كاتب بريطاني: الجزيرة تروي القصة التي لن يرويها الإعلام الانجليزي عن هجوم 7 أكتوبر
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
يقول الكاتب البريطاني بيتر أوبورن إن فيلما وثائقيا بثته قناة الجزيرة عن هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، الذي نفذته المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يكشف الادعاءات الكاذبة والملتهبة عن ذلك الهجوم والكيفية التي شقت بها هذه الأكاذيب طريقها إلى الصحافة السائدة في بريطانيا.
ويصف أوبورن، في مقال له بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، الفيلم، الذي أنتجته وحدة التحقيقات في الجزيرة، بأنه رصين، وواضح، ودقيق.
وقال إن هذا الوثائقي لا يتوانى عن تفصيل الأفعال التي ارتكبتها (حماس)، لكنه يظهر بما لا يدع مجالا للشك أن العديد من الروايات المروعة التي ظهرت من مصادر إسرائيلية كانت كاذبة.
أكاذيب مهدت للإبادةوأوضح الكاتب أن فيلم الجزيرة يكشف أن القصص الإسرائيلية الملتهبة بشدة، سواء كانت تتعلق بادعاءات الاغتصاب الجماعي أو قطع رؤوس الأطفال وحرقهم، غير مدعومة بالأدلة وأنها أكاذيب مباشرة، ومع ذلك، فقد مهدت للهجوم الإسرائيلي الذي أعقب ذلك على غزة، والذي وصفته محكمة العدل الدولية بأنه من المحتمل أن يكون إبادة جماعية.
وأشار إلى أن قناة الجزيرة وصفت بشق الأنفس كيفية دخول هذه القصص إلى المجال العام، وانطوى وصفها على نظرة مستمرة لوحدة (زاكا) الإسرائيلية، وهي وحدة الاستجابة للطوارئ في إسرائيل من المسعفين المدربين الذين يتعاملون مع حوادث "الإرهاب" وجرائم القتل.
وقال إن الجزيرة أظهرت كيف قدمت (زاكا) تفاصيل عن الفظائع التي لم تحدث أبدا، بما في ذلك الأطفال الذين تم حرقهم وقطع رؤوسهم، والتي تصدرت عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم واستخدمتها إسرائيل لتحقيق أقصى تأثير دعائي لكسب التعاطف.
زاكا مصدر الأكاذيبوورد في فيلم الجزيرة أن يوسي لانداو، أحد موظفي (زاكا)، قال للصحفيين إن (حماس) أحرقت حتى الموت "كومتين بكل واحدة 10 أطفال" في منزل في كيبوتس بئيري.
وانقضت وسائل الإعلام المختلفة على هذه الرواية، التي كررها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في محادثة مع الرئيس الأميركي جو بايدن: "أخذوا عشرات الأطفال، وقيدوهم، وأحرقوهم وأعدموهم".
وأظهرت الجزيرة أن هذه الروايات كانت غير صحيحة، مثل إظهارها أن قائمة الأطفال القتلى المزعومة لم يكن بها غير التوأمين اللذين يبلغان من العمر 12 عاما وقتلا بشكل مأساوي عندما اقتحمت الشرطة والجنود المنزل في كيبوتس بئيري، كما لم يكن هناك حرق أو قطع رؤوس، ولا دليل جادا يدعم مزاعم الاغتصاب الواسع النطاق والممنهج.
وعلق الكاتب بأن التقارير الجادة والمدروسة والحيوية التي بثتها (الجزيرة) تبرز نقطة واحدة مثيرة للاهتمام: لماذا تُرك هذا الأمر لتقوم به قناة الجزيرة؟
لماذا فشل الإعلام البريطاني؟وتساءل: لماذا لم تستطع وسائل الإعلام البريطانية فعل ذلك؛ بي بي سي، سكاي نيوز، أو وحدة التحقيق الشهيرة بصحيفة "صنداي تايمز"، وصحف التابلويد التي تنفذ حملات من وقت لآخر مثل (ديلي ميلي) أو (ديلي إكسبرس)، أو غيرها؟
وقال إن الإجابة قد تكون بسيطة وهي أن وسائل الإعلام الرئيسية في المملكة المتحدة وثقت الرواية الإسرائيلية الملفقة وروجت لها ووجهت اتهامات بسوء النية لمن يشكك فيها. ووفقا لأحد عناوين التلغراف: "ما كان على إسرائيل أن تثبت أن حماس ذبحت الأطفال".
التبرير للإبادة في غزةواستمر أوبورن يقول إن التقارير المبكرة عن الحرق وقطع الرؤوس قدمت أعضاء (حماس) على أنهم برابرة دون البشر، "مثل تنظيم الدولة"، وإن هذه التقارير الملفقة استخدمت لتبرير وحشية إسرائيل تجاه السكان الفلسطينيين في غزة.
فقد قال وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك، إيلي كوهين، في الأمم المتحدة: "أخبروني، ما الرد المناسب لقتل الأطفال؟ لاغتصاب النساء وحرقهن؟ لقطع رأس طفل؟ الرد المناسب على مجزرة 7 أكتوبر/تشرين الأول هو التدمير الكامل، التدمير الكامل، إلى آخر عضو في حماس".
وقال السيناتور الجمهوري الأميركي ماركو روبيو: "لا أعتقد أن هناك أي طريقة يمكن أن يتوقع من إسرائيل أن تتعايش أو تجد بعض العلاقات الدبلوماسية مع هؤلاء المتوحشين".
وعاد أوبورن ليقول إن فيلم الجزيرة قام بأكثر من مجرد تصحيح لسجل الأحداث في 7 أكتوبر/تشرين الأول، إذ إنه يثير مخاوف جدية بشأن فشل وسائل الإعلام البريطانية في التشكيك في الرواية الإسرائيلية، وأن هذه الوسائل وضعت نفسها عرضة للاتهام بالتواطؤ في تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، الأمر الذي فتح بدوره الطريق أمام ما تبدو كل يوم وبشكل متزايد أنها إبادة جماعية في غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات وسائل الإعلام
إقرأ أيضاً:
خبير بريطاني: الغرب يشجع إسرائيل على القيام بما لا يجرؤ هو على القيام به
قال موقع "أوريان 21" إن يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 كان بمثابة ثورة في منطقة الشرق الأوسط برمتها، ظهرت عواقبه في لبنان وسوريا، إضافة إلى تداعياته على غزة، ولذلك أجرت مقابلة مع بيتر هارلينغ مؤسس شركة "ساينابس"، وصاحب الخبرة الواسعة في المنطقة.
وفي تحليله للأحداث الجارية، أفاد بيتر هارلينغ، وهو خبير بريطاني في العلاقات الدولية، بأن الحرب الحالية في غزة بدت له مختلفة عن حروب أخرى شهدها في المنطقة، أولا بسبب الاختلال الهائل في توازن القوى، حيث أطلق حزب الله الصواريخ وشن هجمات على إسرائيل كانت نتائجها واهية، في حين استخدمت إسرائيل قوة غير متناسبة، تحول مبنى كاملا إلى أنقاض بضربة واحدة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: صور وفيديوهات الجنود التي توثق الانتهاكات بغزة تهدد باعتقالهمlist 2 of 2هآرتس: سرّاق الأرض الإسرائيليون العنيفون يستهدفون الضفة الغربية بأكملهاend of listوانتقد الكاتب ما اعتبره عالما بائسا، يتمتع فيه شخص ما في مكان ما، بالقدرة على هدم المباني السكنية واحدا تلو الآخر، بمجرد الضغط على زر، مما جعل الناس في لبنان يشعرون بالعجز، وهو ضعف يصل إلى حد الشعور المرتبك بالعري في مواجهة هذه القوة المطلقة.
أما هنا في فرنسا -يقول الكاتب- فنتصور أن هذه الحرب لا تعنينا، فهي حرب غامضة وبعيدة، مع أن إسرائيل تحارب بسلاحنا وتستفيد من دعمنا الإعلامي والسياسي والدبلوماسي، في معركة تبدو على السطح ضد الإرهاب، ولكنها تُخاض ظاهريا باسمنا للدفاع عن المعسكر الغربي في مواجهة الهمجية، ولتعزيز المهمة الحضارية.
إعلان
أما بالنسبة للذين يتابعون التفاصيل أو يعانون منها، فهم يرون حرب فظائع، حيث يتم استهداف الصحفيين والعاملين في مجال الصحة، ويتم تدنيس المساجد والكنائس وهدم المقابر، من بين آلاف أعمال العنف غير المبررة، مما يظهر الفجوة بين هذه التجربة المخيفة والسرد المخفف الذي يهيمن في الخارج، وفقا لهارلينغ.
ولا يمكننا -يقول هارلينغ- إلا أن نرى كيف تتحول حكوماتنا إلى التطرف من خلال إسرائيل، إلى درجة ضرب عرض الحائط بالقانون الدولي الإنساني الذي هو من أعظم وأجمل مساهمات أوروبا في استقرار العالم.
وهكذا، يضيف الخبير، نشجع إسرائيل على القيام بما لا نجرؤ نحن على القيام به بأنفسنا، وبالتالي فإن هذه الحرب هي بمثابة كاشف ومسرِّع للفاشية التي نعيشها، التي تضرب بجذورها الآن في كل مكان في القارة الأوروبية.
وتطرق الكاتب لما حل بحزب الله، فوضح أنه قد ضعف بالفعل، لكنه يحتفظ بمرساة اجتماعية لا تتزعزع تقريبا، وسوف يستمر بالدفاع عن مكانته في النظام السياسي الذي كان جزءا لا يتجزأ منه، بما في ذلك الطائفية.
وعند التطرق للموضوع السوري، ذكر بيتر هارلينغ أن أي تحول من هذا النوع يكون معقدا ومحفوفا بالمخاطر.
لكنه لفت إلى أن اعتبار وسائل الإعلام وجزء من الجمهور في الغرب أن سقوط نظام عربي يعد نذير شؤم، فيه تجاهل لمدى يأس الوضع في سوريا، وسوء فهم لما يعنيه أن يعود الناس لوطنهم بعد سنوات من المنفى.
كما أن ذلك، حسب قوله، استسلام لرد الفعل المتغطرس في بلداننا التي تريد أن يكون التغيير نحو الأفضل مجرد وهم في بعض البلدان.
وبدلا من الانغماس في هذه التصورات، يقول هارلينغ، يستطيع الغرب أن يقدم تعاطفه ومساعدته في الوقت الذي تغتنم فيه إسرائيل الفرصة للتعدي على أراضي سوريا وتدمير ما تبقى من قدرتها العسكرية، وتقصف فيه الولايات المتحدة ما تراه مناسبا، وتهتم أوروبا بعودة كل اللاجئين إلى هذا البلد، ولا تعرب عن قلقها إلا على المجتمعات المسيحية كما لو أنه لا توجد أقليات أخرى في خطر وسكان آخرون معرضون للخطر.
وذكر بيتر هارلينغ، عند التطرق إلى شركته التي طوّرت عملا تحليليا يغطي المسائل المجتمعية التي لا تتناولها الأبحاث إلا قليلا، بأنه اختار أن يبعد نفسه عن المواضيع المستهلكة كثيرا، يقول "كانت الانتفاضات الشعبية في عامي 2010 و2011 بمثابة نقطة تحول بالنسبة لي، إذ فهمت حينها أنه لم يعد بإمكاننا تجاهل مجتمعات المنطقة بعد الآن، خاصة أن هذه المجتمعات لم تكن مجهولة بالنسبة لي".
إعلانوفي أعقاب الانتفاضات، -يقول هارلينغ- بدا لي من الضروري أن يتنحى الأجانب مثلي، ممن ظهروا بشكل متكرر على شاشات التلفزيون للتعليق على الأحداث الجارية في المنطقة، لصالح شخصيات محلية تتحدث باسمهم، وقد مكنني برنامج ساينابس من المساهمة في هذه العملية، من خلال تدريب الباحثين الشباب.
ومع ذلك لا تزال المنطقة تُفهم من خلال ذخيرة العنف الرئيسية، كالحروب والمجازر واللاجئين والتطرف والقمع والأزمات والكوارث وما إلى ذلك، وتميل وجهة النظر هذه إلى تجريد السكان المحليين من إنسانيتهم، وتحويلهم إلى جماهير متحركة، أو ضحايا جانبيين أو تهديدات محتملة، سواء بسبب الإرهاب أو الهجرة، على حد تعبيره.
بيد أن هناك جانبا أكثر إيجابية في الخطاب حول الشرق الأوسط المعاصر، ينبع من رؤية اقتصادية مختزلة بطريقتها الخاصة، كجاذبية المغرب وقدرته التنافسية، والابتكار الإسرائيلي والإماراتي، والاستثمارات القطرية، والسعودية، وما إلى ذلك، فهذا مهم لنا، فتلك هي المنطقة التي نمارس فيها أعمالنا، والتي تنتمي إلى خريطتنا العالمية للتبادلات المعولمة.
لكن الخبير أبرز أن هناك المنطقة الأخرى التي نسقط فيها القنابل والمساعدات الإنسانية والمبعوثين الخاصين.
ومع ذلك، هناك شرق أوسط ثالث يكاد يكون غائبا تماما -كما يقول هارلينغ- ألا وهو الحياة اليومية لنصف مليار إنسان، بينهم العديد من الأشخاص الذين لا تشملهم صورنا النمطية، ويمكننا أن نتعلم منهم كثيرا، كالمزارعين الذين يتكيفون مع تغير المناخ، ورائدات الأعمال المحافظات، وشبكات التضامن الكثيفة وغير الرسمية، والعمل الخيري التقليدي النشط للغاية، وغير ذلك.
وتواجه هذه المجتمعات، التي لا تقل ثراء وتعقيدا عن مجتمعاتنا بطبيعة الحال، العديد من المشاكل المألوفة بالنسبة لنا، بدءا برداءة النخب السياسية، واعتداء الأثرياء، والتفكيك التدريجي للخدمات العامة، ولكن عدم فهم بعضنا بعضا يحرمنا من قاعدة من التجارب المشتركة التي يمكن أن نبني عليها علاقات أكثر إنسانية، متحررة من جميع الأوهام التي هي جوهرها في الوقت الحالي، كما يوضح هارلينغ.
إعلان