تزايدت حالة الصدام وتبادل الاتهامات بين رئيس حكومة الوحدة الليبية، عبدالحميد الدبيبة ومحافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، وسط تساؤلات عن تداعيات الأزمة وإلى أين ستصل.

وزادت حالة الصراع والصدام بين الطرفين بعد قرار رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، فرض ضريبة تبلغ 27 بالمئة على مشتريات العملات الأجنبية، وذلك بعدما تلقى البرلمان اقتراحا من الصديق الكبير بتعديل سعر صرف الدينار أمام الدولار.



الدبيبة يرفض ويتهم
بعد صدور القرار من قبل البرلمان، وجه الدبيبة كلمة للشعب الليبي زعم فيها أن "ليبيا تعيش كل أنواع الاستقرار، رغم محاولات البعض التضييق، وأنه لا مجال لمن يريدون الحروب وحكموا البلاد لسنوات، دون أن يحققوا أي إنجاز".


وأكد رئيس الحكومة أن "ليبيا تواجه الآن قرارا فرديا ومؤسفا يريد أن يسرق 27 بالمئة من مدخرات ليبيا، ومن جيوب المواطنين الليبيين الكادحين ومرتباتهم، ويجب رفضه من الجميع"، في إشارة إلى قرار البرلمان ومقترح الكبير.

"تضليل وجهل اقتصادي"
في المقابل، رد الصديق الكبير على ما أورده الدبيبة بقوله إن "ما أورده الأخير كلام غير واقعي ومحاولة لتقديم صورة وردية للاقتصاد الليبي ما يعد تضليلا للرأي العام"، مؤكدا أن "المصرف المركزي هو المستشار الاقتصادي للدولة وفقا للتشريعات النافذة، وصار لزاما عليه تحمل المسؤولية الوطنية لإيضاح حقيقة الوضع الاقتصادي والمالي للدولة لوضع الأمور في نصابها".

واستعرض الكبير تقارير المصرف المركزي لسنوات سابقة وحالية والتي تثبت أن الاقتصاد الليبي ليس بالصورة الوردية التي استعرضها الدبيبة، لكنه معرض باستمرار لصدمات، خاصة أنه يعتمد على مصدر وحيد للدخل وهو النفط الذي يتم إغلاقه من وقت لآخر.

ومع استمرار حالة التلاسن والاتهامات... إلى أين ستصل الأزمة بين الدبيبة والكبير؟ وما تأثير الأمر على المشهد الاقتصادي والسياسي؟

"مغازلة لعقيلة وحكومته"
من جهته، قال عضو اللجنة السياسية بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، أحمد همومة، إنه "بات من الواضح أن الصديق الكبير اختلق الأزمة الاقتصادية مغازلا بذلك رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، وذلك توقعا منه أنه ربما ينجح مجلسا النواب والدولة في تغيير الحكومة".

وأضاف في تصريحات لـ"عربي21": "في حال تم ما يتوقعه الكبير من تغيير حكومي فإن مجلسي النواب والدولة سيأتيان على المناصب السيادية والتي من ضمنها محافظ البنك المركزي، لذا فإنه حاول اتخاذ خطوة استباقية للبقاء في منصبه، وهكذا هو طبع الكبير القفز من مركب لآخر في كل مراحل تغيير الحكومات في السابق".

"علامات استفهام"
ومن ناحية اقتصادية، علق الخبير الاقتصادي الليبي علي الصلح، على الأزمة بين الدبيية والكبير بقوله إن "استمرار وجود انقسام سياسي ونفقات موازية يؤثر بشكل كبير على هيكل الموازنة العامة، ويتسبب في ظهور أزمات من أهمها العجز المزدوج (خارجي وداخلي) والتمويل المصرفي (دين عام محلي)، وتلك الأزمات لها آثارها الاقتصادية المتعارف عليها مثل ضغوط التضخمية وارتفاع الأسعار وعدم وجود استدامة مالية".

وأوضح في تصريح لـ"عربي21" أن "المحاولات العديدة للحكومة في معالجة ملفات اقتصادية من أهمها إصلاح المالية العامة، وتصحيح أو استبدال الدعم، لم تجد طريقها للتنفيذ للأسباب التي تتعلق بالانقسام وعدم إنهاء الصراع، لكن استقرت الأوضاع الاقتصادية نسبيا بسبب معالجات تتعلق باستمرار تدفق النفط، وتصحيح هيكل الأجور الحقيقية، وفك القيد عن المشروعات التنموية".

وتابع: "تشير معظم المؤشرات الاقتصادية إلى أن الاقتصاد الليبي يستمر في النمو والاستقرار "العودة للتوازن"، إلا أن الصراع تصاعد بسبب عودة حرب البيانات التي عادة ما تظهر في ليبيا دون معالجة اقتصادية وتنتهي بانتهاء دور الأطراف السياسية".

وبخصوص قرار فرض رسوم على العملة الأجنبية، قال: "نتيجة لما سبق فقد فرضت ضرائب أو رسوم على سعر الصرف في خطوة تصعيد لموقف النفقات العامة وزيادة الأسعار، وذلك يضع علامات استفهام حول استخدامات النقد الأجنبي في الاقتصاد الليبي، وتبقى البيانات الرسمية سيدة الموقف الاقتصادي محليا ودوليا"، كما صرح لـ"عربي21".


"صراع سياسي"
في حين رأى المحلل السياسي الليبي وسام الكبير أن "قرار زيادة الضريبة يتعارض مع بيانات النشرة الاقتصادية التي نشرها مصرف ليبيا المركزي بخصوص حجم الإيرادات والإنفاق العام ودخل النفط في السنوات الثلاثة الأخيرة، بالإضافة إلى زيادة احتياط الذهب بحوالي 30 قنطارا".

وأشار إلى أن "رد المحافظ المركزي غير مقنع، ولم يضع معالجات لأسباب زيادة الطلب وسحب العملة الصعبة من السوق، وهي التي وضحها في رسالته إلى البرلمان، وأهم هذه الأسباب الإنفاق الموازي وإنفاق مجهول المصدر، وبالتالي كان رأي خبراء الاقتصاد في ليبيا أن بيانات المصرف المركزي سياسية، وأن زيادة الضريبة دون معالجة أسباب زيادة السحب على العملة الصعبة لن يحل الأزمة".

وتابع لـ"عربي21": "والحقيقة أن كل من يتحالف مع رئيس البرلمان يدخل في مرحلة السقوط، وخير مثال نائب محافظ المصرف المركزي السابق، علي الحبري، وكذلك فتحي باشاغا وخالد المشري، وفقدان محافظ المصرف المركزي دعم رئاسة مجلس الدولة متغير سيكون له ما بعده".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية ليبيا البنك المركزي سعر الصرف ليبيا البنك المركزي سعر الصرف المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المصرف المرکزی الصدیق الکبیر

إقرأ أيضاً:

هل يؤسس حفتر لحكم وراثي بعد ترقية 3 من أبنائه في الشرق الليبي؟

شهدت ليبيا في الفترة الأخيرة ترقيات عسكرية لافتة لأبناء خليفة حفتر، إذ تم تعيين ابنه الأصغر صدام رئيسا لقواته البرية المسيطرة على الشرق والجنوب، بينما منح نجله خالد منصب رئاسة الوحدات الأمنية بصلاحيات واسعة داخل الجيش الليبي، ويترأس ابنه الثالث بلقاس صندوق إعادة إعمار ليبيا.

وتزيد هذه الترقيات التكهنات الخاصة بنوايا حفتر، وعزمه تأسيس حكم وراثي، بحسب مراقبين، فيما يرى آخرون أنه يجهز نفسه للتقاعد.

ويُفسر مراقبون ترقيات أبناء حفتر على أنها "خطوة مدروسة" من قبل المشير لتجهيزهم لخلافته، مُتوقعين حدوث سلسلة من إقالات تطال كبار قيادات الجيش التابع له، في حين يرى آخرون أن هذه الترقيات تُمثل "استمرارا لظاهرة توارث المناصب القيادية قبل التقاعد"، والتي تُلاحظ منذ تأسيس المملكة الليبية في الخمسينيات من القرن الماضي.

وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي الليبي، إبراهيم بلقاسم، إن "برنامج توريث القيادة العسكرية في الشرق الليبي جارٍ منذ فترة، مع ترجيح استمرار الجنرال حفتر في منصبه على المدى القصير، فعلى الرغم من تدهور صحته فإنه لا توجد مؤشرات على نيته التقاعد من الحياة السياسية".

ويُشدد المحلل الليبي، في اتصال مع "أصوات مغاربية"، على أن "مستقبل الشرق الليبي مرهون بمدى سلاسة عملية انتقال القيادة العسكرية، ففي حال عدم حدوث عملية انتقال سلسة للسلطة، تلوح في الأفق مخاطر نشوب صراعات على السلطة".



وأردف: "لهذا يبرز اسم صدام حفتر، نجل القائد خليفة حفتر، كأقرب المرشحين لتولي القيادة العامة للجيش في المستقبل القريب".

وأشار المتحدث إلى أن عملية توريث القيادة العسكرية "تتضمن ترتيبات واسعة خلف الستار، بما في ذلك حملة واسعة لإحالة كبار الضباط للتقاعد، ومن بين هؤلاء، الأمين العام للقيادة، ورئيس الأركان، ورئيس الأركان البرية، والمفتش العام للجيش".

وأعرب المحلل الليبي عن اعتقاده بأن "صدام حفتر يرغب في تعيين قادة شباب أصغر سنا في المناصب العليا، خصوصا أن معظم القيادات الحالية وصلت إلى سن التقاعد القانوني".

وتابع بلقاسم: "برنامج توريث القيادة في شرق ليبيا لن يواجه أية معارضة عسكرية أو اجتماعية، وذلك لعدة أسباب، أبرزها أن خليفة حفتر يحكم بقبضة قوية، إذ نجح في إزاحة العديد من معارضيه، مما أدى إلى إضعاف أية مقاومة محتملة لبرنامج التوريث".

وأضاف أن "الرجل يمتلك أيضا نفوذا كبيرا بين القبائل، مما يمنحه ميزة كبيرة في فرض إرادته، كما أن عملية التخلص من الخصوم متواصلة، إذ لا يتردد في استخدام القوة لإزالة أية معارضة لمشروعه، وهذا يخلق جوا من الخوف يثني الكثيرين عن التعبير عن معارضتهم".

من جهة أخرى، اعتبر الإعلامي والمتخصص في الشؤون الليبية، إسماعيل السنوسي، أن "ليبيا في الوضع الحالي تواجه مشاكل أعمق من مجرد توريث المناصب، التي تعد ظاهرة معقدة ذات أبعاد تاريخية وسياسية واجتماعية، لكنها أيضا مفهومة في السياق الحالي".

وأضاف السنوسي، في حديث مع "أصوات مغاربية"، أن "مشاركة أبناء المسؤولين السياسيين والعسكريين في المؤسسات التي يديرها آباؤهم، أو في الحياة العامة الليبية، هو جزء لا يتجزأ من الواقع الليبي منذ تأسيس المملكة، ولا يبدو أن هناك إمكانية لتغيير هذا الواقع المتجذر".



واستطرد قائلاً: "لكن في ظل الوضع الخاص الذي تمر به ليبيا حالياً، وما تواجهه من تحديات أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة تهدد وجود الدولة الليبية نفسها، يمكن تفهم جميع هذه الترتيبات التي يلاحظها المتابعون للشؤون العامة في ليبيا، مثل الترقيات الاستثنائية للضباط ذوي النفوذ أو المقربين من صناع القرار في الشرق والغرب".

ورأى السنوسي أن التحليلات "ينبغي أن تركز على النتائج العملية لهذه الإجراءات ومدى إسهامها في الحفاظ على مستوى معقول من الاستقرار، بحيث يمكن تنفيذ عملية سياسية توحد مؤسسات الدولة الليبية تحت حكومة واحدة، تكون مهمتها الأساسية إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المنشودة وفقاً للقوانين الانتخابية والتشريعات النافذة".

وبرزت مسألة توريث الحكم في ليبيا خلال عهد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، حيث تناقلت تقارير غربية عام 2006 أنباء عن قيامه بإعداد أبنائه الثلاثة، سيف الإسلام ومعتصم وخميس، لتولي زمام الأمور في البلاد من بعده.

ولم تكن هذه الظاهرة حصرية بنظام القذافي، بل سبق وأن شهدت المملكة الليبية نقاشات مماثلة حول توريث العرش خلال الخمسينيات، أي قبل انقلاب القذافي على الملكية عام 1969.

مقالات مشابهة

  • وزير الداخلية الليبي: مستعدون للعمل مع المنطقة الشرقية لتأمين الحدود
  • زيادة الأجور والمعاشات.. قُبلة الحياة لمواجهة تداعيات الأزمات الدولية المتلاحقة
  • شتوان: هناك محاولات خسيسة للعب على الجانب الديني والثقافي
  • هل يؤسس حفتر لحكم وراثي بعد ترقية 3 من أبنائه في الشرق الليبي؟
  • العرب الأسبوعية: التونسيون يأنون تحت وطأة إغلاق حكومة الدبيبة لمعبر راس اجدير
  • ترقية أبناء حفتر.. هل يُمهد المشير للتوريث في ليبيا؟
  • ليبيا.. آمر قوة الإسناد بـ"عملية بركان الغضب" يدعو للانضمام لمشروع سيف الإسلام
  • البرلمان العربي: ليبيا من أكثر دول المنطقة التي اكتوت بنار الإرهاب
  • “الكبير” يناقش مع مسؤولي لجنة “بازل” الموضوعات المرتبطة بالقطاع المصرفي الليبي
  • فرض رقابة مركزي عدن على حركة التحويلات الداخلية.. جولة جديدة من المعركة الاقتصادية