اليابان تنهي عصر أسعار الفائدة السلبية.. ماذا الآن؟
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
اتخذت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم خطوات مهمة في أسبوع عجّ بالتحولات المحورية في السياسة النقدية حددت فيه اتجاهات جديدة للاقتصاد العالمي. وبدأ البنك الوطني السويسري، مدعومًا بالتقدم المحرز في إدارة التضخم، في خفض تاريخي لأسعار الفائدة، مبتعدًا عن نظرائه العالميين.
وفي الوقت نفسه، أشارت النرويج إلى توقف مؤقت في تعديلات أسعار الفائدة في المستقبل المنظور.
كان نظام سعر الفائدة السلبي الذي تبناه بنك اليابان عبارة عن إستراتيجية جذرية تهدف إلى تحفيز الإقراض المصرفي، وتعزيز الطلب، ومعالجة مشكلة التضخم. وإنهاء هذه السياسة يشير إلى الابتعاد عن الأدوات النقدية غير التقليدية التي ميزت المشهد الاقتصادي في اليابان لسنوات عديدة. وقد أثارت هذه الخطوة مناقشات حول المسار المستقبلي للسياسة النقدية اليابانية وآثارها المحتملة على الاقتصاد العالمي.
اقتراض دون الصفروبعد عقد من السياسة النقدية مفرطة التساهل و8 سنوات من تكاليف الاقتراض دون الصفر، اتخذ محافظ بنك اليابان كازو أويدا قرارا بتوجيه سعر الفائدة إلى نطاق يتراوح بين صفر و0.1%. وتأتي هذه الخطوة، وهي أول زيادة في تكاليف الاقتراض الياباني منذ 17 عامًا، في منعطف فريد حيث تدرس البنوك المركزية الكبرى الأخرى خفض أسعار الفائدة، مما قد يغير دور الين في الأسواق المالية بشكل كبير، وفقًا للمستثمرين والاقتصاديين.
بنك اليابان أعلن أيضًا التخلي عن سياسة التحكم في منحنى العائد التي تم تقديمها في عام 2016 للحفاظ على العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات (رويترز)ووفقا لبلومبيرغ فإن هذه الخطوة تعكس السياسة السابقة المتمثلة في فرض رسوم بنسبة 0.1% على بعض الاحتياطيات الفائضة التي تحتفظ بها المؤسسات المالية في البنك المركزي. وينظر المحللون إلى هذا التحول باعتباره خطوة مهمة نحو التطبيع، مما يشير إلى الثقة في مسار الاقتصاد الياباني.
وقال محللون من مورغان ستانلي في مذكرة بحثية: "لقد أنهى بنك اليابان اليوم حقبة من التيسير النقدي الاستثنائي". ووصفوا هذه الخطوة بأنها مؤشر على دورة حميدة من ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي والأجور والأسعار وأرباح الشركات.
وكجزء من خروجه من سياسة أسعار الفائدة السلبية، أعلن بنك اليابان أيضًا التخلي عن سياسة التحكم في منحنى العائد، التي تم تقديمها في عام 2016 للحفاظ على العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات للحفاظ على الظروف المالية التيسيرية. بالإضافة إلى ذلك، سيتوقف البنك عن شراء الصناديق المتداولة في البورصة وصناديق الاستثمار العقاري اليابانية.
الأسواق تتأثروشهد مؤشر نيكاي 225 القياسي في اليابان تقلبات خلال التداول إثر القرار، حيث عكس في البداية خسائر طفيفة ليرتفع بعد أنباء رفع سعر الفائدة، قبل أن ينزلق إلى المنطقة السلبية مرة أخرى. وأغلق في النهاية مرتفعًا بنسبة 0.7%. وأغلق المؤشر توبكس الأوسع نطاقا مرتفعا 1.1%.
وفي حين يمثل قرار بنك اليابان تحولًا نحو التطبيع، فقد أكد البنك مجددًا التزامه بالحفاظ على ظروف مالية ميسرة "في الوقت الحالي". ويشير هذا إلى أن البنك المركزي الياباني لن يشرع في دورة تشديد قوية مماثلة للبنوك المركزية الكبرى الأخرى، مثل بنك الاحتياطي الفدرالي في الولايات المتحدة.
وبالنظر إلى المستقبل، فإن حالة عدم اليقين لا تزال قائمة، مع مخاطر تشمل التطورات في الاقتصادات الخارجية، وأسعار السلع الأساسية، وسلوك الشركات المحلية في تحديد الأجور. وأعرب محللون من كابيتال إيكونوميكس لـ"سي إن إن" عن شكوكهم بشأن المزيد من الزيادات في أسعار الفائدة، مستشهدين بتوقعات ضعف نمو الأجور بين الشركات الصغيرة.
كيف سيتأثر الين؟لأكثر من 3 عقود، حافظت العملة اليابانية على مكانة مستقرة في أسواق الصرف الأجنبي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى سياسة بنك اليابان لأسعار الفائدة المنخفضة أو السلبية التي تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي ومنع الانكماش.
وقد جعل هذا الاستقرار الين خيارا جذابا للمستثمرين المشاركين في الصفقات المحمولة، وهي إستراتيجية حيث يقترض المستثمرون بعملة منخفضة العائد للاستثمار في الأصول ذات العائد المرتفع. بالإضافة إلى ذلك، كان الين طريق التمويل المفضل للحكومات والشركات خلال أوقات الأزمات، حيث اختار الكثيرون إصدار "سندات الساموراي" بالين في السوق اليابانية.
رغم الانخفاض الأولي في قيمة الدولار في أعقاب إعلان بنك اليابان، يعتقد محللون أن الين لا يزال جذابًا بسبب الفارق الكبير في أسعار الفائدة مع الولايات المتحدة (رويترز)ورغم الانخفاض الأولي في قيمة الدولار في أعقاب إعلان بنك اليابان، يعتقد محللون تحدثت إليهم فايننشال تايمز أن الين لا يزال جذابًا بسبب الفارق الكبير في أسعار الفائدة مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، يشير شوسوكي يامادا، رئيس إستراتيجية العملات الأجنبية في اليابان في بنك أوف أميركا، إلى أن التحولات في شهية المؤسسات اليابانية المحلية للتداولات المحمولة في الخارج قد تحدث إذا أصبحت ديون الحكومة اليابانية أكثر جاذبية.
وقال ديريك هالبيني، رئيس قسم الأبحاث في مجموعة ميتسوبيشي يو إف جي المالية في حديث لفايننشال تايمز، إن هذا التحول في سياسة بنك اليابان يمثل نقطة تحول تاريخية، مما قد يؤدي إلى زيادة التقلبات في الين. وقد يؤدي التقلب المكتشف حديثًا إلى جانب التوقعات بالمزيد من رفع أسعار الفائدة إلى تقليل جاذبية الين للمستثمرين.
على من سيؤثر الين؟ويتردد صدى قرار بنك اليابان أيضا في الأسواق الدولية، ويؤثر بشكل خاص على الحكومات التي أصدرت سندات مقومة بالين. وفي حين أن المقترضين الحاليين قد لا يتأثرون على الفور، فإن الارتفاع المحتمل لقيمة الين قد يؤدي إلى تصاعد تكاليف سداد الديون لبعض البلدان النامية، وفقا لما ذكرته إلفيرا مامي، كبيرة المحللين الاقتصاديين في معهد التنمية الخارجية للصحيفة.
وأشار مارك فارينغتون، مستشار الاقتصاد الكلي العالمي في "فارينغتون للاستشارات"، إلى أن الين يحمل الآن إمكانات صعودية بعد قرار بنك اليابان، مما يشير إلى ارتفاع محتمل على المدى الطويل تماشيًا مع التغيرات الاقتصادية الأخرى في اليابان.
ومع ذلك، فإن هذه التغييرات يمكن أن تؤثر أيضًا على المستثمرين والشركات والحكومات، حيث لم يعد بإمكانهم الاعتماد على استقرار الين في صفقات الشراء المحمولة أو البحث عن ملجأ في أوقات الاضطرابات الاقتصادية.
التغييرات يمكن أن تؤثر أيضًا على المستثمرين والشركات والحكومات، حيث لم يعد بإمكانهم الاعتماد على استقرار الين في صفقات الشراء وفق مراقبين (رويترز)وشدد جوناثان بيترسون، كبير اقتصاديي السوق في كابيتال إيكونوميكس لبلومبيرغ، على أهمية سياسات الاحتياطي الفدرالي في تحديد الاتجاه قصير المدى للين مقابل الدولار، مما يشير إلى أن قرار بنك اليابان قد يكون له تأثير أقل في عالم رفع فيه بنك الاحتياطي الفدرالي بشكل كبير أسعار الفائدة.
وأبرز يامادا أنه في حين أن الشركات اليابانية قد تستمر في الاستفادة من التمويل الرخيص بالين للتوسع في الخارج، فإن التغيرات في جاذبية ديون الحكومة اليابانية يمكن أن تؤثر على شهية المؤسسات المحلية للحمل الخارجي.
وبينما يتكيف المشهد المالي مع هذه التغييرات، سيراقب أصحاب المصلحة عن كثب الديناميكيات المتطورة في دور الين في الأسواق المالية العالمية، وتقييم الآثار المترتبة على إستراتيجيات الاستثمار وتكاليف الاقتراض.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الحکومة الیابانیة أسعار الفائدة بنک الیابان سعر الفائدة فی الیابان هذه الخطوة یشیر إلى الین فی
إقرأ أيضاً:
«أردوغان» يعد بخفض أسعار «الفائدة» عام 2025
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “إن معدلات الفائدة ستنخفض في 2025، وأن خفض أسعار الفائدة سيؤدي إلى إبطاء وتيرة ارتفاع الأسعار”.
وأضاف، “سنبدأ بالتأكيد في خفض أسعار الفائدة. سيكون 2025 هو العام المميز لهذا الأمر” ووفقا لتصريحات أردوغان خلال كلمة ألقاها يوم السبت في مقاطعة بورصة، “أسعار الفائدة ستنخفض، وبالتالي سيهبط التضخم أيضاً. وهذا أمر لا مفر منه بالنسبة لنا”.
وفي حديثه يوم السبت، قال أردوغان إن ما يسمى بـ “الانتهازيين” يجب أن يُلقى عليهم بعض اللوم عن التضخم المستمر، وأوضح “هناك من يستغل اقتصاد السوق الحر. وسوف نتغلب عليهم أيضاً. الطريقة الأكثر فعالية هي أن تقوم أمتنا بمقاطعة أولئك الذين يرفعون الأسعار بشكل مبالغ فيه”.
وتأتي تصريحات أردوغان بعد أن خفض البنك المركزي سعر الفائدة لأول مرة منذ 2023 في اجتماعه في ديسمبر. وخفض “المركزي التركي” سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع واحد إلى 47.5% من 50%، متجاوزاً توقعات السوق مع التأكيد على اتخاذ قرارات الفائدة المستقبلية بحكمة بناءً على توقعات التضخم، ولن يستمر بالضرورة في خفض أسعار الفائدة بنفس الوتيرة.
وبعد أن استمر ارتفاع الأسعار في التأثير على الاقتصاد خلال 2023، ويرجع ذلك في الغالب إلى السياسة النقدية التيسيرية للغاية التي يدعمها أردوغان، عيّن الرئيس فريقاً اقتصادياً أطلق سياسة نقدية تقليدية بعد الانتخابات في ذلك العام. ومنذ ذلك الحين، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة من مستويات كانت دون 10% إلى 50% في أقل من عام.
كما خفض البنك عدد اجتماعات تحديد أسعار الفائدة التي سيعقدها العام المقبل إلى ثمانية اجتماعات، من 12 اجتماعاً. ويتوقع المحللون الآن أن يجري البنك المركزي التركي تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة في كافة اجتماعات السياسة النقدية خلال 2025، رغم تحذير المسؤولين من مخاطر تيسير السياسة النقدية دون انقطاع.
آخر تحديث: 29 ديسمبر 2024 - 12:42