خطورة الممر المائي الجديد على مصر وغزة
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
كشف الرئيس الأمريكي جو بايدن في مطلع مارس 2024 عن خطط لإنشاء الجيش الأمريكي ميناء على ساحل غزة يتيح توزيع نحو مليوني وجبة يوميا بعد أن تسبب العدوان الدائر منذ أكثر من 5 أشهر في واحدة من أسوأ مجاعات التاريخ الحديث.
فكرة الممر المائي ليست جديدة وتم طرحها أكثر من مرة خلال العشر سنوات الماضية وفي كل مرة عطلتها إسرائيل.
بعد العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014 وخنق القطاع بالحصار لسنوات طويلة ظهرت فكرة إنشاء ممر مائي بين غزة وقبرص وكانت مصر وسيطة في تلك الفكرة التي كانت تقوم على اتفاق هدنة لمدة 10 سنوات وأن يعاد تشغيل ميناء غزة لتخفيف الوضع داخل القطاع، خاصة وأن مساحة الميناء تمتد على طول 323 مترا كما يوجد في غزة مرفأ صغير للصيادين بقطر 400 متر وعمق المياه 5 أمتارويبلغ طول قناة مدخل الميناء ما يقرب من 700 متر ما جعل القطاع مؤهلا آنذاك لتشغيل الميناء وإنشاء ممر مائي لكن إسرائيل عطلت الفكرة ورفضت المشروع.
بعدها بأربع سنوات، تكرر الأمر في 2018 بمبادرة قطرية هذه المرة هدفها كان كسر الحصار وإدخال المساعدات وتفعيل ميناء غزة وذلك بالتنسيق بين إسرائيل ومصر وقطر لكن إسرائيل رفضت المبادرة أيضا.
ولكن يبدو أن الأمر مختلف تماما هذه المرة.
في 1 نوفمبر 2023 أعلن رئيس قبرص الرومية نيكوس خريستودوليدس في مؤتمر للمساعدات الإنسانية عقد في العاصمة الفرنسية باريس فكرة إقامة ممر بحري لنقل المساعدات إلى غزة من جزيرة قبرص.. بموجب الاقتراح القبرصي ستخضع البضائع للتفتيش الأمني وذلك في ميناء لارنكا القبرصي قبل نقلها إلى غزة حيث يقع على بعد 370 كيلومترا من غزة وذلك الممر المائي سيمرر المساعدات من قبرص إلى غزة مباشرة وليس عبر مصر (معبر رفح) أو دولة الاحتلال المجاورتين.
عقب هذا الاعلان القبرصي تهافت قادة الغرب على تأييد الفكرة مباشرة، في 5 نوفمبر 2023 زار وزير الخارجية الأمريكي "أنتوني بلينكن" قبرص من أجل هذا المقترح، ودعم الفكرة وأكد تأييد واشنطن لها، عقبه مباشرة موافقة الاتحاد الأوروبي على إنشاء الممر المائي وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تأييده للمشروع، كما رحب توني بلير (رئيس الوزراء البريطاني الأسبق) بالفكرة أيضا.
في 19 ديسمبر أعلنت الخارجية الإسرائيلية على غير العادة أن تل أبيب تبحث مع قبرص "تشغيل" ممر بحري بين الأخيرة وغزة، وفي اليوم التالي في 20 ديسمبر أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين تأييد فتح ممر بحري بين قبرص وغزة وقال كوهين: "إن الممر سيخضع لتفتيش أمني تنسقه إسرائيل" وشكر الوزير الإسرائيلي قبرص على ما أطلق عليه "المبادرة الهامة".
بالنسبة لغزة وأهلها يعد هذا الممر المائي المسمار الأخير في نعش القضية الفلسطينية، فالهدف الرئيسي ان تتحول غزة الى ضفة غربية جديدة محكومة بالكامل من قبل اسرائيل وخاضعة لشروط الاحتلال برا وبحرا وجوا.في اجتماعه يوم 27 ديسمبر 2023 ، أعلن مجلس الوزراء الفلسطيني رفض فكرة الممر المائي بين إسرائيل وقبرص وذكر المجلس أن هذا الممر ينطوي على مخاطر ديموغرافية تفرضها المخططات الإسرائيلية وطالب مجلس الوزراء بإدخال المساعدات عبر المعابر الحدودية الطبيعية لأنه هذا الممر المائي يعتبر كارثة على الشعب الفلسطيني.
استمر العمل في هذا الممر المائي بعد ذلك، في 1 يناير 2024 أجرت قبرص اختبار لآلية فحص للشحنات عن طريق الممر المقترح بعد إرسال 87 طنا من المساعدات البريطانية عن طريق هذا الممر.
في 12 مارس قالت صحيفة "إسرائيل اليوم" إن جهاز الأمن العام (الشاباك) يقوم حاليا بإنشاء نظام تفتيش شامل لمحتويات الشحنات للتأكد من أنها لا تحتوي على أسلحة يمكن أن تستخدمها حركة حماس وأوضحت "إسرائيل اليوم" أنه يجري حاليًا إنشاء الرصيف الجديد على الساحل الشمالي لقطاع غزة حتى يتمكن من استقبال السفن وقالت إنه بعد الانتهاء من التفتيش سيتم نقل الشحنات إلى سفينة قادرة على الرسو في المياه الضحلة بساحل غزة.
بالنسبة لغزة وأهلها يعد هذا الممر المائي المسمار الأخير في نعش القضية الفلسطينية، فالهدف الرئيسي ان تتحول غزة الى ضفة غربية جديدة محكومة بالكامل من قبل اسرائيل وخاضعة لشروط الاحتلال برا وبحرا وجوا.
في وثيقة نشرها موقع ميدل ايست اي البريطاني الاسبوع الماضي أشارت إلى تصريحات بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي فيما يتعلق بالممر المائي الجديد حين قال "لا يوجد عائق أمام خروج الفلسطينيين من قطاع غزة، باستثناء عدم رغبة الدول الأخرى في استقبالهم".
الممر المائي الجديد بالنسبة لنتنياهو هو طوق النجاة لخطة التهجير التي أعلنتها اسرائيل منذ اليوم الأول بعد السابع من أكتوبر ، وإن تحرك نتنياهو في عملية رفح البرية مع تدمير أو سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا يعني هذا خنق غزة تماما وعزلها عن العالم ووضع شريان حياتها الوحيد في يد إسرائيل بمعنى أنه لا إنسان ولا سفينة ولا بضائع ستدخل إلى القطاع إلا بإشراف وموافقة إسرائيلية كاملة وبتنسيق أمريكي..
الدور المصري الواجب الآن هو رفض فكرة الممر المائي تماما والحيلولة دون قيام إسرائيل بعملية برية في رفح، وفتح المعبر مباشرة وإدخال المساعدات بريا والعمل على مساعدة أهل غزة على البقاء ورفض تهجيرهم إلى أي مكان بر أو بحرا.من هنا يصبح وضع الفلسطينيين صعبا للغاية مع انعدام جميع منافذ الحياة الباقية وقطع المساعدات فأصبح الحل الوحيد هو البحر من غزة إلى قبرص إلى أي مكان آخر وهو بالتحديد ما يريده نتنياهو.
في مصر لن يختلف الوضع كثيرا..
سياسيا سيفقد الممر الميزة الاستراتيجية لمصر فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ستصبح مصر كأي دولة أخرى بعيدة عن بؤرة الأحداث.
يوسي كوهين (رئيس الموساد السابق) أكد في الأسابيع الأولى لهذه الحرب الدموية على ضرورة الانفكاك عن غزة اقتصاديا وإلغاء فكرة المعابر مع قطاع غزة بما فيها معبر رفح المصري والاعتماد على الممر المائي ما يعني خروج مصر من المعادلة تماما بل ستصبح في خطر داهم أمام حكومات اليمين المتطرف الإسرائيلي التي أعلن عدد من وزرائها أكثر من مرة عن أطماعهم في سيناء وحلم دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.
اقتصاديا ستفقد مصر المصالح والتبادل التجاري مع قطاع غزة وستتضرر مدن العريش والشيخ زويد اقتصاديا، وتكفي الإشارة هنا لتصريحات رئيس الغرف التجارية المصري الاسبق محمد المصري في الثامن عشر من اكتوبر 2023 حيث قال إن الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة قد أضرت بالتبادل التجاري الكبير بين مصر وفلسطين والذي وصل الى ما يقارب نصف مليار دولار في عام 2022 ـ 2023.
عسكريا ستتقلص بنود المعابر في اتفاقية كامب ديفيد وسيعاد النظربشكل كامل في المساعدات العسكرية الأميركية التي يحصل عليها الجيش المصري منذ توقيع تلك الاتفاقية عام 1979 وهو ما يهدد العلاقات الأمريكية المصرية ويضع علامات استفهام كثيرة حول قيمة مصر استراتيجيا فيما يتعلق بحماية المصالح الأمريكية في المنطقة وعلى رأسها أمن إسرائيل
يوما ما سيرحل عبد الفتاح السيسي ونظامه عن السلطة في مصر وسيبدو المشهد مخيفا على الأمن القومي المصري إن أغلق معبر رفح تماما وأصبحت حكومة يمينية متطرفة على الحدود المصرية الفلسطينية وأصبح المنفذ الوحيد لأهل غزة عبر ممر مائي تشرف عليه إسرائيل بمباركة أمريكية وأوروبية.
الدور المصري الواجب الآن هو رفض فكرة الممر المائي تماما والحيلولة دون قيام إسرائيل بعملية برية في رفح، وفتح المعبر مباشرة وإدخال المساعدات بريا والعمل على مساعدة أهل غزة على البقاء ورفض تهجيرهم إلى أي مكان بر أو بحرا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الممر المائي الفلسطيني فلسطين غزة رأي ممر مائي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
الأردن: إسرائيل تمنع المساعدات عن غزة في محاولة للتطهير العرقي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أوضح وزير الخارجية الأردني ونائب رئيس الوزراء، أيمن الصفدي، يوم الخميس، أن المساعدات الإنسانية تعرقل بشكل كامل من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، مما يؤدي إلى معاناة إنسانية شديدة في قطاع غزة ويعكس سياسة تسعى إلى تهجير السكان قسريًا.
جاءت هذه التصريحات خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده مع الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل.
أكد الصفدي أن الظروف في شمال القطاع أصبحت كارثية، حيث يعاني المدنيون من نقص حاد في الغذاء والماء وغياب الأدوية الضرورية، مشيرًا إلى أن الوضع يمثل مثالًا صارخًا على انتهاك حقوق الإنسان.
ولفت إلى أن السياسات الإسرائيلية في غزة تتمثل في تدمير ممنهج للبنية التحتية ومنع إدخال المساعدات، مما يؤدي إلى تفاقم المأساة الإنسانية بشكل غير مسبوق.
ناقش الجانبان الجهود الدولية الرامية إلى وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة ولبنان، مع التأكيد على أهمية حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل مستدام، كما شددوا على ضرورة العمل الفوري لإيقاف التصعيد المتزايد في الضفة الغربية الذي يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.
تناولت المحادثات أيضًا المساعي الدولية لحل الصراع السوري، مع الإشارة إلى تراجع كبير في الدعم المقدم للاجئين، مما يزيد من التحديات الإنسانية والسياسية في الأزمة المستمرة.
وأكد الصفدي أن الشراكة مع الاتحاد الأوروبي تتميز بعمق استراتيجي وتعاون وثيق انعكس إيجابيًا على العديد من المبادرات المشتركة.
هذه الزيارة جاءت كجزء من جولة بوريل الختامية في موقعه الحالي قبل مغادرته منصبه الشهر المقبل، حيث شدد الطرفان على أهمية الحفاظ على الحوار البناء للتعامل مع الأزمات الإقليمية المستمرة وضمان السلام في المنطقة.