لا شك أن الواسطة لا تفيد ولو كانت فيها شبهة منفعة عاجلة إلا أنها على المدى البعيد لا تفيد لأن من يأخذ حق غيره يظل طول عمره تنازعه نفسه ويؤرقه ضميره من نظرة الناس إليه وعدم مسامحتهم له وهذا ما رأيناه بأنفسنا وحدثتنا به الأحداث والواسطة لم تعصف بالحياة الطبية فى مصر والوطن العربى فقط، بل عصفت بالحياة الاقتصادية والمالية والمنظومة التعليمية كلها، وبات الناس يرقبون وينتظرون الخبراء فى كل مجال وينتظرون مجيئهم فلا يجدون ولا يأتون والواسطة لم تكن فى بلاد العرب فقط، بل فى بلاد العجم أيضاً ولكن حدثنا الزملاء فى بلاد الغربة أنها موجودة ولكنها أقل حدة وأدنى أهمية فى بلادهم ويا ليت الواسطة ترفع أقوامًا متخلفين فقط ولكنها تغلق الباب دون المجتهدين وتحول بينهم وبين النجاح مخافة أن ينكشف ستر الآخرين وتعرى سوءاتهم وهذا ما يدمر الحياة كلها وليس المهن الحرة والمحسوبية والشللية كنا نظنها أثناء الدراسة فى الكلية فقط ونحن ما زلنا صغار السن نراها «ممقوتة» و«عيب»، أما الآن فهى فى كل شىء وتسيطر على كل شىء ولا مجال حتى لنقدها بل تَعلّق الناس بها حتى أدمت أياديهم وما زالوا يتعلقون بها رغمًا عن ذلك، والعجب كل العجب أننا لن نجد بعد الآن من يسهرون لكى يستذكروا دروسهم مخافة أن يفوتهم النجاح والأعجب هو حالة اللا مبالاة التى نجدها الآن وإحباط الدارسين من التقييم الذى حتماً لن ينال المجتهدين ولا أستبعد أن تكون الواسطة هى المعول التى تهدم به الأمم وتتفتت به عزيمة الشعوب.
وقد كان هناك أطباء فى دفعتنا رفضوا الواسطة بأى حال من الأحوال بل كانوا فى هذه السن الصغيرة يجدون ذلك عيبًا وسوءة ستلتصق بهم أبد الدهر أن يأخذوا عرق أو جهد من لا يملكون الواسطة وإن كانوا بطبيعة الحال قلة لا يؤثرون فقد ثبتوا على آرائهم ولو تتبعنا نهجهم ستجد أنهم عاشوا مستورين أو امتدت إليهم يد الله فرزقهم من حيث لم يحتسبوا وهذا ما ننصحه للغير وإن لم يكن عندى دليل ملموس أقدمه لهم وقد كان كاتب هذه السطور ممن يرفضون الواسطة أيضاً ويصرحون بذلك فى وجه من بدأوها أو ابتدأوها أثناء الكلية وبعد الكلية وقد قاسى كثيرًا من ذلك ولكنه أذى له طعم خاص وهو طعم العرق الذى تعبناه طوال حياتنا ولا يقدر بثمن وليس له معيار لثمنه فلا نذكره لأحد لأنّه لن يقّدر ذلك إلا الطبيب المجتهد فلا ييأس ولا يقنط وأمثلة الأطباء المبدعين والمجددين ظاهرة ومنهم الدكتور مجدى يعقوب فقد تعرّض فى شبابه إلى أكثر من ذلك وكاد له الحاسدون والمبغضون والقصة يعلمها الأطباء وغير الأطباء حتى يومنا هذا، وهى درس لكل إنسان يريد أن يصبر ولا أعلم كيف يستحل والد أن يعطى لابنه ما ليس حقه بأى تصور هو يتصوره أو أى ادعاء هو يرجوه والواسطة فى العرب وبلاد المسلمين غريبة إذ هى نقيض الدين والدين منها براء، ولكنها خلط للأوراق وخلق للأعداء ويكفى أن تعترض على الواسطة فلك الويل وسيقف الناس كلهم ضدك.
ويقول العارفون بالواسطة إنها الماحقة وللعباد حارقة للبلدان ساحقة وهى صادقة فلا تُبقى لهم سابقة أو بارقة عن التقدم عائقة، وهى عليهم لاحقة دافقة ومارقة، فى الدنيا راشقة بذنوب يوم القيامة باسقة فإياك من كثير الثقة.
استشارى القلب- معهد القلب
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د طارق الخولي معهد القلب
إقرأ أيضاً:
غارديان: أطباء غزة يروون فظائع الأسبوع الأول بعد عودة الحرب
قالت صحيفة غارديان إن غرفة الطوارئ في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح وسط قطاع غزة امتلأت بعد دقائق من موجة الغارات الجوية الإسرائيلية التي خرقت وقف إطلاق النار، وإن حوالي ثلث المصابين كانوا دون سن 14.
وقال مارك بيرلماتر، وهو جراح عظام متطوع قادم من الولايات المتحدة ويعمل في المستشفى ذلك الصباح، "لم يكن هناك في أي لحظة أقل من 65 شخصا في قسم الطوارئ، جميعهم مصابون بجروح مفتوحة، ومعظمهم من النساء والأطفال". وأضاف "كانت الأرضية غارقة بالدماء".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوتان: هل تنتقل إسرائيل من حرب غزة إلى الحرب الأهلية؟list 2 of 2لوباريزيان: ترامب يمنع بايدن وهاريس وبلينكن من الاطلاع على المعلومات السريةend of listوعلى بعد كيلومترات قليلة -حسب تقرير جيسون بيرك للصحيفة- كانت هناك مشاهد مماثلة في مستشفى ناصر بمدينة خان يونس، وقالت تانيا حاج حسن طبيبة العناية المركزة للأطفال "كانت هناك موجات متتالية، وبمجرد وفاة المرضى أو نقلهم إلى مكان آخر، يتوافد المزيد. كانت الفوضى عارمة".
وأشار مسؤولون طبيون فلسطينيون إلى أن أكثر من 200 شخص قتلوا صباح الثلاثاء وحده وجرح مئات، في الوقت الذي تقول فيه إسرائيل إنها قصفت 80 هدفا "إرهابيا" في غضون 10 دقائق صباح الثلاثاء، من بينها قادة وبنية تحتية عسكرية رئيسية.
ومع استمرار المزيد من الغارات الجوية والقصف، وصل إجمالي عدد القتلى في القطاع الفلسطيني المدمر في الحرب المستمرة منذ 18 شهرا إلى أكثر من 50 ألف قتيل، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 113 ألف جريح، حسب وزارة الصحة الفلسطينية.
إعلانووصفت فيروز سيدهوا (43 عاما) وهي جراحة صدمات من كاليفورنيا، تعمل في خان يونس كمتطوعة، كيف أخبرت والد فتاة في الرابعة أن ابنته لن تعيش أكثر من بضع دقائق، وطلبت منه "أن يأخذها إلى الخارج ويصلي معها ففعل".
الناس مرعوبونوقال أحمد الفرا، رئيس قسم الأطفال والتوليد، إن 300 نُقلوا إلى مستشفى ناصر يوم الثلاثاء، لم ينج منهم إلا القليل، إذ توفي حوالي 85 شخصًا، من بينهم نحو 40 طفلا، تراوح أعمارهم بين عام واحد و17 عاما.
وكان من بين الضحايا صبي يبلغ من العمر 10 سنوات مصاب بقطع في الحبل الشوكي، وأصيب بالشلل التام أسفل الرقبة، ولم يكن قادرا على التنفس من دون مساعدة، وطفلة تبلغ من العمر 5 سنوات بها إصابات متعددة بالشظايا، ومن غير المرجح أن تتكلم في المستقبل.
ورغم كل هذا -كما تقول الصحيفة- قال الجيش الإسرائيلي -في بيان- إنه ملتزم بتخفيف الأضرار التي تلحق بالمدنيين أثناء العمليات، وإنه "يلتزم التزاما تاما باحترام جميع الالتزامات القانونية الدولية المعمول بها، بما فيها قانون النزاعات المسلحة".
ومع أن 22 مرفقا صحيا رئيسيا من أصل 35 لا يزال يعمل في غزة، فإنها لا تقدم سوى جزء ضئيل من الخدمات التي كانت تقدمها قبل الحرب. وصرحت أولغا تشيريفكو، المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة، بأن جميع هذه المرافق "مُثقلة" وتعاني من نقص في الإمدادات الأساسية.
وقال الدكتور خميس الإيسي، وهو طبيب أعصاب واختصاصي ألم في مستشفى الأهلي بمدينة غزة، إنه لا يملك مسكنات ألم كافية لمئات مرضى السرطان. وأضاف "لدينا مئات الآلاف في غزة يعانون من أمراض مزمنة. إنهم بحاجة إلى الرعاية المناسبة، لكن الظروف مزرية. لا توجد مياه شرب نظيفة، وأنظمة الصرف الصحي مدمرة بالكامل. الناس مرعوبون".