يقول الكاتب البريطاني بيتر أوبورن إن فيلما وثائقيا بثته قناة الجزيرة عن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، الذي نفذته المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يكشف الادعاءات الكاذبة والملتهبة عن ذلك الهجوم والكيفية التي شقت بها هذه الأكاذيب طريقها إلى الصحافة السائدة في بريطانيا.

ويصف أوبورن، في مقال له بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، الفيلم، الذي أنتجته وحدة التحقيقات في الجزيرة، بأنه رصين، وواضح، ودقيق.

وقال إن هذا الوثائقي لا يتوانى عن تفصيل الأفعال التي ارتكبتها (حماس)، لكنه يظهر بما لا يدع مجالا للشك أن العديد من الروايات المروعة التي ظهرت من مصادر إسرائيلية كانت كاذبة.

أكاذيب مهدت للإبادة

وأوضح الكاتب أن فيلم الجزيرة يكشف أن القصص الإسرائيلية الملتهبة بشدة، سواء كانت تتعلق بادعاءات الاغتصاب الجماعي أو قطع رؤوس الأطفال وحرقهم، غير مدعومة بالأدلة وأنها أكاذيب مباشرة، ومع ذلك، فقد مهدت للهجوم الإسرائيلي الذي أعقب ذلك على غزة، والذي وصفته محكمة العدل الدولية بأنه من المحتمل أن يكون إبادة جماعية.

وأشار إلى أن قناة الجزيرة وصفت بشق الأنفس كيفية دخول هذه القصص إلى المجال العام، وانطوى وصفها على نظرة مستمرة لوحدة (زاكا) الإسرائيلية، وهي وحدة الاستجابة للطوارئ في إسرائيل من المسعفين المدربين الذين يتعاملون مع حوادث "الإرهاب" وجرائم القتل.

وقال إن الجزيرة أظهرت كيف قدمت (زاكا) تفاصيل عن الفظائع التي لم تحدث أبدا، بما في ذلك الأطفال الذين تم حرقهم وقطع رؤوسهم، والتي تصدرت عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم واستخدمتها إسرائيل لتحقيق أقصى تأثير دعائي لكسب التعاطف.

زاكا مصدر الأكاذيب

وورد في فيلم الجزيرة أن يوسي لانداو، أحد موظفي (زاكا)، قال للصحفيين إن (حماس) أحرقت حتى الموت "كومتين بكل واحدة 10 أطفال" في منزل في كيبوتس بئيري.

وانقضت وسائل الإعلام المختلفة على هذه الرواية، التي كررها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في محادثة مع الرئيس الأميركي جو بايدن: "أخذوا عشرات الأطفال، وقيدوهم، وأحرقوهم وأعدموهم".

وأظهرت الجزيرة أن هذه الروايات كانت غير صحيحة، مثل إظهارها أن قائمة الأطفال القتلى المزعومة لم يكن بها غير التوأمين اللذين يبلغان من العمر 12 عاما وقتلا بشكل مأساوي عندما اقتحمت الشرطة والجنود المنزل في كيبوتس بئيري، كما لم يكن هناك حرق أو قطع رؤوس، ولا دليل جادا يدعم مزاعم الاغتصاب الواسع النطاق والممنهج.

وعلق الكاتب بأن التقارير الجادة والمدروسة والحيوية التي بثتها (الجزيرة) تبرز نقطة واحدة مثيرة للاهتمام: لماذا تُرك هذا الأمر لتقوم به قناة الجزيرة؟

لماذا فشل الإعلام البريطاني؟

وتساءل: لماذا لم تستطع وسائل الإعلام البريطانية فعل ذلك؛ بي بي سي، سكاي نيوز، أو وحدة التحقيق الشهيرة بصحيفة "صنداي تايمز"، وصحف التابلويد التي تنفذ حملات من وقت لآخر مثل (ديلي ميلي) أو (ديلي إكسبرس)، أو غيرها؟

وقال إن الإجابة قد تكون بسيطة وهي أن وسائل الإعلام الرئيسية في المملكة المتحدة وثقت الرواية الإسرائيلية الملفقة وروجت لها ووجهت اتهامات بسوء النية لمن يشكك فيها. ووفقا لأحد عناوين التلغراف: "ما كان على إسرائيل أن تثبت أن حماس ذبحت الأطفال".

التبرير للإبادة في غزة

واستمر أوبورن يقول إن التقارير المبكرة عن الحرق وقطع الرؤوس قدمت أعضاء (حماس) على أنهم برابرة دون البشر، "مثل تنظيم الدولة"، وإن هذه التقارير الملفقة استخدمت لتبرير وحشية إسرائيل تجاه السكان الفلسطينيين في غزة.

فقد قال وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك، إيلي كوهين، في الأمم المتحدة: "أخبروني، ما الرد المناسب لقتل الأطفال؟ لاغتصاب النساء وحرقهن؟ لقطع رأس طفل؟ الرد المناسب على مجزرة 7 أكتوبر/تشرين الأول هو التدمير الكامل، التدمير الكامل، إلى آخر عضو في حماس".

وقال السيناتور الجمهوري الأميركي ماركو روبيو: "لا أعتقد أن هناك أي طريقة يمكن أن يتوقع من إسرائيل أن تتعايش أو تجد بعض العلاقات الدبلوماسية مع هؤلاء المتوحشين".

وعاد أوبورن ليقول إن فيلم الجزيرة قام بأكثر من مجرد تصحيح لسجل الأحداث في 7 أكتوبر/تشرين الأول، إذ إنه يثير مخاوف جدية بشأن فشل وسائل الإعلام البريطانية في التشكيك في الرواية الإسرائيلية، وأن هذه الوسائل وضعت نفسها عرضة للاتهام بالتواطؤ في تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، الأمر الذي فتح بدوره الطريق أمام ما تبدو كل يوم وبشكل متزايد أنها إبادة جماعية في غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات وسائل الإعلام

إقرأ أيضاً:

كاتب صحفي: أمريكا تقف بالمرصاد لأي محاولة لمنع إسرائيل من الاستمرار في الحرب

أكد الكاتب الصحفي محمد مصطفى أبو شامة، أن عقد اجتماع موسع لوزراء خارجية مجموعة السبع بحضور وزراء خارجية مصر والأردن وعدد من الدول العربية، يأتي في سياق اجتماعات دورية وتكرار حدوثها طوال العام المنصرم في محاولة لإيجاد صيغة وحل لأزمة الحرب في قطاع غزة الممتدة لأكثر من عام، ومناقشة ترتيبات ما سيتم بعد إيقاف الحرب.

جلسات ولقاءات مجموعة السبع 

وأوضح «أبو شامة»، خلال لقائه مع الإعلامية آية لطفي، ببرنامج «ملف اليوم»، المُذاع عبر شاشة «القاهرة الإخبارية»، أن جلسات ولقاءات مجموعة السبع تستهدف بحث سيناريوهات المستقبل لقطاع غزة ولإدارته، وكل ما يتعلق بنتائج الحرب المدمرة على القطاع وتبعتها المستقبلية.

 

ضغط دبلوماسي على المجتمع الدولي

وتابع: «تعودنا ألا نعول على هذه الاجتماعات كثيرًا رغم حسن نوايا المجتمعين ورغبتهم الدائمة في ممارسة قدر من الضغط الدبلوماسي على المجتمع الدولي بشكل عام والولايات المتحدة من أجل إيقاف عجلة الحرب وإنهاء الحرب في غزة، وهي أمور لا تتحقق رغم المكسب الكبير الذي حدث مطلع الأسبوع بالحكم الصادر من الجنائية الدولية باعتقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، الذي كان يستلزم تحركا على مستويات أعلى لكن كالعادة الولايات المتحدة الأمريكية تقف بالمرصاد لأي محاولة لاصطياد إسرائيل وإيقافها عن الاستمرار في الحرب».

مقالات مشابهة

  • كاتب صحفي: أمريكا تقف بالمرصاد لأي محاولة لمنع إسرائيل من الاستمرار في الحرب
  • كاتب صحفي: أمريكا تقف بالمرصاد لمحاولات منع إسرائيل عن الاستمرار في الحرب
  • يديعوت: هكذا حذر لواء إسرائيلي من خداع حماس فوقع في فخ 7 أكتوبر
  • سر الـ6 أيام.. كيف أفشل «السنوار» خطة إسرائيل للهجوم على غزة قبل 7 أكتوبر؟
  • وزير الإعلام السوداني: الجيش سيحرر ولاية الجزيرة بشكل كامل قريبا
  • سر المرة الوحيدة التي بكى فيها سمير غانم على الشاشة.. ما القصة؟
  • خبير: إسرائيل تتحمل المسؤولية إذا توقف عمل مستشفيات غزة
  • أكسيوس: ترامب يشرف على مفاوضات غزة وفقا لطلب رئيس إسرائيل
  • بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
  • كاتب الدولة في التضامن والإدماج يزور رفقة أمزازي مراكز اجتماعية بأكادير