سالم بن نجيم البادي
في قسم الطوارئ في المستشفيات تتجلى صور ضعف الإنسان وهو يواجه الوجع الناتج عن المرض.. هنا وجوه المرضى الشاحبة وأجسادهم الواهنة التي أنهكها المرض، أنين وصراخ وبكاء، ودماء تُسحب من أوردة المرضى، وأجهزة قياس ارتفاع ضغط الدم وقياس درجة حرارة المريض ونبضات القلب، والأشعة بمختلف أنواعها، وأهالي المرضى الذين يرافقونهم تظهر عليهم ملامح القلق والخوف والترقب والحزن، وهم يُلحون على الأطباء لمعرفة نتائج الفحوصات، وهواتف الذين يرافقون المرضى لا تهدأ أبدًا لأنَّ الأقارب يسألون عن حال المريض وعن أدق التفاصيل.
أقسام الطوارئ في المستشفيات عالم قائم بذاته يتوافد إليه أصحاب إصابات حوادث السير والمرض المفاجئ والجلطات وحالات مرضية كثيرة والحوادث التي تقع للأطفال وقسم الطوارئ قد تشاهد فيه الدماء والموت ومن هم على وشك الموت، ومن يتقيأ وعربات تجر بسرعة وكراسي مُتحركة يجلس عليها مرضى في حالة يرثى لها، ورجال يقفون وقد ظهر عليهم الوجوم ومنهم من يقطع ردهات القسم ذهاباً وإيابا، وأمهات يجلسن في الأماكن المخصصة لهن، وهنَّ في حالة ترقب شديد، وآباء يحملون أطفالهم وأبناء يحضرون آباءهم كبار السن في الأسِرَّة المتحركة أو الكراسي المتحركة، وسيارات الإسعاف تنزل المرضى وتذهب، وأناس يخرجون ويدخلون من غرف المرضى كل شيء يبدو متوترا وفي حركة دائمة.
الأطباء والممرضون يعملون بهمة ونشاط وإخلاص وإتقان وتعاون وانسجام، وهم يتحملون كل الضغوط من المرضى ومن يرافقونهم، وبعض المرضى والمرافقين لهم يتعاملون مع الأطباء بحدة وإلحاح.
إنَّ من جرّب زيارة المستشفيات يدرك أهمية نعمة العافية، ويعرف معاناة المرضى وعائلاتهم ويقدر جهود العاملين في هذه المستشفيات وقدرتهم على التعامل مع الحالات الإنسانية والمواقف الصعبة والموت والألم، والمرضى الذين تختلف حالاتهم المرضية وأمزجتهم وحالاتهم النفسية.
الأطباء وكل من يعملون في قسم الطوارئ وكل أقسام المستشفى يستحقون الشكر والتقدير والاحترام، وأتقدم هنا بخالص الشكر لكل العاملين في مستشفى ينقل ومستشفى عبري لما وجدناه من اهتمام وعناية فائقة خلال رحلة علاج الوالدة إثر الوعكة الصحية التي ألمت بها، والشكر موصول إلى وزارة الصحة وإلى وطننا الغالي الذي يقدم الخدمات الطبية مهما غلا ثمنها مجاناً. والحمد لله على نعمة الوطن المعطاء.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
السوريون ليسوا وحدهم.. اللاجئون الفلسطينيون يبحثون عن ذويهم الذين أخفاهم الأسد
لا يزال فايز النمر متمسكا بزيارة قبر ولديه عامر ونور اللذين قتلتهما قوات بشار الأسد خلال نزوح اللاجئين الفلسطينيين من مخيم اليرموك في 29 يونيو/حزيران 2016، بعد كثير من التجويع والحصار.
ورغم شدة مصابه، فإن النمر يرى أنه أفضل من غيره حيث تمكن من دفن ولديه في قبر واحد بمقبرة المخيم، بعد أن كان يستعد لتزويج ابنه الصيدلاني (عامر) بعد أيام قليلة.
ويُنظر إلى مجزرة شارع علي الوحش بالعاصمة السورية دمشق -والتي وقعت في الأسبوع الأخير من شهر رمضان- على أنها واحدة من أفظع الجرائم التي ارتكبها جيش النظام السوري بحق اللاجئين الفلسطينيين خلال نزوحهم الجماعي عن مخيم اليرموك.
ووفقا لتقرير أعدته مراسلة الجزيرة نسيبة موسى، فقد ذاق اللاجئون الفلسطينيون -الذين كانوا يعيشون في حي التضامن القريب من مخيم خان الشيح- صنوف التنكيل والقتل على يد قوات النظام.
1500 مفقود
ففي 2013، فقدت خلود والديها و6 من عائلتها بينهم طفل عمره 4 أعوام عندما اقتحمت مليشيا تابعة لبشار الأسد منزلهم واختطفتهم وقتلتهم جميعا.
أما شقيقاها -سليمان وأحمد- فقد اختفت آثارهما على حواجز النظام، قبل أن تظهر صور جثمانيهما بعد سنوات عندما ظهرت صورهما في ملفات قيصر حيث تم إعدامه عام 2014، كما تقول.
إعلانووفقا لمجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، فقد اعتقلت قوات النظام نحو 3100 فلسطيني خلال سنوات الثورة. لكن 42 معتقلا فقط منهم ظهروا بعد سقوط الأسد.
ولا يزال أكثر من 3 آلاف بينهم 50 طفلا لا يعرف مصيرهم، فضلا عن أكثر من 640 فلسطينيا قضوا تحت التعذيب على يد قوات النظام بينهم 37 امرأة.
ففي الخامس من يناير/كانون الثاني 2014، وقعت واحدة من أبشع مجازر النظام بحق اللاجئين الفلسطينيين بشارع علي الوحش عندما فتح النظام ممرا آمنا لخروج المدنيين من مخيم اليرموك لكنه سرعان ما شرع بقتلهم واعتقالهم.
ولا يزال 1500 شخص اختفوا من هذا الممر في عداد المفقودين حتى اليوم. ومن بين هؤلاء زوج السيدة نجاة الشهابي ونجلها وشقيقاها وعماها وابن شقيقتها.
ومن خلال البحث، توصلت الشهابي إلى أن زوجها وابنها كانا في فرع ميسلون، لكنها لم تتمكن من الوصول إليهما ولا لبقية من اختفوا من ذويها حتى اليوم، حسب قولها.
والمأساة نفسها تعيشها السيدة سحر، التي لا تعرف حتى اليوم إن كان زوجها وابناها ثائر ومحمد أحياء أم أمواتا.
فعلى مدار 13 عاما، انتقم نظام الأسد من اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في سوريا بالتنكيل والقتل والتجويع لأنهم اختاروا الوفاء لشعب احتضنهم طوال عقود، كما يقولون.