اللعبة الخطرة بين الجزائر والمغرب
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
هناك حكمة شعبية متداولة في بلاد المغرب تقول: " اللي تلف يشد الأرض"، أي أن على من أضاع السبيل، أن يلزم المكان الذي هو فيه، وهي حكمة تحيل إلى عالم الرحّل، حين تهبّ الرياح فتنحجب الرؤية على قافلة، ينصح الهداة حينذاك بأن يلزم أصحاب القافلة مكانهم، إلى أن تنجلي العاصفة، وتتضح الرؤية.
ونحن في عالم لم تتحدد فيه الرؤية، بالنظر للتحولات الجسام التي يعرفها العالم، لا نظير لها إلا سياق ما بعد الحرب العالمية الثانية.
هذه المقدمة هي توطئة لحدث لا حدث في واقع الأمر، وهو ليس بكل تأكيد التعبير الذكي لمواكبة التحولات الجديدة، وهو إعلان قيام "جمهورية الريف"، في الجزائر العاصمة، في حي السفارات بها، مع يليق مع الحدث من "جلال" و"طقوس"، منها "النشيد الوطني بتاريفيت (متفرعة عن الأمازيغية) و"العَلم"، و"إعلان التوجهات".
لعبة دعم الانفصال لعبة غير محسوبة العواقب، إذ لو تم التساهل معها، فمن شأنها أن تُقوض البنى الاجتماعية، في المغرب والجزائر، وتكون وقودًا لحروبٍ أهلية، في كل بلد، ولصراع لن يخمد ما بين العرب والأمازيغ
لا يحتاج الإنسان أن يكون من ذوي الاختصاص، أيًا كان الاختصاص، ولا من العارفين أيًا كانت المعرفة، ولكن مجرد المنطق السليم، أن ذلك يخدم، إستراتيجيًا، الجزائر، حسب ما يسميه الرياضيون بالاستدلال بالعبث، أو المناطقة بـ "الافتراض جدلًا" قيام "جمهورية الريف". حالة انفصال "ناجحة" تغذي حركات انفصالية جنينية، وما أكثرها قابلية للاستهلال، إن توفرت على تغطية إعلامية، ومغازلة الجرح الوجودي، ومختبرات خبراء، وأحداث مفتعلة، وتوظيف أخرى، ودعم دولي.. يحبُل العالم بحركات سلمية جدًا، تنادي بحقوق ثقافية، "مشروعة جدًا"، وتنتهي بالدماء، والدعوة للانفصال.
منطق الأشياء، في خضم التحولات الكبرى التي تقع في العالم، هو وضع سِنان المواجهة بين الجزائر والمغرب، والتفكير مليًّا في التحولات الكبرى، والسعي من أجل أن يكون التحول لصالح شعوب المنطقة، وللعالم العربي، كما حدث سابقًا، بعد التحولات التي طرأت في أوروبا الشرقية، في نهاية القرن الماضي، وألقت بظلالها على البلدين.
استأنف المغرب حينها علاقاته الدبلوماسية التي كانت مقطوعة مع الجزائر، وحضر المرحوم الملك الحسن الثاني القمة العربية التي انعقدت في الجزائر في يونيو/ حزيران 1988، وكان لقاء زرالدة (ضواحي الجزائر العاصمة) في أعقاب القمة. لكننا لم نعد في منطق الأشياء، بل نقيضها.
"الإعلان" عن "جمهورية الريف " في الحدود المعترف به دوليًا للمغرب، لا يخدم المنطقة، ولا يخدم العالم العربي، ولا يخدم الجزائر، كما أن الدعوة لتقرير مصير "شعب القبايل"، لا تخدم المنطقة ولا تخدم العالم العربي، ولا تخدم المغرب.
لم أتورّع عن انتقاد ما كان أقدم عليه سفير المغرب في الأمم المتحدة السيد عمر هلال، حين قال بحق شعب "القبايل الأبي" في تقرير مصيره، في غمرة سجال مع نظيره الجزائري – (14 يوليو/تموز 2021)- وكتبت وصرّحت في غير موقع دولي، عن رعونة هذا التصريح.
وكان من الممكن طيّ الموضوع، لأن الملك محمد السادس خصص خطاب العرش كله للعلاقات المغربية الجزائرية (30 يوليو/تموز 2021)، وقال؛ إن الشعبين أكثر من شقيقين بل "سيامي"، (يعني متلاصقين)، وأن الشر لن يأتي من المغرب، وهي اللازمة التي تتكرر كذلك في الخطاب الرسمي الجزائري حيال المغرب: الشر لن يأتي من الجزائر. وهل نعتدُّ بالخطابات أم بالأفعال؟
لا جدال أنّ لمنطقة القبايل في الجزائر خصوصيتها الثقافية، ولكنها كانت في لُب معركة التحرير، وقلبها النابض. تبنّى بعض قياديها بعد الاستقلال، خيارات سياسية، مغايرة لتلك التي تبنتها الجزائر عقب الاستقلال. لكن الانفصال لم يكن واردًا قط، ولا تحمله أي قوة فعلية، ولها مصداقية، وليس له أي تواجد شعبي.
نفس الشيء يقال عن منطقة الريف في المغرب، لها خصوصيتها الثقافية، وكانت معركة الأمير عبد الكريم الخطابي، تحرير الريف أولًا وتوجيه قواته للمنطقة التي كانت خاضعة للحكم الفرنسي.
وللتذكير، فالسلطات الاستعمارية اقتسمت المغرب كما يتم اقتسام الفيء، ما بين فرنسا وإسبانيا، ومنطقة دولية في طنجة. اندلاع المقاومة في الريف، بالشكل الذي بدت فيه، والمسار الذي اتخذته ناجم عن التقسيم الذي خضع له المغرب وسياسة إسبانيا ووضعها.
من المؤكد كذلك أن منطقة القبايل عرفت اهتزازات كبرى بعد مقتل الناشط ماسينسة كرماح (أبريل/نيسان 2001)، أفضت إلى ما عُرف بالربيع الأسود، ومن المؤكد كذلك أن فرم بائع السمك محسن فكري بالحسيمة (أكتوبر/تشرين الأول 2016)، كان الشرارة التي أوقدت حراك الريف. لم يرِد الانفصال في الحالتين.
لعبة دعم الانفصال لعبة غير محسوبة العواقب، إذ لو تم التساهل معها، فمن شأنها أن تُقوض البنى الاجتماعية، في المغرب والجزائر، وتكون وقودًا لحروبٍ أهلية، في كل بلد، ولصراع لن يخمد ما بين العرب والأمازيغ، وبركانًا يُلقي بحُممه في المنطقة، ويوتر الوضع في حوض البحر الأبيض المتوسط.
كنا نُغبَط في بلاد المغرب بوَحدة الدين والمذهب، ولم يكن قادة أمازيغيون ينظرون لمصير بلديهما خارج الوحدة، من الأمير عبد الكريم الخطابي، أو الحسين آيت أحمد، أو محمد بنسعيد. لكن نحن مع فاعلين بنفس المرجعيات، لا التوجهات وهل نحن في نفس السياق؟
لا ينبغي التوجه بالحديث هنا إلى صانعي الرأي في البلدين فقط، بل لأصحاب القرار بالأخصّ من أجل التوقف عن ردود الفعل، والمزايدة. هناك جفاء بين البلدين ينبغي التعامل معه بواقعية، كما يفعل الطبيب حين يسعى ليدفع الداء للاستقرار، لكن الضرب بأبجديات التعامل الدولي عرض الحائط، من دعم الانفصال والتدخل في الشؤون الداخلية، ونكث الالتزامات الدولية، هي لعبة خطرة، وغير محسوبة العواقب.
أعمال العقلاء تُنزه عن العبث، لكن للأسف الشديد أن الذكاء الفردي يوظف لما ليس ذكاء على المستوى الجماعي. وهذا من مآسينا الجسام.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات
إقرأ أيضاً:
خروجة العيد.. ضوابط قانونية لاصطحاب الحيوانات والكلاب| تفاصيل
يحرص البعض عند الخروج للتنزه والاستمتاع بأوقات العيد، على اصطحاب الكلاب معهم.
ووضع القانون ضوابط محددة لاقتناء الكلاب والحيوانات للأماكن العامة، جاءت كالتالي:
1- الالتزام بوضع "الكمامة" الخاصة بالكلاب أثناء التنزه أو عند أصحابها خارج حدود أماكن أيوائها.
2- تقييد الكلب بقلادة مناسبة بحيث يتم السيطرة عليه.
3- لا يجوز أن تقل سن مصطحب الكلب عن 18 عاما.
ونص القانون على أنه يعاقب بالحبس مدة من 6 أشهر إلى 3 سنوات وبغرامة لا تجاوز 200 ألف جنيه، كعقوبة حيازة كلب بدون ترخيص.
التزامات اصطحاب الحيواناتويلتزم حائز الحيوانات الخطرة باتخاذ الاحتياطات والتدابير اللازمة لضمان عدم هروبها، والتى يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص.
ويلتزم حائز الحيوانات الخطرة بتوفير الرعاية البيطرية لها، وعلى الأخص تحصينها ضد الأمراض التي يحددها الوزير المختص بناءً على عرض السلطة المختصة، والإمساك بسجلات تتضمن التاريخ الطبي لها.
كما يلتزم بتوفير أماكن إيواء آمنة ومناسبة للحيوانات الخطرة وفق الاشتراطات التى تحددها السلطة المختصة، وإطعامها بالغذاء المناسب وبكميات كافية.
إخطار السلطاتيلتزم حائز الحيوانات الخطرة بإخطار السلطة المختصة فورًا في أي من الأحوال الآتية:
1- إصابة الحيوان الخطر بأحد الأمراض المعدية أو الوبائية أو اشتباه إصابته بها.
2- إصابة شخص أو موته نتيجة التعرض لاعتداء من الحيوان الخطر.
3 – نفوق الحيوان الخطر أو هروبه.
4 - الرغبة في نقل حيازة الحيوان الخطر أو التخلى عنه أو عدم القدرة على إيوائه ورعايته.
وفي حالة ولادة الحيوانات الخطرة، يلتزم حائز الحيوان بإخطار السلطة المختصة إلكترونيًا أو ورقيا، وذلك خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام من تاريخ الولادة.
وتُصدر السلطة المختصة لكل حيوان خطر يولد شهادة تتضمن البيانات الخاصة به، وتسلمها لحائز الحيوان متى توافرت شروط الحيازة المحددة باللائحة التنفيذية لهذا القانون، وتعتبر هذه الشهادة بمثابة ترخيص بالحيازة.
ويتعين على كل من يجد أيا من الحيوانات الخطرة متروكًا أو ضالًا، وعلى كل من يعلم بوجود حيوان خطر غير مرخص بحيازته لدى أي حائز، إبلاغ السلطة المختصة لاتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة.
حيازة الكلابيحظر حيازة واقتناء الكلاب بدون ترخيص من مديرية الطب البيطري المختصة وفق الشروط والإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
وتُنشأ السلطة المختصة سجلات، إلكترونية أو ورقية، بأرقام مسلسلة لقيد الكلاب المرخص بحيازتها، على أن يتضمن هذا السجل جميع البيانات المتعلقة بالكلب وحائزه، وعلى الأخص اسم الحائز ومحل إقامته وأوصاف الكلب وعلاماته المميزة، والتحصينات الدورية والوبائية المشتركة، وذلك كله على النحو الذى تنظمه اللائحة الداخلية للقانون.
ويسلم حائز الكلب فور ترخيصه علامة تعريفية تحمل الرقم المسلسل المُشار إليه بالمادة (10) من هذا القانون، وعليه أن يثبتها في رقبة الكلب بصفة دائمة، وإذا فقدت وجب عليه أن يطلب علامة تعريفية جديدة فورًا مقابل أداء تكلفتها.
ويجوز بقرار من الوزير المختص استخدام أي من الوسائل التكنولوجية الحديثة لتعريف الكلاب المرخص بها، وذلك على النحو الذى تنظمه اللائحة التنفيذية لهذا القانون.