أحمد الرميلي
اللغة السقطرية ليست سهلة كما يبدو للبعض، وكذلك لغة ما زالت بكرا ولم تحض بالدراسات الكافية الشافية، ولم تستقم قواعدها بعد.
ولهذين السببين أعتقد أنه من الأهمية بمكان أن يكون دارسها – في الوقت الراهن على الأقل – متقن لها إن لم يكن من بني جلدتها، أو حتى يحرص على نقل اللغة من مضانها الصحيحة، وأهم هذه المضان أبناؤها المتقنين لها.
غير هذا سيقع من يكتب عنها في خطل وزلل، وقد حصل هذا كثيرا.
ومن عجيب ما قرأت في هذا الصدد ما كتبه الباحث الكبير علي بن محسن آل حفيظ في كتابه الشهير (من لهجات مهرة وآدابها)، فقد حاول أن يثبت أن السقطرية ما هي إلا نسخة من الشحرية والمهرية، ولعله محق في ذلك، فمن يدري؟ ولعل الدراسات الجادة تكشف صحة ذلك أو تنفيه، لكن ليس بعد.
وما أريد أن أذكره هنا محاولة المؤلف أن يثبت صحة كلامه، فقد حاول لي ذراع بعض الألفاظ بأنها ألفاظ شحرية مهرية، ليؤكد على أن السقطرية أخذتها من الشحرية والمهرية. وكان تركيزه أكثر على أسماء المناطق.
فقد ذكر من أسماء المناطق مثلا:
– جبل طيباق.
– بحيرة قبقب.
– جبال جزلها.
– قشن.
– ساحوته.
هذا لكي يثبت أن تلك المسميات أخذت من الشحرية أو المهرية.
لكن بقليل من التركيز في تلك المسميات نلاحظ أن المؤلف لم يكن دقيقاً في نقلها.
فلا يوجد في سقطرى جبل طيباق ، ولعله يقصد جبل حيبق، وهو بعيد الدلالة عما يقصده.
كما لا وجود لبحيرة قبقب ، ولعله يقصد بحيرة ديطوح. وللقارئ أن يقارن بين اللفظين (قبقب, ديطوح)، ولا شك أن دلالة كل لفظ لا علاقة له بالآخر.
كما أنه لا وجود لمسمى جبال جزلها ، وربما يقصد قبيلة جزلهي، والتسمية فيها سقطرية صرفة لا علاقه لها بما يعني.
كما أنه لا وجود لمسمى قشن في سقطرى ، ولعله يقصد – بل أكيد من خلال وصفه – قرية شق.
وكذلك لا وجود لساحوته أبدا ، ولم أستطع أن أحرفها إلى لفظ قريب.
وليس هو وحده من وقع في مثل هذه الأحكام الخاطئة، والسبب صعوبة اللغة السقطرية وعدم تحري الدقة في كل ما يكتب عنها.
المصدر: صفحة الكاتب على فيس بوك
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: اليمن سقطرى لا وجود
إقرأ أيضاً:
مقال بمجلة نيوزويك: الصين ليست اتحادا سوفياتيا جديدا
منذ انهيار جدار برلين في 9 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1989، ثمة انطباع خاطئ ترسخ في الفكر الإستراتيجي الأميركي بأن التنافس بين القوى العالمية العظمى سيتبع منطق الحدث التاريخي ذاته الذي أسدل الستار على حقبة الحرب الباردة، كما ورد في مقال بمجلة نيوزويك.
واعتبر كاتب المقال محمد سليمان -وهو مدير معهد الشرق الأوسط في العاصمة الأميركية واشنطن– أن هذا الاستنتاج يستند إلى افتراض مُغرٍ بأن الخصوم يمكن احتواؤهم، وأن التحالفات يمكن تجميدها في كتل، وأن النصر سيأتي من خلال الإنهاك الأيديولوجي.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4إغناتيوس: الدولار في دائرة الخطر مع تصاعد الحرب التجاريةlist 2 of 4توماس فريدمان: لم أخف يوما على مستقبل أميركا مثل الآنlist 3 of 4كاتب أميركي: هكذا يمكن لقوة عظمى مارقة أن تعيد تشكيل النظام العالميlist 4 of 4وول ستريت جورنال: أميركا أمة في حالة استسلامend of listلكنه يرى أن هذا التفكير لا يمكن إسقاطه على الصين؛ فهي ليست دولة كالاتحاد السوفياتي السابق، وليست اقتصادا موجَّها معزولا، ولا إمبراطورية ترزح تحت وطأة تجاوزاتها العسكرية، بل هي في نظره دولة معولمة، مدعومة بالتكنولوجيا، ودولة حضارية ذات رأس مال وكفاءة واستمرارية، دولة ترفض لعب الدور الذي صاغته موسكو.
تنافس تاريخيوقال الكاتب إن ما من تنافس عبر التاريخ ترك بصمة على العقيدة الإستراتيجية الأميركية أعمق من الحرب الباردة. فعلى أمد نصف قرن من الزمان تقريبا، احتدم صراع منهجي عسكري وأيديولوجي واقتصادي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي الذي كان اقتصاده في حالة ركود ونظامه السياسي "متصلبا ومستبدا".
إعلانوأضاف سليمان أن الاتحاد السوفياتي أسس تحالفاته بالإكراه، وتخلَّفت ابتكاراته عن الركب، وانهارت منظومته الصناعية تحت معول تناقضاته، فكان أن خرجت أميركا من ذلك الصراع منتصرة بعد تفكك خصمها في عام 1991.
ووفق المقال، فقد أصبحت قواعد اللعبة إبان الحرب الباردة القائمة على الاحتواء والردع والرسائل الأيديولوجية -والتي ترمي في النهاية إلى إسقاط الخصوم- مفاهيم نظرية استخدمتها الولايات المتحدة في إدارة صراعها مع منافسيها.
ويعتقد الكاتب أن صناع السياسة الأميركية يحاولون الآن تطبيق الصيغة نفسها على الصين، التي يصف نظام حكمها بأنه هجين رأسمالي-تكنوقراطي ذو سيادة ويتمتع بانضباط إستراتيجي وله طموحات تكنولوجية، على عكس الاتحاد السوفياتي السابق.
حالة الصينعلى أن سليمان لا يرى أن صعود الصين معجزة، بل هو عودة إلى ماض كانت فيه الدولة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، حيث كانت تستحوذ على أكثر من 30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 1820.
ومن العوامل التي تجعل من الصين بتلك القوة أنها لم تتنازل قط عن أدواتها الاقتصادية للسوق أو لرأس المال الأجنبي عندما انضمت إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001.
ويصف مدير معهد الشرق الأوسط في مقاله محاولات أميركا "احتواء" الصين كما فعلت من قبل مع الاتحاد السوفياتي، بأنها غير موفقة وخطرة أيضا.
ومع أن أنصار إستراتيجية الحرب الباردة يدعون إلى تبني نهج عالمي للاحتواء، مصمم لمحاصرة الخصم تحت وطأة تناقضاته الداخلية، فإن سليمان يرى أن هذا منطق استند آنذاك على شن حملة موسعة استُخدمت فيها موارد كثيفة لمواجهة القوة السوفياتية في كل منطقة ومجال.
اختلاف العواملولكن تطبيق هذا المنطق على الصين يتعارض مع واقع الحال، فالولايات المتحدة لم تعد -في نظره- ذلك العملاق الصناعي الذي كانت عليه في عام 1950. وعلى النقيض من ذلك، باتت الصين مصنع العالم، وجزءا لا يتجزأ من سلاسل التوريد العالمية وتدفقات السلع وشبكات البنية التحتية.
إعلانويرى الكاتب أن الصين لم تعد تخوض تنافسا داخل النظام الدولي القائم فحسب، بل إنها تحدد أطرا جيوسياسية جديدة تماما قوامها الجيوتكنولوجيا (الجيولوجيا التقنية أو التقنية الجيولوجية).
ثم إن الصين لا تشارك في العولمة فقط، فهي تشكل أيضا شروط التحول الرقمي العالمي. وفي هذا الصدد، يقول سليمان إن بكين نشرت التكنولوجيا على نطاق غير مسبوق؛ بدءا من شبكات الجيل الخامس والبنية التحتية السحابية لشركة هواوي إلى نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة لشركة ديبسيك، ومن السيارات الكهربائية لشركة بي واي دي وليس انتهاء بالروبوتات الصينية الصنع.
ببساطة، فإن أميركا لم تعد قادرة على تحمل إستراتيجية الاحتواء المنهجي التي تتعامل بها مع العالم بأسره باعتباره مسرح مواجهة واحدا، حسب الكاتب.