تبون يفاجئ الجزائريين بتبكير الانتخابات الرئاسية ويفتح باب التأويلات
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
الجزائر- في توقيت مباغت سياسيًّا، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، تقديم الانتخابات الرئاسية المقبلة عن آجالها الدستورية المفترضة، مُقلصًا بذلك عهدته الحالية، وفاتحا الباب على تأويلات المراقبين واشتراطات المعارضين.
جاء ذلك عقب اجتماع ترأسه تبون، الخميس، بحضور كبار مسؤولي المؤسسات السيادية في الدولة، يتقدمهم رئيس أركان الجيش ورئيسا غرفتي البرلمان ورئيس المحكمة الدستورية، إضافة إلى الوزير الأول، ورئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
وتقرّر خلال اللقاء، وفق بيان لرئاسة الجمهورية، إجراء انتخابات رئاسية مسبقة، حُدّد تاريخُها يوم السبت 7 سبتمبر/أيلول 2024، حيث سيتم استدعاء الهيئة الناخبة يوم 8 يونيو/حزيران 2024، ما يعني أن الرئاسيات الجديدة مقدمة بحوالي 3.5 أشهر عن موعدها القانوني.
ويمنح الدستور الجزائري لرئيس الجمهورية صلاحية تقديم موعد الانتخابات الرئاسية من دون أي شرط.
الرئيس تبون يقرر تبكير الانتخابات الرئاسية في الجزائر 3 أشهر عن موعدها القانوني (الرئاسة الجزائرية) ترحيب واشتراط الشفافيةوفي ردود الفعل الأولى، تفاعلت القوى السياسية الكبرى إيجابًا مع قرار تبّون، حيث قالت جبهة التحرير الوطني، أكبر الأحزاب في البلاد، إنه "في الوقت الذي كانت فيه بعض الأبواق الإعلامية خارج الوطن تروج لتأجيل الانتخابات الرئاسية ها هي الجزائر تسكت كل من يشكك في أنها دولة مؤسسات ونموذج مثالي في الديمقراطية".
أما حركة مجتمع السلم، أكبر تشكيلة سياسية معارضة، فقد طالبت بـ"توفير جو انتخابي نزيه لضمان شفافية الرئاسيات القادمة من أجل الخروج من الصورة النمطية الناجمة من الممارسات السلبية السابقة".
ومن جانبه، شدد التحالف الوطني الجمهوري على أنه كان يفترض "توضيح مبرّرات القرار للرأي العام الوطني (…) تفاديا لتعريض المواطنين إلى التأويلات المغلوطة".
إكراهات داخلية وخارجيةوفي تقديره لخلفيات القرار المفاجئ، يعتقد فاروق طيفور، أستاذ العلوم السياسية بجامعة البليدة أنه لا يتعلق برغبة الرئيس تبون في المغادرة، "خاصة إذا قرأنا صورة مشهد الاجتماع وطبيعة المشاركين فيه وحالة التوافق المسجلة حوله".
ويفسر المحلل طيفور، في تصريح لـ"الجزيرة نت" تعجيل الانتخابات باستباق إكراهات قد تكون ذات بُعدين داخلي، يتمثل في إرباك الأطراف التي تقف خلف مناورات مقاومة التغيير والسياسات الداخلية والخارجية للرئيس تبون.
وفي البُعد الخارجي، يرى طيفور أن السلطة قد قدّرت، من خلال التقارير الدورية، أن الأفضل لها هو تسبيق الرئاسيات بـ3 أشهر، للتفرغ لاستحقاقات وطنية ضاغطة، ولا سيما أن بقاء الانتخابات في موعدها يتزامن مع رهانات أخرى إقليمية ودولية غير مريحة بل ومقلقة، على حد تعبيره.
وأوضح المحلل أنّ غياب التصريح الرسمي بمبررات القرار، يجعلنا أمام فرضيتين، الأولى داخلية، تتعلق باستخدام صلاحيات الرئيس لفتح الساحة الوطنية التي تعيش مرحلة الانتظار والترقب، وثانية خارجية تحتاط لما قد يحدث من تحولات يمكن أن تؤثر على حالة الاستقرار في الجزائر.
وأضاف فاروق طيفور أنّ موعد الرئاسيات في الجزائر يتزامن مع عديد الانتخابات الرئاسية في دول محورية، وعلى رأسها أميركا، ولذلك "قد يكون صاحب قرار تعجيل الاستحقاق أخذ بالفرضيتين معا".
حركة مجتمع السلم الأكثر حظا في منافسة الرئيس تبون وفق مراقبين (الجزيرة) ضرورة تكتيكيةوفي السياق، خرجت وكالة الأنباء الجزائرية (رسمية) عن صمتها، عقب التساؤلات الكثيرة التي أثارها السياسيون والمراقبون، لترفع الستار في برقية تحليلية، مساء الجمعة، عن دوافع القرار.
وقالت الوكالة إن الإعلان عن تقديم تاريخ تنظيم الانتخابات الرئاسية الى شهر سبتمبر/أيلول قد فاجأ الكثيرين، إذ "أثار الرئيس الجزائري ضمن حرصه على الشفافية، ارتباك خصومه ونوعا ما حلفائه، فمن يتحكم في التوقيت يتحكم في الوضع".
وأوضحت الوكالة أن المغزى الأول من القرار هو الإشارة الرسمية للخروج من أزمة حراك 2019، حيث "الدولة الجزائرية اليوم ليست في أزمة أو في حالة طوارئ، بل استعادت استقرارها وتوازن مؤسساتها مع استرجاع مسار صنع القرار لديها".
والمغزى الثاني، تضيف الوكالة، هو "العودة الدائمة إلى الشعب، صاحب القرار الوحيد والمحاسب الوحيد لما أنجزه رئيس الجمهورية، ما يدل على أن الرئيس تبون يثق في شعبه ومواطنيه وناخبيه وفي حكمهم ووعيهم".
أما الدافع الثالث، وفق قراءة الوكالة الرسمية، فهو أن "التهديدات الخارجية حقيقية وملموسة، بما يجعل من تقليص العهدة الأولى ضرورة تكتيكية، استباقًا لاضطرابات مبرمجة".
وأكد المصدر الرسمي أنه "طالما لم يحقق الرئيس تبون بعدُ كل أهدافه ووعوده والتزاماته الثابتة، فإنه سيبقى مركزا بشكل تام على استكمال عهده مع الجزائريين ومع المواطن الذي أعاد له اعتباره ليكون صاحب الكلمة العليا"، في إشارة واضحة لاستعداده للتقدم لعهدة ثانية.
قرار تعجيل الرئاسيات صدر في اجتماع بمشاركة كبار مسؤولي المؤسسات السيادية (الرئاسة الجزائرية) طلب تفويض أكبروعن آفاق المحطة الرئاسية المقبلة في ضوء القرار بتقديمها، يعتقد المحلل السياسي إدريس بولكعيبات، في تصريح لـ"الجزيرة نت" أن الرئيس تبون يريد الحصول على تفويض شعبي أكبر مع موعد الدخول الاجتماعي، حيث يتزايد الحضور على كل المستويات.
وليس ذلك لتحسين صورته الشخصية أمام الجزائريين، مثلما يوضح المحلل، وإنما لإرسال رسالة قوية إلى مراكز القرار الدولي بأن صورة الجزائر على المستوى السياسي قد تغيرت.
ولا شك أن الانتخابات المسبقة ستعيد الحياة إلى الأحزاب السياسية، ومن المنتظر أن تفرز وجوها جديدة على المشهد لتجديد الطبقة السياسية التي فقدت الكثير من رصيدها خلال الحراك الشعبي، على حد تعبير المحلل.
وبدوره، يؤكد سليم قلالة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر1، أنّ قرار تبكير الانتخابات، من دون أن تسبقه أحداث أو توترات سياسية أو تسريبات، يشير إلى أن تبون سيعيد الترشح لعهدة ثانية.
وإضافة إلى ذلك، يشير قلالة إلى مؤشر الوضع العام في البلاد والمتميز بحالة من الاستقرار وغياب الاحتجاج الاجتماعي المتكرّر، كما كان يحدث عشية العهدات الرئاسية السابقة، ما يعني أن الظرف في صالح تقدّم الرئيس الحالي للسباق مرة أخرى.
وبخصوص المشهد الرئاسي المقبل، لا يتصور الأكاديمي قلالة، أن تكون المنافسة كبيرة للرئيس تبون، بالنظر إلى ضعف الأحزاب الحالية وتردّد الشخصيات الحزبية أو المستقلة في الترشح.
وتوقّع قلالة، في تصريح لـ"الجزيرة نت"، أن يكون المنافس الأكثر حظوظا مع الرئيس تبون هو فارس حركة مجتمع السلم (التيار الإسلامي)، في حال قرّرت المشاركة بمرشحها الخاص، باعتبارها الأكثر تنظيما وانتشارا على المستوى الوطني، على حد تعبيره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الانتخابات الرئاسیة الرئیس تبون
إقرأ أيضاً:
كوب 29 يحقق التنفيذ الكامل للمادة الـ6 من اتفاق باريس ويفتح أسواق الكربون العالمية
أعلنت رئاسة مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين (COP29)، اليوم السبت، اختتام المفاوضات بشأن أسواق الكربون عالية النزاهة بموجب المادة (6) من اتفاق باريس.
كانت هذه واحدة من أهم أولويات رئاسة COP29 لهذا العام وقد دفعت الأطراف نحو هذا الإنجاز التاريخي من خلال مفاوضات فنية مكثفة ذات مسارين كسرت سنوات من الجمود وأتمت آخر بند معلق في اتفاق باريس.
توفر المادة (6) من اتفاق باريس أسواق كربون موثوقة وشفافة للدول أثناء تعاونها لتحقيق أهدافها المناخية ومن المتوقع أن يقلل هذا التعاون عبر الحدود من تكلفة تنفيذ خطط المناخ الوطنية للدول بما يصل إلى 250 مليار دولار أميركي سنويًا.
وتشجع رئاسة مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، الأطراف على إعادة استثمار هذه المدخرات في طموح مناخي أكبر.
وقال مختار باباييف رئيس مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين: "أنهينا اليوم انتظارًا دام عقدًا من الزمان وفتحنا أداة حاسمة للحفاظ على 1.5 درجة في متناول اليد إذ يشكل تغير المناخ تحديًا عابرًا للحدود الوطنية. وستمكن المادة 6 من وضع الحلول العابرة للحدود الوطنية".
من جانبه، قال يالتشين رافييف كبير المفاوضين في المؤتمر: "فتحنا اليوم أحد أكثر التحديات تعقيدًا وتقنية في دبلوماسية المناخ. فمن الصعب فهم المادة 6 لكن تأثيراتها ستكون واضحة في حياتنا اليومية، وهذا يعني إيقاف تشغيل محطات الفحم وبناء مزارع الرياح وزراعة الغابات.. ويعني أيضا موجة جديدة من الاستثمار في العالم النامي".
وأشار إلى أن القرارات، التي اعتمدت بالإجماع اليوم بشأن المادة(6)، ستلعب دورًا محوريًا في ضمان سلامة البيئة وشفافية ومتانة أسواق الكربون من خلال تخفيضات وإزالة الانبعاثات الحقيقية والإضافية والموثقة والقابلة للقياس مع إطلاق العنان لإمكاناتها الهائلة لدفع الاستثمار المناخي العالمي.
وتم تصميم المبادئ التوجيهية والقواعد المعتمدة لضمان أن تحافظ مشاريع الكربون على التطبيق العملي والشمولية واحترام حقوق الإنسان وتقديم الدعم للتنمية المستدامة، وتمكين البلدان ومطوري المشاريع من التعاون بموجب اتفاق باريس بثقة.