النفس هى المحرِّك والموجِّه لإرادة الفعل الإنسانى إذ تحوى قوة التوجه والتوجيه نحو الخير والتقوى وتحوى كذلك قوة التوجه والتوجيه نحو الشر والفجور.
ولأنها تملك هذه القوى التعادلية المتعارضة فقد أوجبت الأديان العمل على تزكيتها بالارتقاء بمستوى قوة الخير وبكبح جماح قوة الشر: (ونفْسٍ وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها).
وذلك نظرا لقابليتها للتغيير والاستجابة للتنمية والإصلاح وهو ما عالجه الحكماء فى نصائحهم التربوية:
وجاهد النفْسَ والشيطانَ واعصهما.. وإن هما محَّضاك النُّصحَ فاتَّهمِ والنفْسُ كالطفل إن تُهملْه شبَّ على.. حُبّ الرضاع وإنْ تفطمْه ينفطمِ.
وقد لاقتْ النفس عناية قرآنية واسعة تكاد تشكل بمجموعها عِلْما مستقلا متكاملا إذ وردت النفس فى ٢٩٥ موضعا تعددت بشأنها الدراسات والأفكار والآراء اللغوية والاعتقادية والروحية والسلوكية والتجريبية.
وهناك إشكاليتان تدور حولها معظم تلك البحوث والدراسات:
أولاهما أنواع النفس وأقسامها وهل هى واحدة ذات حالات أم متعددة؟ فهناك من يرى أحديتها وهناك من يرى أنها ستة أقسام، لكن الأظهر فى الاستعمال القرآنى أنها أنواع ثلاثة:
١. النفس الأمَّارة بالسوء، وهى التى انفلتت فيها قوة الشر واستعرتْ فتوجهت بصاحبها نحو إرادة الشر، ودفعته إلى مخالطة المعاصى وسلوك درب المهلكات والانقياد التام للشهوات والمنكرات: (إن النفس لأمَّارة بالسوء إلا ما رحم ربى).
٢. النفْس اللوَّمة، وهى الموزَّعة بين الخير والشر لا تستقر على حال، فتُغالب الشر والشهوات حينا وتسقط فيهما أحيانا أخرى، لكنها تُسارع إلى استحضار اللوم والندم والتحسّر عقب ذلك خشية وخوفا من عقاب الله، فترجع وتؤوب إليه بالتوبة والاستغفار إذ ليس لديها الإصرار على المعاصى والشرور: (ولا أقسم بالنفس اللوامة).
٣. النفس المطمئنة، وهى التى ارتقت بإرادة الخير والتقوى إلى أعلى مستوياتها واستقرت عليها فاستولت على زمامها مُغلقةً أبواب إرادة الشر مُبعدةً إياها عن دائرة التأثير والفاعلية والمنازعة، فباتتْ النفس هادئة مطمئنة فى توجهها ونزوعها التقويّ الخيري دون منازع:
(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مَرْضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى)
الثانى: هل النفس والروح شىء واحد؟
ما يظهر جليا من تأمل قوله تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموتَ ويرسل الأخرى إلى أجل مُسمّى) أن النفس غير الروح لأن الروح لا تدركها الوفاة ولا الموت بينما تُتوفى النفس يوميا عند النوم ولو كانت هى والروح شيئا واحدا ما جاز أن ينسبها القرآن إلى الموت.
لذلك فالصواب أن النفس هى ما تخلَّقتْ من التقاء الروح بالجسد ذلك الامتزاج الذى شكَّل الذات الإنسانية والإنسان المعنوية والهوية الإنسانية بأحاسيسها ووجدانها ومدركاتها ونزعاتها وإرادتها.
وأنها هى شخص الإنسان المسئول المحاسَب بشقيه الجسدى والروحى، لذلك كانت موضع الخطاب الإلهى وكذلك الحساب والثواب والعقاب لكونها مجموع القوى الواعية بالإنسان (العقل والإدراك والإرادة) الموجِّهة لحركته وسلوكه وفكره.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
نتيجة صفوف النقل| تأثيرات نفسية خطيرة لأخطاء التقييم على الطلاب
كشف الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة القاهرة، عن وجود تأثيرات خطيرة لأخطاء التقييم على نفسية الطلاب في صفوف النقل بالمدارس.
قرارات وزير التعليم كلمة السر في أزمة نتيجة صفوف النقل 2025 مطالبات بإيقاف التقييمات الأسبوعية.. وأولياء أمور: استنزفناواشتكى طلاب صفوف النقل بالمدارس من "عدم عدالة" نتيجة الفصل الدراسى الأول وعدم تعبيرها عن المستوى الحقيقي لهم، بسبب زيادة درجات أعمال السنة، واختلاف مستوى صعوبة نماذج الامتحانات في اللجنة الواحدة.
وأكد أستاذ علم النفس التربوي أن مثل هذه المواقف ذات تأثير خطير على حالة الطالب النفسية إذ يصاب بالإحباط واليأس وفقدان الثقة بالنفس وتتكون لديه اتجاهات سلبية نحو المدرسة تؤثر على دافعيته وحماسه والتزامه بعد ذلك.
وعن انهيار بعض طلاب صفوف النقل بعد معرفة نتيجة الفصل الدراسى الأول، قال حجازي إن الحالة النفسية السيئة التي يعاني منها كثير من الطلاب واستيائهم بسبب نتائجهم المخيبة للآمال نتيجة طبيعية لعدم تحقق الضبط التربوي الكامل لعملية التقييم ووجود أخطاء كثيرة صاحبت العملية التعليمية في الفصل الدراسي الأول.
ولفت أستاذ علم النفس التربوي إلى أن هذا الاستياء والنتائج المخالفة للتوقعات وغير المعبرة عن المستوى الحقيقي للطالب تدل على أن العملية التعليمية في الفصل الدراسي الأول كانت دون المستوى المطلوب.
عيوب تربوية في تقييمات صفوف النقلوكشف أستاذ علم النفس التربوي عن عيوب تربوية في تقييمات صفوف النقل أدت إلى نتائج لا تعبر عن مستوى الطالب الحقيقي في الفصل الدراسي الأول.
وأوضح أن تلك العيوب تشمل: نظام التقييمات المتكررة والامتحانات ذات النماذج المختلفة والمبنية وفقا لرؤية شخصية من معد الاختبار وليس وفقا للأسس العلمية وإعمال نظام أعمال السنة مع تركيز نسبة كبيرة من الدرجات في أيدي المعلمين دون وجود ضوابط ومعايير واضحة ودقيقة للتقييم، بالإضافة إلى ضغط الوقت الذي يؤدي إما إلى عدم الدقة في التقييم أو إلى إجراء تقييمات صورية وإعطاء درجات عشوائية للطلاب حيث إن وقت الحصة لا يكفي للشرح والتقييم.
ولفت أستاذ علم النفس التربوي إلى أن كثرة الأعباء الدراسية وقصر وقت الحصة وكثرة عدد الطلاب أدت إلى وجود قدر كبير من العشوائية في التقييم.
وأكد أستاذ علم النفس التربوي ضرورة تحقيق الضبط الكامل لعملية التقييم والاستناد إلى المعايير العلمية المعروفة عند إجراء مثل هذه التقييمات.