«المدرب أجنبي».. مفاجأة في أسباب فشل الحملة الفرنسية من وجهة نظر الكبير
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
بملابس تنكرية قديمة في حفل الهالوين، نزل الكبير من سلم قصره وهو يردد كلمات فرنسية أجاد نطقها، ووقف وسط أفراد أسرته والأصدقاء الذين تنكروا أيضا في حفلة مليئة بالأزياء الغريبة في الحلقة 13 من مسلسل الكبير أوي 8، ليكتشفوا أنه يجسد شخصية نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية على مصر، ليكون أول سؤال يخطر ببال هجرس فور رؤية الكبير يمثل بونابرت ما هي أسباب فشل الحملة الفرنسية؟.
سؤال حيَّر الملايين.. ما هي أسباب فشل الحملة الفرنسية؟، بهذا السؤال فاجأ هجرس الكبير الذي تنكر في زي نابليون بونابرت في حفلة الهالوين بالحلقة 13 في مسلسل الكبير أوي 8، وسرعان ما قال له «سؤال اختياري ولا إجباري؟»، ليكون رد الكبير إن من وجهة نظره أن الشعب المصري لا يحب فكرة المدرب الأجنبي، في إسقاط على المدربين الأجانب الذين دربوا المنتخب المصري، وفي النهاية استعان المنتخب بالكابتن حسام حسن ليكون مدربا.
وبعد ذكرها في مسلسل الكبير أوي 8، وتنكر الفنان أحمد مكي في الحلقة 13 في زي قائد الحملة نابليون بونابرت، يروي الكاتب أحمد عبدربه، في كتابة «حكايات في تاريخ مصر الحديث»، الأسباب الحقيقية لفشل الحملة قائلًا إن الحملة الفرنسية استمرت في مصر 3 سنوات، تمكن خلالها نابليون بونابرت من ترسيخ صورته كقائد عسكري بارع، ورغم أن الحملة قد حققت بالفعل العديد من النجاحات السياسية والعسكرية بالنسبة إلى فرنسا، فإن حكم مصر لم يكن سهلا بالنسبة إليهم، فقد واجهوا طوال فترة وجودهم العديد من التحديات والثورات والقلاقل التي أدت في النهاية إلى انسحابهم منها وعودتهم إلى أوروبا، حيث كانت لنابليون مغامراته الأوروبية التوسعية التي وضع وفاق أوروبا في معاهدة فيينا «نظام فيينا» عام 1815 نهاية لها بعد هزيمة نابليون في معركة واترلو.
واجه نابليون بونابرت العديد من التمردات الشعبية والدينية طوال فترة الحملة الفرنسية على مصر، وكذلك فقد كانت مغامراته العسكرية في فلسطين ولبنان وسوريا فاشلة؛ مما أجبر الفرنسيين في النهاية على الرحيل عام 1801 بعدما فشلت استراتيجية نابليون على مصر وفشل في المحاور الـ 3 الرئيسية التي تمثلت في التقرب من المصريين، وإظهار الاحترام لعاداتهم وتقاليدهم ودينهم وعلمائهم، أما المحور الثاني فقد تمثل في التقرب من الباب العالي في الأستانة، وإقناعه بأن الحكم الفرنسي هو بالأساس للتخلص من المماليك أعداء العثمانيين ثم تعضيد حكمهم في مصر؛ ثم يأتي المحور الثالث والأخير والمتمثل في محاولة إحداث تنمية اقتصادية واجتماعية وصحية في مصر؛ لإقناع المواطنين بحب الفرنسيين لهم، ومن ثم تدعيم شرعية الحملة الفرنسية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: دراما المتحدة مسلسلات رمضان رمضان 2024 دراما رمضان نابلیون بونابرت
إقرأ أيضاً:
فلسطين.. سؤال الوجدان المعاصر
هل تعيد القضية الفلسطينية تعريف هذا العصر لنا وللعصور اللاحقة؟ هل تحولت فلسطين لتصبح قضية حية؟ وهي قضية تجعلنا نراجع مفاهيمنا عن العالم الإنساني الذي نشارك في صنعه، حتى ولو بالوقوف كمتفرجين عليه؟
إن الشعب الفلسطيني اليوم، وهو شعب مناضل قد أكمل قرنًا من الاستعمار البريطاني ١٩٢٠م، والإحتلال الذي حل محله ١٩٤٨م، لا يجسد فحسب كل قضايا القهر الإنساني عبر التاريخ ويجعلها محل السؤال المعاصر، بمقابل كل دعوى المبادئ ومواثيق الحقوق البشرية؛ بل أكثر من ذلك يسائل بالفعل معنى وجودنا وغاياتنا البشرية كلها، ذلك أن الحقيقة التي نغفل عنها هي أن خضوع واستسلام البشر عن الحق لصالح القوة والقهر يقع ضد ما تكافح فلسطين بشعبها من أجله.
لقد قامت إسرائيل إثر الاستعمار الانجليزي على مبدأ القوة، ولا خلاف بين المؤرخين المعاصرين على أنها قامت على منظمات إرهابية، وأن الصهيونية متحققة بأمرين هما المال والدعم القوي، ويمكن اختصارهما في واحد هو القوة، وأنها تقوم على معتقد حق القوة في أن تفعل ما تشاء بمن تشاء، وأن من حقها أن تسلب وتصادر، وأن تسجن، وأن تقتل، وأن تنفي، وتشرّد، ليس فردًا واحدًا، ولا بريئًا واحدًا، بل شعبًا بريئًا بأكمله.
إن هذا الفعل الموجه ضد الأمم والشعوب الضعيفة، من الأمم والشعوب القوية، والمستقوية، يعيد بكل مفاصله، كل الحوادث التاريخية لفكرة المنتصر القاهر، ذلك الخيال الإنساني البدائي الذي يجعل للمنتصر الحق في أن يكتب التاريخ بأفعاله، وأن يقسر المهزوم ليفعل به ما يشاء، لكن من أين للمنتصر أساسًا هذا الحق؟ هل فعلا تمثل المعارك ونتائجها ساحات القضاء والقدر لشعوب بأكملها، هذا ما حاول كل المنتصرين فعله طوال التاريخ، وهذا ما حاولت فعله الدول الكبرى في عصر الاستعمار، وكما يبدو أن هذه الأحقية المتوهمة قادمة من التكرار، ومن وهم القوة، بالتالي رأت الصهيونية طريقها لفعل ذلك، وفي نظرها أنها إذا تمكنت من فعل ذلك بالفلسطينيين فمن حقها أن تحتكر حق الدفاع لنفسها وتسلبه من الفلسطينيين الذين تجعلهم بلا أدنى حق بما في ذلك حق الحياة، لكن هل يتسق ذلك مع طبيعة البشر ومع طبيعة الإنسان؟ هذا هو السؤال، لأن الصهيونية تدعي أن نعم، أن القوي يحق له أن يسحق الضعيف، أن يسرق أرضه، وأن يبيد شعبه بلا استثناء لطفولة أو هرم، أو جنس، ولكن رغم شبهة نجاح هذا الفعل عبر التاريخ ظاهريًا، لأن الشك قائم وغير محسوم على المدى الطويل، هل يتسق الفعل القهري نفسه مع المبادئ التي تعليها البشرية؟ هل يتسق مع الحق؟ أم مع الظلم؟ أمام مثل هذه الأسئلة الحاسمة تضعنا فلسطين.
تعلمنا من الفلاسفة أن للوعي الإنساني حركته ودوافعه الخاصة، وما تعكسه تجارب كالجرح والألم أو الفقد يصنع طبقة جديدة للوعي، ومن هنا نشأت ضرورة الشر للخير، فلو كان العالم خيّرًا بلا ضد لما وجد العالم الطريق إلى ذاته المنشودة، وليس كلام القدماء من أن الخير في بطن الشر مجرد كلام فارغ من المعنى بل نتيجة خبرة بشرية متراكمة بطرائق التحولات الطبيعية للبشر.
هكذا تعيد فلسطين تشكيل هذا المسار القسري للوعي البشري، منذ أن كان اسمها يتكرر في عناوين الصحف ونشرات الأخبار، وما الانتفاضات المتتالية، منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام ١٩٨٧م وما عرف بانتفاضة أطفال الحجارة، وما تلاها، إلا مراحل للوعي الذي ظل يتشكل داخل رحم فلسطين ممثلًا بأجياله الجديد، تلك الأجيال التي نوعّت وكاثرت وعددت أساليب مقاومة الاحتلال والتصفية، ولا شك أن الصهيونية وإسرائيل رأت أن أمن مستقبلها بوضعها المتوحش الحالي، يأتي من إبادة الأجيال، خاصة الجديدة منها، لقطع تسلسل الوعي البشري، داخل فلسطين، ولنشر اليأس العام خارج فلسطين في العالم كله، وهذا ما يفعله النظام الإسرائيلي بيأس وريبة وهو يخوض في جرائمه ضد الفلسطينيين ومن يساندهم، حتى أصبح وجوده رمزًا معاصرًا ممثلًا للظلم والشر، وهو بذلك يتحول لمحفّز لتشكل الوعي البشري الجديد، الذي تحمل فلسطين شعلته.
إن هذا الوعي البشري بفلسطين اليوم هو نتيجة عمل متواصل في الوعي الإنساني ساهم فيه كل المؤمنين بالإنسانية من جميع الشعوب، فلا نجد شعبًا من شعوب الأرض اليوم إلا وله مساهمة صغرت أو كبرت في هذه القضية، لما تمثله في وجدان البشر أجمعهم، ولا شك أن جزءًا كبيرًا من ذلك العمل قام به الفلسطينيون والعرب بما أنهم معنيون مباشرة بالأمر، لكنه يقوم كذلك على الصدى الواسع الذي لاقته قضية فلسطين في الضمير الإنساني، حتى أصبح حقها قارّا في وجدان العالم، ولا أدل على ذلك من هذا الحراك الاجتماعي المتنوع الذي يحاصر إسرائيل تدريجيًا، والذي تسعى إسرائيل بكل الصيغ، وبكل النفوذ الذي تملكه، ويملكه داعموها، لتفكيكه بالإرهاب وبالقوة.
في الواقع بينما كانت إسرائيل تواصل منهجها الإرهابي وتقيم جدار فصلها العنصري حول الفلسطينيين، كان هناك جدار فصل نفسي ومعنوي في كل مكان من العالم يتكون حول إسرائيل نفسها، وذلك ما كان يجعل المفاهيم التأسيسية التي قامت عليها الصهيونية وإسرائيل تتآكل تدريجيًا حتى بدأت تظهر ثقوب غير متوقعة، والأمثلة الرمزية الدالة واضحة اليوم، منها رمزية قصيدة (ما ينبغي أن يقال) ضد إسرائيل للشاعر والروائي الألماني حائز نوبل غونتر غراس، التي أقامت الدنيا في ألمانيا عام ٢٠١٢م ولم تقعدها قبل رحيله، ومنها لوحات فنان الغرافيتي البريطاني بانكسي على جدار العزل العنصري الإسرائيلي، ومنها مقاطعة الأكاديمية البريطانية لإسرائيل، وكل هذا كان قبل أحداث اكتوبر، وتظهر تجلياته اليوم في الأحداث الراهنة، وكل ذلك ينبئ عن اتجاه يعم البشرية ضد إسرائيل وما تحاول إثباته بالقوة المستطيرة عبر إبادة الفلسطينيين وممارساتها العنصرية ضدهم.
ما يتضح اليوم هو أن فلسطين تكبر في نفوس الناس بقدر ما تحاول إسرائيل اقتلاع الفلسطينيين وكل ما يمت إليهم بصلة، وفي كل ما حدث ويحدث اليوم أمثولة كبيرة، وعلامة صادقة عن الغد القادم، والذي يبدو غير بعيد، فبمجرد سقوط الأسطورة نفسيًا وذهنيًا يسقط كل ما أقيم عليها مهما بلغت خرساناته صلابة وتسليحًا، وهذا هو الأمل، بل جبل الأمل الذي حمله الفلسطينيون داخلهم طوال عقود حتى اليوم، وما زالوا يحملونه، رغم كل التضحيات الجسيمة، ورغم الهجر والقطيعة والحصار، حتى من بعض بني جلدتهم العرب.
إن محاولة أوروبا الاغتسال من ذنب معاداة السامية بدعم إسرائيل المطلق على حساب أرواح الفلسطينيين هو مشاركة في الجريمة، وقد أصبحت هذه الجريمة مرئية على نطاق واسع ليس خارج الغرب بل داخله، وما المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في ألمانيا، وهي معقل الهولوكوست، إلا مثال لما بدأ يبرز من حضور فلسطين في الضمير الإنساني العام، ففي الغرب المعاصر أصبحت نظرة الأجيال الجديدة مناقضة لآبائهم ومضادة لها تجاه كل أسطورة إسرائيل التأسيسية، وهذا جزء مما يفعله حضور فلسطين حتى داخل الدول الداعمة بشكل أعمى لإسرائيل، وكل ذلك أصبح على المحك اليوم، بفضل تنامي الوعي الإنساني بحجم فلسطين الذي يكبر في وجدان عالمنا المعاصر.
إبراهيم سعيد شاعر وكاتب عُماني