سفينة غارقة وأخرى مهجورة.. الحكومة وحيدة في مواجهة تبعات جرائم الحوثي في البحر والبرّ
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
قالت مصادر رسمية الأربعاء، إن الحكومة اليمنية طلبت تمويلا دوليا لمواجهة خطر التلوث البيئي في البحر الأحمر جراء غرق السفينة روبيمار التي استهدفتها مليشيا الحوثي -ذراع إيران في اليمن، في الـ19 من فبراير الماضي.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية عن المصادر قولها، إن الحكومة الشرعية طلبت رسمياً من الأمم المتحدة البحث عن تمويل لخطة الإنقاذ المقترحة للتعامل مع السفينة وتجنب كارثة بيئية سيطول تأثيرها على البيئة البحرية وعلى عشرات الآلاف من الصيادين.
ويأتي هذا الطلب بعد يومين من إعلان المنظمة البحرية الدولية، ومقرها لندن، وقف جهودها للحد من الأضرار البيئية للسفينة البريطانية الغارقة، ويتضمن الطلب اليمني خطة الحكومة للتعامل مع تبعات غرق السفينة وإنقاذ البحر الأحمر من كارثة بيئية ستطال الدول المطلة على البحر الأحمر وليس اليمن وحده.
والاثنين أعلنت المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة، توقف جهودها للحد من الأضرار البيئية للسفينة الغارقة المحملة بقرابة 41 ألف من الأسمدة الخطرة، وذلك بسبب استمرار هجمات المليشيا الحوثية على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي. وقال الأمين العام للمنظمة أرسينيو دومينغيز، إن قدرتهم تكون محدودة عندما يعملون في منطقة غير آمنة، وأكد أنه "من الصعب جداً الآن الوصول إلى تلك المنطقة"، كما أن إرسال مستشارين لدعم الحكومة اليمنية في عمليات الإنقاذ بات "أمراً غير ممكن".
وبخصوص حالة السفينة "روبيمار"، ذكر أمين عام المنظمة البحرية أن حمولتها من الأسمدة "لا تزال تحت السيطرة"، لكنه نبّه إلى أن وجودها في ذلك المكان يشكل خطراً على سلامة السفن الأخرى التي تبحر في المنطقة. وقال إن البقعة النفطية الممتدة لنحو 29 كيلومتراً تظل في الوقت الحالي "الأثر البيئي الرئيسي الناجم عن غرق السفينة".
ويضاف إلى كارثة السفينة الغارقة خطرا آخر يتمثل في وجود السفينة "ترو كونفيدنس" المملوكة ليونانيين والتي باتت مهجورة في البحر الأحمر بعد أن استهدفها الحوثيون بصاروخ أشعل النيران فيها وقتل ثلاثة من البحارة فيها. وبينما تبقى السفينة المهجورة خطرا مجهولا حتى الآن، أفادت مصادر في خلية الأزمة التي شكلتها الحكومة للتعامل مع كارثة السفينه الغارقة، أن الوصول إلى منطقة الغرق غير ممكن بسبب هيجان البحر والرياح الشديدة بالقرب من باب المندب.
وذكرت المصادر التي تحدثت لصحيفة "الشرق الأوسط" أن فريقاً فنياً جديداً من المختصين في البيئة لم يتمكن من الوصول إلى موقع غرق السفينة قبل عدة أيام بسبب هيجان البحر والرياح الشديدة التي جعلت من الصعب على الزوارق الدخول إلى المكان ومعاينة محيط وجسم السفينة والتأكد من الوضع البيئي هناك.
وأوضحت المصادر أن صور الأقمار الاصطناعية التي التُقطت نهاية الأسبوع الماضي، أظهرت وجود بقعة زيت كبيرة في محيط السفينة، ولكنّ الفِرق الميدانية لم تسجل ظهور أي تلوث حتى الآن في السواحل القريبة من موقع الغرق. ووفق ما ذكرته المصادر، فإن الصيادين في المنطقة الواقعة بين سواحل محافظة الحديدة ومحافظة تعز يعيشون في حالة خوف شديد من تأثير غرق السفينة وتسرب حمولتها في الأحياء البحرية التي يعتمدون عليها في معيشتهم، لكن المصادر الرسمية أعلنت تسليم الخطة الحكومية للتعامل مع الحادثة التي أُعدَّت بمشاركة من مكتب الأمم المتحدة للكوارث إلى نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة؛ إليزابيث مريما، في نيروبي.
وقالت المصادر إن القائم بأعمال سفارة اليمن لدى كينيا عبد السلام العواضي، سلَّم المسؤولة الأممية الخطة الحكومية وناقش معها مخاطر كارثة غرق السفينة، وأكد لها أن تنفيذ هذه الخطة يتطلب دعماً مادياً وفنياً ولوجيستياً عاجلاً، لتفادي الآثار الكارثية المحتمَلة لغرق السفينة على بيئة البحر الأحمر وكل الدول المطلة على البحر الأحمر.
وأشارت إلى أن المسؤولة الأممية من جهتها أكدت أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة تابع جميع التطورات والمستجدات بشأن كارثة السفينة الغارقة منذ لحظة استهدافها، وقالت إن هناك فرقاً أممية متخصصة موجودة في عدن وتعمل مع الحكومة لمواجهة الكارثة. لكنها لم تعلق على طلب الحكومة الحصول على تمويل عاجل، وهو ما سيؤدي وفق المصادر بخلية الأزمة إلى تأخير الإجراءات المطلوب اتخاذها لتجنب وقوع كارثة بيئية، خصوصاً مع استمرار تسرب الوقود من السفينة.
وكان العواضي قد التقى في نيروبي أواخر فبراير الماضي، بفريق بيئي من الأمم المتحدة وبحضور وكيل وزارة المياه والبيئة عبدالحكيم علاية، وناقشا مع الفريق الأممي مستجدات أوضاع السفينة "روبيمار" قبل غرقها بحوالي ثلاثة أيام. وطلب المسؤولان من الأمم المتحدة المساعدة العاجلة في الدعم الفني واللوجستي لتجنب كارثة بيئية. ولم تُجد مناشدات الحكومية اليمنية للأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإنقاذ السفينة التي غرقت في الأول من مارس الجاري بعد قرابة نصف شهر من استهداف مليشيا الحوثي لها.
ويوم الأحد، شارك وزير المياه والبيئة المهندس توفيق الشرجبي، عبر تقنية الاتصال المرئي، في الاجتماع الوزاري للهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الاحمر وخليج عدن.
وبحسب وكالة الأنباء الحكومية الشرعية "سبأ"، استعرض الاجتماع، الذي ضم وزراء البيئة بالدول المطلة على البحر الأحمر، وأمين عام الهيئة، غرق السفينة "روبيمار" والتأثيرات المحتملة على البيئة البحرية ومستجدات الوضع بهذا الجانب. وشدد الاجتماع، على ضرورة تضافر الجهود لمواجهة المشكلات البيئية التي تهدد دول الإقليم للحيلولة دون وقوع حوادث التلوث البحري، والتي يمثل تهديدا مباشرا للبيئة في منطقة البحر الأحمر.
واستعرض وزير المياه والبيئة، الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليمنية ممثلة بخلية إدارة أزمة السفينة "روبيمار" واللقاءات المتعددة التي عقدت مع كافة الأطراف المعنية بغرق السفينة ومستجدات الأوضاع المترتبة على انتشار المواد الملوثة في البيئة البحرية، داعياً إلى مساندة الحكومة اليمنية ودعمها بشتى الوسائل من أجل مواجهة تبعات الآثار السلبية المحتملة.
وقالت الوكالة، إن مجلس الهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، اتخذ قراراً بدعم ومساندة اليمن في كافة الجهود الرامية إلى إزالة الخطر البيئي الناجم عن أي تسرب للأسمدة أو الوقود من السفينة والعمل على تعزيز مركز الطوارئ البيئية في اليمن وتقديم الدعم الفني اللازم.
وفي نفس السياق، بحث وزير المياه والبيئة، مع مجلس أمناء مركز البيئة والتنمية للمنطقة العربية والأوروبية "سيداري"، المخاطر التي تتعرض لها المنطقة بفعل التغيرات المناخية والتلوث والأعاصير والفيضانات، وتناول عرض تقديمي مقدم من وزارة المياه والبيئة حول وضع السفينة المنكوبة "روبيمار" وتداعياتها على النظام البيئي والحيوي والكائنات الحية البحرية.
وطالب أعضاء مجلس أمناء "سيداري"، البدء بعمل خطة واضحة لمواجهة التغيرات المناخية لتعزيز القدرات على اعتماد الاقتصاد الأخضر وتنفيذ بعض المشاريع ووضع الخطط والأنشطة الخاصة بالحفاظ على المياه ومنع تلوثها أو استنزافها، معتبرين قضايا المياه قضية أساسية ولا بد أن تأخذ حيزاً من الاهتمام للفترة المقبلة.
وتواجه الحكومة الشرعية تبعات الجرائم التي ترتكبها المليشيا الحوثية، سواء بالهجوم على السفن في المياه اليمنية أو بخرق جهود التهدئة على الجبهات وقتل المواطنين في مناطق سيطرتها وتفجير منازلهم. وتواجه الحكومة أعباء هذه الجرائم الحوثية في ظل تخلي المجتمعين الإقليمي والدولي عن تقديم المساندة العاجلة لها في كبح جموح المليشيا الإرهابية واستعادة مؤسسات الدولة من قبضتها.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الحکومة الیمنیة المیاه والبیئة الأمم المتحدة البحر الأحمر کارثة بیئیة غرق السفینة للتعامل مع فی البحر
إقرأ أيضاً:
مركز أوروبي يعلق على تجنب السفن الحربية الألمانية البحر الأحمر.. هل تنجرف القوة البحرية الغربية؟ (ترجمة خاصة)
قال مركز تحليل السياسات الأوروبية "CEPA" إن قرار السفن الحربية الألمانية تجنب البحر الأحمر، خوفا من هجمات الحوثيين في اليمن أثار غضبًا فوريًا في المجتمع البحري الدولي، كما وصف ذلك بالأمر "المخزي".
وأضاف المركز في تقرير له ترجم أبرز مضمونه إلى اللغة العربية "الموقع بوست" إن القرار الذي اتخذته السفن الحربية الألمانية بتجنب البحر الأحمر حتى لا تقع في مرمى المتمردين الحوثيين يشكل علامة على التراجع المثير للقلق للقوة البحرية الغربية.
وتابع إن "التهديد من قبل الجهات الفاعلة غير الحكومية (الحوثيون) في الممر المائي الحيوي، واستجابة الحكومة الألمانية، قد أثار أسئلة مهمة حول مستقبل الحرب البحرية".
ونهاية أكتوبر الماضي وجهت وزارة الدفاع الألمانية، سفنها الحربية بالعودة عن طريق الرجاء الصالح بدلا عن البحر الأحمر، خوفا من هجوم محتمل قد تتعرض له تلك السفن من قبل الحوثيين.
وبحسب التقرير فإنه في مايو/أيار، أرسلت البحرية الألمانية فرقاطتها F125 بادن فورتمبورغ، وسفينة التزويد فرانكفورت أم ماين، في مهمة حول العالم، والتي شملت الإبحار عبر مضيق تايوان المتنازع عليه.
يقول المركز الأوروبي"كان ذلك بيانًا حازمًا من الحكومة في برلين حول أهمية منطقة المحيطين الهندي والهادئ وحرية عبور المياه الدولية. لكن البحرية الألمانية أعقبت ذلك بالإعلان عن أن كلتا السفينتين ستتحولان حول رأس الرجاء الصالح في طريقهما إلى الوطن، لتجنب تهديد هجمات الحوثيين في البحر الأحمر".
وطبقا للتقرير فقد أثار القرار الألماني غضبًا فوريًا في المجتمع البحري الدولي. ووصف جيمس روجرز، مدير الأبحاث في مجلس الجيواستراتيجية، الوضع بأنه "مخز"، في حين وصفه الأميرال المتقاعد في البحرية الأمريكية جيمس ستافريديس بأنه "سخيف بكل بساطة".
وفي منشور على موقع (إكس)، دعا ستافريديس إلى "تحالف عالمي لتدمير قدرة الحوثيين على إغلاق الشحن. الآن".
ويرى مركز تحليل السياسات الأوروبية "CEPA" أن الهجمات التي شنها الحوثيون هي المرة الأولى منذ عقود التي تتعرض فيها معظم القوات البحرية الأوروبية للقتال الحقيقي، وعلى نحو لم يكن الكثيرون ليتصوروا أنه ممكن حتى قبل بضع سنوات. وهي أيضًا المرة الأولى التي يتم فيها استخدام الصواريخ الباليستية المضادة للسفن - وهي جهة غير حكومية تستخدمها ضد أهداف غير عسكرية.
وأكد أن الرد، في شكل عملية حارس الرخاء التي تقودها الولايات المتحدة (التي أطلقت في ديسمبر/كانون الأول 2023) وعملية أسبيدس التي يقودها الاتحاد الأوروبي (التي أطلقت في فبراير/شباط 2024)، يبدو متناسبا عندما يكون الهدف هو تجنب تصعيد التوترات في منطقة مشتعلة بالفعل بسبب الصراع في غزة وهجمات إيران على إسرائيل.
وقال "لكن عند المقارنة بالعمليات السابقة، مثل عملية عاصفة الصحراء في عام 1991، والتي تمكنت فيها البحرية الأميركية من تحقيق سيطرة بحرية ساحقة حول الخليج الفارسي وخليج عدن بعد غزو العراق للكويت، فإن أزمة البحر الأحمر توضح تدهوراً ملحوظاً للقوة البحرية الغربية".
يضيف "بعد أكثر من ثلاثة عقود من نهاية الحرب الباردة، يبدو أن التزام الدول المتحالفة بالحفاظ على الاستقرار من خلال القوة البحرية القوية والسيطرة البحرية قد اختفى جزئياً. لقد أدت الآثار السلبية لانخفاض الاستثمار، والعقلية التي تركز على الأرض، إلى تآكل القوة البحرية الغربية، كما يتضح من كارثة الرصيف العائم للبحرية الأميركية في غزة".
وأردف مركز تحليل السياسات الأوروبية أن العدو في البحر الأحمر لا يملك قوات مسلحة تقليدية، ناهيك عن شيء يشبه البحرية، ومع ذلك فإن التهديد الذي تشكله هجمات مثل تلك التي يشنها الحوثيون هائل".
وأفاد بأن التجارة البحرية والبنية الأساسية الحيوية للكابلات وخطوط الأنابيب تحت البحر تشكل الركائز الاقتصادية المركزية لمجتمع معولم للغاية، وتوفر القوات البحرية أفضل حماية.
كما أبرز أليسيو باتالانو، أستاذ التاريخ العسكري في كينجز كوليدج لندن، "في قرن بحري متنازع عليه، يجب أن نبدأ في التفكير في القوات البحرية باعتبارها سياسة التأمين النهائي للأمن الوطني".
يؤكد التقرير أن القوات البحرية تتطلب استثمارات مستدامة لبناء وصيانة قدراتها، وهي الاستثمارات التي يجب أن تكون مستنيرة باستراتيجية بحرية متماسكة تؤكد على أهمية البحر للازدهار الاقتصادي.
وقال "لا شك أن القوة البحرية عادت كمحرك للأمن الدولي، في حين أنها نوع مختلف من القوة البحرية، حيث ستحدد أهمية السواحل والمرونة ضد مجموعة من التهديدات التقليدية وغير التقليدية نجاح القوات البحرية، إلا أنها لا تزال قوة بحرية. ولم تتغير السبل والوسائل لبناء هذه القوة والحفاظ عليها".