سيارة الريم وكراج النهضة والكاسيت وأبو خليل
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
مارس 23, 2024آخر تحديث: مارس 23, 2024
عبدالكريم إبراهيم
معادلةٌ لا يستطيع ان يحل طلاسم رموزها سوى من اكتوى بنيران تلك الفترة الزمنية المعقدة والمشوقة في نفس الوقت. سيارة الريم وكراج النهضة والكاسيت الذي يصدح بأعلى صوت من مسجل السانيو وأبو خليل هو يحاول ان يجمع ما تبقى من قواه كي يتحلق بإحدى وحدات الجيش يضاف إليهم الانضباط العسكري؛ هي من خلق تلك المعادلة المركبة والحزينة على نفوس شباب لا يعرف من لذة الحياة ازير الرصاص واللافتات السوداء التي توشح جدران كل الحي وزقاق.
لعب الكاسيت الصوتي مع مسجل السانيو الياباني في السبعينيات والثمانينيات القرن الماضي دورا كبيرا في جعل الشباب ينجرون الى اقتناء هذه المعجزة الصوتية في وقتها. ربما عاصرت بعض فترات الخنافس والتشارلس حيث عمد بعض الشباب الى تأبط هذه الجهاز بواسطة حامل على اكتافهم مطلقين العنان لمطربي تلك الفترة ان يصدحوا بأغانهم ذات الوجع الجنوبي المخلوط ببعض الغزل العذري الذي ينساب على الافئدة كأنه نسائم الصباح تحرك كذلة الصبايا العاشقات.
خلقت موجة الكاسيت نوع من التمرد الرمزي المبطن، لا تكاد سيارة اجرة تخلو من مسجل السانيو مع مكتبة من كاسيات المطربين، وربما يكون سائق سيارة الريم قد توسع وتفنن قليلا بان جمع هذه الكاسيات في صندوق خشبي مزين يتوسطه مسجل السانيو. وبما ان سيارة الريم هي صندوق هموم ابو خليل فان سائق يحاول قدر الامكان ان يكون ذا ذوق في اختيار الاغاني التي تبث الشجون وتقع على الجروح، فما ان ينطلق من كراج النهضة، لانفك هذا الصوت الجنائزي في النحيب متنقلا بين مطرب واخر حيث الحزن الجنوب هو من يلف اغلب الاغاني. هناك منغص يقطع هذه السمفونية السومرية في الاستمرار هو سيطرة الانضباط العسكري التي تحاول ان تقتنص احد الهاربين او جندي تجاوز على اجازته يوم او يومين . عندها لا تشفع توسلات كبار السن في العفو عنه واطلاق سراحه، والمصير معروف. التسفير إلى الانضباط الحارثية والصوندات والقمل ومرض جلدي على اقل تقدير . بعد هذه الاستراحة الاجبارية يعاد السائق الى ممارسة هوايته في النقل بين الوان الطرب، في حين يغط ابو خليل في نوم عميق لعله يدرك ولو في الحلم لحظة امل تلوح في الافق تساعد على مواصلة الطريق.
انتقلت موجة الكاسيت من سيارة الاجرة الى الدراجات الهوائية والنارية حيث عمد اصحابها الى عمل قاعدة خشبية في مقدمة درجاتهم لتكون محطة استراحة لأنيس تلك الفترة مسجل السانيو الذي لا يتوقف عن نحيب كلما مر في درابين الثورة مطلقا نوعا من النداء لا يعرف سوى من عاش تلك الفترة.
مرتبطالمصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: تلک الفترة
إقرأ أيضاً:
صبحى خليل: «المداح» سيبهر الجمهور فى رمضان ٢٠٢٥
التعاون مع حمادة هلال وأحمد سمير أضاف متعة للتصوير
«السوشيال ميديا» سلاح ذو حدين
يعد الفنان صبحى خليل واحدًا من الفنانين الذين يجيدون التكيف مع مختلف الأنماط الفنية، ومن أبرز الأعمال التى أثرت فى مشواره الفنى، مسلسل «المداح»، الذى حقق نجاحًا لافتًا وجذب انتباه الجمهور بأجزائه لما يتضمنه من أحداث مشوقة ورؤية فنية فريدة، استطاع فى هذا المسلسل أن يظهر جانبًا جديدًا من موهبته، ما أضاف لرصيده الفنى المزيد من التميز، كما أنه يشارك فى مسلسل «المداح» الجزء الخامس بعنوان «أسطورة العهد»، الذى ينافس بقوة فى الماراثون الرمضانى المقبل 2025، ويعتبر إضافة قوية لمسيرته الفنية بفضل شخصية جديدة وأحداث تتسم بالغموض والتطور الدرامى.
على الرغم من أن مسلسل «المداح» فى أجزائه السابقة نجح فى جذب قاعدة جماهيرية واسعة، إلا أن الجزء الخامس الذى حمل اسم «أسطورة العهد» يأتى بمفاجآت غير متوقعة فى الحبكة الدرامية وتطور الشخصيات، حيث يضيف هذا الجزء طابعًا أسطوريًا ويمزج بين الخيال والواقع فى تسلسل أحداث مثير ومبهر، حين يتناول المسلسل الصراع الأبدى بين الخير والشر، ويخوض فى عالم المعتقدات الشعبية والظواهر الخارقة، مما يجذب انتباه المشاهدين من أول لحظة عرض.
فى الجزء الخامس، تزداد الأمور تعقيدًا حيث يواجه «صابر» «المداح» الذى جسد شخصيته الفنان حمادة هلال العديد من التحديات النفسية والمعنوية، يطرح العمل هذا الموسم تساؤلات حول الصراع الداخلى لكل شخصية، وكيفية تعاملها مع موروثات الأجداد والمعتقدات التى شكلت حياتهم، ما يعكس تزايد الصراع بين الفهم العقلى والعاطفى للأمور الروحية.
أكد الفنان صبحى خليل، فى حواره لـ«الوفد» والذى يشارك فى الجزء الخامس من المسلسل بدور محورى، تحدث عن تطور شخصيته فى العمل قائلاً: «هذه المرة، قدّمت شخصية معقدة جدًا، تختلف عن كل الأدوار التى قدمتها فى حياتى المهنية، الشخصية التى أؤديها فى «أسطورة العهد» مليئة بالأسرار والغموض، فهى ليست شريرة بالكامل، ولكنها تحمل بعض المواقف التى تثير تساؤلات حول ماهية النوايا الحقيقية وراء تصرفات الشخصية».
وقد أضاف خليل: «تعدد الأبعاد فى شخصية هذا الموسم يجعلها تكتسب المزيد من التحديات، ما يجعلنى أشعر بالتحدى والمتعة فى آن واحد، لقد عملت على تطوير هذه الشخصية بحيث تكون متجددة فى كل حلقة، وتنمو مع تطور أحداث المسلسل».
وأضاف: «الجانب الأسطورى فى المسلسل يحتاج إلى تقنيات تصوير خاصة، وهذا يتطلب تنسيقًا دقيقًا بين الإضاءة، الماكياج، والأزياء، لتحقيق التأثير المطلوب، من الطبيعى أن تكون هناك مشاهد تتطلب دقة شديدة فى الأداء، لكن مع المخرج والطاقم الفنى المتعاون، تمكنا من تجاوز جميع الصعوبات.»، كما أن هذا الجزء من «المداح» يبرز العديد من التطورات فى الحبكة التى تتراوح بين المفاجآت والأحداث المليئة بالغموض، على سبيل المثال، تطرح الحلقات الأولى مفاجآت كبيرة تتعلق بماضى بعض الشخصيات التى لم يتم كشفها فى الأجزاء السابقة، وتستمر الأحداث فى الكشف عن المزيد من الأسرار المتعلقة بالعهد القديم، مما يزيد من التشويق ويحافظ على عنصر المفاجأة.
أما بالنسبة لفريق العمل، فقد أشار «خليل» إلى أن التعاون مع الفنانين والمخرجين كان مميزًا فى هذا الجزء، حيث قال: «العمل مع حمادة هلال والمخرج أحمد سمير كان رائعًا، الجميع كان ملتزمًا وملهمًا، ما جعل التحديات التى واجهتنا خلال التصوير أكثر متعة، علاقتنا المهنية كانت تسودها روح التعاون، وهذا يظهر بوضوح فى الجودة التى ينعكس عليها المسلسل».
وقال عن تأثير السوشيال ميديا الإيجابى على الفن: «تعتبر السوشيال ميديا أداة قوية لانتشار الأعمال الفنية بسرعة هائلة، فبفضل منصات مثل فيسبوك، إنستجرام، تويتر، ويوتيوب، أصبح بإمكان الفنانين نشر أعمالهم والتواصل مع جمهورهم بشكل مباشر وفعال، هذه المنصات توفر فرصة فريدة للفنانين لعرض أعمالهم بعيدًا عن الوسائط التقليدية، مما يسهل عليهم الوصول إلى جمهور أوسع على مستوى العالم.
كما أن السوشيال ميديا تتيح للفنانين التفاعل مع متابعيهم والتعرف على آرائهم وتعليقاتهم بشكل فورى، هذه التفاعلات يمكن أن تكون مصدر إلهام للفنانين وتساعدهم على تحسين أعمالهم المستقبلية، بالإضافة إلى ذلك، توفر السوشيال ميديا للفنانين فرصة لتسويق أعمالهم بشكل غير مكلف، وهو ما يعد ميزة كبيرة فى ظل ضغوط الصناعة الفنية وارتفاع تكاليف التسويق التقليدى.
تأثير السوشيال ميديا السلبى على الفن: على الرغم من الفوائد العديدة التى توفرها السوشيال ميديا للفنانين، إلا أنها تحمل بعض التحديات والمخاطر، أحد أبرز هذه التحديات هو الضغط الكبير على الفنانين من أجل البقاء فى دائرة الضوء، مما قد يؤدى إلى التركيز أكثر على الشهرة والظهور، بدلاً من تقديم محتوى فنى ذى جودة عالية، هذا قد يجعل بعض الفنانين يتجهون نحو الأعمال السريعة والسطحية التى تجذب الانتباه.
تتسم اختيارات صبحى خليل الفنية بعمق الرسالة التى تحملها الأدوار، فهو دائمًا ما يبحث عن الشخصيات التى تقدم قضايا اجتماعية أو تعكس الصراع الداخلى للبشر، وقال: «أحب الأدوار التى تلامس القضايا الإنسانية وتبرز الصراع الداخلى، هدفى من هذه الأدوار هو أن تترك أثراً عميقاً فى قلوب المشاهدين».
يشهد الفن فى العصر الحالى تغييرات كبيرة، لاسيما مع تطور التكنولوجيا وتأثير السوشيال ميديا، فى هذا السياق، يتحدث صبحى خليل عن التحديات التى يواجهها الفنانون فى ظل هذه التحولات، حيث قال: «الفن اليوم أصبح مختلفًا عن الماضى بسبب التطور التكنولوجى الهائل واستخدام المؤثرات البصرية، التحدى الأكبر يكمن فى الحفاظ على جودة الأعمال الفنية وسط هذا الزخم من التكنولوجيا والضغط التجارى».
كما أشار إلى أن الفنان يجب أن يبقى مخلصًا لفنه وألا يتأثر بضغوط السوق أو تكنولوجيا العرض، حيث يجب أن تبقى الجودة والأصالة هى المعيار فى العمل الفنى.
يعتبر الفنان صبحى خليل أن الجمهور جزًء أساسيا من نجاح أى عمل فنى، ويضيف: «الفن لا يكون له معنى إلا بوجود جمهور يقدره، إننى ممتن للدعم المستمر الذى تلقيته طوال مسيرتى، وأتمنى أن أتمكن دائمًا من تقديم أعمال تلهم الناس وتلمس قلوبهم».