هل ستطرد الصين الدولار الأمريكي من الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
الموازنة بين استخدام الدولار و RMB الصيني سوف تصبح وسيلة للحفاظ على الحياد الاستراتيجي وسط التفتت الجيوسياسي العالمي. كريستي أون - ناشيونال إنترست
مع توسع النفوذ الجغرافي والاقتصادي للصين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أصبحت دول المنطقة تدرك المخاطر الناجمة عن اعتمادها على الدولار الأمريكي. فمن صفقة الطاقة المقوّمة بواسطة RMB الصيني إلى الاندماج الأخير لأربع دول في الشرق الأوسط في مجموعة البريكس، تركب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا موجة التخلص من الدولار لحماية مصالحها الاقتصادية الطويلة الأجل.
إن الخطوات التي قطعتها الصين عبر التجارة والاستثمارات تشجع على اعتماد RMB، لكن الدولار ما زال يحتفظ بدور دولي مهم في جميع وظائف المال الثلاث ــ كوحدة حسابية، ووسيلة للتبادل، ومخزن للقيمة. وهو يشكل ما يقرب من 90% من معاملات الصرف الأجنبي، ونصف عملة الفاتورة في التجارة العالمية، ونصف جميع القروض عبر الحدود وسندات الدين الدولية.
ورغم ذلك، انخفضت حصة الدولار في الاحتياطيات العالمية من 73% في عام 2001 إلى 58% في الربع الأخير من عام 2022. ويثير تسليحه من خلال نظام الدفع بين البنوك (CHIPS) وسويفت (SWIFT) المخاوف بشأن التلاعب. على سبيل المثال، تم حظر البنوك الإيرانية من استخدام سويفت منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018، لكن البلاد اعتمدت بشكل متزايد RMB في المعاملات.
كما أن الاعتماد على الدولار يحد من السيادة الاقتصادية لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال زيادة تعرضها للتقلبات في الاقتصاد الأمريكي. وبالنسبة للبلدان التي تعاني من ضائقة الديون، أدى ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية وارتفاع الدولار إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، وارتفاع تكلفة مدفوعات الديون، وتضخم أسعار الواردات، مما أدى إلى تقييد قدرتها على موازنة النمو الاقتصادي البطيء. وارتفع الدين الخارجي المستحق لدائني القطاع الخاص منذ 2021 إلى 42% في المنطقة العربية.
وفي الوقت نفسه، يتحول التركيز الاقتصادي لدول الخليج نحو الشرق. وتشير التقديرات إلى أن تجارة دول مجلس التعاون الخليجي مع آسيا الناشئة - بما في ذلك الصين - سوف تتجاوز التجارة مع الغرب بحلول عام 2026.
إن الجاذبية المتزايدة لعملة RMB ملحوظة في جميع الوظائف المالية الثلاث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وسيستخدمها البنك المركزي العراقي لإجراء التجارة مع الصين، لتعويض النقص المحلي في الدولار. وتمت ترقية RMB في ترتيب مبادلة عملات بقيمة 6.93 مليار دولار بين البنكين المركزيين الصيني والسعودي في نوفمبر 2023. وفيما يتعلق بمخزن القيمة في نظام الاحتياطي، تمت إضافة RMB أيضًا إلى احتياطيات إسرائيل البالغة 206 مليار دولار.
يعتبر RMB مستقرًا نسبيًا مع تكوين سعر صرف ناضج بشكل متزايد. وخلافا للقروض المقومة بالدولار، أدت أسعار الفائدة المنخفضة نسبياً للعملة الصينية إلى زيادة طلب الصين على إصدار الديون. وقد وصلت أسعار الفائدة على RMB مؤخراً إلى أدنى مستوياتها، لتحل محل اليورو باعتباره ثاني أكبر عملة في تمويل التجارة العالمية. وأصدرت مصر سندات مقوّمة بالعملة الصينية مؤخرا بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وتكاليف إعادة التمويل مع استحقاق سنداتها في العام المقبل.
وعلى الرغم من أن الصين أصبحت أكثر انخراطا في الوساطة في الصراعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أن نهجها في التعامل مع الأمن الإقليمي يظل يقتصر على الدبلوماسية. وفي المقابل، تتمتع الولايات المتحدة بوجود أمني في المنطقة قد لا ترغب الصين في تحقيقه بعد. ومن الجدير بالذكر أن البلدان التي لها علاقات عسكرية مع الولايات المتحدة تشكل ما يقرب من ثلاثة أرباع حيازات الحكومات الأجنبية من الأصول الأمريكية الآمنة.
إن الموازنة بين استخدام الدولار و RMB في دول الخليج سوف تصبح وسيلة للحفاظ على الحياد الاستراتيجي وسط التفتت الجيوسياسي العالمي. ويستلزم هذا النهج في التعامل مع السياسة الواقعية تنمية عملية وعلاقات اقتصادية. ومع ذلك يرى الكاتب صعوبة في إخضاع الدولار.
المصدر: ناشيونال إنترست
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: إفريقيا الدولار الأمريكي الشرق الأوسط بريكس منطقة الشرق الأوسط وشمال أفریقیا أسعار الفائدة
إقرأ أيضاً:
الصين تستعين بإيلون ماسك في صفقة تيك توك لإنقاذ التطبيق من الحظر الأمريكي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تجري السلطات الصينية مناقشات أولية لإشراك الملياردير إيلون ماسك في صفقة لحل أزمة تطبيق "تيك توك" المهدد بالحظر في الولايات المتحدة، وفقًا لمصادر مطلعة. تأتي هذه الجهود في ظل اقتراب الموعد النهائي لتنفيذ قانون أمريكي يفرض على الشركة الأم "بايت دانس" بيع حصتها في التطبيق أو مواجهة الإغلاق.
أزمة تيك توك والحظر الوشيكيُنتظر أن يدخل قانون الحظر حيز التنفيذ يوم الأحد المقبل، قبل يوم واحد من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
يشير القانون إلى مخاوف أمنية من استخدام "تيك توك" من قبل الحكومة الصينية للتجسس أو نشر الدعاية.
نفت "تيك توك" هذه المزاعم خلال جلسات المحكمة العليا، معتبرة القانون انتهاكًا للتعديل الأول بشأن حرية التعبير.
لماذا إيلون ماسك؟يتمتع ماسك، مالك منصة "X" والرئيس التنفيذي لشركتي "تسلا" و"سبيس إكس"، بعلاقات قوية مع المسؤولين الصينيين، حيث يُنظر إليه كشخصية مؤثرة قادرة على التوسط في صفقات معقدة.
زار ماسك بكين في وقت سابق هذا العام، والتقى مع كبار المسؤولين، مما عزز الثقة فيه كشريك اقتصادي وتقني.
من الناحية التجارية، يمتلك ماسك مصالح مباشرة في الصين، إذ تعتمد "تسلا" على السوق الصيني كمصدر رئيسي للمبيعات، وهو ما يعزز دوافعه للحفاظ على علاقات ودية مع بكين.
السيناريوهات المطروحةرغم الشائعات حول إمكانية بيع "تيك توك" لماسك، أكدت المصادر أن المناقشات لا تزال في مرحلة "عصف ذهني"، ولا تشير بالضرورة إلى صفقة بيع مباشرة.
يأمل المسؤولون الصينيون في أن يسهم ماسك في التوسط لحل سياسي يمنع الحظر، خاصة مع تعقيدات قانونية وتقنية تجعل عملية إنشاء شركة فرعية أو سحب الاستثمارات صعبة التنفيذ قبل الموعد النهائي.
تصريحات وتصعيدترامب وعد بـ"إنقاذ تيك توك"، مطالبًا المحكمة بتأجيل تنفيذ القانون لمنح فرصة لحل دبلوماسي.
ماسك أعرب عن معارضته لحظر التطبيق، وكتب على منصة "X": "لا ينبغي حظر تيك توك في الولايات المتحدة. القيام بذلك يعارض قيم حرية التعبير".
بكين انتقدت القانون الأمريكي ووصفته بأنه "سرقة تجارية"، وأكدت معارضتها لأي عملية بيع تتعارض مع قوانين التصدير الصينية.
مستقبل التطبيق على المحكيواجه "تيك توك" خطر الإغلاق إذا فشل في كسب المعركة القانونية بحلول 19 يناير. وأكد محامي التطبيق أن السحب أو البيع في هذا الإطار الزمني "غير ممكن عمليًا".
مع شعبية التطبيق الكبيرة في الولايات المتحدة، حيث يبلغ عدد مستخدميه 170 مليونًا، فإن الحظر قد يترك فجوة كبيرة في سوق التطبيقات ويثير تساؤلات حول حرية التعبير والسياسات التجارية الأمريكية.