ليبيا – رأى المحلل السياسي إدريس احميد أن من أكثر المخاطر التي تهدد الاستقرار في ليبيا هو انتشار السلاح خارج شرعية الدولة، وأن التشكيلات المسلحة في العاصمة أو في المناطق الغربية التي تسيطر على المنافذ تتقاتل كل يوم.

احميد وفي تصريحات خاصة لوكالة “سبوتنيك”، أضاف:”نحن نعلم أن هناك قرارات دولية تنص على ضرورة جمع السلاح ومعاقبة هذه التشكيلات المسلحة وهذا الأمر لم يتم، وهذا ما يؤكد أن التدخلات الخارجية الأمريكية هي التي تدعم هذه التشكيلات المسلحة، سواء بالصمت أو الدعم، وهذا يشكل إرهابا في حد ذاته، بإغلاق الطرق وغيرها من العمليات الأخرى”.

وقال إن الحكومة لا تستطيع السيطرة على التشكيلات المسلحة، ويبدو أن هذا الفراغ قد يتم استغلاله من بعض الأطراف التي لا تريد الاستقرار حفاظا على مصالحها، وعلى سبيل المثال ما يحدث في منفذ رأس اجدير، الذي يشهد حالة من الإغلاق والاقتتال بين التشكيلات المسلحة، وعصابات التهريب التي ترى بأن الحكومة تقوم بدعم تشكيلات على تشكيلات أخرى، هنا لا يمكن اللجوء إلى جمع السلاح وإنهاء وجود هذه التشكيلات لأنها ترى أن هناك تشكيلات أخرى، لا بد من وجود مؤسسة أمنية ومؤسسة عسكرية حقيقية قادرة على بسط السيطرة في البلاد.

واعتبر احميد أن السيناريوهات القادمة هي طبول حرب وحالة من عدم الاستقرار، ما لم تقام دولة تحت سلطة واحدة تجمع السلاح من هذه التشكيلات.

وأوضح بأن تواجد هذه التشكيلات المسلحة بدأت من بداية إعلان تحرير ليبيا في 2011، عندها رفضت هذه التشكيلات جمع السلاح بتدخل من دول خارجية، وزاد عددها وانتشرت بشكل كبير من أجل السيطرة على المشهد السياسي في البلاد، وهذا ما يتنافى مع ما يسمى بالتغيير في عام 2011، والتوجه نحو الديمقراطية،مؤكدا أن ليبيا تعاني من العديد من الملفات والمشكلات، أبرزها انتشار السلاح خارج شرعية الدولة.

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: التشکیلات المسلحة هذه التشکیلات

إقرأ أيضاً:

سلطة رام الله واستكمال الحصار

كان من الطبيعي أن تترافق حرب الإبادة التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة إثر عملية «طوفان الأقصى» التي قادتها «حماس» في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أن تترافق تلك الحرب مع هجمة على الضفة الغربية، إذ رأت الدولة الصهيونية في العملية المذكورة فرصة ذهبية للانقضاض على الشعب الفلسطيني في الأراضي التي احتلتها عام 1967 بغية استكمال نكبة 1948 فيها.

ذلك أن إسرائيل، لمّا احتلّت تلك الأراضي المتبقية من فلسطين الانتداب البريطاني الواقعة بين النهر والبحر، فوجئت بصمود معظم سكانها فيها ورفضهم الفرار إلى خارج ساحة الحرب بخلاف ما جرى في عام 1948، عندما فرّت أغلبية سكان الأراضي التي استولت عليها القوات الصهيونية، ولم يُسمح لهم بالعودة فتحوّلوا إلى لاجئين.

وقد استوعب سكان الضفة درس تلك التجربة التاريخية المريرة، وكذلك سكان غزة (فضلاً عن أن الشروط الجغرافية ذاتها تجعل من الفرار إلى سيناء مغامرة مجهولة العواقب).

لذا امتنعت إسرائيل عن ضمّ الأراضي المحتلة في عام 1967، باستثناء القدس الشرقية. وقد تداولت الحكومات الصهيونية المتتالية خططاً شتى لتهجير السكان من غزة والضفة سعياً وراء استكمال استيلائها على كامل فلسطين بين النهر والبحر، وذلك بضمّ أراضي 1967 بدون مواجهة معضلة مصير سكانها الأصليين الذين لم يكن وارداً أن يمنحهم الحكم الصهيوني المواطنة الإسرائيلية مثلما منحها للأقلية الفلسطينية التي بقيت في الأراضي المحتلة عام 1948 بما أتاح له ادّعاء الديمقراطية.

بيد أن الحكومة الصهيونية التي أشرفت على حرب 1967 أعدّت أيضاً خطة احتياطية عُرفت باسم الوزير الذي تولّى صياغتها، وهو إيغال آلون، تقضي بالاستيلاء الدائم على مساحات استراتيجية من الأراضي المحتلة، منها غور الأردن، وذلك بنشر قواعد عسكرية ومستوطنات في تلك المساحات، وتسليم المساحات الأخرى ذات كثافة سكانية فلسطينية عالية لوصاية المملكة الهاشمية الأردنية.

وقد قضت الانتفاضة المجيدة في عام 1988 على هذا المشروع، إذ تنصلّت المملكة الهاشمية من مسؤولية إدارة الضفة، بل تخلّت عن المطالبة باسترجاعها بوصفها أرضاً جرى ضمّها إلى المملكة في عام 1949. وهو قرار كان ظاهرياً تنازلاً عند رغبة الفلسطينيين بأن يكون لهم حكمٌ ذاتي، كما كرّسها المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في الجزائر في ذلك العام، وكان في الحقيقة تعبيراً عن اقتناع المملكة بأن السيطرة على الشعب الفلسطيني في أراضي 1967 باتت مستعصية وخطرة. فإن تسلسل الأحداث ذاك هو ما أقنع حزب العمّال الصهيوني، الذي تصرّف بموجب خطة آلون عندما كان حاكماً، بأن يستبدل المملكة الهاشمية بالقيادة العرفاتية لمنظمة التحرير الفلسطينية بعدما عاد إلى الحكم بقيادة إسحاق رابين في صيف 1992.

كان ذلك هو المدخل إلى مفاوضات أوسلو السرّية، التي خاض فيها ياسر عرفات ومحمود عبّاس وراء ظهر سائر أعضاء القيادة الفلسطينية والتي أفضت إلى الاتفاقيات الشهيرة التي جرى توقيعها في البيت الأبيض، في واشنطن، في أيلول/ سبتمبر 1993.

أما الغاية من تلك الاتفاقيات، فقد كانت جليّة لكلّ من لم يتوّهم بحدوث معجزات مؤدّية إلى «الدولة الفلسطينية المستقلّة» التي بشّر بها عرفات، حيث عمل الحكم الصهيوني على الفور على تصعيد النشاط الاستعماري الاستيطاني في أراضي 1967 وأناط بما سمّي «السلطة الوطنية الفلسطينية» مهمة قمع أي محاولة تمرّد أو مقاومة في صفوف الشعب الفلسطيني. وهي المهمة التي قبلت إسرائيل من أجل تنفيذها بدخول «جيش التحرير الفلسطيني» (المؤلف من لاجئين فلسطينيين) إلى أراضي 1967 وتحوّله إلى جهاز شرطة مزوّد بأسلحة خفيفة، مسؤول عن السيطرة على السكان المحلّيين.

وإذ بدأ تنفيذ اتفاقيات أوسلو بتسليم غزة وأريحا للسلطة الفلسطينية الجديدة في صيف 1994، رأت هذه الأخيرة أن تثبت للمحتلّ قدرتها على لجم شعبها بقمعها الدموي لتظاهرة قادتها «حماس» في غزة في خريف العام ذاته، في حادثة عُرفت باسم «مجزرة مسجد فلسطين»، كانت أبرز فاتحة لسلسلة من الأعمال القمعية نفّذتها قوات الأمن التابعة للسلطة، ضد الحركات الإسلامية بوجه خاص.

والحقيقة أنه لا يمكن أن تقوم بجوار الدولة الصهيونية وبرضاها «سلطة وطنية فلسطينية»، بل فقط سلطة تابعة للمحتلّ على غرار حكومة فيشي التي تولّت إدارة ذلك القسم من الأراضي الفرنسية الذي لم تحتلّه ألمانيا النازية مباشرة في عام 1940. وهو التشبيه الذي أجراه إدوارد سعيد في نقده الشهير لاتفاقيات أوسلو، وقد أثار غيظ القيادة العرفاتية إلى حدّ تحريم كتابات أشهر المفكرين الفلسطينيين في الأراضي التي أشرفت عليها.

وقد تأكدت حقيقة التشبيه الذي أقامه سعيد، غير أن ياسر عرفات أبى أن يستمر في لعب دور الماريشال فيليب بيتان، القائد العسكري الذي ترأس حكومة فيشي، بعد أن فطن أن حلمه بالدولة المستقلة كان وهماً ليس إلّا، وأدرك حقيقة المرامي الصهيونية ولو بتأخر كبير. وقد قاد انتفاضة الأقصى بدءاً من خريف عام 2000، الأمر الذي أدّى إلى هلاكه بعد أربع سنوات.

وبينما كانت لدى غالبية الشعب الفلسطيني أوهامٌ عند الإعلان عن اتفاقيات أوسلو والبدء بتنفيذها، لا سيما بسبب المجد التاريخي الشخصي الذي تمتّع به ياسر عرفات، تبدّدت هذه الأوهام كلياً بعد خلافة محمود عبّاس لعرفات. وقد غدا الفساد والقمع ملازمين لسلطة رام الله إلى حد خسارة «فتح» لانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني في عام 2006.

والباقي معروف: فوز «حماس» بالانتخابات، ثم المحاولة التي قادها محمد دحلان في القطاع لإقصاء الحركة في عام 2007، وقد منيت بالفشل، لكنّها أدّت إلى انقسام أراضي 1967 بين سلطتين فلسطينيتين متخاصمتين، سلطة محمود عبّاس في الضفة وسلطة «حماس» في القطاع.

وها أن مشهداً مخزياً يدور تحت أنظارنا في الضفة منذ استكمال السنة الأولى من حرب الإبادة الصهيونية الجارية على غزة، أي منذ تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. فقد شنت قوات الاحتلال الصهيوني أعنف هجوم في الضفة منذ قمع انتفاضة الأقصى قبل أكثر من عشرين عاماً.

فمثلما جرى في خريف 1994، شنّت «السلطة الفلسطينية» هجوماً دموياً على الفصائل الشبابية المسلّحة، بدأ في مدينة طوباس، ثم بلغ ذروته في الهجوم على مخيّم جنين حاضن «كتيبة جنين» المقاوِمة للاحتلال الإسرائيلي.

وفي رغبتها إقناع الولايات المتحدة وإسرائيل بقدرتها السيطرة على زمام الأمور، ذهبت سلطة رام الله إلى حدّ أنها، وهي تخوض حرباً على مخيم جنين، قرّرت منع قناة «الجزيرة» في أراضيها. ونحتار إزاء ذلك المشهد الصادم بين الامتعاض من السلطة، وبين السخرية من توهّمها في إقناع دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو بقدرتها على أن تقوم بلعب دور حرس السجن الكبير الذي يودّون أن يحصروا فيه من تبقّى من سكان الضفة والقطاع.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • سلطة وحكومة الجولاني في سوريا تفرض حذراً إقليمياُ أبرزها الإمارات التي تتبع سياسة التريث
  • العبود: المصالحة الوطنية مفتاح استقرار ليبيا وتتطلب قوانين وضمانات حقيقية
  • مؤتمر بالدانمارك يدعو لوقف تصدير السلاح لإسرائيل وقيام دولة فلسطينية
  • فرنسا تدعو الجماعات المسلحة بالكونغو الديمقراطية إلى الحوار وإلقاء السلاح
  • «الدبيبة» يستقبل سفير دولة قطر لدى ليبيا
  • خارطة حل الفصائل كما يراها ائتلاف النصر: وجود السلاح خارج نطاق الدولة يهدد الديمقراطية
  • خارطة حل الفصائل كما يراها ائتلاف النصر: وجود السلاح خارج نطاق الدولة يهدد الديمقراطية - عاجل
  • كان عامًا صعبًا للغاية وتحققت فيه كل السيناريوهات السلبية.. تركيا تتكبد خسائر فادحة في هذا القطاع
  • السلاح خارج السيطرة: خطر المليشيات على سيادة الدولة السودانية
  • سلطة رام الله واستكمال الحصار