بوابة الوفد:
2025-03-14@22:47:19 GMT

النَّفْس

تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT

 

 

 

 

النفس هى المحرِّك والموجِّه لإرادة الفعل الإنسانى إذ تحوى قوة التوجه والتوجيه نحو الخير والتقوى وتحوى كذلك قوة التوجه والتوجيه نحو الشر والفجور.

ولأنها تملك هذه القوى التعادلية المتعارضة فقد أوجبت الأديان العمل على تزكيتها بالارتقاء بمستوى قوة الخير وبكبح جماح قوة الشر: (ونفْسٍ وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها).

وذلك نظرا لقابليتها للتغيير والاستجابة للتنمية والإصلاح وهو ما عالجه الحكماء فى نصائحهم التربوية:

وجاهد النفْسَ والشيطانَ واعصهما.. وإن هما محَّضاك النُّصحَ فاتَّهمِ والنفْسُ كالطفل إن تُهملْه شبَّ على.. حُبّ الرضاع وإنْ تفطمْه ينفطمِ.

وقد لاقتْ النفس عناية قرآنية واسعة تكاد تشكل بمجموعها عِلْما مستقلا متكاملا إذ وردت النفس فى ٢٩٥ موضعا تعددت بشأنها الدراسات والأفكار والآراء اللغوية والاعتقادية والروحية والسلوكية والتجريبية.

وهناك إشكاليتان تدور حولها معظم تلك البحوث والدراسات:

أولاهما أنواع النفس وأقسامها وهل هى واحدة ذات حالات أم متعددة؟ فهناك من يرى أحديتها وهناك من يرى أنها ستة أقسام، لكن الأظهر فى الاستعمال القرآنى أنها أنواع ثلاثة:

١. النفس الأمَّارة بالسوء، وهى التى انفلتت فيها قوة الشر واستعرتْ فتوجهت بصاحبها نحو إرادة الشر، ودفعته إلى مخالطة المعاصى وسلوك درب المهلكات والانقياد التام للشهوات والمنكرات: (إن النفس لأمَّارة بالسوء إلا ما رحم ربى).

٢. النفْس اللوَّمة، وهى الموزَّعة بين الخير والشر لا تستقر على حال، فتُغالب الشر والشهوات حينا وتسقط فيهما أحيانا أخرى، لكنها تُسارع إلى استحضار اللوم والندم والتحسّر عقب ذلك خشية وخوفا من عقاب الله، فترجع وتؤوب إليه بالتوبة والاستغفار إذ ليس لديها الإصرار على المعاصى والشرور: (ولا أقسم بالنفس اللوامة).

٣. النفس المطمئنة، وهى التى ارتقت بإرادة الخير والتقوى إلى أعلى مستوياتها واستقرت عليها فاستولت على زمامها مُغلقةً أبواب إرادة الشر مُبعدةً إياها عن دائرة التأثير والفاعلية والمنازعة، فباتتْ النفس هادئة مطمئنة فى توجهها ونزوعها التقويّ الخيري دون منازع:

(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مَرْضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى)

الثانى: هل النفس والروح شىء واحد؟

ما يظهر جليا من تأمل قوله تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموتَ ويرسل الأخرى إلى أجل مُسمّى) أن النفس غير الروح لأن الروح لا تدركها الوفاة ولا الموت بينما تُتوفى النفس يوميا عند النوم ولو كانت هى والروح شيئا واحدا ما جاز أن ينسبها القرآن إلى الموت.

لذلك فالصواب أن النفس هى ما تخلَّقتْ من التقاء الروح بالجسد ذلك الامتزاج الذى شكَّل الذات الإنسانية والإنسان المعنوية والهوية الإنسانية بأحاسيسها ووجدانها ومدركاتها ونزعاتها وإرادتها.

وأنها هى شخص الإنسان المسئول المحاسَب بشقيه الجسدى والروحى، لذلك كانت موضع الخطاب الإلهى وكذلك الحساب والثواب والعقاب لكونها مجموع القوى الواعية بالإنسان (العقل والإدراك والإرادة) الموجِّهة لحركته وسلوكه وفكره.

 

 

 

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

رمضان.. فرصة للتدرب على ضبط النفس والتحكم في الانفعالات

يمثل شهر رمضان المبارك فرصة ثمينة لتجديد الروح وتهذيب النفس، حيث يُعد شهرًا للتغيير الإيجابي يعزز من الشعور بالسكينة والطمأنينة، فالصيام في هذا الشهر لا يقتصر فقط على الامتناع عن الطعام والشراب، بل يُعد تمرينًا روحيًا ونفسيًا ينمي القدرة على ضبط النفس والتحكم في الانفعالات، ويخفف من حدة القلق والتوتر. ومع ذلك، قد يواجه بعض الصائمين تحديات نفسية، مثل الإرهاق والتعب النفسي وتقلبات المزاج.

وفي هذا الصدد، يؤكد الدكتور سليمان بن خليفة المعمري أخصائي الإرشاد في مركز حياة للاستشارات النفسية والأسرية، أن هناك علاقة مباشرة بين الامتناع عن الطعام والحالة المزاجية.

ويُضيف: إن الصحة النفسية والجسدية تعتمد على توازن "المثلث الذهبي" المتمثل في النوم، والغذاء، والحركة.

لذا، قد يؤثر الصيام على المزاج ويسبب بعض المشاكل مثل الصداع والقلق في الأيام الأولى من رمضان، ولكنه يشير إلى أن الإنسان يمتلك القدرة على التكيف والمرونة النفسية لضبط نفسه، ويؤكد أن الصيام، خصوصًا عندما يُؤدى بهدف التقرب إلى الله، يخلق تأثيرًا إيجابيًا على المزاج والحالة النفسية.

الإيجابيات النفسية

يشير الدكتور المعمري إلى العديد من الفوائد النفسية التي يمكن أن يجنيها الصائم خلال الشهر الفضيل. ففي رمضان، يعيش الإنسان أجواء من النفحات الربانية، إذ تزداد قربته من الله سبحانه وتعالى، ما يعزز الشعور بالسكينة والطمأنينة.

كما يُعد رمضان فرصة لترويض النفس وتهذيبها، حيث يتخلى المسلم عن طعامه وشرابه وعاداته اليومية. ومن الفوائد الأخرى التي ينالها الصائم أيضًا التصالح مع الذات والتوبة من المعاصي، ما يعزز شعور الشخص بالسلام الداخلي ويجعله يتقبل نفسه بشكل أفضل. كما يعزز رمضان من القيم النفسية مثل العفو والتسامح، ويقلل من مشاعر الغضب والجدال والعصبية، مما يساعد في التعافي النفسي والتخلص من العادات السلبية مثل الغل والحقد والحسد والغيبة والنميمة.

التحكم في الانفعالات

وأوضح الدكتور المعمري، أن الصيام يلعب دورًا مهمًا في تحسين قدرة الإنسان على التحكم في انفعالاته. فالصيام الحقيقي هو الذي يساعد الشخص على ضبط نفسه وانفعالاته، استنادًا إلى الحديث الشريف "الصيام جُنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفُث ولا يصخَب، فإن سابّه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم". هذا الحديث يعكس كيف يُمكن للصائم أن يتسامى عن الرد على المسيء ويعفو عن المخطئ، مما يعزز القدرة على التحكم بالمشاعر والانفعالات. وبهذا، يصبح شهر رمضان مدرسة لتعلم ضبط النفس والمشاعر.

وفيما يخص تعزيز الصلة الروحية، أشار المعمري إلى أن الدراسات الباراسيكولوجية تؤكد أن الدعم الروحي من خلال الاتصال بالمقدسات يعزز الصحة النفسية. فشهر رمضان يعزز من الروابط الروحية بين العبد وربه من خلال أداء الشعائر التعبدية كالصلاة وقراءة القرآن والذكر والصدقات، ما يقوي الإيمان ويعزز التواصل الروحي مع الله.

التحديات النفسية

من جهة أخرى، تناول المعمري التحديات النفسية التي قد يواجهها الصائم خلال شهر رمضان، موضحًا أن التغييرات في الروتين اليومي، مثل مواعيد الطعام والنوم ووسائل الترفيه، قد تسبب صعوبات نفسية لبعض الأفراد. كما أن الأشخاص الذين يتناولون أدوية علاجية للاكتئاب قد ينسون تناولها في أوقات محددة بسبب الصيام. وأيضًا، يعاني البعض من تقلبات المزاج نتيجة للإدمان على بعض العادات مثل شرب الشاي والقهوة أو التدخين. إلا أن هذه التحديات، وفقًا للمعمري، يمكن التغلب عليها بالإرادة والعزيمة، والدعم الاجتماعي من الأهل، واستشارة المختصين.

كما أضاف المعمري: إن الدراسات تشير إلى تأثير إيجابي للصيام على العديد من الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب، حيث إن الروحانيات والاتصال بالله يساهمان في تهدئة النفس. لكنه نوه إلى أن بعض الحالات مثل اضطرابات الوسواس القهري الديني قد تتأثر سلبًا، مما يستدعي استشارة مختصين نفسيين.

تنظيم الوقت

وشدد المعمري، على أهمية تنظيم الحياة اليومية خلال شهر رمضان، وأوصى بضرورة الالتزام بمواعيد منتظمة للنوم والأكل. كما أكد على ضرورة تفادي السهر، والحصول على قسط كافٍ من النوم ليلاً، مع أخذ قسط من الراحة أثناء النهار. كما يمكن للصائم الاستفادة من تقنيات التأمل والاسترخاء لتعزيز صحته النفسية، مشيرًا إلى أن الصلاة في خشوع تساعد في تحسين اليقظة الذهنية، وأن الأوقات التي تسبق الإفطار أو السحر تعد فرصًا مثالية للتأمل والاسترخاء عبر ترديد الأذكار والأدعية.

وختم المعمري حديثه بتأكيد أن رمضان ليس فقط شهرًا للعبادة، بل هو فرصة للتأمل في النفس وتطوير الوعي الذاتي، وهو فرصة لتزكية الروح وتهذيب النفس للوصول إلى أفضل حالتها النفسية والروحية.

مقالات مشابهة

  • كم يومًا تبقى روح الميت في بيته؟ أسرار البرزخ والعلماء يحسمون الجدل
  • أكثر تعبيرات الشر والبؤس.. اكتشاف معسكر إبادة لعصابة مخدرات في المكسيك
  • الأمطار تحيي بحيرات عانت طويلاً من سنوات الجفاف (صور)
  • حنان عطية تضيء مسرح جلال الشرقاوي بروائع الزمن الجميل
  • أمريكا و”إسرائيل” والجماعات التكفيرية.. مثلث الشر في سوريا
  • صوت العود.. لحن يلامس الروح ويحكي قصص التراث المصري
  • ثنائيات في أمثال السيد المسيح .. بعظة الأربعاء للبابا تواضروس
  • حفريات في الأدب والنفس
  • رمضان.. فرصة للتدرب على ضبط النفس والتحكم في الانفعالات
  • نور اللبنانية تجسد الشر في «جودر 2» بأداء استثنائي لشخصية شواهي