جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-03@11:57:17 GMT

رحلة المستثمر

تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT

رحلة المستثمر

 

 

خلفان الطوقي

 

أصبح بديهيًا أنَّ الحكومات لا تستطيع تحقيق أهدافها بمفردها، وأن المجتمع والقطاع الخاص لابُد أن يكونا شريكيْن حقيقيين إذا أُريد للدولة أن تكون دولة عصرية مُتقدمة، لذلك أصبحت الدول المتطورة تجتهد بكل ما لديها من أدوات أن تحول شعار الشراكة من مجرد شعار براق إلى واقع معاش، وأي دولة تستطيع أن تحول هذا الشعار إلى واقع، فإنها سوف تستطيع تحقيق أهدافها المنشودة إلى نتائج ملموسة تعم عوائدها وفوائدها البلاد والعباد.

من محاولات الدول ومنها عُمان في محاولة تنمية الاقتصاد الوطني أن تنشئ ما يسمى بـ"المحطة الواحدة" أو "الشباك الواحد"، بمعنى أن يتقدم المستثمر إلى هذه المحطة (One Stop Shop) بفكرة استثماره، وعلى المحطة أن تقوم بالتواصل معه، ومنحه كافة التراخيص القانونية والبيئية والأمنية والعمالية وغيرها في وقت محدد، وتوضح للمستثمر المتطلبات والشروط والموانع منذ بداية رحلته الاستثمارية إلى وقت التنفيذ والبدء في المشروع، وتدعمه في كيفية أن تزيل عنه كافة التحديات دون ملل وعناء المستثمر في الذهاب من جهة حكومية لوزارة أو هيئة حكومية أخرى، تفاديًا للبيروقراطية أو ضياع الوقت، وبالتالي البدء في مشروعه بدلاً من موت أو هجرة المشروع.

نظريًا هذا ما أرادت الحكومة تطبيقه منذ أكثر من 25 عاماً من خلال هذه المحطة، لكن الواقع كما يتداوله كثيرٌ من المستثمرين غير ذلك تمامًا، فمن النادر أن تسمعهم يذكرون كلمة "المحطة الواحدة"، وكأنَّ المحطة الواحدة لم تعد موجودة، أو أن دورها محدود جدًا، ودورها يكمن في إصدار سجل تجاري جديد فقط؛ بل تجدهم يرددون كلمات كهذه: إن الرد الحكومي يكون كالتالي (قبل موافقة وزارتنا أو هيئتنا على مشروعكم، يجب الحصول على موافقة مسبقة من الجهات الحكومية التالية)، ويمت ذكر هذه الجهات في قائمة، وعليك أيها المستثمر أن تأتي بهذه الموافقات بنفسك، ومن خلال قوة علاقاتك وتواصلك مع المسؤولين.

وكأنَّ كل جهة حكومية تبعث برسالة مفادها أنَّه لا مانع لدينا شريطة حصولك على موافقات من جهات أخرى، ومسؤوليتك أيها المستثمر- فردًا كنت أو مؤسسة- أن تُكمل رحلتك الاستثمارية، عليه، فإن كان هذا هو الواقع كما يتداوله البعض، فإننا ما زلنا في المربع الأول، والمرحلة المبكرة من النضج، وما زلنا في الخطوة الأولى من رحلة المليون، وعليه أن لا نتوقع الكثير من التهافت للاستثمار في عُمان.

بالرغم مما كتب أعلاه، يبقى الأمل في المطالبة بتفعيل "المحطة الواحدة" كما هو مخطط لها أو توسيع نطاق صالة "استثمر في عُمان" أو من خلال البرنامج الوطني "استدامة" في إيجاد آلية سهلة للمستثمر المحلي أو الأجنبي، القديم أو الجديد، وجعل رحلته واضحة وسهلة وسلسلة، وعلى الحكومة التصرف كأنها وحدة واحدة، تتحدث إلى المستثمر بلغة خدمية موحدة، تسعى إلى تسهيل رحلته لا أن تعقد مسيرته الاستثمارية.

ولتضع هذه القاعدة بأن هناك دولًا محيطة بنا تسعى لاستقطاب المستثمرين القدماء أو الجُدد، وأن مجالات الاستثمار أصبحت متنوعة، وأفضل الاستثمارات للبلد على الاطلاق هو ما يكون في أرض الواقع، لأنه يخلق عشرات الفرص للدولة والمجتمع والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة "Multiplier Effect"، وعلى الحكومة السعي إليه وتشجيع استمراره والتوسع فيه، وغير ذلك من استثمارات السهلة الودائع والصكوك والسندات وما شابهها فإن أثرها بسيط ومحدود.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الدائرة الواحدة أم الدوائر المتعددة؟ صراع المصالح يشعل الساحة السياسية

3 يناير، 2025

بغداد/المسلة:  تتصاعد في العراق نقاشات حادة حول تعديل قانون الانتخابات، تعكس تنافسًا بين رؤى متباينة للمشهد السياسي. في قلب هذا الجدل، تقف القوى السياسية التقليدية مسلحة بأدواتها المؤسسية، بينما تصطف القوى الناشئة والمستقلة في مسعى لإحداث تحول يعيد تشكيل ميزان القوى بما يتماشى مع متطلبات تمثيل شعبي أوسع وعدالة انتخابية أكثر شفافية.

تنازع المصالح بين القوى التقليدية والناشئة

تدفع القوى التقليدية نحو صياغة قانون يعزز هيمنتها، بالاعتماد على مقترحات مثل نظام الدائرة الواحدة أو تقسيم المحافظات ذات الكثافة السكانية العالية إلى دوائر انتخابية متعددة. هذا التوجه، بحسب متابعين، يهدف إلى تعظيم فرص الأحزاب الكبرى في السيطرة على المقاعد البرلمانية بفضل مواردها التنظيمية والمالية الكبيرة.

في المقابل، تسعى القوى الناشئة والمستقلة إلى الدفع نحو نظام يتيح تمثيلًا متساويًا وعادلًا، مع تركيزها على فكرة الدوائر المتعددة. هذه الرؤية تجد تأييدًا لدى شرائح واسعة من الناخبين، كونها تتيح للمستقلين فرصة أكبر في خوض المنافسة بعيدًا عن هيمنة القوى التقليدية التي حكمت المشهد لعقود.

مطالب التغيير وتحديات الاستدامة

مع المطالبات المتزايدة بإصلاح النظام الانتخابي، تبرز تحديات عدة، أهمها عدم استقرار القوانين وتغييرها بشكل متكرر، مما يؤدي إلى تراجع ثقة الناخبين في العملية الانتخابية.

والقوى الناشئة ترى أن اعتماد نظام الدوائر المتعددة يعبر عن إرادة الشارع، بينما تفضل بعض القوى التقليدية استدامة قوانين تحقق نوعًا من التوازن بين الإرادة الشعبية وتمثيل القوى السياسية.

تناقضات بين التحالفات السياسية

من اللافت أن النقاشات حول القانون الجديد تعكس انقسامًا داخل الإطار التنسيقي نفسه. بينما يدفع ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي نحو تعديلات تضمن استمرار الأحزاب الكبرى في الهيمنة، يتخذ تيار الحكمة موقفًا أكثر تحفظًا، محذرًا من أن التغيير المتكرر قد يؤدي إلى عزوف الناخبين.

أما ائتلاف النصر، فيطرح موقفًا وسطًا، داعمًا لأي تعديل يخدم المصالح الوطنية ويضمن وصول أصوات الناخبين إلى البرلمان، لكنه يرفض التغييرات التي تكرس هيمنة حزبية أو تؤدي إلى إضعاف العملية الديمقراطية.

إشكالية الثقة بالعملية الانتخابية
تواجه العملية الانتخابية في العراق أزمة ثقة متفاقمة. هذه الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكمات من قوانين انتخابية عديمة الاستقرار، وصراعات حزبية أفرغت المؤسسات من مضمونها الديمقراطي. القوى الناشئة ترى أن مفتاح استعادة هذه الثقة يكمن في قوانين تضمن تمثيلًا عادلًا للشرائح المهمشة والمستقلين.

الرهان على إصلاحات شاملة

في ظل هذا المشهد، يبدو أن أي تعديل جديد للقانون سيخضع لمعادلة معقدة، توازن بين مصالح القوى التقليدية وطموحات المستقلين. ويبقى السؤال حول قدرة النظام السياسي على تبني إصلاحات شاملة تعيد الثقة بالعملية الديمقراطية، وتتيح فرصًا متساوية للجميع، دون إقصاء أو تهميش.

 

 

 

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الدائرة الواحدة أم الدوائر المتعددة؟ صراع المصالح يشعل الساحة السياسية
  • الصحفيين ترد على استفسارات الزملاء لاعتراضهم على أسعار الرحلات
  • توجيه شركات الوساطة لاستكمال الربط بأنظمة "مسقط للمقاصة"
  • عقوبة مودرن سبورت بعد مشاركة 6 أجانب أمام الإسماعيلي
  • محافظ الجيزة: انتهاء الأعمال الإنشائية لمحطة الصرف الصحي بقرية المنوات بأبو النمرس
  • محافظ الجيزة: انتهاء الأعمال الإنشائية لمحطة رفع الصرف الصحي بقرية المنوات
  • 9% نمو أعداد الركاب بالمطارات المصرية خلال 2024
  • مطار القاهرة يستقبل 29 مليون راكب خلال عام 2024
  • طاهر العمري يختتم "رحلته المهنية" في البنك المركزي العُماني
  • بعد وفاة بشير الديك..محطات من رحلته الفنية وحياته الشخصية