خلفان الطوقي
أصبح بديهيًا أنَّ الحكومات لا تستطيع تحقيق أهدافها بمفردها، وأن المجتمع والقطاع الخاص لابُد أن يكونا شريكيْن حقيقيين إذا أُريد للدولة أن تكون دولة عصرية مُتقدمة، لذلك أصبحت الدول المتطورة تجتهد بكل ما لديها من أدوات أن تحول شعار الشراكة من مجرد شعار براق إلى واقع معاش، وأي دولة تستطيع أن تحول هذا الشعار إلى واقع، فإنها سوف تستطيع تحقيق أهدافها المنشودة إلى نتائج ملموسة تعم عوائدها وفوائدها البلاد والعباد.
من محاولات الدول ومنها عُمان في محاولة تنمية الاقتصاد الوطني أن تنشئ ما يسمى بـ"المحطة الواحدة" أو "الشباك الواحد"، بمعنى أن يتقدم المستثمر إلى هذه المحطة (One Stop Shop) بفكرة استثماره، وعلى المحطة أن تقوم بالتواصل معه، ومنحه كافة التراخيص القانونية والبيئية والأمنية والعمالية وغيرها في وقت محدد، وتوضح للمستثمر المتطلبات والشروط والموانع منذ بداية رحلته الاستثمارية إلى وقت التنفيذ والبدء في المشروع، وتدعمه في كيفية أن تزيل عنه كافة التحديات دون ملل وعناء المستثمر في الذهاب من جهة حكومية لوزارة أو هيئة حكومية أخرى، تفاديًا للبيروقراطية أو ضياع الوقت، وبالتالي البدء في مشروعه بدلاً من موت أو هجرة المشروع.
نظريًا هذا ما أرادت الحكومة تطبيقه منذ أكثر من 25 عاماً من خلال هذه المحطة، لكن الواقع كما يتداوله كثيرٌ من المستثمرين غير ذلك تمامًا، فمن النادر أن تسمعهم يذكرون كلمة "المحطة الواحدة"، وكأنَّ المحطة الواحدة لم تعد موجودة، أو أن دورها محدود جدًا، ودورها يكمن في إصدار سجل تجاري جديد فقط؛ بل تجدهم يرددون كلمات كهذه: إن الرد الحكومي يكون كالتالي (قبل موافقة وزارتنا أو هيئتنا على مشروعكم، يجب الحصول على موافقة مسبقة من الجهات الحكومية التالية)، ويمت ذكر هذه الجهات في قائمة، وعليك أيها المستثمر أن تأتي بهذه الموافقات بنفسك، ومن خلال قوة علاقاتك وتواصلك مع المسؤولين.
وكأنَّ كل جهة حكومية تبعث برسالة مفادها أنَّه لا مانع لدينا شريطة حصولك على موافقات من جهات أخرى، ومسؤوليتك أيها المستثمر- فردًا كنت أو مؤسسة- أن تُكمل رحلتك الاستثمارية، عليه، فإن كان هذا هو الواقع كما يتداوله البعض، فإننا ما زلنا في المربع الأول، والمرحلة المبكرة من النضج، وما زلنا في الخطوة الأولى من رحلة المليون، وعليه أن لا نتوقع الكثير من التهافت للاستثمار في عُمان.
بالرغم مما كتب أعلاه، يبقى الأمل في المطالبة بتفعيل "المحطة الواحدة" كما هو مخطط لها أو توسيع نطاق صالة "استثمر في عُمان" أو من خلال البرنامج الوطني "استدامة" في إيجاد آلية سهلة للمستثمر المحلي أو الأجنبي، القديم أو الجديد، وجعل رحلته واضحة وسهلة وسلسلة، وعلى الحكومة التصرف كأنها وحدة واحدة، تتحدث إلى المستثمر بلغة خدمية موحدة، تسعى إلى تسهيل رحلته لا أن تعقد مسيرته الاستثمارية.
ولتضع هذه القاعدة بأن هناك دولًا محيطة بنا تسعى لاستقطاب المستثمرين القدماء أو الجُدد، وأن مجالات الاستثمار أصبحت متنوعة، وأفضل الاستثمارات للبلد على الاطلاق هو ما يكون في أرض الواقع، لأنه يخلق عشرات الفرص للدولة والمجتمع والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة "Multiplier Effect"، وعلى الحكومة السعي إليه وتشجيع استمراره والتوسع فيه، وغير ذلك من استثمارات السهلة الودائع والصكوك والسندات وما شابهها فإن أثرها بسيط ومحدود.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
معهد الحياة الصحية في أبوظبي و«سينغلرون بيوتكنولوجيز» يطلقان «AD-Omics»
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةأعلن كل من معهد الحياة الصحية في أبوظبي (IHLAD)، أول منشأة مرخصّة متخصصة في مجال طب الحياة الصحية المديدة في العالم، وشركة سينغلرون بيوتكنولوجيز (Singleron Biotechnologies)، الشركة العالمية الرائدة في تقنيات الـ «الأوميكس المتعدد» (Multi-Omics) على مستوى الخلية الواحدة، عن تأسيس «AD-Omics»، وهو مشروع تحويلي مشترك، يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في خدمات التشخيص بالطب الدقيق في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط.
وسيركز «AD-Omics» على تطبيق أحدث تقنيات الجينوم وتحليل الأوميكس المتعدد على مستوى الخلية الواحدة لتقديم حلول رعاية صحية مخصصة لأول مرة من نوعها في المنطقة، بما يتماشى مع رؤية دولة الإمارات بأن تصبح رائدة عالمياً في قطاع الرعاية الصحية المتقدمة، وداعمة للابتكار، ومحسنة لنتائج المرضى.
وقالت الدكتورة نيكول سيروتين، الرئيسة التنفيذية لمعهد الحياة الصحية في أبوظبي: «يعتمد الطب الدقيق على تكييف الخطط العلاجية وفقاً للعوامل الجينية والبيئية ونمط الحياة الخاصة بكل فرد. وتُوفّر خبرة سينغلرون بيوتكنولوجيز في تقنيات الأوميكس المتعددة على مستوى الخلية الواحدة رؤى غير مسبوقة حول سلوك الخلايا، ما يُتيح تشخيصاً دقيقاً واستراتيجيات علاجية متخصصة. وعند دمجها مع الابتكارات التي يقدمها المعهد، ومبادرات الصحة السكانية، والخدمات السريرية المستقبلية المكرّسة لتمديد عمر الإنسان وتحسين جودة حياته، يُمثّل إطلاق AD-Omics محطة محورية في مساعينا لجعل هذه الابتكارات الرائدة متاحة للمرضى في مختلف أنحاء الشرق الأوسط».
من جهتها، قالت الدكتورة نان فانغ، الرئيسة التنفيذية لشركة سينغلرون بيوتكنولوجيز: «لطالما كانت مهمتنا هي توسيع نطاق الوصول إلى تقنيات تحليل الخلية المفردة، من أجل تقديم حلول أفضل في مجال الرعاية الصحية. ومن خلال شراكتنا مع معهد الحياة الصحية في أبوظبي في مشروع AD-Omics، فإننا لا نوسّع وجودنا في الشرق الأوسط فحسب، بل نضمن أيضاً أن تُستخدم ابتكاراتنا بأقصى إمكاناتها لتحسين حياة الناس».