فى ذكرى وفاته ال 12.. البابا شنودة وعلاقة الصادقة بمشايخ الازهر
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
احيت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الذكرى الـ12 لنياحة البابا شنودة الثالث، البطريرك الـ117 من بطاركة الكنيسة،الذي ولد باسم "نظير جيد" في قرية سلام، محافظة أسيوط في 3 أغسطس عام 1923، دخل دير السريان قاصدًا الرهبنة عام 1953 حتى صار أسقفًا للتعليم، والتحق بجامعة فؤاد الأول، فى قسم التاريخ، وحصل على الليسانس بتقدير ممتاز عام 1947، ويعد ثاني أكثر البطاركة جلوسًا على الكرسي المرقسي بعد البابا كيرلس السادس.
حيث كانت وطنية الراحل البابا شنودة الثالث، شأنها كشأن كل جوانب حياته، التى تفوق بها حتى أصبحت جانبًا مميزًا فى شخصيته، وجمعت البابا وشيوخ الأزهر علاقة اتسمت بالود والمحبة، تجلّت فى الكثير من المواقف، منها الزيارات المتبادلة فى الأعياد والمناسبات للمجاملة والتهنئة وحتى فى العزاء، وكانت علاقته مع شيخ الأزهر علاقة ترابط وتفاهم واحترام متبادل ظهر فى كل أمر مشترك يستوجب الاتفاق بين الكنيسة والأزهر.
وذكر المصور جرجس محبوب مصور البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرط الكرازة المرقسية الراحل فى تصريحات خاصة " للفجر" أن قداسة البابا شنودة كانت تربطه علاقة قوية امتدت إلى ربع القرن بفضيلة الإمام محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر الشريف، منذ كان مفتى الجمهورية، واتّسمت خلاله علاقتهما بالعمق والقوة والصداقة والمحبة والتشاور فى كل ما يخص مصلحة مصر، كما وصفها البابا شنودة، فكان ينسق معه اللقاءات الخاصة بالندوات الدينية،وكانت أول لقاء بينهما التقى فى مؤتمر ابو ظبى عن الوحدة والتعايش الدينى فى عام 1997، وكان يلتقو 3 مرات فى الشهر، وخلال شهر رمضان كان يدعو فضيلة الامام البابا للفطار معهم وذلك بنادى رترى،وبعد ذلك تم تحديد مواعيد للافطار ففى يوم 18 رمضان نظمت وزارة الاوقاف مائدة الافطار وكان البابا ينظم بعدها مائدة الافطار يوم 21 رمضان بالكاتدرائية.
وتابع،بدات فى عام 1986 تقليدًا جديدًا لإقامة الأقباط موائد الإفطار، حيث أقام مائدة جماعية فى رمضان بالكاتدرائية دعا إليها قداسة البابا، شيخ الأزهر ورئيس الوزراء وكل قيادات الدولة و150 فردًا، وأقامت وزارة الأوقاف، ثم الأزهر، ثم الكنيسة حفلات إفطار متتالية فى رمضان، واستمرت مائدة الإفطار كل عام، حتى شهر اغسطس عام 2010، ووصل عدد الحاضرين إلى 1500، بجانب السائقين والحراسة، وكانت موائد الإفطار تشهد حل الكثير من المشكلات بعيدًا عن الرسميات.
واكمل، كان يدعى فضيلة الامام البابا شنودة فى المؤتمر الثانوى الاسلامى بفندق الميروت واخر مرة كان بفندق كونكورت حيث يشتاقو الحاضرين لسماع كلمته، وكان البابا اعتاد يزور مشيخة الازهر لتقديم التهنئة بعيد الفطر وعيد الاضحى من عام 1995 حتى قبل نياحته ويعد إنه اول بطرك يزور مشيخة الازهر واكمل البابا تواضروس هذه الزيارة، كما كان الازهر يتبادل التهانى ويهنىء البابا بالاعياد.
وتجلت صداقة بابا الإسكندرية وشيخ الأزهر فى الكثير من المواقف الإنسانية التى أظهرت الوحدة الوطنية بينهما دون التفرقة بين مسلم أو مسيحى عندما قام البابا بعد عودته من رحلة علاج بأمريكا بزيارة شيخ الأزهر فى المشيخة، وتقديم التهنئة بقدوم العيد والصعود إلى الدور الثانى، وقد رفض فضيلة الامام بشدة نظرًا لظروف مرضه، ولكن البابا أصر على الصعود لتقديم التهنئة وكان معه وفد من الكنيسة للغرض نفسه.
وأوضح أن من أبرز أشكال المحبة أن يوم وفاة الدكتور محمد سيد طنطاوى نظم قداسة البابا عزاء لشيخ الأزهر فى الكاتدرائية.
وفرح البابا شنودة كثيرًا عندما وقع الاختيار على فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب، ليكون خلفًا للشيخ طنطاوى، واستبشر خيرًا، وكان البابا يُلقب فضيلته بـ«الشيخ الطيب أحمد الطيب»، واستطاع الاثنان عبور أزمات كثيرة مرت بها مصر بحكمتهما، وكانا دومًا على اتصال، خاصة بعد ثورة 25 يناير، فكانت الكنيسة والأزهر تتصدران المشهد فى ذلك الوقت.
كما جمعته علاقة محبة بفضيلة مفتى الجمهورية الأسبق الدكتور على جمعة، توطدت أكثر بعد حادث كنيسة القديسين، ومن وقتها وحتى وفاته، كان على اتصال دائم بقداسته، وكان كثير الزيارة له، والسؤال عن صحة قداسته، وكانا يتبادلان الهدايا التذكارية، وحتى على مستوى علماء المسلمين فى الدول العربية كان دومًا محل تقديرهم وإعجابهم حتى إنه دعى مرات ليُلقى كلمات فى مؤتمرات عن التجديد فى الفكر الدينى.
وظهرت وطنية البابا شنودة الثالث فى جنازته، فقد ودّع المصريون، مسلمين ومسيحيين، جميعًا البابا الـ١١٧ فى جنازة مليونية يصفها المؤرخون بأنه لم ينلها إلا ثلاثة فى تاريخ مصر بهذه الكثافة، وهم الرئيس جمال عبدالناصر والسيدة أم كلثوم والبابا شنودة، فلم يخرج فى وداعه المسيحيون فقط، كما شهد الطريق الصحراوى إلى الدير يوم دفن البابا شنودة عددًا من السيارات لم يشهده من قبل، وحرص المجلس العسكرى على لف جثمانه بعلم مصر، وتم نقله من القاهرة إلى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون فى طائرة عسكرية خُصّصت لتلك المهمة.
وجاء النعى التاريخى من الأزهر الشريف لقداسة البابا شنودة الثالث "فقدت مصر أحد رجالها المعدودين، فى ظروف دقيقة تحتاج فيها لحكمة الحكماء وخبرتهم وصفاء أذهانهم، ولم يكن لفقيد مصر مواقفه الوطنية وشخصيته الخيرية وسعيه الدؤوب على المستوى الوطنى فحسب، بل على الصعيد القومى، حيث عاشت قضية القدس ومشكلة فلسطين فى ضميره، ولم تغب أو تهُن أبدا، فقد بذل قصارى جهده من أجل الدفاع عنهما"، بتلك الكلمات الخالدة جاء نعى فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف لقداسة البابا شنودة الثالث يوم 17 مارس من عام 2012.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية البابا شنودة شيوخ الأزهر البابا شنودة الثالث شیخ الأزهر
إقرأ أيضاً:
البابا فرنسيس يتلو صلاة التبشير الملائكي في كورسيكا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وجه البابا فرنسيس بابا الفاتيكان اليوم في عظته ليوم الاحد للحاضرين كلمة قال فيها: أنا هنا على أرضكم الجميلة هذه، وهي فرصة لي لأقول لكم شكرًا: شكرًا لوجودكم، لحياتكم التي تقدّمونها، وشكرًا لعملكم، ولالتزامكم اليوميّ، وشكرًا لأنّكم علامة لحبّ الله الرّحيم ولأنّكم شهود للإنجيل.
مضى البابا إلى القول: ومن كلمة "شكرًا" أنتقل مباشرة إلى نعمة الله، التي هي أساس الإيمان المسيحيّ وكلّ شكلٍ من أشكال التّكريس في الكنيسة. في السّياق الأوروبيّ الذي نحن فيه، لا تغيب المشاكل والتّحدّيات فيما يختصّ بنقل الإيمان، وأنتم تواجهون ذلك يوميًّا، وتكتشفون أنّكم صغار وضعفاء: فعددكم ليس كبيرًا، ولا تملكون وسائل فعّالة، والبيئة التي تعملون فيها لا تبدو مستعدّة دائمًا لأن تقبل إعلان بشارة الإنجيل. ومع ذلك، فإنّ هذا الفَقر هو بَرَكَة! إذ هو يُجرّدنا من وهمنا بأنّنا قادرون أن نعمل كلّ شيء وحدنا، ويعلِّمنا أن ننظر إلى الرّسالة المسيحيّة على أنّها أمر لا يعتمد على القِوى البشريّة، بل قبل كلّ شيء على عمل الرّبّ يسوع، الذي يعمل ويتصرّف دائمًا بالقليل الذي يمكننا أن نقدّمه له.
هذا ثم قال البابا : في مركز كلّ شيء يوجد الرّبّ يسوع. وأضاف أن أولويّة النّعمة الإلهيّة لا تعني أنّنا يمكننا أن ننام بهدوء ودون أن نتحمّل مسؤوليّاتنا. بل العكس، علينا أن نفكّر دائمًا في أنّنا "عاملون معًا في نعمة الله".
بعدها قال البابا للحاضرين: أودّ أن أدعوكم إلى أمرَين: أن تهتمّوا بأنفسكم، وأن تهتمّوا بالآخرين لأنّ الحياة الكهنوتيّة أو المكرَّسة ليست كلمة ”نعم“ قلناها مرّة واحدة وإلى الأبد. يجب أن نجدّد كلّ يوم فرح اللقاء بالرب، ويجب في كل لحظة أن نُصغي إلى صوته من جديد وأن نقرّر أن نتبعه.
تابع البابا كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي قائلا: نحن بحاجة إلى ”قاعدة حياة“ صغيرة تتضمّن الموعد اليوميّ مع الصّلاة والإفخارستيّا، والحوار مع الرّبّ يسوع، كلٌّ بحسب روحانيّته وأسلوبه. ولنحتفظ ببعض لحظات من الوَحدة، وليكن لنا أخ أو أخت نشاركه ما نحمله في قلوبنا بحرّيّة، ولِننَمِّيَ فينا شيئًا نحبّه كثيرًا، لا لنمضي وقت فراغنا، بل لنستريح بطريقة سليمة من متاعب الخِدمَة. علينا أن نخاف من الأشخاص النّشيطين دائمًا، والذين هُم دائمًا في قلب الأمور، والذين ربّما بدافع الغَيرَة الزّائدة لا يستريحون أبدًا، ولا يأخذون فترة استراحة من أجل أنفسهم.
هذا ثم قال البابا: في هذه العناية يدخل شيء آخر: الأخوّة بينكم. لنتعلَّم أن نتشارك ليس فقط المشقّات والتّحدّيات، بل أيضًا الفرح والصّداقة في ما بيننا. لنتشارك فرح أن نكون رسلًا وتلاميذَ للرّبّ يسوع. كما لا بد أن تهتمّوا بالآخرين. الرّسالة التي تلقّاها كلّ واحدٍ منكم لها دائمًا هدف واحد: وهو أن نحمل يسوع إلى الآخرين، وأن نَهَبَ القلوب تعزية الإنجيل.