3 مخطوطات لأحمد بن ماجد في علم البحار
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
عُرف أسد البحار العماني أحمد بن ماجد السَّعدي (825-906هـ/ 1421-1500م) بأنه ملَّاح عظيم، جاب المحيط الهندي والبحر الأحمر والخليج العربي، حتى أصبح من أشهر الملَّاحين خبرة في المسالك البحرية خلال القرن الخامس عشر الميلادي، كما عرف بأنه من علماء فن الملاحة وتاريخه عند العرب، ترك آثارًا علمية في علوم البحار جاوزت 40 كتابًا ومنظومة، دوَّن فيها ملاحظاته التي جالت في خاطره أثناء سفره، وعايشها أثناء ترحاله البحري، ووثق مسالك البحر، وعرفته الموانئ وعرَّف بها، ووصف الرياح التي تضرب البحر خلال المواسم، وكتب أدبيات في علوم الملاحة، بين نثر ونظم، وجاء وصفه في «الموسوعة العمانية» أنه ملَّاح وعالم بفنون البحر، ومخترع لأدوات استخدمها الملاحون من بعده، ولهذا الحضور العَمَلِي (مَلَّاحًا)، والعِلْمِي (مؤلِّفا)، أدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو» في عام 2021م، ضمن الشخصيات العمانية المؤثرة عالميا، بمناسبة مرور 600 عام على ميلاده.
وخلال العام الماضي 2023م، صدر عن «المتحف الوطني» بمسقط، مطبوع حمل عنوان: «مجموع في علم البحار»، وهو مجموع لثلاث مخطوطات ألفها أسد البحار العماني أحمد بن ماجد السعدي، من بينها مخطوطة «الفوائد في علم البحار والقواعد»، وهي أشهر كتبه، وبحسب التعريف بها في التقديم، أن ابن ماجد ألفها في السنوات الأخيرة من حياته، بين أعوام: (880-890هـ)، وقيل عام 895هـ/ 1480م، ومع هذا المجموع مخطوط آخر بعنوان: «حاوية الاختصار في أصول علم البحار»، ومجموعة من «الأراجيز» النظمية التي تسير في النهج ذاته، وتخدم علم الملاحة البحرية.
حصل المتحف الوطني على هذا المجموع من «مكتبة الأسد الوطنية» بدمشق، «المكتبة الظاهرية» سابقا، ضمن العلاقات الثقافية التي تجمع بين عُمان وسوريا، ومن تقديم جمال الموسوي الأمين العام للمتحف الوطني للمجموع المطبوع تصويرًا وتنضيدًا، يتبيَّن أن المخطوطة تمت إعارتها للمتحف الوطني، لغرض حفظها وصونها، قبل إتاحتها للعرض المُتحفي، كما تم التنسيق مع «هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية»، لترميمها وإعادتها إلى حالتها الأصلية، من خلال تنفيذ برنامج متكامل، يقوم بحفظها وصيانتها وفهرستها وتنقيحها.
قام بمراجعة المخطوط وتحريره لغويا الدكتور حميد بن سيف النوفلي، وعبَّر في تقديمه للمجموع المطبوع عن تفرُّد ابن ماجد السعدي بإنتاج معارف جديدة، لم يسبقه إليها أحد من أهل هذه الصنعة، فقد مارس الإبحار وتردد على الموانئ، التي يسميها البنادر والجزر والخلجان والجبال والرؤوس والبرور (جمع بر)، ووصف كل ما يمر عليه من هذه المعالم البرية والبحرية، وصفًا دقيقًا يؤكد على مِراسِه وعمق تجربته، وهو ما فتح المجال للباحثين، ومكَّنهم من إثراء معارفهم حول الملاحة في المحيط الهندي، من خلال تراث ابن ماجد العِلمي، إلى جانب تراثه في الاختراعات، مثل (الإبرة المغناطيسية «البوصلة»، المستعملة في تحديد اتجاهات الرحلات البحرية)، وغيرها من المخترعات المسجلة باسمه.
إن نظرة إلى هذا التراث العلمي للملَّاح السَّعدي، من خلال الكتاب المطبوع، تؤكد على عمق تجربته الملاحية وثرائها، وهي تجربة عملية ومعرفية في آن، فابن ماجد استفاد من مِلاحته لإنتاج تراث فكري يخدم هذا الجانب، ولم يكن فقط رُبَّانًا ماهرًا يقود السفن ويخوض البحار، بل وصف في مؤلفاته طرق الملاحة، ودوَّن ملاحظاته الملاحية، مستفيدًا من تجارب من سبقه، مما قرأ في مدونات «الرَّحمانيات» والمرشدات البحرية، مضيفًا عليها تجاربه العملية، مستفيدًا من تجربة أبيه وجده في الملاحة والإبحار، وهما الملهم الأول، والأستاذان اللذان علَّماه، وانصهرت تجاربهما في تجربته الجديدة، وارثا منهما شغفهما بالبحر، ومعرفتهما بمفاتيح علوم البحار، التي لم يأخذها ابن ماجد نظريا فقط، بل طبَّقها عمليا شطرًا طويلا من عمره، إذ ظل يجوب البحار سنوات تبلغ الأربعين عامًا أو أكثر.
ولد أحمد بن ماجد السعدي في مدينة جلفار عام (825هـ/ 1421م)، وعاش الحياة في القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، وفي عقود هذا القرن كان ابن ماجد الرُّبان الماهر، وبسفينته «العكاري»: (قريبة الشبه من السفينة صحار)، كما يقول الباحث حمود الغيلاني، قطع بها البِحَار والمحيطات، وكان لتجاربه العملية في الإبحار، ومدوناته التي ألفها، أثر كبير في تطوير علوم الملاحة، وحفظ الكثير من الأسماء: مرافئ وبرور وأمكنة ونجوم، وغيرها.
طبع كتاب «مجموع في علم البحار» بطريقة النسخ للمخطوطة في الوجه الأيمن، يقابلها النص ذاته مرقونًا في الوجه الأيسر من الكتاب، ليتمكن القارئ من قراءة المخطوط مصورا ومرقونا، وما يُحمَد لهذه الفكرة: التصوير والتنضيد، أن القارئ يقرأ النص المرقون، أو النص المصور من المخطوط، ويدخل في مقارنة بينهما في وجه واحد من الكتاب، فأحيانا يجد أن المصوَّر أفضل من المرقون وأحيانا خلاف ذلك، أما بالنسبة لي فقد استفدت من كلا الطريقتين، ولكني وجدت أخطاء في بعض الأبيات الشعرية التي ضمَّنها ابن ماجد في كتابه «الفوائد»، وحين عدت إلى المخطوط المصور في الصفحة اليمين، اكتشفت أن الخطأ سببه أن الرَّاقن لم يفهم النص المكتوب بخط اليد، فرقنه خطأ بحسب قراءته للأبيات.
يقع كتاب «الفوائد» في 186 صفحة، وهو أكبر صفحات المجموع المطبوع، ومع الترقين يزيد العدد إلى الضِّعْف، أما المجموع كله مصوَّرا ومرقونًا فقد طبع في 721 صفحة، من الحجم الثقيل، بسبب الورق المصقول الذي طبع عليه، ونظرة إلى الصفحة المصورة من المخطوط، نجد أن الناسخ المجهول رحمه الله، اعتنى كثيرًا بجمال الخط، إذ السطور مستقيمة ومتوازية، وكتبت مادة المخطوط بالحبر الأسود، مع الاعتناء بالتشكيل والتنميق والفواصل والعناوين بالحبر الأحمر، كما ظهر اعتناء الناسخ في تحديده لمساحة الصفحة، حيث وضع لها إطارًا مستطيلا من خطين باللون الأحمر.
يجمع كتاب «الفوائد» بين تاريخ الملاحة، وعلوم الفلك، ووصف النجوم، كتبه «النوخذة» بلغة وصفية أدبية، وغذَّاه بشواهد من الشعر الجاهلي والأموي والعباسي، بما لا يدع مجالا للشك أن ابن ماجد أديب مطلع على الشعر العربي، كما وظَّف شعره أحيانا، ويكتب من قبيل: (وقلنا في هذا شعرًا)، فيأتي بأبيات من قصيدة قالها، أو يقتطع منها ما يوافق الحديث عن تلك المطالع.
ابتدأ كتاب «الفوائد» بمقدمة يتناول فيها ضرورة معرفة القِبْلة، إذ يقول: فيا طالما قد أتينا بالمراكب من الهند والسيام والزنج وفارس والحجاز واليمن، وغيرها بقصد لا يميل عن جهة البلد المطلوبة، بأموال وأرواح، وهذا دليل مؤكد على هذا العلم يدل على معرفة القِبْلة، فيحتاج إليه أهل الفرائض، ويقول أيضا: ينبغي لعارف هذا العلم أن يسهر الليل ويجتهد فيه غاية الاجتهاد، ويسأل فيه عن أهله ومن حزبه، حتى يحصل مراده، لأنه علم عقلي، وكثرة السؤال فيه ترقية لباقيه.. الخ.
ثم يتحدث عن أول من صنع سفينة، مشيرًا إلى سفينة نوح عليه السلام، مع وصف لطولها وعرضها، دون أن يذكر مصدر معلوماته، ثم عن أسباب ركوب البحر، ومعرفة المنازل، و«الأخنان» وهي (أجزاء القياسات الفلكية عند البحارة)، والدير والمسافات و«الباشيات» وهي (قياسات منازل النجوم)، ثم تحدث عما أسماه بمنازل القمر، وتفاصيل عن أسماء النجوم التي تظهر في بعض المواسم.
أما الكتاب الثاني في المجموع: «حاوية الاختصار في أصول علم البحار»، فهو أراجيز شعرية مكونة من أحد عشر فصلا، ولم يذكر تاريخ النسخ واسم الناسخ، والكتاب الثالث: «الأراجيز»، يتألف من 14 أرجوزة، كتبت في فترات متفاوتة، بعضها بتاريخ: 6 ذي الحجة، 980هـ (الأرجوزة المعرَّبة)، وبعضها بتاريخ: 10 ربيع الأول، 1001هـ (أرجوزة قبلة الإسلام)، وألحق بكتاب الأراجيز ثمانية فصول نثرية، وكلها مما يحتاج قارئه إلى شرح مفصَّل، حتى يفهم مرامي الناظم ومعاني أبياته، وواضح من المخطوط المصور الجهد الكبير الذي بُذل في ترميمه من قبل هيئة المحفوظات والوثائق الوطنية، حتى يظهر بهذه الصورة الأنيقة، إذ أغلب صفحات المجموع كانت مصابة بالرطوبة والجفاف ومعرضة للتلف والتكسُّر، ومما هو جدير بالذكر أن المتحف الوطني طبع المجموع من غير تحقيق وشرح، الأمر الذي قد يعيق فهم القارئ غير الملم بمصطلحات الملاحة، التي لم تعد مستخدمة اليوم.
محمد الحضرمي كاتب وصحفي عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ابن ماجد بن ماجد کتاب ا
إقرأ أيضاً:
اليمن يرسُمُ معادلة قواعد الاشتباك في البحار.. استهدافُ الحاملات الأمريكية يعقّد حسابات القوى الكبرى
يمانيون – متابعات
تتواصلُ أصداءُ العملية العسكرية اليمنية المتعلقة باستهداف حاملات الطائرات الأمريكية أبراهام لينكولن حتى اللحظة، حَيثُ شكلت هذه العملية الحدث الأبرز الذي لم يكن يتوقعه أحد، ومن بلد لم يكن يخطر على بال العدوّ أَو الصديق.
وخلال الأيّام الماضية، تناول الكثير من الناشطين الإعلاميين والسياسيين هذه العملية بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي محليًّا ودوليًّا، وهم ما بين مندهش ومتيقن من الآيات العظيمة التي تتحقّق على أيادي المجاهدين من القوات المسلحة اليمنية؛ نتيجة توليهم الصادق وتبنيهم لقضايا الأُمَّــة الأَسَاسية ونصرتهم للمستضعفين.
ويشير أُستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور عبدالملك عيسى إلى أن هناك “دلالات سياسية واستراتيجية لاستهداف حاملة الطائرات الأمريكية لينكولن”، موضحًا أن “الدلالات السياسية تتمثل في عدة أمور أبرزها التصعيد في المواجهة مع أمريكا، وتوجيه رسالة دعم واضحة لفلسطين ولبنان، وتحذير للقوى الغربية من التدخل في اليمن، وإظهار قدرات عسكرية متطورة ومتنامية”.
ومن ناحية الدلالات الاستراتيجية يقول -عيسى- إنها تدل على توسيع نطاق العمليات إلى البحر العربي، وتعزيز مفهوم الردع الإقليمي، وإظهار الجهوزية العملياتية العالية، والتأثير على الملاحة البحرية الدولية من قبل أمريكا ورسالة قوة لحلفاء اليمن وأعدائها.
من جانبه يقول الناشط الإعلامي العراقي حسين علاء الأبيض: إن “اليمن أول دولة في العالم تهاجم حاملة الطائرات الحربية الأمريكية”، مؤكّـدًا أن “القوات المسلحة اليمنية أذلت عنجهية وطغيان أمريكا في المنطقة”.
ويوضح الأبيض أن هذه العملية رسالة واضحة إلى الكيان وأمريكا وبريطانيا بأن البحرَين الأحمر والعربي خطرٌ على سفنكم، متبعًا ” لا توجد دولة في العالم تجرأت على إطلاق رصاصة واحدة على أي سفينة أمريكية.
ويضيف أن هذه العمليات “أوجعت العدوّ الصـهـيو أمريكي وجعلته يتخبط، ويشن غارات بطائرات مسيرة وليست حربية”، مبينًا أن “هذا يدل على أن العملية العسكرية الأخيرة كانت قاسية جِـدًّا والضربات دقيقة وإصابة الأهداف بدقة عالية، وأن القادم أشد وأقسى بإذن الله”.
أول دولة في التاريخ تقصف الحاملات:
أما الناشط الإعلامي والمحلل السياسي عبدالباري عطوان فيعلق على العملية العسكرية قائلًا: “قصف اليمنيين لحاملة الطائرات الأمريكية أبراهام في البحر العربي ومدمّـرتين أُخرَيَين بالصواريخ في البحر الأحمر، ويوم الجمعة، قصفوا قاعدة ناحال سوريك العسكرية في يافا بصاروخ فرط صوت فلسطين2 ودمّـرها واشتعلت حرائق عديدة”، مردفًا “سمَّوا لي دولة واحدة صغرى أَو عظمى أطلقت رصاصة واحدة على حاملة طائرات أمريكية بالتاريخ”؟.
ويقول عطوان: “شكرًا لليمن الذي يتصدى ويبدع، وهو دولة عظمى يقاتل نيابة عن العالم كله ويحقّق إنجازات غير عادية وغير مسبوقة”، مضيفًا: “لا بد للروس والصينيين أن يتابعوا هذه العمليات اليمنية البطولية اليمنية ويتعلموا منها ويحللوها في معاهدهم وفي كلياتهم العسكرية”.
ويتابع القول: “نحن الآن أمام حرب وجودية، نحن ندافع عن أُمَّـة نائمة مهزومة وجبانة، فوالله لن يذكر اسم اليمن في الأُمَّــة العربية والإسلامية إلا بالمدح وحفظ الجميل والإشادة بهذه القوة اليمنية الذي تساهم بإذلال العدوّ الإسرائيلي”.
أما الناشط الإعلامي والحقوقي البحريني يحيى الحديد فيقول: “إنه وفي الوقت الذي يعم الخوف في العالم من الصين إلى أُورُوبا وهو يترقب قدوم الرئيس الأمريكي ترامب للبيت الأبيض، خرجت القوات اليمنية لتضرب بارجتين حربيتين في البحر الأحمر، ضاربة ترامب والجيش الأمريكي عرض الحائط”.
ويسخر الحديد بقوله: “اليمنيون غاضبون على رحيل بايدن؛ لذا استقبلوا ترامب بهدية 8 مسيّرات و8 صواريخ، ويبدو أن الإنتاجَ غزيرٌ للمسيَّرات والصواريخ اليمنية ويريدون تفريغ المخزون القديم قبل انتهاء ولاية بايدن؛ مِن أجلِ الإنتاج الجديد لاستقبال ولاية ترامب الجديدة بصواريخ فرط صوتية”.
سُرعةُ اتِّخاذ القرار:
وعلى صعيد متصل يقول الكاتب الصحفي اللبناني جمال شعيب: “صحيح هذه ليست المرة الأولى التي تهاجم فيها القوات المسلحة اليمنية قطعًا من الأسطول الأميركي، وصحيحٌ أنه ليس مهمًّا أية قطعة تمت مهاجمتها، سواء كانت حاملة طائرات، أَو مدمّـرة أَو زورق دورية، أَو حتى سفينة دعم لوجستي، المهم قطعًا هو أن هناك في هذا العالم من يستطيع أن يقرّر وينفذ هجومًا على الولايات المتحدة الأمريكية.. نعم أيها السادة؛ إنه اليمن”.
ويرى شعيب أن عمليات القوات المسلحة اليمنية، لا سِـيَّـما هذه الأخيرة ضد حاملة الطائرات الأمريكية ومدمّـراتها المرافقة، تؤكّـد على علو كعب القادة العسكريين اليمنيين ويدهم الطولى ليس في الرصد والاستطلاع وجمع المعلومات وتحليلها لمعرفة توجّـهات العدو ونواياه فقط.. بل في سرعة اتِّخاذ القرار العسكري المناسب، إن لجهة أبطال مفعول الهجوم بالتوقيت المناسب أَو لجهة الأسلحة المناسبة والتزامن في استخدام القدرات وتوجيهها بالسرعة والكفاءة اللازمتين لتحييد أسطول بحري من الأفضل في العالم من ساحة المواجهة وأبطال فعاليته الهجومية وتحويله إلى هدف”، متبعًا “أما الكيف وأين ومتى ولماذا.. فتلك سر من أسرار هو الله!”.
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المصري سامح عسكر كتب تعليقًا على إعلان اليمن استهدافَ حاملة الطائرات الأمريكية أبراهام لينكولن ومدمّـرتين في معركة دامت 8 ساعات، بالتأكيد على أن “اليمن سجّل نفسه كأول بلد عربي يضرب حاملات الطائرات الأمريكية والأسطول البحري المرافق”.
ويشير عسكر إلى أن “المثير بعد الهجوم اليمني أن أعقبته حملة دعائية صهيونية ممولة تدَّعي وقف عمليات الحوثي في البحر الأحمر، وشاركت فيها منصاتٌ عربية كبيرة”، مُضيفًا أن “المؤكّـد أن هذا الهجوم يرسل إشارةً للإدارة الأمريكية الجديدة بأن (يبقى الوضع على ما هو عليه) وعلى المتضرّر من عمليات البحر الأحمر اللجوءُ لـ “إسرائيل” لوقف الحرب؛ لا أن يطلبها من الضحية”.
من جهته يكتب المفكّر والمحلل السياسي العماني علي بن مسعود المعشني: “اليمن بقصفه حاملة الطائرات أبراهام في بحر العرب، ومدمّـرتين في البحر الأحمر، يقرّر أن يتغدَّى بالعدوّ الأمريكي قبل أن يتعشى به، ويكسر غطرسة الأمريكي أمام أنظار العالم بالصوت والصورة، والله غالب على أمره”.
ويرى المعشني أن “أكبر هزيمة للعدو الصهيوني ورعاته الأمريكيين والغرب وذيولهم المتصهينة هي هزيمةُ العقل الغربي وكشف زيف سرديات الرعب التي قاتلنا بها أكثرَ من سبعة عقود من منظومات تشويش وتضليل وقِباب دفاع ومقلاع داوود، إذَا حضر الله، وحضرت الإرادَة، بان زيفهم وضلالهم وتجلت هشاشتهم”.
ويضيف أنه بعد قصف حاملات الطائرات الأمريكية أيزنهاور وأبراهام، ومدمّـرتين، بخلاف السفن التجارية، وإسقاط الطائرات والمسيرات للعدو الأمريكي؛ يكون يمن الشجاعة والعزة والكبرياء والشرف أول من أذل الشيطان الأمريكي وكسر عنجهيته في وضح النهار”؛ مردفًا “هو الله”.
من جانبه يتساءل الناشط الإعلامي اللبناني أحمد زياد بعد إخراج المدمّـرات وحاملات الطائرات الأميركية من الخدمة: “هل ستخاطر دولُ التطبيع العربي بإعطاء الكرت الأخضر للعدو الأمريكي لقصف اليمن عبر قواعده العسكرية في بلدانهم؟”.
ويواصل: “شخصيًّا أستبعِدُ هذه اللعبة من قبل عبيد أمريكا في المنطقة، بل أستبعد أن تغامر أمريكا بقواعدها؛ لأَنَّ ذلك إن حدث، فلن تبقى قواعد أمريكية في المنطقة! بل لن يبقى ملكٌ على عرشه”.
ويضيف أن “هؤلاء الملوك والأمراء “العملاء” لا قيمة لهم دونَ النفط وسعر النفط العالمي سيحدّده اليمن، بل اليمن سيحدّد من يستطيع شراء النفط من المنطقة”، مردفًا “اليمن يصوم ويفطر على مدمّـرات وحاملة طائرات وعلى حرب عالمية! فمَن مثلُ اليمن؟ لا أحد”.
مميَّزةٌ عن سابقاتها:
أما الناشط الإعلامي اللبناني خليل نصر الله فيشير إلى أن القوات المسلحة اليمنية نفَّذت عملية نوعية استمرت لثماني ساعات في البحرَينِ العربي والأحمر، مؤكّـدًا أن العملية منعت عدوانًا على اليمن، وهذه تعني نقلةً نوعيةً في إحباط هجمات يتعرض لها اليمن.
ويوضح نصر الله أنه “بمُجَـرّد الإعلان عن منع وإحباط يعني أن صنعاء كانت على عِلم مسبق، والأرجح نتيجة جمع استخباري”، مؤكّـدًا أنها عملية مميزة عن سابقاتها من عمليات الاستهداف للبوارج الحربية.
وأخيرًا يلفتُ الناشط الإعلامي والسياسي العراقي سيف عقيل إلى أن هناك زاملَ أسمعُه منذ زمن ولا أعرف تاريخُه يعود إلى أي عام للشهيد لطف القحوم -رضوان الله عليه- يقول فيه: “بشِّر الأقصى وغزة والخليل، المسيرة قادمة من أرض سبأ”، متبعًا “وأنا أقول في ذلك الوقت؛ ما هذه الثقة الذي يتحدث بها هذا المنشد.. وأنتم معركتُكم مع السعوديّة وباقي دول العدوان والتحالف على اليمن”.
ويتابع عقيل قوله: “بعد (طُـوفَان الأقصى) فهمتُ ما كان يقولُه الشهيد، ومَن كتب له هذا الشعر.. بأن بصيرةَ هؤلاء القوم واستعدادهم.. كان يسبق الأحداثَ كَثيرًا”.
——————————-
المسيرة | أيمن قائد