في تصوير مؤثر للاضطرابات المستمرة في غزة، يصور الصحفي جيسون بيرك الواقع المرير الذي يواجهه سكان غزة وسط أعمال عنف ودمار لا هوادة فيها. يقدم المقال المنشور في صحيفة الأوبزرفر، صورة صارخة للحياة المحطمة والآمال المتلاشية لأفراد مثل حسين العودة، الذي انقلب عالمه رأساً على عقب بسبب الصراع.

إن رحلة العودة من الاستقرار إلى الفقر المدقع ترمز إلى السرد الأوسع لليأس الذي يجتاح غزة.

كان يعمل لدى منظمة غير حكومية بارزة ويقيم في مدينة غزة مع عائلته، لكنه الآن يجد نفسه وحيدا في مبنى متهدم في رفح، يعتني بوالديه المسنين وسط أنقاض حياتهم السابقة.

يسلط مقال بيرك الضوء على التأثير العميق للصراع على الفلسطينيين العاديين، الذين يتحملون مصاعب لا يمكن تصورها وسط غياب طريق واضح للسلام. وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية والمحادثات بشأن وقف إطلاق النار، فإن احتمال التوصل إلى حل دائم لا يزال بعيد المنال، مما يترك الكثيرين يشعرون بخيبة الأمل ويستسلمون لدائرة دائمة من العنف.

يسلط المقال الضوء على تعقيدات الصراع، ويسلط الضوء على وجهات نظر وتطلعات الأطراف المعنية المتباينة. وبينما تستمر المفاوضات من أجل التوصل إلى هدنة مؤقتة، لا تزال الشكوك قائمة حول جدوى تحقيق تسوية شاملة تعالج المظالم الأساسية وتضمن الاستقرار الدائم.

يعمل تقارير بيرك على تضخيم أصوات المتأثرين بشكل مباشر بالصراع، وتقدم لمحة واقعية عن واقع الحياة القاسي في غزة. ومن خلال الحكايات المؤثرة وتحليلات الخبراء، فإنه يزود القراء بفهم شامل للتحديات المتعددة الأوجه التي تواجه المنطقة والحاجة الملحة إلى بذل جهود متضافرة لتخفيف المعاناة وتمهيد الطريق لمستقبل سلمي.

وبينما يتصارع المجتمع الدولي مع تعقيدات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فإن مقال بيرك بمثابة تذكير قوي بالتكلفة البشرية للأعمال العدائية المستمرة وضرورة مضاعفة الجهود لصياغة طريق نحو المصالحة والسلام الدائم في غزة وخارجها.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع

"إذ نؤمن بضرورة رفع المعاناة عن كاهل شعبنا والتوصل إلى حلول للأزمة السودانية، تنهي الحرب التي بدأت في الخامس عشر من إبريل 2023، والتي يستلزم وقفُها تكاتف أبناء الشعب السوداني بمختلف مكوناته وانتماءاته. وإذ نقرّ بأن الأزمة السودانية منذ الاستقلال هي أزمة سياسية، وأمنية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية شاملة يجب الاعتراف بها وحلّها حلاً جذرياً. وإذ ندرك أنّ الحرب الحالية قد سبّبت خسائر مروّعة في الأرواح ومعاناة إنسانية لم يسبق لها مثيل، من حيث اتّساع النطاق الجغرافي، وأنها دمّرت البنيات التحتية للبلاد، وأهدرت مواردها الاقتصادية، لا سيّما في الخرطوم ودارفور وكردفان. وإذ نؤكد رغبتنا الصادقة في تسوية النزاع المستمر على نحوٍ عادل ومستدام عبر حوار سوداني/ سوداني، يُنهي جميع الحروب والنزاعات في السودان بمعالجة أسبابها الجذرية، والاتفاق على إطار للحكم يضمن لكل المناطق اقتسام السلطة والثروة بعدالة، ويعزّز الحقوق الجماعية والفردية لكل السودانيين" ... بهذه الديباجة، وأكثر، تبدأ اتفاقية المنامة الموقّعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في 20 يناير/ كانون الثاني 2024، وجاءت بعد خمسة أيام من رفض قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان لقاء قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وتأكيده أنه لا حاجة لأيّ تفاوض جديد، بل يجب تنفيذ نتائج قمة "الإيقاد"، التي عُقدت في جيبوتي في ديسمبر/ كانون الأول 2023، على نحوٍ طارئ لمناقشة حرب السودان. وخلصت إلى التزام من قائد الجيش وقائد "الدعم السريع" بالاجتماع الفوري ووقف الأعمال العدائية.

في خطابه إلى القمة العربية الطارئة، أكد البرهان أن أولوليات حل الأزمة (الحرب) هي الالتزام بإعلان جدّة للمبادئ الإنسانية، ووقف إطلاق النار، وإزالة معوقات تقديم المعونات الإنسانية، وتعقب ذلك عملية سياسية شاملة للتوصل إلى توافق وطني لإدارة المرحلة الانتقالية ثم الانتخابات، لكن في 20 يناير 2024، وفي يوم توقيع اتفاق المنامة الذي وقّعه عن القوات المسلّحة الفريق أول شمس الدين كباشي نائب القائد العام للجيش، وعن الدعم السريع "الفريق"(!) عبد الرحيم دقلو، شقيق حميدتي، الذي حصل مثله ومثل غيره من قادة المليشيات على رتب عسكرية من الجيش السوداني، في اليوم نفسه، جمّد السودان عضويته في منظمة الإيقاد! وتحوّلت المنظمة التي كانت قبل أيام "صاحبة دور مهم في الوصول إلى السّلام" إلى "منظمة الجراد" في الخطابات الشعبوية التي تطلقها السلطة العسكرية.

مرّ اتفاق المنامة من دون ضجيج. وربما لو لم يتسرّب خبر التفاوض الذي أكده بعد ذلك تصريح أميركي، لظلّ الأمر في دائرة الشائعات. رغم الحضور الدولي والمخابراتي في التفاوض.

اتفق الطرفان، في البند السابع من وثيقة المنامة، على "بناء وتأسيس جيش واحد مهني وقومي، يتكوّن من جميع القوات العسكرية (القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع، وحركات الكفاح المسلح)، ولا يكون له انتماء سياسي أو أيديولوجيّ، يراعي التنوع والتعدّد، ويمثل جميع السودانيين في مستوياته كافّة بعدالة، وينأى عن السياسة والنشاط الاقتصادي"، واتفق الطرفان في البند 11 على "تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 في مؤسسات الدولة كافّة"، أما البند 19 فقد نصّ على "حوار وطني شامل للوصول إلى حل سياسي، بمشاركة جميع الفاعلين (مدنيين وعسكريين)، دون إقصاء لأحد، عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية التابعة له وواجهاته، بما يؤدي إلى انتقال سلمي ديمقراطي".

بمقارنة اتفاق المنامة بين الجيش و"الدعم السريع" مع إعلان أديس أبابا الموقّع بين تنسيقية القوى الديموقراطية والمدنية و"الدعم السريع" في 2 يناير 2024 (قبل 18 يوم من توقيع اتفاق المنامة) يصعب فهم إدانة الجيش إعلان أديس أبابا! فالإعلان نصّ على أن التفاهمات الواردة فيه "ستطرح بواسطة تنسيقية القوى الديموقراطية والمدنية لقيادة القوات المسلحة لتكون أساساً للوصول إلى حل سلمي ينهي الحرب"، وهو الحل السلمي نفسه الذي نصّت عليه اتفاقية المنامة قائلة: "نجدّد قناعتنا بأن التفاوض هو السبيل الأفضل والأوحد للتوصل إلى تسوية سياسية، سلمية شاملة للنزاعات والحروب في السودان"، وهو ما أكده قائد الجيش في خطابه إلى قمة "الإيقاد"، قبل أن ينقلب على المنظمة ويجمّد عضوية السودان فيها، مدّة قاربت العام.

... سيبقى ما حدث لغزاً للسودانيين فترة طويلة، ضمن ألغاز أخرى تحيط بهذه الحرب. كيف دار هذا التفاوض؟ لماذا لم يجرِ الإعلان عنه، لماذا وقّع عليه نائبا البرهان وحميدتي ثم تجاهله الجميع؟

نقلا عن العربي الجديد  

مقالات مشابهة

  • إعلام إسرائيلي: صبر ترامب نفد وأوهام سموتريتش لن تتحقق
  • “هآرتس” : يمكن لترامب إنهاء حرب غزة بتغريدة واحدة فقط
  • السودان.. الحرب المنسية وخطر الغياب الدولي
  • من أشعل الحرب في السودان؟ ما الذي حدث قبل 15 أبريل؟
  • "بوتين يماطلني فقط".. تهديد جديد من ترامب تجاه روسيا
  • "لا رغبة لبوتين".. ترامب يشكك في إنهاء الحرب الأوكرانية
  • عاجل| وفد حماس يصل القاهرة لبحث إنهاء الحرب وتبادل الأسرى
  • عاجل - وفد من حركة حماس يصل القاهرة لبحث إنهاء الحرب وتبادل الأسرى
  • اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع
  • خبير إسرائيلي: نتنياهو يرفض إنهاء الحرب لأن مستقبله معلق بنتائجها