ماذا بعد فشل مشروع القرار الأميركي بشأن غزة؟
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
واشنطن- بعد ساعات من إخفاق الولايات المتحدة في تمرير مشروع قرارها في مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار في غزة، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، من مطار ديفيد بن غوريون قبل صعوده الطائرة عائدا لواشنطن، "إن القرار حصل على دعم قوي للغاية، ولكن روسيا والصين اعترضتا عليه".
وصوتت للقرار 11 دولة، في حين رفضته 3 دول، روسيا والصين اللتان تملكان حق النقض (الفيتو) إضافة للجزائر، وامتنعت دولة غيانا عن التصويت.
وجاء التصويت في وقت تضغط فيه الولايات المتحدة بشكل متزايد بشأن غزة على حليفتها إسرائيل، حيث أنهى بلينكن زيارة إليها أجرى خلالها محادثات ركزت على المساعدات الإنسانية، وإصرار تل أبيب على شن هجوم بري برفح التي نزح إليها أكثر من مليون فلسطيني على مدار الأشهر الخمسة الأخيرة.
ويأتي مشروع القرار الأميركي بعد أن استخدمت إدارة الرئيس جو بايدن حق النقض ضد عديد من مشاريع قرارات سابقة في مجلس الأمن تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وغرد تاريتا بارسي، نائب رئيس معهد كوينسي في واشنطن على منصة إكس، معلقا على إخفاق المشروع الأميركي بالقول "إن صوت الجزائر -التي أعلن ممثلها أنه لا يمثل بلده فحسب، بل العالم العربي ككل- ضد مشروع القرار الأميركي في الأمم المتحدة بشأن غزة أكثر أهمية من الفيتو الروسي والصيني".
وتتجه الأنظار حاليا إلى الدوحة التي تحتضن مفاوضات لحلحلة الأزمة، ومحاولة التوصل إلى صفقة لوقف الحرب.
وجاء رفض القرار الأميركي في وقت توجه فيه رئيس الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) ديفيد برنيع إلى الدوحة للقاء نظيريه في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز، وعباس كامل رئيس الاستخبارات المصرية، بعد أن قالت الولايات المتحدة إن "الفجوة" في محادثات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) "تضيق".
وتسعى واشنطن للتوصل إلى صفقة يتم بمقتضاها وقف القتال لمدة 6 أسابيع مع الإفراج عن كل الرهائن والأسرى لدى حماس، مع زيادة في دخول المساعدات لقطاع غزة.
ونظر بلينكن بإيجابية لحصول بلاده على دعم 10 دول في مجلس الأمن، وأضاف "حصولنا على مثل هذا التصويت القوي على الرغم من حق النقض لاثنين من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، مرة أخرى، هو دليل ومظهر على الالتزام وقناعة البلدان في جميع أنحاء العالم، ولا سيما في مجلس الأمن لمعرفة كيفية التوصل إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن".
إفلات من العقاب
وندد سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا بالمشروع الأميركي، ووصفه بأنه "مبادرة منافقة" و"صياغة مخففة" في ما يتعلق بوقف إطلاق النار، إذ لا يتعرض لضرورة إنقاذ حياة الفلسطينيين المدنيين، وأكد أن مسودة القرار تمت صياغتها مع مراعاة للمصالح السياسية الأميركية وضمان إفلات إسرائيل من العقاب، ويمنحها ضوءا أخضر فعالا لشن عملية عسكرية في رفح، إضافة لكونه يخدم مصالح الإدارة الأميركية الانتخابية.
وبعد التصويت وإفشال القرار، دافعت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد عن القرار، وقالت إن "روسيا والصين استخدمتا حق النقض ضد القرار لسببين: لقد رفضتا إدانة حماس، ولأنهما ببساطة لم ترغبا في التصويت لصالح قرار صاغته الولايات المتحدة، فهما يفضلان رؤيتنا نفشل على أن نرى هذا المجلس ينجح".
ونص مشروع القرار الأميركي على أن وقف إطلاق النار أمر حتمي لحماية المدنيين، لكنه لم يطالب بوقف القتال الفوري، في حين نادى بتوسيع دخول المساعدات التي يتم توزيعها على أكثر من 2 مليون فلسطيني يواجهون خطر المجاعة.
وقبل التصويت على القرار وإفشاله، قال المتحدث باسم بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيت إيفانز -في بيان- إن الولايات المتحدة "تعمل بجدية مع أعضاء المجلس على مدى الأسابيع القليلة الماضية على قرار من شأنه أن يدعم بشكل لا لبس فيه الجهود الدبلوماسية الجارية الرامية إلى تأمين وقف فوري لإطلاق النار في غزة كجزء من صفقة الرهائن".
وتقول إسرائيل إن 130 محتجزا ما زالوا في غزة، وترجح تقارير أن 34 منهم لقوا حتفهم في الأسر بسبب القصف الإسرائيلي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات مشروع القرار الأمیرکی الولایات المتحدة وقف إطلاق النار الأمم المتحدة فی مجلس الأمن حق النقض
إقرأ أيضاً:
العراق يكثف جهوده لمواجهة تداعيات وقف الدعم الأميركي للنازحين
بغداد- في خطوة تهدف إلى معالجة الآثار المترتبة على قرار الولايات المتحدة تعليق دعمها للمنظمات الإنسانية العاملة في العراق، عقدت مستشارية الأمن القومي في بغداد اجتماعا لبحث سبل تعويض النقص وتأمين استمرار المشاريع الحيوية التي تخدم النازحين والعائدين من مخيم الهول السوري.
وشرعت الحكومة العراقية، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، منذ عام 2021 في تنفيذ عمليات نقل العائلات العراقية من مخيم "الهول" إلى مركز الأمل في مخيم "الجدعة" بمحافظة نينوى شمالي العاصمة بغداد بهدف إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع المحلي.
ويعد مخيم الهول أحد أكبر المخيمات في شمال شرقي سوريا وتسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وتقودها وحدات حماية الشعب الكردية.
وكان المخيم قد أنشأته الأمم المتحدة عام 1991 إبان حرب الخليج الثانية، حيث فرت العديد من العائلات العراقية تجاه سوريا حينها.
ومع الحرب التي شهدها كلٌ من العراق وسوريا ضد تنظيم الدولة، صار المخيم منذ سنوات ملجأ للعائلات السورية والعراقية والأجنبية التي اتهمت بموالاة تنظيم الدولة، فضلا عن عائلات أخرى تقطعت بها السبل خلال محاولتها الهرب من جحيم الحرب.
ومنذ عام 2021، عاد ما يقدر بنحو 9500 شخص إلى العراق من مخيم الهول. وتدرس السلطات العراقية زيادة عمليات إعادة العراقيين الباقين والذين يقدر عددهم بأكثر من 18 ألفا، بحيث تُنقل الأغلبية العظمى منهم بحلول نهاية عام 2027.
إعلان التزام بدعمهموأكد المتحدث باسم وزارة الهجرة العراقية علي عباس جهانكير، أن دعوة الحكومة العراقية للولايات المتحدة بعدم إيقاف دعمها نازحي مخيم الهول لا تعني عدم امتلاك العراق الإمكانيات المالية اللازمة، بل تأتي في سياق التعاون الدولي لحل هذا الملف الذي اكتسب بعدا إقليميا ودوليا.
وأشار جهانكير في حديث للجزيرة نت، إلى أن الولايات المتحدة كانت الراعي الأساسي لهذا الملف وهي من طرحت فكرة تفكيك المخيم وحثت الدول على سحب رعاياها تمهيدا لإغلاقه.
وأضاف، أن المنظمات العاملة في المخيم تعتمد اعتمادا كبيرا على التمويل الأميركي عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "يو إس إيد" (USAID)، مشددا على أن توقف هذا الدعم قد يعرقل سير المشاريع والبرامج القائمة في مركز الأمل المخصص لإعادة تأهيل العائدين.
وأوضح، أن العراق مستمر في جهوده لإعادة العوائل من المخيم وأنه في حال توقف الدعم الأميركي سيعتمد على إمكانياته الذاتية أو سيتوجه إلى مصادر تمويل أخرى كالاتحاد الأوروبي أو الدول الخليجية والآسيوية.
وشدد جهانكير على أن انقطاع التمويل لا يعني فشل المشروع، وأن العراق دولة ذات سيادة قادرة على إيجاد حلول بديلة، وأن التزام العراق بدعم هذا الملف لا رجعة فيه.
من جانبها، دعت رئيسة منظمة "آيسن" لحقوق الإنسان أنسام سلمان، الحكومة العراقية إلى الاستمرار في الضغط على الولايات المتحدة الأميركية للعدول عن قرارها بوقف تمويل مشاريع النازحين ومخيم الهول.
وأكدت في حديث للجزيرة نت، أن الدعم الدولي المالي المقدم للعراق ضمن الاتفاقيات والعقود المشتركة مع منظمات المجتمع المدني يساهم في دعم الفئات المجتمعية المحتاجة، ومنها اللاجئون في المخيمات التي لا تزال قائمة في العراق.
إعلانمن ناحيته، أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في 10 مارس/آذار، إلغاء 83% من برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بعد مراجعة دامت 6 أسابيع.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت سابق، أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية و"USAID" يجب أن "تُغلق"، واصفًا إياها بأنها "تقود اليسار الراديكالي المجنون"، وأن الفساد فيها وصل إلى مستويات نادرا ما شوهدت من قبل.
وأعربت عن أملها في أن تواصل الحكومة العراقية مخاطبة الجهات الدولية وخاصة الحكومة الأميركية لحثها على التراجع عن قرار إغلاق الوكالة التنموية الأميركية التي تدعم المشاريع التنموية في العراق.
وأشارت إلى أن استمرار التمويل الأميركي يمنح المنظمات المحلية ومنظمات المجتمع المدني الثقة والقدرة على تنفيذ مشاريعها وبرامجها التي تعتمد اعتمادا كبيرا على الدعم الخارجي.
وشددت على حاجة العراق الماسة للدعم الخارجي رغم كونه بلدا غنيا، مشيرة إلى أن الحكومة العراقية تواجه تحديات اقتصادية كبيرة تعيق تخصيص ميزانيات كافية لهذه الملفات بسبب اعتماد الاقتصاد العراقي على النفط كمورد رئيسي.
من جانبه، يوضح نائب رئيس مركز الرشيد للتنمية محمود الدباغ، أن دعم المنظمات الأميركية في العراق قد يصل إلى 20 مليون دولار سنويا في بعض الأحيان.
وقال الدباغ للجزيرة نت، إن قيمة آخر المنح في عام 2024 تجاوزت مليوني دولار مخصصة لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة (WFP)، وأن جزءا كبيراً من التمويل الأميركي يذهب إلى منظمات الأمم المتحدة لتنفيذ مشاريع تنموية وإغاثية، مؤكدا أن المانح الأميركي يلعب دورا محوريا في العراق.
وأضاف، أن المنظمات الأميركية تتناول ملفات حساسة، مثل إعادة دمج المجتمعات في المناطق المحررة، وإعادة النازحين وتأهيلهم، إضافة إلى مشروع إعادة نازحي مخيم الهول. منوها إلى عدم وجود خطط واضحة بشأن بدائل التمويل في حال انقطاع الدعم الأميركي الذي يعتبر الأبرز للمنظمات العاملة في العراق.
إعلانووفق الدباغ، يركز المانحون الأوروبيون على قضايا حقوق الإنسان والمناخ وتمكين المرأة، في حين أن تمويل مواضيع أخرى، مثل التي تتناولها الجهات الأميركية وتتجنبها الجهات الحكومية العراقية كمخيم الهول يعتبر شحيحا.
وشدد على حاجة العراق للدعم الأميركي في ملف المخيمات وإعادة النازحين لضمان الشفافية، مشيرا إلى وجود انتهاكات وانتقائية في القوانين بسبب العوامل المناطقية والعنصرية والطائفية، مما يقلق ناشطي حقوق الإنسان والعاملين في المجتمع المدني.
وأشار الدباغ إلى وجود مشاريع معلّقة لم يكتمل تنفيذها مثل مشاريع حكومية مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومشاريع إعادة النازحين التي تنفذها منظمات دولية ومحلية بدعم وإشراف أميركي.