كاتب بريطاني: الجزيرة تروي قصة 7 أكتوبر التي لن يرويها الإعلام البريطاني
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
سرايا - يقول الكاتب البريطاني بيتر أوبورن إن فيلما وثائقيا بثته قناة الجزيرة عن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، الذي نفذته المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يكشف الادعاءات الكاذبة والملتهبة عن ذلك الهجوم والكيفية التي شقت بها هذه الأكاذيب طريقها إلى الصحافة السائدة في بريطانيا.
ويصف أوبورن، في مقال له بموقع ميدل إيست آي البريطاني، الفيلم، الذي أنتجته وحدة التحقيقات في الجزيرة، بأنه رصين، وواضح، ودقيق.
وقال إن هذا الوثائقي لا يتوانى عن تفصيل الأفعال التي ارتكبتها (حماس)، لكنه يظهر بما لا يدع مجالا للشك أن العديد من الروايات المروعة التي ظهرت من مصادر إسرائيلية كانت كاذبة.
وأوضح الكاتب أن فيلم الجزيرة يكشف أن القصص الإسرائيلية الملتهبة بشدة، سواء كانت تتعلق بادعاءات الاغتصاب الجماعي أو قطع رؤوس الأطفال وحرقهم، غير مدعومة بالأدلة وأنها أكاذيب مباشرة، ومع ذلك، فقد مهدت للهجوم الإسرائيلي الذي أعقب ذلك على غزة، والذي وصفته محكمة العدل الدولية بأنه من المحتمل أن يكون إبادة جماعية.
وأشار إلى أن قناة الجزيرة وصفت بشق الأنفس كيفية دخول هذه القصص إلى المجال العام، وانطوى وصفها على نظرة مستمرة لوحدة (زاكا) الإسرائيلية، وهي وحدة الاستجابة للطوارئ في إسرائيل من المسعفين المدربين الذين يتعاملون مع حوادث الإرهاب وجرائم القتل.
وقال إن الجزيرة أظهرت كيف قدمت (زاكا) تفاصيل عن الفظائع التي لم تحدث أبدا، بما في ذلك الأطفال الذين تم حرقهم وقطع رؤوسهم، والتي تصدرت عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم واستخدمتها إسرائيل لتحقيق أقصى تأثير دعائي لكسب التعاطف.
وورد في فيلم الجزيرة أن يوسي لانداو، أحد موظفي (زاكا)، قال للصحفيين إن (حماس) أحرقت حتى الموت كومتين بكل واحدة 10 أطفال في منزل في كيبوتس بئيري.
وانقضت وسائل الإعلام المختلفة على هذه الرواية، التي كررها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في محادثة مع الرئيس الأميركي جو بايدن: أخذوا عشرات الأطفال، وقيدوهم، وأحرقوهم وأعدموهم .
وأظهرت الجزيرة أن هذه الروايات كانت غير صحيحة، مثل إظهارها أن قائمة الأطفال القتلى المزعومة لم يكن بها غير التوأمين اللذين يبلغان من العمر 12 عاما وقتلا بشكل مأساوي عندما اقتحمت الشرطة والجنود المنزل في كيبوتس بئيري، كما لم يكن هناك حرق أو قطع رؤوس، ولا دليل جادا يدعم مزاعم الاغتصاب الواسع النطاق والممنهج.
وعلق الكاتب بأن التقارير الجادة والمدروسة والحيوية التي بثتها (الجزيرة) تبرز نقطة واحدة مثيرة للاهتمام: لماذا تُرك هذا الأمر لتقوم به قناة الجزيرة؟
لماذا فشل الإعلام البريطاني؟
وتساءل: لماذا لم تستطع وسائل الإعلام البريطانية فعل ذلك؛ بي بي سي، سكاي نيوز، أو وحدة التحقيق الشهيرة بصحيفة صنداي تايمز ، وصحف التابلويد التي تنفذ حملات من وقت لآخر مثل (ديلي ميلي) أو (ديلي إكسبرس)، أو غيرها؟
وقال إن الإجابة قد تكون بسيطة وهي أن وسائل الإعلام الرئيسية في المملكة المتحدة وثقت الرواية الإسرائيلية الملفقة وروجت لها ووجهت اتهامات بسوء النية لمن يشكك فيها. ووفقا لأحد عناوين التلغراف: ما كان على إسرائيل أن تثبت أن حماس ذبحت الأطفال .
واستمر أوبورن يقول إن التقارير المبكرة عن الحرق وقطع الرؤوس قدمت أعضاء (حماس) على أنهم برابرة دون البشر، مثل تنظيم الدولة ، وإن هذه التقارير الملفقة استخدمت لتبرير وحشية إسرائيل تجاه السكان الفلسطينيين في غزة.
فقد قال وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك، إيلي كوهين، في الأمم المتحدة: أخبروني، ما الرد المناسب لقتل الأطفال؟ لاغتصاب النساء وحرقهن؟ لقطع رأس طفل؟ الرد المناسب على مجزرة 7 أكتوبر/تشرين الأول هو التدمير الكامل، التدمير الكامل، إلى آخر عضو في حماس .
وقال السيناتور الجمهوري الأميركي ماركو روبيو: لا أعتقد أن هناك أي طريقة يمكن أن يتوقع من إسرائيل أن تتعايش أو تجد بعض العلاقات الدبلوماسية مع هؤلاء المتوحشين .
وعاد أوبورن ليقول إن فيلم الجزيرة قام بأكثر من مجرد تصحيح لسجل الأحداث في 7 أكتوبر/تشرين الأول، إذ إنه يثير مخاوف جدية بشأن فشل وسائل الإعلام البريطانية في التشكيك في الرواية الإسرائيلية، وأن هذه الوسائل وضعت نفسها عرضة للاتهام بالتواطؤ في تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، الأمر الذي فتح بدوره الطريق أمام ما تبدو كل يوم وبشكل متزايد أنها إبادة جماعية في غزة.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الإعلام البریطانی وسائل الإعلام
إقرأ أيضاً:
ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
سألني كثيرون عن عدم ذكر شرائح مجتمعية مهمة كان لها إسهام كبير في هزيمة مشروع حميدتي الانقلابي.
لكن القائمة التي أوردتها لم تكن حصرية لمصادر القوة الخفية الناعمة في الدولة السودانية، بل كانت مجرد نماذج، دون أن يعني ذلك امتيازها على الآخرين.
بدأت أشعر بالقلق من أن معارك جديدة ستنشب بعد الحرب الحالية، محورها: من صنع النصر؟ ومن كانت له اليد العليا فيه؟!
لا شك أن هناك من لعبوا أدوارًا مركزية في هزيمة مشروع الميليشيا بعيدًا عن الأضواء، وسيأتي ذكرهم في يوم ما.
بعض الأصدقاء والقراء لاموني على عدم ذكر مشاركة السلفيين وجماعة أنصار السنة، وآخرون تساءلوا عن عدم الإشارة إلى دور الشعراء وكبار المغنيين، مثل الرمز والقامة عاطف السماني.
أما اللوم الأكبر فجاء من عدد كبير من القراء، بسبب عدم التطرق لدور الإعلاميين، لا سيما في الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي.
نعم، لم تكن الحرب التي اندلعت في السودان يوم 15 أبريل 2023 مجرد مواجهة عسكرية تقليدية بين جيش نظامي ومجموعة متمردة، بل كانت حربًا شاملة استهدفت الدولة والمجتمع معًا.
فبينما كانت الرصاصات والقذائف تحصد الأرواح، كانت هناك معركة أخرى، لا تقل ضراوة، تدور في ميدان الوعي والمعلومات، حيث لعب الإعلام الوطني الحر دورًا محوريًا في التصدي لهذا المشروع الغاشم.
في بدايات الحرب، أصيبت مؤسسات الدولة بالشلل، وغابت الأجهزة التنفيذية والإعلام الرسمي.
أما القوات المسلحة، فكانت محاصرة بين الهجمات الغادرة ومحاولات التمرد فرض واقع جديد بقوة السلاح.
وفي تلك اللحظة الحرجة، برز الإعلام كسلاح أمضى وأشد فتكًا من المدافع، يخوض معركة الوعي ضد التزييف والخداع، ويقاتل بالحجة والمنطق لكشف الحقائق ودحض الأكاذيب.
راهن المتمردون ومناصروهم على التلاعب بالسردية الإعلامية، فملأوا الفضاء الرقمي بالدعاية والتضليل، محاولين قلب الحقائق وتقديم أنفسهم كقوة منتصرة تحمل رسالة الحرية والديمقراطية.
لكن الإعلام الوطني الحر كان لهم بالمرصاد، فكشف فظائعهم، وفضح انتهاكاتهم، وعرّى أكاذيبهم.
لم تعد جرائمهم مجرد روايات ظنية مبعثرة، بل حقائق موثقة بالصوت والصورة، شاهدة على مشروعهم القائم على النهب والدمار وإشاعة الفوضى.
لم يكتفِ الإعلام بتعرية التمرد، بل حمل لواء المقاومة الشعبية، فكان منبرًا لتحفيز السودانيين على الصمود، وحشد الطاقات، وبث روح الأمل.
اجتهد الإعلام الوطني في رفع معنويات الجيش، مؤكدًا أن هذه ليست نهاية السودان، وأن القوات المسلحة ستنهض مهما تكالبت عليها المحن، وأن الشعب ليس متفرجًا، بل شريك أصيل في الدفاع عن وطنه.
لم يكن هذا مجرد تفاعل إعلامي عابر، بل كان إعادة تشكيل للوعي الجمعي، وصناعة رأي عام مقاوم يحمي السودان من السقوط في مستنقع الفوضى.
ومع مرور الوقت، استعاد الجيش أنفاسه، وعاد أكثر تنظيمًا وقوة، والتحم بالمقاومة الشعبية التي بشّر بها الإعلام.
وهكذا، تحولت الحرب من مواجهة بين جيش ومتمردين إلى معركة وطنية كبرى ضد مشروع تدميري عابر للحدود.
لقد أثبت الإعلام الوطني أن الكلمة الصادقة، حين تكون في معركة عادلة، تملك من القوة ما يعادل ألف طلقة، وأن الوعي، حين يُدار بذكاء وصدق، يصبح درعًا لا يخترقه التضليل، وسيفًا يقطع أوهام الباطل من جذورها.
هكذا انتصر السودان في معركة الوعي، وهكذا هُزم التمرد قبل أن يُهزم في ميادين القتال.
ضياء الدين بلال
إنضم لقناة النيلين على واتساب