ما خلق الله خلقه فى الأرض والسماء إلا بحكمته وقدرته، كل ذلك بنظام دقيق وفق ناموس ربانى عظيم، وكل ما الكون يسير وفق قدرة الله دون نشوز، وإنما وفق ما فطر عليه الخلق دون الإنسان الذى يسير عكس هذا النظام فهو الذى يفسد فى الأرض ويأكل خير الله ورزقه ويعبد غيره وتغويه نفسه وتغره قوته وعلمه فيجترأ على الله ويتقول على مولاه، والإنسان هو الذى منحه ربه أعظم نعمة على الإطلاق العقل الذى هو مناط التكليف فبه يرى قدرة الله وفضله على الخلق، وما أسبغ الله على الكون من حلل الحق وجلال الخير، يرى تلك الظواهر فى البر والبحر من مناخ ومطر ورعد وغيث فلا يعترف بقدرة الله وقد كان رسول الله صلى الله عليه يلفت أنظار أصحابه إلى نمو ذلك الإحساس المتنامى باستقبال هذه الظواهر الكونية بالدعاء الذى يملأ النفوس طمأنينة وذلك باللجوء إلى الله الذى سخر الرعد والبرق وهو الذى يملك ناصية كل شىء وأمر فكان النبى صلى الله عليه وسلم إذا سمع صوت الرعد والصواعق يقول: اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك.
وكان عبدالله بن الزبير رضى الله عنهما إذا سمع الرعد ترك الحديث فقال: سبحان الذى يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته.
إن الريح والبرق والصواعق وكل هذه المظاهر الطبيعية التى تحدث هى من آيات الله لا تسير وفق مشيئة الطبيعة، وإنما وفق مشيئة الله، قال أبو هريرة رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الريح من روح الله تعالى، تأتى بالرحمة وتأتى بالعذاب فإذا رأيتموها فلا تسبوها، واسألوا الله من خيرها، واستعيذوا بالله من شرها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تأملات
إقرأ أيضاً:
ترامب وحلم السطوة
ظهر «ترامب» ملتحفا بحلم القوة الذى ظل يراوده منذ أن اعتلى سدة الرئاسة فى الولايات المتحدة الأمريكية. ومع فوزه بفترة ثانية تعمق الحلم وتعامل مع نفسه وكأنه القوة التى تهيمن على العالم وتفرض سطوتها على دوله. ولهذا خرج مؤخرا ليدعو إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم فى قطاع غزة إلى كل من مصر والأردن. نسى «ترامب» نفسه وظن أن بإمكانه فرض ما يراه على الآخرين. نسى أن الدول التى اختارها هى دول مستقلة وذات سيادة، وبالتالى لا يمكن أن تكون تابعة له لكى يفرض عليها سطوته. ولعل ما أراده هو أن يخلى الأرض الفلسطينية من أجل إسرائيل الكيان الغاصب الذى يتماهى معه ويحاول بقدر الإمكان تحقيق كل تطلعاته، بل يذعن لنزواته.
نسى «ترامب» أن الفلسطينيين لا يريدون الرحيل عن أرضهم ووطنهم، وأنهم رفضوا التهجيرلأن أحلامهم تظل مرتبطة بأرض الوطن. غاب عن « ترامب» أن يشاهد الفيديوهات التى أظهرت عودة أهل غزة إلى شمالها وهم يقبلون أرض الوطن، فهم يأبون الرحيل عن أرضهم. واليوم نقول لو أنصف «ترامب» فعليه أن يلوذ بالصمت وينسحب من المشهد بعد أن منيت مغامراته بالهزيمة.
لربما أراد «ترامب» أن يتظاهر بالإنسانية فخرج يقترح نقل نحو مليون ونصف المليون من سكان غزة إلى كل من الأردن ومصر لتكون تلك الخطوة وفق تصوره مقدمة ضرورية نحو الحل الدائم والعادل. تظاهر «ترامب» بالإنسانية، وأنه حريص على أن يعيش سكان غزة فى منطقة أكثر أمانا واستقرارا. نسى أن الجانب الآخر من مقترحه سيؤدى فيما إذا تم تنفيذه إلى إفراغ قطاع غزة من أغلبية سكانه ليكون ساحة مباحة أمام إسرائيل، وبالتالى يمكنها وقتئذ إعادة احتلالها له وتحويله إلى بؤر استيطانية للمتطرفين الصهاينة الذين يتحينون الفرصة للسطو على الأرض الفلسطينية. بل إن الخطوة إذا تحققت ستكون مقدمة لتشجيع الصهاينة على تنفيذها فى الضفة الغربية وتهجير سكانها إلى الأردن الذى لا يزال اليمين الإسرائيلى المتطرف ينظر له بوصفه الوطن البديل.
إن ما يقترحه «ترامب» هو نفسه مخطط التهجير الذى يحلم الكيان الصهيونى بتنفيذه لكى تؤول إليه الأرض الفلسطينية كاملة ويتم التخلص من الفلسطينيين بشكل كامل. لقد أسقط « ترامب» من اعتباره الأسس والثوابت الرئيسية والتى ترتكز على الالتزام بالقانون الدولى والمواثيق الإنسانية، والاعتبارات الأخلاقية والسياسية. لقد أراد «ترامب» بأطروحته تصفية القضية الفلسطينية بما يعنى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم عنوة ليتم ذلك تحت ذرائع واهية.
وحسنا ما فعلته مصر إذ شكلت حائط صد ضد التهجير سواء أكان قسرا أم طوعا. بل إن موقفها أماط اللثام عن المؤامرة التى رسمتها إسرائيل وشاركت الولايات المتحدة فى نسجها. فكان العدوان الإسرائيلى على غزة لكى يتم عبره استهداف الفلسطينيين بالتهجير، وهو مخطط جابهته مصر برفضها له بوصفه مشبوها لا يمكن تنفيذه لكونه يعنى عملية إحلال وتبديل يجرى بمقتضاها ترحيل الفلسطينيين من أرضهم ليتم ترسيخ الصهاينة فى الأرض الفلسطينية. ولقد عبرت مصر قيادة وشعبا عن رفض مخطط أمريكا الإجرامى الذى يحاول الزج بمصر فى مستنقع التهجير ليحملها آثامه. فمصر كانت وستظل حريصة على الفلسطينيين وعلى قضيتهم، وعلى أن ينال الفلسطينيون حقوقهم المشروعة كاملة ويأتى فى صدارتها حق تقرير المصير، وحق إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية وذلك تحقيقا للأمن والاستقرار لجميع دول وشعوب المنطقة.