د. محمد بن خلفان العاصمي
أطفال تحت الشمس
مشهد بدأ يتكرر كثيرًا في الأونة الأخيرة، أطفال من جنسيات عربية وأجنبية تحت أشعة الشمس الحارقة وفي نهار رمضان، لديهم مجموعة من كراتين المياه يبيعونها ظاهريًا ولكن الهدف الخفي معلوم، مجموعة من التساؤلات تبادرت إلى ذهني حول هذا المشهد الذي بات مألوفًا في بعض المناطق بمحافظة مسقط وهي معروفة لدى الكثيرين، من هم هؤلاء الأطفال؟ وكيف دخلوا إلى البلد؟ وأين أسرهم؟
لقد نصت اتفاقية جنيف 1999 حول حقوق الطفل على أهمية احترام هذا العمر وعدم استغلال الأطفال في الكسب وجرمت تشغيل الأطفال، كما إن النظام الأساسي للدولة أوجب احترام سن الطفولة ونظمت القوانين في السلطنة هذا الأمر، وجرمت استغلال الأطفال وحرمانهم من حق التعليم.
إنَّ مشهد طفل أو طفلة وهو يتجنب لهيب حرارة الشمس أو يفترش الرصيف المشتعل، أو ينام فوق صناديق المياه بعد أن أنهك التعب جسده الهزيل، هي أمور تبعث على الأسف لما وصل إليه حال البعض- سواءً كان ولي أمر أو مُستغِل- من القسوة وتحجر المشاعر والأنانية والطمع والاستغلال، بحيث أصبح يرى هذا الطفل العاجز مصدرًا للدخل، يجني من خلاله المال، وأنه لعمري سقوط كبير في إنسانيته وبُعد عن تعاليم الدين الحنيف الذي أوجب الرحمة لكل كبد رطبة، فكيف بالإنسان وخاصة الأطفال الذين لا يملكون القدرة على الاعتراض ولا حيلة ولا قوة لهم، والله سبحانه وتعالى وصف نفسه بالرحمن الرحيم، وجعل هذه الصفات هي أساس العلاقات الإنسانية (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء). ومن أجل ذلك وجب علينا جميعًا أن نقف للتصدي لمثل هذه السلوكيات التي تقدم المجتمع بشكل سيئ وتمتهن كرامة الإنسان، ويستغل فيها الأطفال الأبرياء الذين لا يملكون دفع الضر عن أنفسهم من قبل أشخاص كل ما يفعلونه هو توزيع كراتين المياه على الأرصفة ونقل هؤلاء الأطفال من مكان إلى آخر ثم يقبضون ثمن ذلك.
المستثمر الأجنبي وقانون الاستثمار
6 سنوات مرَّت على صدور قانون استثمار رأس المال الأجنبي، هذا القانون الذي صدر في العام 2019 بهدف تحفيز الاستثمار في سلطنة عمان من خلال حزمة من التسهيلات والحوافز، والتي تهدف من خلالها الحكومة إلى زيادة الجذب الاستثماري الأجنبي وإنعاش الاقتصاد العماني، وخلق الفرص الوظيفية، واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، وإنشاء بنية تحتية اقتصادية تخلق الاستدامة المالية، ومن أجل تحفيز المستثمرين صدرت تعديلات على القانون في فترات لاحقة تمثلت في إلغاء وجود شريك عماني وأصبحت نسبة التملك لغير العماني 100%، وتم إلغاء الحد الأدنى من رأس المال؛ حيث كان 150 ألف ريال عُماني، وتم إلغاء طلب كشوفات الحسابات البنكية من المستثمر، كما إن القرارات الوزارية التي صدرت لاحقًا أيضًا صبت في هذا الجانب، وحزمة الإعفاءات من الرسوم وتبسيط الإجراءات هي الأخرى جاءت لزيادة مساحة الإقبال على الاستثمار في سلطنة عُمان خاصة في ظل المنافسة المحمومة من دول الخليج، والتي هي الأخرى كرست جهودها لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية.
ومع كل هذه الجهود المبذولة، إلّا أن هناك بعض الممارسات والتحديات التي تقف أمام هذا الملف والتي ساهمت خلال الفترة الماضية في تحجيم الأرقام المأمولة والمخططة، وبات لزامًا على الجهات المختصة دراسة هذه التحديات وحلحلتها وإيجاد حلول لها حتى لا يتعارض مع هذا التوجه المُهم والذي تعول عليه الحكومة كثيرًا في بناء اقتصاد قوي يساهم في تحقق رؤية "عمان 2040" والتي وضعت أحد محاورها "اقتصاد ذو بنية تنافسية"؛ الأمر الذي يستوجب وضع حد لبعض الممارسات التي تشوه صورة هذا الملف والتي أصبحت وللأسف تُستخدم بطريقة غير صحيحة من البعض، مبتعدين عن الهدف الأساسي من إصدار هذا التشريع.
إن تقييم الوضع بات ضرورة ملحة خاصة بعد مرور سنوات على إصدار القانون وفي ظل وجود وزارة باختصاصات واضحة نحو الترويج للاستثمار ووجود توجه واضح من القيادة الرشيدة للدفع بهذا القطاع ليكون أحد عناصر التنويع الاقتصادي، ومن أجل ذلك لا بُد من الوقوف على الواقع وبكل شفافية وتجرد وبكل واقعية بعيدًا عن تجميل الوضع وإعطاء صورة غير حقيقية لما أنجز خلال الفترة الماضية.
لقد حثَّ حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أعزه الله- في أكثر من مناسبة على ضرورة تفعيل هذا الملف، وقاد منظومة العمل لجذب الاستثمارات الأجنبية من خلال زياراته لعدد من الدول وتوقيع العديد من الاتفاقيات وتعديل التشريعات الخاصة بالإقامة الطويلة للمستثمر الأجنبي وغيره، هذا التوجه يجب أن يتمثله المسؤول وأن يعي أن القيادة الحكيمة بنظرتها الثاقبة تدرك مدى قيمة هذا الملف في خلق التنويع الاقتصادي، ولا أظن أن الأمر يحتاج إلى تفكير عميق ليقوم كل فرد بدوره من أجل مستقبل اقتصادي زاهر.
توسعة طريق مسقط السريع
ما زالت مكرمات هذا الوطن تتوالى، واستجابة القيادة الرشيدة لحاجات الشعب نموذج لمعنى الاستماع والرغبة الجادة والمسؤولية والتواصل من قائد الوطن مع شعبه، الذي يقف شخصيًا على كل تفاصيل التنمية في هذا الوطن العزيز، هذا الحرص من لدن جلالته- أيده الله- ما هو إلّا ترسيخ لمبادئ وقيم يجب على كل مسؤول أن يكتسبها حتى تتحق أهداف التنمية في وطننا العزيز، وليس هناك أجمل من أن يكون القائد هو المثال.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
القضية الفلسطينية محور رئيسي في محطات العلاقات العربية الأمريكية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عرضت قناة "القاهرة الإخبارية تقريرا، يوضح أن القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية مثلت محورًا رئيسيًا في إطار العلاقات العربية - الأمريكية، وتخلل تلك العلاقات فترات من الفتور والتوتر نظرًا للموقف الأمريكي المنحاز دائمًا لصالح إسرائيل، لا سيما بعد احتلالها أراضي فلسطينية خلال حرب عام 1967، حسبما جاء في تقرير تليفزيوني.
وأوضح التقرير أن حرب 1967، هي الحرب التي ساهمت في تعزيز العلاقات بين واشنطن وتل أبيب، حيث صرح الرئيس الأمريكي ليندن جونسون في ذلك الوقت، بأن إسرائيل غير ملزمة بإعادة الأراضي التي احتلتها عام 1967، وخلال حرب السادس من أكتوبر عام 1973، زاد الخلاف العربي الأمريكي، فقامت واشنطن بعمل جسر جوي لمساندة إسرائيل أثناء الحرب.
وأشار إلى أنه في المقابل، استخدمت الدول العربية لأول مرة سلاح النفط خلال هذه الحرب، وتم الربط بشكل أساسي بين المصالح الأمريكية والغربية في النفط العربي، وبين الصراع الإسرائيلي العربي.
وتابع أنه حين هدد هينري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية آنذاك، بأنه لن يسمح باستخدام سلاح النفط في هذه الحرب، رد وزراء النفط العرب أنهم على استعداد لتفجير منابع النفط، إذا كانت هناك محاولات أمريكية للسيطرة عليها.