في غارات امس العنيفة على صنعاء.. ماذا استهدف الطيران الأمريكي؟ وبما علق الحوثي بعد تلك الضربات؟
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
شهدت صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين ليل امس الجمعة غارات امريكية عنيفة اعقبها سماع دوي انفجارات في انحاء متفرقة، كما شوهدت النيران واعمدة الدخان تتصاعد من المواقع المستهدفة.
القيادي البارز في الجماعة محمد علي الحوثي وصف تلك الغارات بالمتهورة.
وقال الحوثي أن الهدف الأساسي من هذه الهجمات هو كسر الحصار البحري عن السفن المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي، حد قوله.
وجدد تمسك جماعته بمواصلة استهداف السفن الإسرائيلية، أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، حتى يتوقف العدوان ويرفع الحصار عن غزة، وفق تعبيره.
بدوره، اكد الناطق الرسمي باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، حق جماعته في الدفاع عن النفس والرد على مصادر التهديد.
ماذا استهدف الطيران الامريكي؟
عقب غارات ليل امس الجمعة على صنعاء كشف الجيش الأمريكي عن الاهداف التي استهدفها.
وذكر أن طيرانه استهدف 3 منشآت تخزين أسلحة تحت الأرض يستخدمها الحوثيّون لتنفيذ هجمات ضد السفن في البحر الأحمر.
وقالت القيادة العسكريّة الأمريكيّة للشرق الأوسط "سنتكوم"، في بيان، إنّ القوّات الأمريكيّة نفّذت ضربات دفاع عن النفس ضدّ ثلاث منشآت تخزين تحت الأرض تابعة للحوثيّين.
وأضافت أنّ الجيش الأمريكي دمّر أيضا 4 طائرات بلا طيّار، ورصد إطلاق الحوثيّين 4 صواريخ بالستيّة مضادّة للسفن باتّجاه البحر الأحمر.
وأعلن الحوثيون بأن طيران الولايات المتحدة وبريطانيا شن في ليل أمس 11 غارة استهدفت مناطق متفرقة في العاصمة صنعاء.
وذكرت قناة المسيرة التابعة للحوثيين أن الطيران الأمريكي البريطاني شن 4 غارات على منطقة عطان، و 3 غارات على منطقة جربان.
وأضافت أن الطيران الأمريكي البريطاني شن أيضا أربع غارات على منطقة النهدين، ليبلغ بذلك عدد الغارات على صنعاء خلال يوم أمس 11 غارة.
ومنذ مطلع العام الجاري، يشن تحالف "حارس الازدهار" بقيادة الولايات المتحدة غارات يقول إنها تستهدف "مواقع للحوثيين" في مناطق مختلفة من اليمن، ردا على هجماتهم في البحر الأحمر.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: غارات على
إقرأ أيضاً:
ترامب ... وانتهاج سياسة ومشاريع الرومان !
صدر عن مؤسسة راند الأمريكية التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية عقب أحداث 11 سبتمبر 2001م , تقريرا يحث الولايات المتحدة الأمريكية على احتلال السعودية والاعتراف بالمنطقة الشرقية - القطيف - كدولة مستقلة عن المملكة العربية السعودية .
اذلال وتحقير
صورة تداولها وشاهدها سكان العالم القديم , فلقد نقشت صورة الملك النبطي الحارث الثالث 87- 62 ق . م , حليف روما آنذاك على العملة الرومانية وهو منكس الرأس وحاملا في يده سعفة تعبيرا عن استسلامه . فما اشبه تلك الصورة بما شاهده العالم اليوم عبر وسائل الإعلام المختلفة نفس الاسلوب المتبع بسياسة التحقير والاذلال التي قام به الرئيس الأمريكي ترامب ونائبه تجاه حليف لهم الرئيس الاوكراني زيلنسكي في البيت البيضاوي .
أدوات لا حلفاء
أدرك دولة الانباط نفوذ الرومان المتزايد في المنطقة منذ منتصف القرن القاني ق. م , وادركوا طمع الرومان في الاستيلاء عليها في يوم ما, ومن ثم لجأ الأنباط مثلما فعل اليهود إلى سياسة جديدة وهي اقامة جسور من الصداقة مع الرومان وتحريضهم على القدوم إلى الشرق الأوسط , ولقد بدأت الصداقة الرومانية - النبطية في عهد الملك " الحارث الثالث 87- 62 ق. م " والذي نجح في انتزاع سوريا من أيدي ملوك السلوقيين الضعفاء , وفي عهده استولي القائد الروماني " بومبى " على سوريا عام 63 ق. م ,
وليس من المستبعد أن يكون ذلك قد تم بمساعدته , وعندما حوصر " يوليوس قيصر " في الاسكندرية عام 47 ق. م من قبل البطالمة وجه نداء إلى ملك الأنباط " مالخوس " لتقديم العون اليه , فأرسل اليه قوة من الفرسان هي التي ساعدت يوليوس قيصر على الافلات من هزيمة محققة , كذلك قدم الأنباط مساعدتهم للرومان حينما استولوا على مصر غي عام 30 ق. م ,
حيث قاموا بحرق أسطول الملكة " كليوباترا " حتي يمنعوها من الهرب جنوبا في البحر الأحمر , وكأنهم كانوا ينتقمون من تدمير بطليموس الثاني لأسطولهم عام 278 ق. م , وبعد موت مالخوس تولى الملك " عبادة الثالث 28 – 9 ق. م " والذي تعاون مع الرومان واشترك في حملة " أيليوس جاليوس " حاكم الرومان في مصر لغزو اليمن عام 24 ق. م , حيث قدم الانباط الدعم العسكري ألف مقاتل ودعم لوجستي عبر وزيره سيلايوس النبطي كدليل للحملة الرومانية على اليمن , كذلك شارك في تلك الحملة خمسمائة يهودي .
وقد رضى الأنباط بذلك الدور لأنهم اعتقدوا أن الرومان سوف يكافئونهم بأن يطلقوا يدهم في تجارة البحر الأحمر وينفردون بها خاصة بعد قيامهم بمسانده روما في السيطرة على سوريا ومصر ومن ثم مشاركتهم في التحالف الروماني لغزو اليمن والسيطرة على موانئها كميناء المخا وعدن وعلى طرق التجارة البحرية في البحر الأحمر والمحيط الهندي .
لكن الرومان عندما وصلوا إلى المياه الشرقية بدأوا يغيرون فكرتهم ومع ظهور الاسطول الحربي الروماني في مياه البحر الأحمر ببوارجه الحديثة بدأ الرومان يتبعون سياسة تقليم أظافر حلفائهم حتى لا يتحولوا إلى خطر يهدد مصالحهم في هذا المنطقة - بل الأصح بعد أن انتهي دورهم والغرض منهم - لذلك بدأت دولة الأنباط تنكمش لتعود إلى حدودها الطبيعية بعد منتصف القرن الأول الميلادي خاصة أن " السلام الروماني " كان قد استتب تماما في البحر الأحمر ووصلت روما إلى اتفاق مع البارثيين , ولم يعد هناك حاجة إلى الأنباط بعد أن أصبح طريق الملاحة إلى الهند آمنا ومؤمنا . فيما بقت اليمن دولة قوية وندا للرومان ولعبت دورا في السياسة الاقليمية والدولية في ذلك الوقت ممثلة بدولة حمير التي ورثت السلطة عن دولة سبأ .
عقود استثمارية
اتخذ الرومان اجراءات أمنية ضد حليفتهم الأنباط فوضعوا حامية رومانية في ميناء " ليوكي كومي " النبطي له سلطات عسكرية وادارية لجمع المكوس لصالح الأمبراطورية الرومانية حيث فرضا الرومان ضريبة قدرها 25% على بعض السلع القادمة من الشرق . فسياسة الرومان لا يمكن فصل التجارة عن السياسة فكلاها مرتبط ومتأثرا بالأخر , فالقادة الرومان في حملاتهم العسكرية كانوا يفكرون بعقلية التجار , كما ان المعسكرات الرومانية كانت تتحول إلى اسواق وبعضها تحول بالفعل إلى مدن فيما بعد .
وقاموا بتغيير طريق القوافل بين الخليج والبحر الأبيض ليمر عبر مدينة " بالمورا " بعيدا عن أرض الأنباط طريق بري أبعد نحو الداخل عن نفوذ الأنباط , وكان هذا تخطيطيا دقيقا لأضعاف الانباط اقتصاديا , وبالفعل بدأت دولة الأنباط تتدهور اقتصاديا وسياسا في عهد آخر ملوكهم " رابيل الثاني 71- 106م ". لذلك ندرك عقلية الرئيس الامريكي ترامب التي تنطلق من الاستفادة التجارية واستثمار موانئ وثروات أرض حلفائه وغيرهم مقابل حمايتهم كما فعل الرومان تماما مع الانباط ! .
مشروع تييريوس
في عام 106 م , رأي الامبراطور الروماني " تراجانوس " بعد السيطرة على أهم أسواق التجارة الشرقية القادمة من الخليج ونهر الفرات إلى البحر المتوسط وايضا التجارة القادمة من مواني البحرالأحمر , إلى انهاء وجود دولة مستقلة للأنباط وتنفيذ مشروع الأمبراطور " تييريوس القديم 14- 37م " في نفس العام الذي استولى فيه على بلاد البارثيين ودخل عاصمتهم " طيسفون " ( المدائن ) .
وهكذا تحولت دولة وبلاد الأنباط إلى " ولاية بلاد العرب الرومانية " وانتهي بذلك سفر طويل من علاقات الرومان بالانباط انتهى بالتخلص التدريجي منهم لتنفرد روما بالسيادة المطلقة على البحر الأحمر . لأن سياسة الرومان الدفاعية لم تكن لتسمح بوجود حليف قوى قد يتحول إلى خطر عليهم مستقبلا وهي نفس السياسة التي جعلت روما تدمر قرطاجة وكورنثة ولكن بفارق ان الاخيرتان قاومتا الهيمنة والسيطرة الرومانية , فيما الانباط واليهود لم يكونوا حلفاء لروما كون سياستها لا تعترف بحلفاء بل كانوا ادوات لها لتحقيق اهدافها ومصالحها في المنطقة , بدأ بسحق اليهود في عام 70م , وبعد 36 عاما انهت دولة الأنباط من الخارطة السياسية والجغرافية وضمتها كولاية رومانية تابعه لروما .
لذلك نجد اليوم أن السياسة الأمريكية نابعه من انتهاج سياسة ومشاريع روما القديمة والقائمة على استغلال الحلفاء سياسيا وعسكريا واقتصاديا ثم التخلي عنهم بمجرد انتهاء دورهم كأدوات وليس حلفاء ! .