جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-10@09:20:22 GMT

الإبادة الجماعية.. سلاح الجبناء

تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT

الإبادة الجماعية.. سلاح الجبناء

 

 

خالد بن أحمد الأغبري

 

ها هي الدنيا التي تحتضن هذا العالم على أرضها.. ما أشبهها بشركة قائمة على أنشطة متنوعة ومختلفة، والمنتسبون إليها هم أقوام ممن خلق الله، وجميعهم يعملون تحت مظلتها ويتنافسون في محيطها لتقديم خدماتهم في مختلف المجالات السياسية والتعليمية والمعرفية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها من الأنشطة، وهي قابلة للربح وللخسارة وتخضع للمحاسبة الدقيقة والشديدة عندما يقف الجميع أمام الخالق سبحانه وتعالى في "يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ".

في ذلك اليوم المُنتظَر سوف يتعرف هذا الإنسان على المستويات العالية من الربح الذي حققه من خلال هذه الشراكة، بينما هناك إنسان آخر حاصره الهلع والخوف.. يقف مذهولاً على عتبة الجانب الآخر؛ حيث سيتعرف أيضًا على مدى الخسارة الكبيرة التي تعرض لها نتيجة إخفاقاته في تعاملاته وسلوكه العدائي المنحرف وعدم انضباطه في تأدية مسؤولياته وواجباته ودخوله في الكثير من الأعمال التي تخالف شريعة الله وأوامره سبحانه وتعالى، وتجاوزاته التي تثير النزاعات البينية والصراعات الأيديولوجية، فعلى الإنسان أن يدرك حجم المسؤولية ومدى تاثيرها وتفاعلها مع مختلف الحالات وفي شتى ميادين الحياة، ومن خلالها يجب عليه تحديد ملامح الطريق الذي يسلكه إما إلى نعيم مُقيم، وإما إلى عذاب مُتجدد أليم، نسأل الله اليقين بما جرت به المقادير "والعفو والْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ" إنه ولي كريم.

ومن منطلق هذه الحيثيات والمسارات التراكمية تتضح لهذا الإنسان تلك الخسارة الفادحة التي يواجهها في هذا العالم المضطرب الذي تتجسد منظومته في أبشع صورها الدموية التي اختلطت فيها دماء الأبرياء والشهداء من الأطفال والنساء وكبار السن والعجزة، بدماء السفاحين الصهاينة المجرمين وأعوانهم من الخونة والمنافقين في ظل سياسة مارقة وملوثة بأفكار طغاة العالم الظالمين الذين يفتقرون إلى عقول سليمة متوازنة وقادرة على استيعاب مجريات الحياة الإيجابية القائمة على الفطرة السليمة ومنهج التسامح والفضيلة التي تستجيب لنداءات النفس اللوامة، والعدول عما يجره للويل والثبور، بحيث يتمكن هذا الإنسان من الاستفادة منها بقدر كبير من المعطيات الإيجابية، وكم هناك من محروم من تلك النفوس المستيقظة والدماء النقية الطاهرة القابلة للتعايش مع الآخرين والتي تتلازم غاياتها وأهدافها مع حوكمة السمات الحسنة والسلوك المُفعم بروح الإنسانية والقيم المثلى، فتجدهم في مقابل ذلك يتواطؤون ويروّجون من أجل تشويه سمعة الإنسان وقذفه بمختلف العبارات السيئة ويقومون ببث سمومهم الخبيثة عبر الأطر الرسمية ووسائل التواصل الاجتماعي، ويشعلون نار الفتنة ويعملون على تأصيل ثقافة الكراهية والقتل والفساد التي أصبحت تتشكل تلقائيا وتشكّل منعطفًا خطيرًا على حياة البشرية وحياة الكائنات بشكل عام، وذلك ضمن مجموعة من الأهداف الإجرامية والخطط اللا إنسانية التي تزدري الإنسان المسلم وتقلل من شأنه وتنتهك حقوقه المشروعة.

كما أنها تنتهك القوانين الدولية المتمثلة في قوانين حقوق الإنسان وحقوق الطفل وحقوق المرأة وفي الكثير من القوانين التي أصبحت مهمشة وغير فاعلة في ظل العنجهية القائمة على الفوضى والتمرد على شريعة الله ومنهجه الكريم، وقد حلّت محلها شرعنة قوانين الغابة التي تتفجر من خلالها حروب الإبادة الجماعية وطمس معالم الحياة ونسف البيوت والمباني السكنية على رؤوس سكانها والقتل المتعمد وتجويع وتهجير المستضعفين وفي مقدمتهم الأطفال والنساء وكبار السن، وترويع الآمنين ومحاصرتهم ومنع الغذاء والدواء عنهم وفرض جميع القيود من أجل تعميق ومضاعفة معاناتهم حتى لا يتنفسوا الصعداء، والدفع بهم إلى مستنقع الموت البطيء في مختلف جوانبه وأشكاله وصوره. وكل ذلك يتم خارج نطاق المبادئ الإنسانية والقيم الأخلاقية لا لأي شيء سوى أنهم مسلمون، وكل هذا يتم تحت غطاء إعلاميا محكما صنعته وشكلته العقول النازية الفاشية التي ترتكب جرائمها حبًا للسلطة والغطرسة والسيطرة ولتحقيق مصالحها على حساب مصالح الآخرين دون حسيب ولا رقيب، وهو ما يمثل مختلف عناصر جرائم حرب الإبادة متكاملة الأركان.

من المؤكد أنه ما يثير القلق لدى محبي السلام ورعاته والداعمين له.. مواقف بعض الدول التي انحرفت عن طريق الاستقامة والعقلانية واختارت طريقًا مغايرًا لمبادئها وقيمها وأصبحت تهرول وراء ذلك الفكر النازي الذي يهدد البشرية بمواقفه العدائية الملطخة بدماء الأبرياء؛ وذلك على خلفية ما تقوم به الصهيونية الحمقاء وأعوانها الفاسدين الذين أصابهم داء العظمة والجبروت وأصبحت دولهم تحتضن تلك الدولة الصهيونية المارقة وتدافع عنها دون حياء ومن ثمَّ تمدها بالمالي والقوة والغذاء والسلاح والجنود في صورة بشعة وظالمة ومخزية يندى لها جبين الأحرار وكل ذلك من أجل مرضاة أولئك الحاقدين والمتكبرين الذين يخططون بكل جدية لاقتلاع شريعة الكون من جذورها ولكي يتم القضاء على القيم والمبادئ الإسلامية الحميدة.

لقد تعفنت الروح الإنسانية وتحللت مظاهر الديمقراطية وطمرت الحرية وتلاشت الشهامة وتطايرت الكرامة في زمن قست فيه القلوب وتحجرت فيه العقول وانكشفت فيه الأقنعة وتبعثرت فيه القيم وانصهرت فيه المبادئ.. فلم يعد للإنسان فيه قيمة حقيقية ولم يعد للعروبة والإسلام مرجعية تحميها من فساد المفسدين ولم يعد لهما مكانة في ساحة المتنفذين، بقدر ما هي صور متلاحقة من صولات المجرمين وعنجهية الفاسدين وضجيج المنافقين من ذوي العقول الميتة والنفوس المنحطة..

فسلام على تلك الحياة التي همشت فيها العدالة وظهرت فيها قوى الظلم والظالمين وتعددت فيها بؤر البغي والفساد، نسأل الله النصر والتمكين لعباده المجاهدين، ولله عاقبة الأمور.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ارتفاع عدد الشهداء الصَّحفيين إلى (210 صحفيين) منذ بدء حرب الإبادة الجماعية

#سواليف

ارتقى فجر اليوم الاثنين، الصحفي في #وكالة_فلسطين_اليوم الإخبارية، حلمي الفقعاوي، وأصيب عدد آخر، في #قصف_إسرائيلي استهدف #خيمة_للصحفيين بالقرب من مجمع ناصر الطبي في مدينة #خانيونس جنوب قطاع #غزة.

وبارتقاء الفقعاوي؛ ارتفع عدد #الشهداء_الصحفيين إلى (210 صحفيين) منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة في بيان، إن 9 من #الصحفيين كانوا في المكان المستهدف فجر اليوم وفي محيطه، وأصيبوا بجراح وصفت بعضها بالحرجة، وهم: حسن اصليح، أحمد منصور، أحمد الآغا، محمد فايق، عبد الله العطار، إيهاب البرديني، محمود عوض، ماجد قديح وعلي اصليح.

مقالات ذات صلة د. لبيب قمحاوي .. إسرائيل الكبرى والشرق الأوسط الصغير : مخاض التغيير 2025/04/07

وأدان المكتب الإعلامي الحكومي استهداف وقتل واغتيال الاحتلال للصحفيين الفلسطينيين، داعيا الاتحاد الدولي للصحفيين، واتحاد الصحفيين العرب، وكل الأجسام الصحفية في كل دول العالم إلى إدانة هذه الجرائم الممنهجة ضد الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين في قطاع غزة.

وحمل المكتب، الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية والدول المشاركة في جريمة الإبادة الجماعية مثل المملكة المتحدة بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا؛ المسؤولية الكاملة عن ارتكاب هذه الجريمة النَّكراء الوحشية. مطالبا المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والمنظمات ذات العلاقة بالعمل الصحفي والإعلامي في كل دول العالم إلى إدانة جرائم الاحتلال وردعه وملاحقته في المحاكم الدولية على جرائمه المتواصلة وتقديم مجرمي الاحتلال للعدالة، كما ونطالبهم إلى ممارسة الضغط بشكل جدي وفاعل لوقف جريمة الإبادة الجماعية، ولحماية الصحفيين والإعلاميين في قطاع غزة، ووقف جريمة قتلهم واغتيالهم.

ووثقت مقاطع فيديو، احتراق الصحفي أحمد منصور، وإصابته بجروح بليغة، بعد استهداف الخيمة بالصواريخ الحربية ما أدى إلى احتراقها.

وأدان التجمع الإعلامي الفلسطيني، شدّة جريمة قصف الاحتلال خيمة للصحفيين بجوار مجمع ناصر الطبي فجر اليوم الاثنين؛ ما أدَّى إلى استشهاد الزَّميل الصحفي حلمي الفقعاوي، مراسل وكالة “فلسطين اليوم” الإخبارية، وإصابة عدد من الزملاء الصحفيين، وُصفت حالة بعضهم بـ “الخطيرة”.

وأكد أن قصف الاحتلال المباشر لخيمة الصحفيين وتعمّده استهدافهم تُعدّ جريمة حرب جديدة، تضاف إلى الجرائم المروّعة والمجازر الدموية التي يرتكبها بحق الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.

وطالب المؤسَّسات الدولية التي تُعنى بالعمل الصحفي التَّدخل العَاجل لوقف جرائم الحرب التي يتعرَّض لها الصّحفيون والإعلاميون الفلسطينيون، بالشكل الذي يُمكِنهم من مواصلة مسيرتهم المهنية على أكمل وجه، اسْتنادًا للقوانين الدوليَّة ومواثيق حُقوق الإنسان.

مقالات مشابهة

  • الخثلان يوضح الأعمال التي تُدخل الإنسان الجنة بلا عذاب.. فيديو
  • فلسطيني يقرر مقاضاة مايكروسوفت لتورطها في الإبادة الجماعية بغزة
  • اعلام عبري يكشف المدة التي سيبقى فيها جيش الاحتلال بجنين وطولكرم
  • قناة اسرائيلية تكشف المدة التي سيبقى فيها الجيش الاسرائيلي بجنين وطولكرم
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: الشبكة التي نتخبط فيها
  • مدن أوروبية وأمريكية تشهد تظاهرات منددة بحرب الإبادة الجماعية في غزة
  • أهالي مدينة التل في ريف دمشق ينظمون مظاهرة شعبية، دعماً لأهالي غزة وتنديداً بحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي
  • مظاهرة شعبية في دمشق دعماً لغزة وللمطالبة بوقف حرب الإبادة الجماعية فيها
  • ارتفاع عدد الشهداء الصَّحفيين إلى (210 صحفيين) منذ بدء حرب الإبادة الجماعية
  • مراسل سانا: مظاهرة شعبية في دمشق دعماً لغزة ووقف حرب الإبادة الجماعية فيها، ورفضاً للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا، واعتزازاً بشهداء درعا الذين ارتقوا جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي غرب المحافظة