الدليل الشامل لتحقيق توازن مالي مستدام.. هل يطبّقه المسؤولون؟
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
ليس صعباً على من يراقب الأزمة المالية والإقتصادية التي تغرز أظافرها في عنق لبنان منذ عقود، وخاصة في السنوات الأربع الأخيرة، أن يحدد مسبّباتها الرئيسية. فخليط السياسة والاقتصاد لم يكن يوماً مفيداً للبنانيين، بل بالعكس فتح أمامهم أبواب "جهنّم الحمراء" التي تغذيها ألسنة الفساد الحارقة. وبالتالي قد يكون من البديهي الإقرار بأن أي مخرج من هذه الأزمة يحتاج أولاً وليس آخراً، لإرادة حقيقية بالإصلاح السياسي.
ففي ظلّ الأوضاع الراهنة ، هل من الممكن تحقيق توازن مالي مستدام؟
هذا السؤال المحوريّ حمله "لبنان 24" لعميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا البروفسور بيار الخوري، الذي شدد على أن تحقيق توازن مالي مستدام في لبنان يتطلب مقاربة متعددة الأبعاد.
مقاربة متعددة الأبعاد
وأِشار الخوي إلى أن هذه المقاربة تشمل إصلاحات هيكلية عميقة في السياسة الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى تعزيز الحوكمة والشفافية، مسلطاً الضوء على نقاط رئيسية.
وفي هذا الإطار، لفت الخوري إلى أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تلعب دوراً مهماً في تحقيق التوازن المالي، من خلال جذب الاستثمارات الخاصة لتنفيذ مشاريع البنية التحتية، والتي يمكن أن تخفف العبء عن الميزانية العامة للدولة وتحسن الخدمات العامة.
وأكد أن هذا الأمر لن يتم الا من خلال حوكمة سليمة للقطاع العام، وبحال توفر شركات مستعدة لهكذا شراكة من دون شفافية وحوكمة رشيدة، فهذا يعني فتح باب نهب جديد.
وفي هذا السياق، شدد الخوري على أن إدارة كتلة الأجور في القطاع العام بشكل فعال يُعد عنصراً رئيسياً لتحقيق التوازن المالي. ويشمل ذلك بالضرورة بحسب الخوري، تنظيف وتقليص الوظائف غير الضرورية وتحسين كفاءة الإنفاق العام ليتحول من عبء الى مركز انتاج يساهم في توسيع الكعكة الاقتصادية بدلاً من جرّ البلد لتحمّل المزيد من ازمات استيلاء نظام المحاباة والفساد على شؤون الدولة.
من القطاع العام نحو إصلاح قطاعي الكهرباء والاتصالات. إذ اعتبر الخوري أن إصلاح هذين القطاعين أساسي لتحسين الأداء الاقتصادي في لبنان، مشيراُ إلى أنه يمكن أن يساعد ذلك في تخفيض التكاليف على الميزانية العامة وتحسين جودة الخدمات للمواطنين والشركات، مما يعزز النمو الاقتصادي وتنافسية الاقتصاد الوطني.
وبمعى آخر، يعني ذلك بشكل اساسي التحول نحو الطاقة الخضراء ضمن استراتيجية الطاقة، واللحاق بدول المنطقة في قطاع الاتصالات.
كما تطرق الخوري إلى سعر الصرف، معتبراً أن استقراره وليس تثبيته، مهم لتحقيق التوازن المالي لأنه يساعد في تقليل التقلبات الاقتصادية ويحافظ على ثقة المستثمرين والمستهلكين.
وعن زيادة إيرادات الدولة، رأى الخوري أن زيادة حجم الناتج الوطني والتحصيل العادل للايرادات، يمكن أن تساهم في دعم التوازن المالي، لكن الأمر يتطلب موازنة دقيقة لتجنب تحميل الاقتصاد عبئاً ضريبياً ثقيلاً يمكن أن يعرقل النمو.
إصلاحات أوسع
وفي سياق منفصل، شدد الخوري على أنه في ظل الأزمات المالية والاقتصادية، تصبح حماية أموال المودعين أولوية للحفاظ على الثقة في النظام المالي.
فشدد على أن إعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعزيز الإشراف عليه بطريقة تضمن سلامة الودائع وتستعيد ثقة المودعين، يعتبر خطوة ضرورية نحو تحقيق استقرار مالي واقتصادي. ويتضمن هذا اتخاذ إجراءات لإعادة هيكلة البنوك في سبيل قطاع اخلاقي وغير مرتبط بالمصالح السياسية كما ضمان الشفافية في النظام المالي، وتطبيق إجراءات رقابية مشددة لمنع المخاطر المستقبلية.
وفي سياق الإصلاحات الأوسع، اعتبر الخوري أن لبنان يحتاج إلى إعادة النظر في نموذجه الاقتصادي والمالي بطريقة تعزز النمو المستدام، تقلل من الاعتماد على الديون، وتحسن الإنتاجية والتنافسية. ويتطلب ذلك تحسين بيئة الأعمال، تشجيع الابتكار، ودعم قطاعات الاقتصاد التي لديها القدرة على النمو وخلق فرص العمل.
بالإضافة إلى ذلك، من المهم للغاية تعزيز الإدارة العامة ومكافحة الفساد، لأن الفساد يمكن أن يقوض الجهود المبذولة لتحقيق توازن مالي مستدام ويؤدي إلى تآكل الثقة في الحكومة والمؤسسات المالية.
في المحصّلة، يتطلب تحقيق التوازن المالي المستدام في لبنان نهجًا شاملاً يتضمن إصلاحات هيكلية عميقة، وتغيير ثقافة النظر الى الدولة. وعلى الرغم من أن هذا الأمر قد يبدو بعيد المنال، إلا أن "الحلم" أحياناً قد يكون الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الهدف المنشود. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
«المشاط»: 62 مليار جنيه استثمارات لتنمية محافظات الصعيد بخطة العام المالي الجاري
توجهت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والدكتور هاني سويلم، وزير الري والموارد المائية، وعلاء فاروق، وزي الزراعة واستصلاح الأراضي، ومحافظ المنيا، لمنطقة غرب سمالوط، لتفقد أعمال تطوير الري بخط طرفا، ومحطات الطاقة الشمسية، وكذا نماذج لعدد من المدارس الحقلية والزراعات .
وخلال تفقدها لأعمال تطوير الري ومحطات الطاقة الشمسية؛ أكدت الدكتورة رانيا المشاط، أهمية المشروعات المنفذة مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وكذا منظمة الأغذية والزراعة، والتي ساهمت في تعزيز جهود الدولة في تحقيق مفهوم التنمية الريفية الشاملة، ورفع مستوى معيشة المزارعين خاصة أصحاب الحيازات الصغيرة، وإتاحة فرص العمل، موضحة أن المشروع يأتي في إطار الدعم المتكامل والشراكة بين الحكومة المصرية والأمم المتحدة ووكالاتها من خلال البرامج المشتركة وتنسيق الجهود بين الوكالات الأممية.
وأكدت "المشاط"، أن تطوير أنظمة الري والطاقة الشمسية يعد من الأساسيات لتحقيق الاستدامة الزراعية في مصر، مشيرة إلى جهود الحكومة المصرية لاستغلال الموارد المائية بشكل فعال ودعم المزارعين بتقنيات حديثة تضمن لهم إنتاجية أعلى.
وتحدثت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، عن تكامل الجهود بين الجهات الوطنية مُمثلة في وزارتي الزراعة والري، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، من أجل تعزيز الاستدامة بقطاعي الزراعة والري، مشيرة إلى انه من بين إنجازات المشروع فقد تم تنفيذ أعمال تطوير الرى من رى غمر إلى رى تنقيط لمساحة 1248 فدان بخط طرفا بمنطقة غرب سمالوط بمصر الوسطي باستخدام الطاقة الشمسية، وذلك في إطار المشروع، فضلًا عن بدء الأعمال في محطتى 12 - 13 لمساحة 2160 فدان أخرى بخط طرفا مع البدء في أعمال تطوير لمحطة صفر بواقع 981 فدان، متابعه أن العمل جارى لتنفيذ أعمال تطوير الرى لفرعي على خط طرفا بإجمالي مساحة 1105 فدان.
وفي إطار المشروع، تم توريد عدد 12 وحدة طاقة شمسية مجمعة والخاصة بأعمال تطوير الرى بمحطة 14 بالمنيا مع توريد وتركيب عدد 40 مضخة وألواح طاقة شمسية بمنطقة مصر العليا لتحويل نظم الرى إلى من رى غمر إلى رى تنقيط لعدد 135 مزارع لمساحة 675 فدان.
وخلال جولتها لتفقد نماذج من المدارس الحقلية والزراعات؛ أوضحت "المشاط" أن المشروع يركز على منهجية المدارس الحقلية للمزارعين والتي تركز علي الإرشاد الزراعي الجماعي والقائم على السوق والتعلم التشاركي، مشيرة إلى التعاون مع منظمة الاغذية والزراعة (الفاو) لتنفيذ 172 مدرسة حقلية جديدة بمناطق عمل المشروع تتضمن مدارس نباتية وحيوانية وأخرى خاصة بتغير المناخ.
وفي سياق متصل، أشارت الدكتورة رانيا المشاط، إلى أن تنمية محافظات الصعيد يأتي على رأس أولويات الدولة المصرية، مشيرة إلى أن الاستثمارات المخصصة لمحافظات الصعيد في خطة العام المالي الجاري تبلغ 62.4 مليار جنيه، منها 7.4 مليار جنيه لمحافظة المنيا، بنسبة 11%.
كما أشارت إلى الدور الكبير الذي قامت به المبادرة الرئاسة "حياة كريمة" على مستوى تحقيق التنمية المتكاملة في الريف خاصة في مناطق الصعيد، حيث تبلغ المخصصات المالية لمحافظات الصعيد بالمرحلة الأولى من المبادرة نحو 237 مليار جنيه من بينها 43.2 مليار جنيه لمحافظة المنيا فقط.
كما تطرقت إلى المساهمة الفعالة لقطاع الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12%، ليعد من أكثر القطاعات مساهمة، موضحة أن تعزيز الاستدامة بقطاعي الزراعة والري يُحفز خلق فرص العمل ويدعم التنمية الاقتصادية.
جدير بالذكر أنه من خلال المشروع يتم تدريب 240 جهة من الأطراف ذات الصلة في المحافظات لزيادة الوعي باحتياجات المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة، حيث تم تدريب 125 من المستفيدين من المجتمعات المحلية على كيفية الترويج الفعال لممارسات وتكنولوجيا التقنيات الزراعية الذكية مناخيًا CSA وإدارة الموارد الطبيعية NRM من خلال تنفيذ 66 مدرسة حقلية للمزارعين وعدد من كبار المديرين والمشرفين الزراعيين.