حسين خوجلي: وخلونا على الحديدة
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
في إحدى ليالي الخرطوم المشمولة بالنظام والأمن والطمأنينة، وقفت خارج مقر ألوان أيام عزها انتظاراً لسيارتي المتواضعة التي غابت لإرسال الصحيفة المطبعة، وفجأة توقفت بجواري سيارة لاندكروز اوباما آخر موديل، وترجل منها زميل دراسة سابق تركنا لمهنة الرهق واختار تجارة المحاصيل.
تصافحنا وتسامرنا وأصر أن يصطحبني إلى منزلي، فتركت مذكرة عند الحارث وذهبت معه.
قال لي يا ابني أنا لست سائلاً بل أنا ناصح وفي هدوءٍ وقور ملأ قبضته كاملة من البلح البركاوي قائلاً لي بصوت خفيض عميق اكتب يا ابني أو سجل عني هذا الحديث، ولحسن الحظ كان معي أجندة ورقية وقلم، فقلت له سأكتب قل فقال بطمأنينة عجيبة حتى ظننت انه (النبي الخضر) عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر النار فأشاح بوجهه فتعوذ منها، ثم ذكر النار فأشاح بوجهه فتعوذ منها، ثم قال: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة)
نصيحتي لك يا ابني ألا تشغلك الدنيا عن الأيامى واليتامى والفقراء والمساكين وعليك أن تتق النار ولو بشق تمرة وعندما أكمل الجملة الأخيرة اختفى الرجل في الزحام كأنما ما ابتعلته الأرض. ومنذ ذلك اليوم أصبحت سيارتي لا تخلو من كل أنواع التمر. فأخذت منه سبع تمرات فقلت له هذه واحدة تنجيك من النار وإن شاء الله الستة الأخريات تكون لك قصوراً في الجنة.
وقبل أن أترجل قصصت عليه هذه الطرفة
أن صديقاً كان يتوقف في إحدى الشوارع وله زبون من (الشحادين) الظرفاء ينفحه دائماً بورقة مالية ولا يرده أبداً، مرة من فئة الخمسين ومرة من فئة المائة ومرة من فئة مئتين.
نصحه أحد اصدقائه بالتعقل قائلاً إن الشحادين هذه الأيام يملئون الطرقات من الصادقين والكذبة وأنت لا ترد أحداً فلي حل عملي لك. ولم يدري مقصده حتى اتاه يوماً بعلبة من الفئات المعدنية فصبها في صندوق السيارة الأمامي، فأصبح حينما يتوقف أمام السائل الظريف لا يخرج محفظة العملات الورقية، بل يدس يده في الفئات المعدنية ويمنحه كما تعود. تكررت العطايا المعدنية لأيام كثيرة وفي آخر مرة أخذ الشحاذ نصيبه من الفئة المعدنية الراتبة، وحدق بتعبير ما بين السخط والسخرية وقرر المواجهة قائلاً: ( خلاص خليتونا على الحديدة؟
ضج صاحب التمر بالضحك وقال معلقاً سأجعل من هذه اللحظة اتقاء النار ورقاً وبلحاً وكلمةً طيبة.
**حاشية:
أخشى أن يكون أول تعليق على هذه الخاطرة يا صديقي الخرطوم هذه الأيام فقدت سيارات اللاندكروزر وفقدت شارع المطار وفقدت تمر البركاوي وفقدت الشحادين الظرفاء وفقدت ألوان وقناة أمدرمان وإذاعة المساء. فالرجاء إحالة ما تكتب إلى تشاد أو النيجر أو مالي أو بوركينا فاسو أو أفريقيا الوسطى، فسياراتنا وتمرنا وتجربتنا الاقتصادية ومؤسساتنا الإعلامية بمكتباتها وأجهزتها قد غادرت إلى غرب أفريقيا بغير رجعة، وخلونا على الحديدة.
حسين خوجلي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
حماس: لن نقبل بأي شروط تمس بكرامة الشعب الفلسطيني
عواصم "وكالات": أعلنت حركة المقاومة الفلسطينية حماس اليوم بأن "شروطا جديدة" وضعتها إسرائيل أدت إلى تأجيل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، لكنها وصفت المفاوضات المتواصلة في الدوحة بأنها "جديّة".
وقالت في بيان إن "الاحتلال وضع قضايا وشروطا جديدة تتعلق بالانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، مما أجل التوصل للاتفاق الذي كان متاحا"، واضافت أن "مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى تسير في الدوحة بالوساطة القطرية والمصرية بشكل جدي، وقد أبدت الحركة المسؤولية والمرونة".
وواجهت المفاوضات تحديات عديدة منذ الهدنة الوحيدة التي استمرت أسبوعا في نوفمبر 2023، ونقطة الخلاف الأساسية هي إرساء وقف دائم لإطلاق النار في غزة. ومن بين القضايا الإشكالية أيضا مستقبل الحكم في غزة بعد الحرب.
وقال مصدر مسؤول في حماس لـ "د ب أ" إن حركته ما زالت ملتزمة بجهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، إلا أنها لن تقبل بأي شروط تمس بكرامة الشعب الفلسطيني أو تقوض حقوقه المشروعة.
وذكر مكتب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو أنه يتعين أن يكون هناك مشاورات داخلية بشأن مواصلة المفاوضات.
وذكرت التقارير أن مصادر في حماس قالت إنها مستعدة لتسليم قائمة بأسماء المحتجزين، الذين يمكن إطلاق سراحهم، في مرحلة أولى، في أعقاب وقف إطلاق النار، لكنها رفضت طلبا من قبل إسرائيل لتقديم قائمة كاملة بأسماء 100 محتجز، الذين يفترض أنهم مازالوا على قيد الحياة.
وغادر وفد أمني إسرائيلي مساء الثلاثاء، الدوحة لإجراء مشاورات داخلية في إسرائيل بشأن استكمال المفاوضات لإعادة الأسرى.
وفي مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال الأسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "لن أوافق على إنهاء الحرب قبل أن نجتث حماس". وأضاف أن إسرائيل "لن تترك لها السلطة في غزة، على بعد 30 ميلا من تل أبيب. هذا لن يحدث".
ميدانيا، قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن الاحتلال ارتكب 3 مجازر في القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية، وصل منها للمستشفيات 23 شهيدا و39 مصابا، وارتفعت أعداد ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ أكتوبر 2023 إلى 45 ألفا و361 شهيدا، و107 آلاف و803 مصابين.
وفي الضفة الغربية، نفّذت قوات الاحتلال الإسرائيلية حملة اعتقالات واسعة ونكّلت بالمعتقلين في مخيم الأمعري برام الله والبيرة.
من جهة ثانية، أعلن جماعة أنصار الله اليمينة اليوم إطلاق صاروخ بالستي نحو وسط إسرائيل، في هجوم هو الثاني خلال قرابة 24 ساعة.
وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع في بيان "استهدفت القوة الصاروخية هدفا عسكريا للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة، وذلك بصاروخ بالستي فرط صوتي نوع فلسطين2، وقد حققت العملية أهدافها".
وكان جيش الاحتلال أعلن في وقت سابق صباح اليوم أنه اعترض صاروخا أطلق من اليمن باتجاه إسرائيل. وإطلقت صفارات الإنذار في مناطق عدة بوسط إسرائيل.
وكان أنصار الله أعلنوا الثلاثاء استهداف وسط إسرائيل بصاروخ بالستي من طراز فلسطين2 كذلك.