بروكسل- في الوقت الذي كان زعماء الاتحاد الأوروبي يستعدون فيه لمناقشات المجلس الأوروبي في بروكسل، عُقدت أول قمة للطاقة النووية في العاصمة البلجيكية هذا الأسبوع، لتسليط الضوء على دور الطاقة النووية في مواجهة التحديات العالمية، وللحد من استخدام الوقود الأحفوري وتعزيز أمن الطاقة والتنمية الاقتصادية.

وبحضور رؤساء الدول وقادة المنظمات العالمية والوفود من 36 دولة تمتلك فعليا محطات نووية أو تخطط لإنشائها، أكد زعماء الدول الأوروبية بشكل خاص التزامهم بإعادة بناء الصناعة الأوروبية بعد سنوات من التراجع التدريجي من خلال إحياء الطاقة النووية.

وحتى لا تعكر الضغوطات السياسية للتوسع في الطاقة النووية آمال تحقيق الأهداف المناخية واكتفاء الطاقة، تسعى هذه الدول إلى تعزيز الاستثمار وتغطية التكاليف والتغلب على التأخير الذي تعاني منه العديد من المشاريع في نقاشات مشتركة أمام مبنى الأتوميوم (النصب التذكاري الذي تم بناؤه عام 1958 للمعرض الدولي في بروكسل).

قادة الدول ورؤساء الوكالات الدولية خارج مبنى المعارض في بروكسل قبل بدء قمة الطاقة النووية (الجزيرة) أول قمة

اشترك في رئاسة القمة رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل ماريانو غروسي، وتركز القمة حصريا على موضوع الطاقة النووية.

وعند سؤاله عن أسباب المشاركة العربية الخافتة في حدث عالمي بهذه الأهمية، أوضح رئيس الوزراء البلجيكي للجزيرة نت أن مصر والمملكة العربية السعودية تمثلان دول العالم العربي، مؤكدا أن انضمام عدد أكبر منها "سيكون بمثابة تكليف سيأخذ بعين الاعتبار خلال القمة القادمة"، في حين تجنب دي كرو وغروسي الإجابة عن السؤال المتعلق بالاتفاق النووي الإيراني.

وفيما يتعلق بالمخاوف من أن إحياء الطاقة النووية سيصب في مصلحة موسكو، نظرا لاعتماد الكثير من الدول الأوروبية على الإمدادات الروسية من الوقود النووي، قال غروسي إنه "يقع على عاتق الحكومات تكييف سلاسل التوريد لقطع الاتصال بالإمدادات الروسية، لكن القيام بذلك بطريقة آمنة وموثوقة يستغرق الكثير من الوقت.

وخلال القمة، أكد المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول على ضرورة دعم الطاقة النووية "لبلوغ أهدافنا المناخية في الوقت المحدد"، مشيرا إلى ضرورة اتخاذ هذه الخطوة، خاصة في البلدان التي لا تمتلك إمكانيات عالية من مصادر الطاقة المتجددة، وعلى رأسها الطاقة الشمسية.

ويتزامن هذا الحدث غير المسبوق مع تزايد علامات التحذير في جميع أنحاء العالم بشأن تغير المناخ، وهو ما يجعل الحاجة إلى تحقيق الحياد الكربوني وصافي انبعاثات الغازات الدفيئة أمرا ملحا في الصناعة والنقل والكهرباء.

تعزيز الاستثمار

تهدف القمة بشكل أساسي إلى تعزيز الجهود الرامية إلى تسهيل تعبئة الاستثمارات العامة والخاصة نحو مشاريع إضافية للطاقة النووية، وستشمل التدابير الملموسة لدعم الطاقة النووية أدوات مثل التمويل العام المباشر، والضمانات لمقدمي الديون والأسهم، وخطط تقاسم الإيرادات ومخاطر التسعير.

ودعا المشاركون إلى إدراج الطاقة النووية بشكل أكبر في السياسات "البيئية والاجتماعية والحوكمة" (ESG) في النظام المالي الدولي، مع الأخذ في الاعتبار أنها أحد مصادر توليد الطاقة خالية الانبعاثات والتي يمكن أن تساهم بشكل كبير في إزالة الكربون وتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة.

ولضمان توفر المهنيين المهرة في القطاع النووي في المستقبل، تطرقت الاجتماعات إلى أهمية المساهمة بشكل أكبر في التعليم والبحوث النووية، فضلا عن تدريب قوة عاملة كبيرة ومتحمسة، ويعد الاستثمار في المهارات -بما في ذلك إعادة اكتسابها من خلال التعليم والبحث- أمرا بالغ الأهمية للقطاع.

وتأتي هذه القمة في أعقاب الإدراج التاريخي للطاقة النووية في التقييم العالمي المتفق عليه في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ "كوب 28" في دبي في ديسمبر/كانون الأول الماضي، والذي دعا إلى تسريع نشرها إلى جانب مصادر الطاقة الأخرى منخفضة الكربون.

وفي هذا الإطار، يرى القادة في الطاقة النووية الحل الموثوق والعمود الفقري القوي لأنظمة الطاقة النظيفة للحفاظ على مرونتها واستدامتها، مشيدين بالاعتراف في مؤتمر الأمم المتحدة الـ28 لتغير المناخ بالطاقة النووية باعتبارها عنصرا أساسيا في التحول الشامل إلى الطاقة النظيفة الكافي للحد من الغازات المسببة للانحباس الحراري.

بالإضافة إلى ذلك، أعرب المشاركون في القمة عن ترحيبهم بإدراج الطاقة النووية في نتائج التقييم العالمي الأول، بموجب اتفاق باريس، وبإعلان الطاقة النووية الثلاثية بحلول عام 2050.

الهدف الأساسي للقمة تعزيز الجهود لتسهيل تعبئة الاستثمارات العامة والخاصة نحو مشاريع إضافية للطاقة النووية (الجزيرة) هدف أوروبي

وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل: "يجب أن نبني اتحادا حقيقيا للطاقة، ويمكن للطاقة النووية أن تلعب هذا الدور" بفضل الابتكار التكنولوجي المتمثل في المفاعلات المعيارية الصغيرة التي يمكن أن تغير قواعد اللعبة في المستقبل، على حد تعبيره.

وفي سياق متصل، أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ـفي حديثه للصحفيينـ عن تأييده للمفاعلات المعيارية الصغيرة، واصفا إياها بـ"التكنولوجيا الواعدة".

من جانبها، أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى أن "الابتكار في التقنيات النووية يعد مجالا ديناميكيا نحتاج الآن إلى إتقانه وإدخاله إلى الأسواق الأوروبية"، وفي ظل أزمة المناخ الحالية، أضافت أن "توسيع نطاق التشغيل الآمن للأسطول النووي يعتبر أحد أرخص الطرق لتأمين الطاقة النظيفة، ولهذا ينبغي النظر في تمديد عمر محطات الطاقة النووية القائمة شريطة تشغيلها بشكل آمن".

ورغم تزايد الاهتمام العالمي بالطاقة النووية، أغلقت ألمانيا مفاعلاتها المتبقية العام الماضي، وقررت إسبانيا إغلاق مفاعلاتها تدريجيا بحلول عام 2035، وفي حين انحازت بولندا إلى المعسكر المؤيد للطاقة النووية، بنت سلوفاكيا مفاعلها النووي الأول، وتدرس إيطاليا القيام بالأمر ذاته.

وتعد البرتغال والدانمارك والنمسا من الأصوات الأوروبية المعارضة بشدة لتطوير الطاقة النووية، حيث قدمت هذه الدول تحدّيا قانونيا ضد الاتحاد الأوروبي في عام 2022 ينص على أن تصنيف الطاقة النووية كـ"استثمار أخضر" ما هو سوى "تبييض أموال أخضر".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الطاقة النوویة للطاقة النوویة النوویة فی فی بروکسل

إقرأ أيضاً:

مسؤول روسي: الإمارات أكبر شريك للطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

أكد ميخائيل إيفانوف نائب وزير الصناعة والتجارة في روسيا الاتحادية، على الشراكة القوية بين بلاده ودولة الإمارات العربية المتحدة في قطاع الطاقة، مشيراً إلى أن الإمارات تعد الشريك الأكبر لروسيا الاتحادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

الطاقة

وقال إيفانوف، في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات "وام"، على هامش مشاركة روسيا الاتحادية في معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول "أديبك"، الذي انطلقت أعماله، أمس الاثنين، ويستمر حتى 7 نوفمبر الجاري في مركز "أدنيك" أبوظبي، إن حضور روسيا الواسع في أديبك هذا العام يتمثل بنحو 70 شركة، تقدم مجموعة واسعة من المعدات لقطاع النفط والغاز، بما في ذلك المضخات والضواغط وأنظمة التحكم الآلية والبرمجيات وغيرها من المنتجات المبتكرة.

حلول متقدمة وأضاف إيفانوف أن "أديبك 2024" يقام تحت شعار "الطاقة الخضراء والرقمنة والذكاء الاصطناعي"، وهي مجالات تسعى روسيا الاتحادية للمساهمة فيها بحلول متقدمة، مؤكداً التزام بلاده بتقديم خبراتها في مجال الطاقة الخضراء، حيث تمتلك واحدا من أكثر موازين الطاقة الصديقة للبيئة في العالم.
ونوه نائب وزير الصناعة والتجارة في روسيا الاتحادية إلى التقدم الكبير الذي تحرزه بلاده في تكنولوجيا الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، واصفاً كفاءة الألواح الشمسية الروسية بأنها من بين أعلى خمس كفاءات على مستوى العالم، ويتم تصديرها إلى عدة مناطق حول العالم، في حين تقوم روسيا الاتحادية بتطوير مشاريع طاقة الرياح بالتعاون مع شركاء تقنيين رائدين. توسيع التعاون

كما أشار ميخائيل إيفانوف إلى استثمارات روسيا في حلول تخزين الطاقة، وهو موضوع نوقش خلال إحدى الجلسات في أديبك، وقال: نحن نبني منشآت لنظم تخزين الطاقة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن قطاعات الطاقة التقليدية "استخراج ومعالجة الهيدروكربونات، وكذلك الطاقة الهيدروجينية المتزايدة" لاتزال من المجالات الرئيسية التي تهم روسيا الاتحادية.

وأكد أن المنتجين الروس طوروا خبراتهم في هذه المجالات، مبدياً تطلعه إلى توسيع التعاون مع شركات الإمارات وشركاء آخرين في منطقة الشرق الأوسط.
وبمشاركة روسيا الواسعة وحلولها المبتكرة في مجال الطاقة، يمثل "أديبك 2024" منصة مهمة لتعزيز العلاقات بين الإمارات وروسيا الاتحادية في مشهد الطاقة العالمي.

مقالات مشابهة

  • «مبادلة للطاقة» توقع اتفاقية تعاون مع «بيروساهان ليستريك نيجارا»
  • مسؤول روسي: الإمارات أكبر شريك للطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • تركيب منظومتي طاقة بديلة جديدتين لمشروعين زراعيين في ريف السويداء ‏
  • “الرقابة النووية” وشرطة دبي تستضيفان الاجتماع الفني للوكالة الدولية للطاقة الذرية في دبي
  • اجتماع عربي لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية العربية للسياحة
  • مباحثات جزائرية أرجنتينية في مجال الطاقة النووية
  • «الرقابة النووية» تستضيف اجتماعاً فنياً لوكالة الطاقة الذرية
  • ربط مراكز البيانات بمحطات الطاقة النووية في أزمة.. ما القصة؟
  • مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية تشارك في مهرجان عُمان للعلوم
  • الترويج الخطير: أكاذيب شركات التكنولوجيا الكبرى بشأن الطاقة النووية