَى لِسَانِي مِمَّا أَعْطَيْتَ أَحَدًا مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ مِنَ الْيَقِينِ فَخُصَّنِي بِهِ يا رَبَّ الْعَالَمِين )قال: فوالله ما ألححت به أسبوع


 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: آيات من القرآن تقلب الأطوار المتاعب رضی الله عنه استغفر الله فقال له ما شئت

إقرأ أيضاً:

الإفتاء: مقاطع القرآن الكريم المصحوبة بالموسيقى من أشد الكبائر

شددت دار الإفتاء المصرية أن القيام بعمل مقاطع لآيات من القرآن الكريم مصحوبة بأي نوع من أنواع الموسيقى أو الاستماع إليها أو الترويج لها أو الإسهام في نشرها من أشد الكبائر المقطوع بحرمتها شرعًا.

حكم حفظ القرآن الكريم وبيان فضل حفظه بعد الإساءة إلى القرآن.. الإفتاء توضح حكم تلحين القرآن وتصويره فنيًا قراءة القرآن مصحوبا بموسيقى الروك آند رول ، البوب ، الفانك ، التكنو

وتابعت الإفتاء أن الله تعالى قد نفى  الهزل عن القرآن ونزهه عنه بقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ۝ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ [الطارق: 13، 14]، واللهو مرادف الهزل، فيجب تنزيه القرآن عنه.

 

حكم تلحين القرآن الكريم تلحينًا موسيقيًّا 

 

كان في الصحابة والتابعين رضي الله عنهم من يُحْكِم القراءة على أحسن وجوهها ويؤديها بأفصح مخرج؛ فكأنما يسمع منه القرآن غضًّا طريًّا لفصاحته وعذوبة منطقه وانتظام نبراته، وهو لحن اللغة نفسها في طبيعتها لا لحن القراءة في الصناعة، على أن كثيرًا من العرب كانوا يقرؤون القرآن ولا يعفون ألسنتهم مما اعتادته في هيئة إنشاد الشعر مما لا "يخل" بالأداء، ولكنه يعطي القراءة شبهًا من الإنشاد تقريبًا؛ لتمكن ذلك منهم وانطباع الأوزان في الفطرة، حتى قيل في بعضهم: إنه يقرأ القرآن كأنه رجز الأعراب، وهذا عندنا هو الأصل فيما فشا بعد ذلك من الخروج عن هيئة الإنشاد إلى هيئة التلحين، وخاصة بعد أن ابتدع الزنادقة في إنشاء الشعر هذا النوع الذي يسمونه التغبير، ولم يكن معروفًا من إنشاد الشعر قبل ذلك؛ وهو أنهم يتناشدون الشعر بالألحان؛ فيطربون ويرقصون ويهرجون، ويقال لمن يفعلون ذلك المغبرة، وعن الشافعي رحمه الله: أرى الزنادقة وضعوا هذا التغبير ليصدوا الناس عن ذكر الله وقراءة القرآن.

 

وتسألت دار الإفتاء عن مدى الفائدة التي يُكن أن يحصل عليها المسلمون من الاجتراء على كلام رب العالمين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيم حميد! فليتق الله كل من يفكر في إباحة تصوير المصحف فإن المسلمين بخير ما حافظوا على كتاب الله، وهم على شر حال إذا ما تهاونوا في المحافظة عليه، ولذلك كله نرى أنه لا يجوز بحال أن يطبع المصحف وفيه أي تغيير في رسمه أو إضافة أية صورة إليه.

مقالات مشابهة

  • معنى "روح القدس" الوارد في آيات القرآن الكريم
  • القرآن وتأثيرُه على النفس والوجدان
  • سر تكرار «فبأي آلاء ربكما تكذبان» في سورة الرحمن؟
  • الإفتاء: مقاطع القرآن الكريم المصحوبة بالموسيقى من أشد الكبائر
  • ما حكم قراءة القرآن في المسجد قبل صلاة الفجر؟
  • حكم بيع الأدوية المخدرة بالصيدليات.. الإفتاء توضح
  • حكم وضع رجل على رجل أثناء الاستغفار وذكر الله
  • كيفية الرُّقية الشرعية من آيات القرآن الكريم
  • حكم قراءة القرآن مصحوبا بالموسيقى.. دار الإفتاء تجيب
  • حكم حفظ القرآن الكريم وبيان فضل حفظه