الاقتصاد نيوز - بغداد

أعلن وزير المالية والاقتصاد في إقليم كوردستان، آوات شيخ جناب أن عدم إرسال رواتب من 300 ألف إلى 360 ألفاً من موظفي الإقليم من قبل الحكومة الاتحادية "بمثابة زرع قنبلة موقوتة وإثارة الانقسام داخل المجتمع" بقرار سياسي، وفيما أشار إلى أن الدولة العميقة هي التي تتحكم بالمشهد العراقي، أكد أن عدد موظفي الإقليم أقل عدداً مقارنة بالعراق بنسبة 16%.

وقال شيخ جناب في مقابلة تلفزيونية مع مجموعة من وسائل الإعلام المحلية إنه ترأس الوفد المفاوض لحكومة إقليم كوردستان مع بغداد لفترة طويلة مشيراً إلى أن الوفد كان يصر على معاملة موظفي الإقليم على غرار موظفي العراق، وعلى إثر ذلك تم التوصل لاتفاق في نيسان الماضي رعاه رئيس حكومة إقليم كوردستان، مسرور بارزاني، ورئيس الحكومة الاتحادية، محمد شياع السوداني، لكن الدولة العميقة في بغداد تراجعت عن الاتفاق بعد شهر واحد من إبرامه.

وأوضح أن "الدولة العميقة هي التي تحكم العراق ومن المعلوم ما هي هذه الجهات في حين أن جميع من هم في المشهد السياسي ليسوا فاعلين أساسيين فيه بل مجرد أدوات لتنفيذ سياسات الدولة العميقة"، مبيناً: "في حال وجود اتفاق سياسي بين أربيل وبغداد فستتم معالجة كل المشاكل وبدون ذلك سنعود إلى المربع الأول".

وتابع أن لدى الإقليم سلطاته الدستورية من برلمان وحكومة ومفوضية انتخابات وصناعة نفطية ومالية مستقلة والدستور أقر بذلك وكذلك بالنظام الاتحادي، مستدركاً أن "ما يحصل الآن من قبل المحكمة الاتحادية مخالف للدستور، وقد صرّح رئيس المحكمة الاتحادية من عمان بأن الدستور الحالي غير مناسب".

وأشار إلى أن وزارة مالية الإقليم أدت كل ما عليها من التزامات وقامت بتجهيز قوائم الموظفين لشهر آذار.

ورداً على سؤال إذا ما إذا كانت عرقلة إرسال الرواتب تتحمل مسؤوليتها وزيرة المالية العراقية، ذكر شيخ جناب أنه "للأسف يتم نقل صورة سيئة عن وزيرة المالية الاتحادية، السيدة طيف سامي لكن ما أعلمه عنها أنها شخصية مهنية ولا تعد نفسها سياسية كما لا تملك دعماً سياسياً، لكن بسبب صدور قرار المحكمة الاتحادية لذا فهي تنفذ القرار بحذافيره".

وأرجع سبب المشكلة الأساسية إلى وضع سياسي ناشئ في إقليم كوردستان منذ 2014 بقرار من الحكومة الاتحادية من خلال ربط حصة إقليم كوردستان بالإنفاق الفعلي "بهدف الحد من تنمية الإقليم وهذا يشكل ظلماً بحق كوردستان تلته قرارات مجحفة أخرى مثل تقليص حصة الإقليم من 17% إلى 12.6%، وربط كل شيء بالملف النفطي وهذا مثل قميص عثمان لتبرير تلك القرارات التي فيها ظلم واضح وصارخ".

ولفت إلى أن إرسال مبالغ رواتب موظفي إقليم كوردستان منقوصةً يعتبر بمثابة زرع قنبلة موقوتة وتقسيم المجتمع وإلقاء النيران في البيت الكوردي، من خلال عدم إرسال رواتب من 300 ألفاً إلى 360 ألف موظف، مشدداً على أن قبول بعض القرارات يحولها إلى أمر واقع لذا فأن حل الأمر يتطلب الكثير من الحكمة والصبر.

ومضى بالقول إن "عدد موظفينا في إقليم كوردستان أقل بكثير من موظفي العراق حيث لدينا نحو مليون و200 ألف موظف وهو أقل مقارنة بالعراق بنسبة 16% فقط".

وشدد على عدم إمكانية تغطية العجز المتبقي من الرواتب كون الإيرادات المحلية غير كافية، موضحاً أن المحاولات مستمرة للتوصل إلى حل "حيث سنقوم بتوزيع الرواتب فور وصل المبلغ الكامل".

وعبّر عن تفاؤله بتحقيق ذلك، مبيناً أن "الأمور تسير نحو الحل وهناك اتفاق مبدئي مع بغداد بشأن رواتب العسكريين حيث نقوم بإرسال القوائم عبر أكواد خاصة قابلة للتدقيق من قبل الرقابة المالية".

كما تطرق للحشد الشعبي، بالقول إن قانون الموازنة لا يتضمن أي ملاحظة عن الحشد الشعبي رغم أن أعدادهم كبيرة وهم لا يستلمون تخصيصاتهم من وزارة المالية الاتحادية بل من ديوان مجلس الوزراء العراقي.

وأكد أن تأخير رواتب موظفي إقليم كوردستان يرتبط بقرار سياسي مفروض علينا وهو لا يحل إلا بقرار سياسي، لافتاً إلى تأثير التدخلات السياسية في الرواتب ففي كل مرة كان يلزم صدور قرار من مجلس الوزراء العراقي لدفع رواتب موظفي الإقليم بسبب تحكم التأثيرات الحزبية والسياسية بهذا الأمر.

وشدد على أن الإقليم نتاج 100 سنة من النضال ولا يجب السماح بكل ما يمس بكيان إقليم كوردستان، كما أن معاملة الإقليم كمحافظة وإضعاف حكومة الإقليم يعني إضعاف جميع الأطراف الكوردستانية، موضحاً أن ما تمارسه المحكمة الاتحادية يمثل تدخلاً في عمل السلطات التنفيذية والتشريعية.

وحول ملف النفط، قال وزير مالية الإقليم: "من أصل 14 حقلاً نفطياً لدينا الآن 9 حقول عاملة فقط، ومنذ 1 نيسان 2023 حتى الآن أنتجت تلك الحقول 45 مليون برميل تم تسليم 11.8 مليون برميل منها للعراق منذ 25 حزيران 2023 حتى 1 كانون الأول 2023، دون أن تدفع بغداد كلف إنتاج أو نقل برميل واحد منها، وما تبقى منها هو 33 مليون برميل وبموجب العقود يذهب 45% منها كمستحقات الشركات النفطية و55% لحكومة الإقليم"، مبيناً أن معدل سعر برميل النفط الواحد هو 31 دولاراً.

وبالنسبة للإيرادات المحلية غير النفطية، كشف عن أنها تبلغ 300 مليار دينار، يذهب 180 ملياراً منها كنفقات تشغيلية ونثريات الوزارات، كما يتم دفع 22 إلى 24 مليون دولار منها لشركة دانة غاز من أجل إنتاج الكهرباء.

كما أشار إلى مشروع حسابي بالتنسيق مع البنك المركزي العراقي ومصارف عراقية حيث سجل فيه حتى الآن 250 ألف موظف ومن المقرر الانتهاء من تسجيل كل الموظفين فيه حتى نهاية العام الحالي، "ويمكن الاستفادة منه لتوطين رواتب الموظفين".

وبيّن أن السوداني سبق أن أقر بأن آلية توزيع رواتب موظفي الإقليم ليس من عمل الحكومة الاتحادية بل أن التدخل في هذا الأمر يعد خرقاً للدستور.

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار الحکومة الاتحادیة المحکمة الاتحادیة فی إقلیم کوردستان الدولة العمیقة موظفی الإقلیم رواتب موظفی إلى أن

إقرأ أيضاً:

الوحدة و صراع التيارات الاتحادية إلي إين؟

عندما كنت طالبا في كلية الإعلام جامعة بغداد، كان استاذ النقد و الأدب العالمي الدكتور محمد كمال الدين، هو شاعر و قاص درس تعليمه الجامعي و فوق الجامعي في موسكو، و عندما عرف أنني سوداني سألني من جيلي عبد الرحمن إذا كنت أعرفه قلت له اعرفه كشاعر، طلب مني أن أكتب عنه بحث نقدي على أعماله الشعرية أعتذرت بسبب نقص المصادر لإنتاج الرجل المعرفي، و بعد يومين التقيت الدكتور على باب مدخل الكلية سألني من أين جئت؟ حيث كنت أتصبب عرقا، قلت له؛ من محاضرة للأستاذ ناجي علوش، تحدث فيها عن القراءات الجديدة للفكر الماركسي.. و علوش هو فلسطيني كان قياديا في منظمة التحرير العربية التي كانت قد انشقت من المنظمة الأم.. طلب مني كمال الدين أن أذهب معه للمكتب أشرب الشاي، و بالهجة العراقية " شايات" سألته و نحن على باب مكتبه عن الجبهة التحالفية في العراق، ضحك و قال بلكنة عراقية هذه ورطه يازين...! و الحديث عنها في الهواء الطلق إما نفاقا، أو مغامرة دون التعقل في حساباتها..
سألت الدكتور كمال الدين عن ظاهرة التحولات السياسية وسط النخب و المفكريين الفلسطينيين و الشوام من الفكر القومي إلي الماركسي منهم جورج حبش و جورج طرابيشي و ناجي علوش و غيرهم؟ قال كمال الدين أن الأحزاب في الوطن العربي للتمييز و ليست حمولات فكرية، و الانتقال ظاهرة تفرضها التعارض بين المصالح الخاصة و المصلحة العامة، و أغلبية هؤلاء ينتمون للطبقة الوسطى، و معلوم هي طبقة متمردة، و التمرد هو الصفة الغالبة، لذلك تصبح حالة الثبات نسبية، و أنظر إلي أغلبية التغييرات التي تحدث في النظم السياسية العربية لا تعتمد على الجماهير بقدر ما تعتمد على القوى المنظمة داخل الجيوش، مما يدل على أن المصالح الخاصة هي التي وراء التغييرات، و ليس سبب أفكار يراد تطبيقها.. عندما طرق أحد باب المكتب استأذنت لمعرفتي أن مثل هذا النقاش يضر بأصحابه، و لا اريد أعرض أستاذي لمضايقات..
تذكرت حديثي مع الدكتور محمد كمال الدين، و هو كان نقاشا طويلا عن ظاهرة لتململ وسط الطبقة الوسطى في المجتمعات العربية، و هي التي قادت للانقلابات العسكرية المتكررة في المنطقة... في الأسبوع الماضي، كانت هناك ظاهرة الدعوات بين التيارات الاتحادية للوحدة، و هو شعار أشواق القاعدة الاتحادية، و فكرة الوحدة يتحكم فيها الشعار المرفوع دون أن يكون لها تأسيس معرفي لمشروع يمكن الحوار حوله.. و في حوار مع محمد توفيق أحمد عن وحدة الاتحاديين قال منذ دخول الشعبوية في 1965م في الوطني الاتحادي، و بموجبها طرد أعضاء في البرلمان بدأت تتغلب على تيار الوسط الذي ترتكز عليه عملية البناء الديمقراطي، و تراجع دور النخب ذات الاستنارة.. و كان الأمين العام للجبهة المعادية للاستعمار عبد الوهاب زين العابدين قاريء جيد للواقع عندما كانت رؤيته المخالفة لفكرة عبد الخالق محجوب في الجبهة أن يشكل اليسار تيارا تنويريا داخل لاتحاديين حتى يستطيع أن ينتصر للديمقراطية.. و أيضا قد اعاد ذات الرؤية عوض عبد الرازق في بداية الخمسينات.. فاشواق الوحدة تعد دافعا و لكنها لا تستطيع أن تجرد عناصر الطبقة من المصالح الذاتية الضيقة..
عندما كنت في مصر في ديسمبر 2024م حضرت حوارا بين قيادات اتحادية تتبع لتيارات مختلفة، جاء البعض خاصة قيادات من كردفان و الجزيرة بفكرة " فدرالية التنظيم" و هي فكرة مقنعة لا تؤسس على مركزية التنظيم، فكل أقليم ينتخب قياداته من القاعدة إلي الهرم، و قيادات الأقليم المختلفة تشكل اللجنة المركزية للحزب، و هي التي تنتخب المكتب السياسي " التنفيذي" يراع فيه حضور كل الأقاليم.. هذه التنييظم يعطي القيادات مساحات واسعة على الحركة، الكل سوف يشارك في قرارات الحزب، و سوف يحجم مسألة الكارزمة و سطوتها، لكن الدعوات الأخيرة تجاوزت " فدرالية التنظيم" و عادت مرة أخرى للحوار بين قيادات المجموعات المختلفة و هي في حد ذاته سبب تعثر الوحدة، لآن كل فرد في هذه القيادات يريد أن يكون له مقعدا في القيادة..
أن واحدة من إشكالية النخب التي تريد أن تقود بنفسها عملية الوحدة، لا تستطيع أن تتحدث عن القضايا المسكوت عنها، و هي جوهر المشكل، لآن مسألة القناعات في الأجيال الجديدة تتطلب المعرفة، و المشاركة في صناعة المشروع السياسي، و أيضا المشاركة الفاعلة في اختيار القيادات.. فالقبول بمبدأ الولاءات السالبة بدأ يضيق في المجتمع، لذلك لابد من فتح الحوار مع القاعدة بدلا من الاحتفاظ به داخل موائد شبه مغلقة.. و هناك من يخطط لإعادة الكارزمة لكي تخطط له و تقود لوحدها عملية الوحدة، هذه تتعارض تماما مع مبدأ الحرية، و في نفس الوقت العودة إلي لاحتكارية القرار... أن الوحدة التي يريد أصحابها أن تنجح أن يطرح أصحابها رؤيتهم للقاعدة للحوار و الوصول ألي توافق حوله.. كما يقول المفكر البناني علي حرب " أن القيادات السياسية العاجزة عن إنتاج معرفة جديدة و أفكار جديدة لا تستطيع المساهمة في التغيير..
أن عملية الوحدة الاتحادية يستطيع أن يقوم بها فصيل واحد دون الفصائل المتعددة المطروحة في الساحة السياسية، إذا كان لديه قيادة مؤمنة بالوحدة، و ما تفرزه عملية الاختيار من قيادات، و دون التعدى على حرية القاعدة في اختيارها، و يملك أدوات العمل و الاتصال، و القدرة المالية على قيام انتخابات عامة من القاعدة إلي القمة، دون الدخول في أية صراعات جانبية مع الفصائل الأخرى حتى لا تصرفه عن الهدف. و دون أية إقصاء مادام القاعدة وحدها لها حق اختيار القيادة.. و أن تكون القيادة مدركة للتحديات التي سوف تواجهها، و أن تكون هناك فكرة واحدة " قيام انتخابات لتنظيم اتحادي من القاعدة إلي القمة" هي الرؤية التي سوف تستقطب الأجيال الجديدة القادرة على حمل المسؤولية. نسأل الله حسن البصيرة..


zainsalih@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • المالية تستأنف صرف رواتب شهر أبريل 2025 لموظفي الحكومة غدا
  • تكليف قائد جديد للشرطة الاتحادية
  • المالية العراقية تحسم إرسال رواتب إقليم كردستان الأسبوع المقبل
  • من ركائزه إقليم كوردستان.. تركيا تتخذ سياسة المسار المزدوج نهجاً في العراق
  • الأسبوع المقبل.. المالية العراقية تحسم إرسال رواتب إقليم كوردستان
  • الوحدة و صراع التيارات الاتحادية إلي إين؟
  • رئيس مجلس النواب الأردني يصل إلى إقليم كوردستان
  • كردستان العراق: ساحة صراع النفوذ بين تركيا وإيران
  • العراق والاردن يؤكدان تنسيق الجهود لإيقاف العدوان على غزة
  • هجوم كشمير يذكي نار التوتر بين الهند وباكستان... ماذا نعرف عن الصراع حول الإقليم؟