عقد الجامع الأزهر اليوم السبت في الليلة الرابعة عشرة من شهر رمضان المبارك، عقب صلاة التراويح «ملتقى الأزهر.. قضايا إسلامية»، بمشاركة ‏الدكتور حمدي الهدهد، عميد كلية البنات الأزهرية بالعاشر من رمضان، والدكتور أحمد الشرقاوي، أستاذ بكلية الشريعة والقانون ووكيل قطاع المعاهد الأزهرية، وأدار اللقاء الشيخ أحمد الطباخ، الباحث بالجامع الأزهر.

جاء ذلك بحضور جمعٍ من علماء وقيادات الأزهر الشريف، والمصلين الذين حضروا إلى ‏الجامع من شتى ربوع مصر ومن مختلف الدول العربية والإسلامية من المقيمين في مصر، وناقش الملتقى اليوم «الغلو وخطره على استقرار المجتمع».

حمدي الهدهد: الإسلام دين الوسط والإفراط التفريط ليسا من الدين

وقال الدكتور حمدي الهدهد، إن الغلو هو تجاوز الحد، فكل ما تجاوز الحد فهو غلو، ولكن بداية لا بد من تحديد الحد المقصود تجاوزه، وهنا ينبغي التفريق بين مصطلحين مهمين لأن التفريق بينهما يحل مشكلات متعددة، المصطلح الأول مصطلح «الدين» والمصطلح الثاني «التدين»، فالدين هو النصوص المقدسة الثابتة الصحيحة، والتدين هو محاولة تطبيق هذه النصوص في واقع عملي وممارسة عملية، ولذلك عندنا قضايا دينية وقضايا تدين، ولا ينبغي أن يختلط هذا بذاك أو ذاك بهذا، فكل ما ثبت بنص قطعي الدلالة فهو دين لا يجوز الخروج عنه بأي حال، والتدين ممارسات قد نختلف فيها ولكن الاختلاف فيها اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، ولذلك وُصف هذا الدين وصفًا دقيقة في القرآن في قول الله سبحانه: {وَكَذَ ٰ⁠لِكَ جَعَلۡنَـٰكُمۡ أُمَّةࣰ وَسَطࣰا}، فهو الدين الوسط، والإفراط التفريط كلاهما ليسا من الدين في شيء.

أحمد الشرقاوي: ما يحقق مصالح العباد معتبر شرعًا ولو لم يرد صراحة في القرآن أو السنة

من جانبه، أكد الدكتور أحمد الشرقاوي أن الوسطية والاعتدال من سمات هذا الدين الحنيف الذي نزل من السماء على نبينا محمد ﷺ، وكما نعلم جميعا أن مقاصد الإسلام خمسة منها حفظ العقل، وهناك قاعدة تقول العوارض لا تزيل القواعد، فعارض الإلحاد لا يزيل قاعدة حفظ الدين، وعارض القتل لا يزيل قاعدة حفظ النفس، وعارض السكر لا يزيل قاعدة حفظ العقل، وعارض الزنا لا يزيل قاعدة حفظ العرض، وعارض السرقة لا يزيل قاعدة حفظ المال، وهذه الأمور هي أرقى ما يتمتع به أي مجتمع إنساني، ومن هذه المسائل وبناء عليه فإن  كل تشدد وكل تطرف ينحرف عن رسالة الإسلام الأصيلة ليس من دين الله، وكل ما حقق مصالح العباد والنفع للعباد هو معتبر شرعًا ولو لم ينزل به قرآن أو تأتي به سنة صراحة؛ لأنه يدخل في القواعد الكلية التي يتسم بها هذا الدين مقاصده المعتبرة.

وأشار إلى أن الحقوق الإنسانية المعبرة في الدين والدنيا، إنما تنطلق من ثلاثة محاور، الأول: محور التكريم والتشريف والتفضيل المتعلق بالإنسانية ويبين قوله تعالى: {وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِیۤ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَـٰهُمۡ فِی ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَـٰهُم مِّنَ ٱلطَّیِّبَـٰتِ وَفَضَّلۡنَـٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِیرࣲ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِیلࣰا}، والمحور الثاني: المنظومة الحقوقية التي تجري بين الناس وهي تندرج تحت مظلة قوله تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ یَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّوا۟ ٱلۡأَمَـٰنَـٰتِ إِلَىٰۤ أَهۡلِهَا وَإِذَا حَكَمۡتُم بَیۡنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحۡكُمُوا۟ بِٱلۡعَدۡلِۚ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا یَعِظُكُم بِهِۦۤۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِیعَۢا بَصِیرࣰا}، المحور الثالث هو التكليف المتعلق بـ «افعل ولا تفعل»، وتنطلق من قول الله: {إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَیۡنَ أَن یَحۡمِلۡنَهَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَـٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومࣰا جَهُولࣰا}، وبهذه المحاور يكون الإنسان قد أصبح مهيئًا أن يتلقى التكليف، ومما تقدم فإن هذه منظومة متكاملة تتعلق بحرية إنسانية ودينية يحكمها قول الحق سبحانه: {لَكُمۡ دِینُكُمۡ وَلِیَ دِینِ}.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الجامع الأزهر رمضان صلاة التراويح ملتقى الأزهر قضايا إسلامية قطاع المعاهد الأزهرية قيادات الأزهر الإسلام

إقرأ أيضاً:

شيخ الأزهر: الاختلاف بين السنة والشيعة كان في الفكر والرأي وليس في الدين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، إن الاختلاف بيننا وبين إخواننا الشيعة هو اختلاف فكر ورأي وليست فرقة دين، ودليل ذلك ما ورد عن النبي "صلى الله عليه وسلم" في حديثه المعجز، الذي استشرف فيه المستقبل فحذرنا من مخاطر الانقسام التي قد تنبني على ذلك حين قال: "دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمُ: الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ" بمعنى نحسند بعضنا دولنا على بعض، ونحسد بعض شعوبنا على بعض، ثم قال: "وَهِيَ الْحَالِقَةُ، وَلَكِنْ حَالِقَةُ الدَّيْنِ"، ثم فسر قائلا: لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين، فاستكمل:"وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثْبِتُ ذَلِكَ لَكُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بينكم"، بمعنى رسخو السلام بينكم وعيشوا فيه معا.

وبيِن الإمام الطيب، خلال ثاني حلقاوأكد شيخ الأزهر، أن الأمة الإٍسلامية حاليا في أشد الحاجة إلى الوحدة في القوة والرأي لمجابهة تحديات العصر والانتصار على أعداء الأمة، فهناك كيانات عالمية اتحدت دون وجود ما يوحدها، كما اتحدت دول الاتحاد الأوروبي، وغيرها، ليس لشيء سوى أنها رأت ذلك ضرورة من الضرورات الحياتية العملية، ونحن أولى منهم بذلك بكل ما بيننا من مشتركات.

واختتم فضيلته أن هذا اختلاف طبيعي في ذلك الوقت، خضع في تغليب أحدنا على الآخر لضرورات حياتية عملية فرضتها الظروف حينها، ولا يجب أن يكون هذا الاختلاف سببا في أن يكفر أحدنا الآخر، بل يجب فهم أن في هذا النوع من الاختلاف رحمة، فالصحابة رضوان الله عليهم قد اختلفوا، وقد أقر النبي "صلى الله عليه وسلم" اختلافهم، ولكن لم يكفر أحد أحدا من الصحابة، كما أننا نحن السنة لدينا الكثير من المسائل الخلافية، فلدينا المذهب الحنفي والمذهب الشافعي وغيرها من المذاهب، بكل ما بينها من أمور خلافية.ت برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب»، أنه قد حدثت بعض الخلافات بين صحابة النبي "صلى الله عليه وسلم" ومن ذلك ما حدث على الخلافة، وقد قيل فيه "ما سل سيف في الإسلام مثلما سل على هذا الأمر"، كما اختلفوا في عهده "صلى الله عليه وسلم"، لكنهم لم يسلوا السيوف على أنفسهم، موضحا أن الخلاف بين السنة وإخوانهم الشيعة لم يكن خلافا حول الدين، وعلى كل من يتصدى للدعوة أن يحفظ حديث النبي "صلى الله عليه وسلم" حين قال: " من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا، فذلكم المسلم الذي له ذمة الله ورسوله فلا تخفروا الله في ذمته"، ويتقن فهمه الفهم الصحيح.

مقالات مشابهة

  • بحضور مريم بنت محمد بن زايد.. ملتقى «التعليم أولاً» 2025 يناقش تعزيز مخرجات المنظومة التربوية
  • البحوث الإسلامية: مكتبة الأزهر تضم 50 ألف مخطوط ونعمل على رقمنتها الآن.. صور
  • ملتقى الأزهر: تعزيز الوعي بوحدة المصير السبيل لمواجهة المخططات الغربية
  • شيخ الأزهر: لابد أن يسود الأدب والاحترام بين أتباع المذاهب الإسلامية
  • رئيس جامعة الأزهر: الشريعة الإسلامية قائمة على التيسير ومراعاة أحوال الناس
  • ملتقى الجامع الأزهر يكشف عن معاني اليسر في الصيام وأهم الوقفات مع آياته
  • ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: الشائعات جريمة ضد الإنسانية وخطر يهدد وحدة الأمة
  • ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: الشائعات جريمة ضد الإنسانية وخطر يهدد وحدة الأمة وتماسكها
  • للعام الرابع.. وكيل الأزهر يشارك الطلاب الوافدين إفطارهم بالجامع الأزهر
  • شيخ الأزهر: الاختلاف بين السنة والشيعة كان في الفكر والرأي وليس في الدين