تورغوت ألتينوك.. سياسي تركي طاف عدة أحزاب وتمسك بأيديولوجية واحدة
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
سياسي تركي قومي وقيادي بارز في حزب العدالة والتنمية، له تجربة كبيرة في البلديات، ترأس بلدية كيتشوران بأنقرة 4 مرات، وشهد مساره السياسي عددا من التحولات، إذ تنقل بين 4 أحزاب، مع حفاظه على الصبغة الأيديولوجية، ودعوته المستمرة إلى نبذ الخلافات والنزعات الانفصالية.
الولادة والنشأةولد تورغوت ألتينوك عام 1962 في منطقة بالا بأنقرة، لعائلة تعود جذورها إلى الأتراك الأوغوز (الغز)، الذين وفدوا إلى الأناضول في القرن الـ16 الميلادي، ليعيشوا حياة بدوية في منطقة أرضروم (أرض الروم) بشمال شرق تركيا، قبل أن ينتقلوا مع تطورات سياسية واجتماعية إلى منطقة بالا بأنقرة التي ولد فيها تورغوت.
متزوج من ثريا ألتينوك المعروفة بنشاطها في العمل المحلي مع ظهور إعلامي محدود، ولديه 4 أبناء.
أكمل دراسته الابتدائية في مدرسة "كتشرين فوزي ألتن أوغلو" وتعليمه الثانوي في مدرسة "كتشرين كالابا" الثانوية.
درس القانون في المركز الأذربيجاني للعلاقات الدولية، وحصل على الدكتوراه "الفخرية" لإسهاماته في تطوير العلاقات التركية الأذربيجانية، ثم أصبح أستاذا في جامعة كازاخستان أباي الحكومية.
التجربة السياسيةمنذ البداية دخل ألتينوك السياسة مؤكدا على نزعته القومية لانتمائه إلى سلالة الأوغوز التي ترجع إليها أيضا سلالة بني عثمان، ولهذا انضم في بداية شبابه لحزب "الحركة القومية"، وهو في الـ22 من عمره، وسرعان ما سطع نجمه داخل أروقة الحزب، فأصبح رئيس فرعه في ولاية أنقرة وعضو المجلس التنفيذي المركزي وهو في الـ24 من عمره.
وفي 12 سبتمبر/أيلول 1980 شهدت تركيا انقلابا عسكريا على حكومة سليمان ديميريل، كان الأكثر دموية في تاريخ البلاد، لما رافقه من إعدامات وعنف وانتهاكات لحقوق الإنسان، لكن هذه الهزة السياسية التي شهدتها تركيا لم تمنع ألتينوك من المضي قدما في مسيرته وصعوده، إذ أصبح بعد هذا الانقلاب نائب الأمين العام لحزب الحركة القومية ألب أرسلان توركيش.
لم ينحسر طموح ألتينوك في حدود المناصب الحزبية، بل تحول نشاطه إلى الميادين الخدمية بترشيحه رئيسا لبلدية كيتشوران التابعة لولاية أنقرة عن حزب "الحركة القومية" في انتخابات 1994، وفاز فيها وحظي بشهرة واسعة خلال ترؤسه للبلدية، لما قام به من أنشطة وإصلاحات على مستوى المدينة وخدماتها.
شهد عام 1997 أول تحول حزبي في حياة ألتينوك السياسية، إذ انتقل من حزب الحركة القومية بعد وفاة رئيسه ألب أرسلان توركيش إلى حزب الفضيلة، ورشحه الحزب في الانتخابات البلدية عام 1999 لرئاسة بلدية كيتشوران، وتمكن للمرة الثانية من نيل هذا المنصب، رغم هذا التغيير.
في 22 يونيو/حزيران 2001 قررت المحكمة الدستورية التركية حل حزب الفضيلة الإسلامي، فخرج من رحمه جناحان، أحدهما تجديدي هو حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان، وآخر تقليدي ينتهج مسار نجم الدين أربكان هو حزب السعادة الذي تزعمه في بداية تأسيسه رجائي قوطان، وكان لا بد لألتينوك من اختيار أحد النهجين لإكمال مسيرته السياسية، فوقع اختياره على حزب العدالة والتنمية.
خاض ألتينوك الانتخابات المحلية لعام 2004 لرئاسة بلدية كيتشوران، وهذه المرة ممثلا عن حزب العدالة والتنمية، ولم يخذله جمهوره ففاز في الانتخابات، ليحصل على هذا المنصب 3 مرات ممثلا لـ3 أحزاب.
في انتخابات 2009 خاض ألتينوك سباقا داخل حزب العدالة والتنمية ليكون مرشحه لرئاسة بلدية أنقرة ولكنه خسر أمام مليح غوكجك، وفي 2013 استقال من الحزب الحاكم وترشح لرئاسة بلدية كيتشوران عن حزب الاتحاد الكبير، ولكنه خسر لأول مرة في هذه البلدية، وحل في المركز الثاني بحصوله على نحو 30% من الأصوات.
وفي 2019 عاد ألتينوك إلى حزب العدالة والتنمية وخاض الانتخابات البلدية مرشحا لرئاسة بلدية كيتشوران، ليعود إلى منصبه الذي فقده لـ10 سنوات مع تصاعد طموحاته السياسية وتزايد تحولاته الحزبية.
تلفت هذه التحولات التي عاشها ألتينوك بين الأحزاب إلى سمة مهمة في شخصيته السياسية، فهو للوهلة الأولى يبدو براغماتيا، إذ خرج من حزب الحركة القومية حينما رفض ترشيحه لرئاسة بلدية كيتشوران وانتقل إلى حزب الفضيلة وفاز برئاسة البلدية مرشحا له، ثم خرج من حزب العدالة والتنمية بعد خسارته منافسة داخلية وترشح على قوائم حزب الاتحاد الكبير لرئاسة بلدية كيتشوران.
ولكن الأحزاب الأربعة التي انتمى إليها وعمل معها تشترك عموما في صبغتها القومية المحافظة، مما يشير إلى تعلقه بجذوره الأولى التي تعود إلى الأوغوز، ويؤكد ألتينوك على ذلك بتنظيره لفكرة العالم التركي التي تضم مع تركيا دول أذربيجان وأوزبكستان وقرغيزستان وكازاخستان في مشروع قومي واحد.
كما يتبنى فلسفة أحد الرموز الدينية العلوية وهو الحاج بيكتاش "لنكن واحدا.. لنكن كبارا.. لنكن على قيد الحياة"، وهي فكرة تخفف من التركيز على التناقضات بين الأحزاب داخل أيديولوجية واحدة من أجل التأكيد على قيم الوحدة والتسامح والعدالة.
بدت إستراتيجية حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البلدية 2024 قائمة على تجنب كل ما أدى إلى خسارة رئاسة بلدية أنقرة عام 2019، وفي هذا الإطار لم يقبل إعادة المغامرة التي حرمته من أصوات القوميين، ولهذا قدم القومي ألتينوك على قائمة تحالف الجمهور في مواجهة القومي منصور يافاش على قائمة حزب الشعب الجمهوري.
وهنا وجد الحزب نفسه أمام تحد آخر هو الصوت الكردي الذي لا يقبل المرشحين ذوي النزعة القومية الصريحة، ولكن ألتينوك وجد عوضا له عن ذلك في استمالة أصوات العلويين بالنظر إلى تسامحه الفكري معهم وعلاقاته مع أعيانهم، مع محاولة تجاوز مشكلة الصوت الكردي من خلال الدعوة إلى نبذ الخلافات والنزعات الانفصالية، والتركيز على رمزية مصطفى كمال أتاتورك واستلهام روح حرب الاستقلال التي تؤكد على وحدة وطن دافع عنه الأتراك والأكراد معا.
كما عوّل ألتينوك على تاريخه في البلديات وإنجازاته في بلدية كيتشوران، التي أعطته أصواتها 4 مرات، وعمل على تحويلها إلى وجهة ثقافية وسياحية مهمة داخل العاصمة أنقرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات حزب العدالة والتنمیة الحرکة القومیة
إقرأ أيضاً:
تصدع بين أحزاب التحالف الحكومي في البيضاء عقب انتخاب نائب لرئيس مقاطعة سيدي عثمان
يسود توتر سياسي ملحوظ بين أحزاب التحالف في جهة الدار البيضاء سطات، الأحرار والاستقلال عقب انتخاب مستشار من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عضوا في المكتب المسير لمقاطعة سيدي عثمان بمدينة الدار البيضاء، خلفا للراحل عبد الحق مبشور.
وقد أثار هذا الانتخاب حفيظة وغضب حزب الاستقلال، الذي اعتبره إقصاء و »حكرة » لمستشارته المنتدبة لنفس المهمة. وعبر مصطفى حيكر، رئيس فريق حزب الاستقلال بمجلس جماعة الدار البيضاء، عن استياء حزبه من هذا الإقصاء، واصفا ما حدث بأنه « إقصاء وحكرة داخل التحالف الثلاثي ».
ورد محمد حدادي، رئيس مقاطعة سيدي عثمان والمنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، على تصريحات حيكر ببيان توضيحي نشره على صفحته في فيسبوك، نهاية الأسبوع الجاري، وأكد حدادي في بيانه أنه لم يتمكن من حضور الدورة الاستثنائية للمجلس الجماعي لأسباب صحية، وأنه اطلع على تصريحات حيكر التي انتقد فيها التحالف السياسي المحلي وعلاقته بالتحالف السياسي الحكومي.
وأوضح حدادي أن التحالفات المحلية لا تلتزم دائما التحالفات الحكومية، وأن المنتخبين المحليين قد يلجأون إلى تشكيل تحالفات بديلة لأسباب شخصية ومصلحية.
وشدد على أن الحليف الحكومي على الصعيد المحلي هو أشد الخصوم، ويتميز بالفجور في الخصومة، ويعمل بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة من أجل تقويض محاولات تكوين مكتب مسير منسجم ومتكامل، « وهذا ما عانيناه بشدة على صعيد مقاطعة سيدي عثمان »، في إشارة منه إلى حزب الإستقلال.
وأكد حدادي أن انتخاب عبد اللطيف مستكفي، المستشار الاتحادي، جاء نتيجة لتنازلات وتوافقات بين أعضاء المجلس، وأنه كان تصرفا أخلاقيا من المجلس.
وكان مصطفى حيكر، رئيس فريق حزب الاستقلال خلال مداخلته أثناء الدورة الاستثنائية لمجلس جماعة الدار البيضاء، الجمعة الفائت اعتبر أن ما حدث في سيدي عثمان لا يعكس الاعتراف بحزب الاستقلال كأحد مكونات التحالف، وأنه لا يرقى إلى مستوى اللياقة الأدبية والأخلاقية التي يجب أن تسود بين الحلفاء. كما تساءل عن وجود قيادة حزبية للتحالف، مؤكداً أن حزبه كان دائما منضبطا ومع ذلك يتم تهميشه.
كلمات دلالية الدار البيضاء تحالف الأغلبية حزب الاستقلال