أكد الدكتور محمد سالم أبو عاصي، أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، أن قضية القتل والتكفير تأتي من فقدان الفهم السليم للحقيقة المطلقة، مشددًا على أنه على الرغم من أن الحقيقة تكون واحدة، إلا أن تفسير الإنسان لها يختلف بناءً على معتقداته الشخصية، موضحًا أن الأفراد الذين يعتقدون بأنهم يمتلكون الحقيقة الوحيدة، يرى أن باقي الآراء باطلة، ما يدفعهم إلى فرض آرائهم على الآخرين بطرق عنيفة مثل التكفير والعنف.

أهمية الحوار في القرآن وسلامته من منهج التكفير

وأضاف «أبو عاصي»، خلال لقائه مع الإعلامي محمد الباز، في برنامج «أبواب القرآن»، المذاع عبر قناة «إكسترا نيوز»، أنه يجب أن يكون هناك احترام للآراء المختلفة والحوار المبني على القناعة والاحترام المتبادل، مشيرًا إلى أن يجب التأكيد على أهمية الحوار في القرآن وسلامته من منهج التكفير، مؤكدًا أن القرآن يحث على الحوار من خلال أمثلته المتعددة، مثل حوار الله مع أبرز شخصياته كإبليس والملائكة، وكذلك حوار النبي مع أهل الكتاب.

الهداية تكون بإرادة الله

وأوضح أن منهج التكفير والعنف يخالف تعاليم القرآن الكريم، مشيرًا إلى أهمية قبول الآخر والتعايش السلمي كمفهوم إسلامي أساسي، كما أشار إلى ضرورة التفاعل مع الآراء المختلفة وعدم اللجوء إلى التكفير والعنف، مبرزًا أن الهداية تكون بإرادة الله وبوساطة الحوار البناء والتعايش بين الأديان.

وفي سياق متصل، قال أبو عاصي إن الجماعات الإسلامية والمتطرفة والإخوان أعلنت نفسها أنهم أصحاب الحقيقة، وهذا الاعتقاد هو ما يعمل على تبرير دخولها السجون.

سفك الدماء تحت مسمى الجهاد جريمة

وأوضح أن الفعل الذي يرتكبه البعض تحت مسمى الجهاد في سبيل الله، مثل سفك الدماء، يُعتبر من أعظم الجرائم عند الله.

تعزيز ثقافة الحوار والاحترام المتبادل

وأشار أبو عاصي إلى أهمية تعزيز ثقافة الحوار والاحترام المتبادل بين الأفراد الذين ينتمون لبيئات وثقافات ومعتقدات مختلفة، وهو ما يؤكده القرآن الكريم بقوله «ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربه»، مؤكدا على أهمية الاحترام المتبادل والتفهم للآراء المختلفة، ومشيرًا إلى أن القرآن لم يجعل الناس أمة واحدة بل خلقهم مختلفين بأقواله وأفعالهم.

كما تطرق أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، إلى قضية التكفير وتأثيرها على الحوار وقيمته الثقافية، مشيرا إلى أن عبارة «من أنكر من الدين بالضرورة» تُستخدم بشكل متكرر في إلقاء الاتهامات بالكفر، وأنها تحرم من النقاش والتواصل.

وأضاف أبو عاصي أن هناك حالات من التكفير انتقمت منها بعض الشخصيات الدينية، مثل حادثة استهداف الإمام الطبري وحصاره في بيته وقتله، رغم أنه كان يعتبر إمام المفسرين، مشيرا إلى أن العلماء لديهم قواعد تعتمد على النصوص، مثل قاعدة عدم رمي المسلم بالكفر أو الظلم أو الفسق إذا كان لديه دليل وإن كان مخطئاً في تفسيره.

وتحدث أيضًا عن مسألة الاجتهاد، حيث أشار إلى أن الشاطبي يعتبر أن أخطاء المجتهدين تصنف تحت مرتبة عفو الله يوم القيامة، حيث يدخل المجتهد الجنة ويُعفى عنه رغم خطئه، وتجاوز بحديثه إلى أهمية التفكير النقدي والبحث في المقاصد المرجوة من الدين.

وقال أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، إن هناك اختلافًا بين الإيمان والبحث العلمي يجب فهمه بشكل صحيح، موضحًا أن الإيمان لا يستلزم العمل العلمي، فمن الممكن أن يكون الشخص مؤمنًا كاملا بشرعه، ولكنه يسعى بنفس الوقت لاستكشاف العلم بطريقة علمية.

الشخص الملتزم بالقرآن يمكن أن يواجه تحديات عقلية

وأضاف «أبوعاصي»، أنه يمكن للشخص أن يكون ملتزمًا بالقرآن ومع ذلك يواجه تحديات عقلية أثناء دراسته للإعجاز العلمي، وذلك على سبيل المثال، وهو ما يتطلب بحثًا دقيقًا للوصول إلى النتائج المطلوبة.

البحث العلمي يتميز بالموضوعية والدقة

وشدد على أنه يجب التفريق بين الإيمان والبحث العلمي، حيث يمكن للشخص أن يكون مؤمنًا وفي الوقت نفسه يواجه تحديات علمية تتطلب دراستها بشكل منهجي وعلمي، مؤكدًا أن البحث العلمي يتميز بالموضوعية والدقة، حيث يمكن للباحث استكشاف مجموعة واسعة من المواضيع، شأنه شأن دراسته لتفاصيل قضية كالملائكة أو خلق آدم.

وأضاف أن رفض الرد على أسئلة بحثية لا يعني ارتدادًا عن الإيمان، حيث يمكن للشخص أن يكون مسلمًا ومؤمنًا على قدر عال من الإيمان دون أن ينكر أهمية البحث والتحليل العلمي، مستشهدًا بتجربة الدكتور زكي نجيب محمود الذي أظهر تفهمه لهذا التوازن بين الايمان والبحث العلمي.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: محمد سالم أبو عاصي القرآن الكريم الحوار باب القرآن محمد الباز أبو عاصي أبو عاصی ا إلى أن أن یکون

إقرأ أيضاً:

تكريم 30 حافظًا للقرآن الكريم بسوهاج سردوا المصحف الشريف خمس مرات متتالية دون أخطاء

نظم مكتب "الهدي والفرقان لتحفيظ القرآن الكريم" بقرية نزة البحرية، مركز جهينة بمحافظة سوهاج، والتابع لإشراف الأزهر الشريف، احتفالًا بتكريم 30 من طلابه أتموا حفظ القرآن الكريم، حيث سردوا المصحف الشريف خمس مرات متتالية دون أي أخطاء.

حضر الاحتفال الشيخ محمد حسني، رئيس الإدارة المركزية لمنطقة سوهاج الأزهرية، والشيخ عبد العال أحمد، الموجّه بالإدارة العامة لشئون القرآن الكريم، إلى جانب مدير التعليم الإعدادي بمنطقة سوهاج الأزهرية، ومدير إدارة جهينة التعليمية الأزهرية، وعدد من موجهي القرآن الكريم والقيادات الشعبية والتنفيذية، بالإضافة إلى جمع غفير من أهالي القرية الذين حرصوا على مشاركة أبنائهم هذه اللحظة المباركة.

تأتي هذه الفعاليات تنفيذًا لتوجيهات الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني، وكيل الأزهر الشريف، بضرورة العناية بمكاتب التحفيظ الأهلية ودعم رسالتها في غرس القيم الدينية وتعليم كتاب الله، وفي ظل رعاية فضيلة الشيخ أيمن عبد الغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، لحفظة كتاب الله وتشجيعهم على مواصلة التفوق.

وفي تصريح خاص، أوضح الدكتور أبو اليزيد سلامة، مدير عام الإدارة العامة لشئون القرآن الكريم، أن الأزهر الشريف يشرف حاليًا على نحو 11 ألف مكتب (كُتّاب) لتحفيظ القرآن الكريم، تضم أكثر من 740 ألف طالب يتسابقون لحفظ كتاب الله وتعلم مبادئ القراءة والكتابة في رحاب المنهج الأزهري المعتدل.

مقالات مشابهة

  • غداً حملة تغريدات حول أهمية الدورات الصيفية
  • الرئيس اللبناني: “حزب الله” مكون وطني وسحب سلاحه يتم عبر الحوار
  • تكريم 30 حافظًا للقرآن الكريم بسوهاج سردوا المصحف الشريف خمس مرات متتالية دون أخطاء
  • الحقيقة الآن الخرطوم دي ماشاء الله تبارك الله ما ساهلة أبدا
  • مدير جامعة القرآن الكريم يتفقد مقر الجامعة بأمدرمان
  • الفرق بين ترتيب النزول وترتيب المصحف
  • حكم قراءة سورة الفاتحة وأول سورة البقرة بعد ختم القرآن
  • كيفية العلاج بالقرآن؟.. إليك هذا الدواء الحقيقي للضيق والاكتئاب
  • حكم عمل ختمة قرآن ووهب ثوابها للميت.. الإفتاء توضح
  • حكم جعل القرآن الكريم أو الأذان نغمات للهاتف المحمول.. الإفتاء توضح