ليس صعباً على من يراقب الأزمة المالية والإقتصادية التي تغرز أظافرها في عنق لبنان منذ عقود، وخاصة في السنوات الأربع الأخيرة، أن يحدد مسبّباتها الرئيسية. فخليط السياسة والاقتصاد لم يكن يوماً مفيداً للبنانيين، بل بالعكس فتح أمامهم أبواب "جهنّم الحمراء" التي تغذيها ألسنة الفساد الحارقة. وبالتالي قد يكون من البديهي الإقرار بأن أي مخرج من هذه الأزمة يحتاج أولاً وليس آخراً، لإرادة حقيقية بالإصلاح السياسي.

ففي ظلّ الأوضاع الراهنة ، هل من الممكن تحقيق توازن مالي مستدام؟

هذا السؤال المحوريّ حمله "لبنان 24" لعميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا البروفسور بيار الخوري، الذي شدد على أن تحقيق توازن مالي مستدام في لبنان يتطلب مقاربة متعددة الأبعاد.
مقاربة متعددة الأبعاد
وأِشار الخوي إلى أن هذه المقاربة تشمل إصلاحات هيكلية عميقة في السياسة الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى تعزيز الحوكمة والشفافية، مسلطاً الضوء على نقاط رئيسية.
وفي هذا الإطار، لفت الخوري إلى أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تلعب دوراً مهماً في تحقيق التوازن المالي، من خلال جذب الاستثمارات الخاصة لتنفيذ مشاريع البنية التحتية، والتي يمكن أن تخفف العبء عن الميزانية العامة للدولة وتحسن الخدمات العامة.
وأكد أن هذا الأمر لن يتم الا من خلال حوكمة سليمة للقطاع العام، وبحال توفر شركات مستعدة لهكذا شراكة من دون شفافية وحوكمة رشيدة، فهذا يعني فتح باب نهب جديد.
وفي هذا السياق، شدد الخوري على أن إدارة كتلة الأجور في القطاع العام بشكل فعال يُعد عنصراً رئيسياً لتحقيق التوازن المالي. ويشمل ذلك بالضرورة بحسب الخوري، تنظيف وتقليص الوظائف غير الضرورية وتحسين كفاءة الإنفاق العام ليتحول من عبء الى مركز انتاج يساهم في توسيع الكعكة الاقتصادية بدلاً من جرّ البلد لتحمّل المزيد من ازمات استيلاء نظام المحاباة والفساد على شؤون الدولة.
من القطاع العام نحو إصلاح قطاعي الكهرباء والاتصالات. إذ اعتبر الخوري أن إصلاح هذين القطاعين أساسي لتحسين الأداء الاقتصادي في لبنان، مشيراُ إلى أنه يمكن أن يساعد ذلك في تخفيض التكاليف على الميزانية العامة وتحسين جودة الخدمات للمواطنين والشركات، مما يعزز النمو الاقتصادي وتنافسية الاقتصاد الوطني.
وبمعى آخر، يعني ذلك بشكل اساسي التحول نحو الطاقة الخضراء ضمن استراتيجية الطاقة، واللحاق بدول المنطقة في قطاع الاتصالات.
 كما تطرق الخوري إلى سعر الصرف، معتبراً أن استقراره وليس تثبيته، مهم لتحقيق التوازن المالي لأنه يساعد في تقليل التقلبات الاقتصادية ويحافظ على ثقة المستثمرين والمستهلكين.
وعن  زيادة إيرادات الدولة، رأى الخوري أن زيادة حجم الناتج الوطني والتحصيل العادل للايرادات، يمكن أن تساهم في دعم التوازن المالي، لكن الأمر يتطلب موازنة دقيقة لتجنب تحميل الاقتصاد عبئاً ضريبياً ثقيلاً يمكن أن يعرقل النمو.
إصلاحات أوسع
وفي سياق منفصل، شدد الخوري على أنه في ظل الأزمات المالية والاقتصادية، تصبح حماية أموال المودعين أولوية للحفاظ على الثقة في النظام المالي.
فشدد على أن إعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعزيز الإشراف عليه بطريقة تضمن سلامة الودائع وتستعيد ثقة المودعين، يعتبر خطوة ضرورية نحو تحقيق استقرار مالي واقتصادي. ويتضمن هذا اتخاذ إجراءات لإعادة هيكلة البنوك في سبيل قطاع اخلاقي وغير مرتبط بالمصالح السياسية كما ضمان الشفافية في النظام المالي، وتطبيق إجراءات رقابية مشددة لمنع المخاطر المستقبلية.
وفي سياق الإصلاحات الأوسع، اعتبر الخوري أن لبنان يحتاج إلى إعادة النظر في نموذجه الاقتصادي والمالي بطريقة تعزز النمو المستدام، تقلل من الاعتماد على الديون، وتحسن الإنتاجية والتنافسية. ويتطلب ذلك تحسين بيئة الأعمال، تشجيع الابتكار، ودعم قطاعات الاقتصاد التي لديها القدرة على النمو وخلق فرص العمل.
بالإضافة إلى ذلك، من المهم للغاية تعزيز الإدارة العامة ومكافحة الفساد، لأن الفساد يمكن أن يقوض الجهود المبذولة لتحقيق توازن مالي مستدام ويؤدي إلى تآكل الثقة في الحكومة والمؤسسات المالية.
في المحصّلة، يتطلب تحقيق التوازن المالي المستدام في لبنان نهجًا شاملاً يتضمن إصلاحات هيكلية عميقة، وتغيير ثقافة النظر الى الدولة. وعلى الرغم من أن هذا الأمر قد يبدو بعيد المنال، إلا أن "الحلم" أحياناً قد يكون الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الهدف المنشود. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: یمکن أن على أن

إقرأ أيضاً:

النيابة العامة: السجن 7 سنوات وغرامة مالية مليون ريال لمواطن ارتكب جريمة احتيال مالي

الرياض

‏أنهت نيابة الاحتيال المالي تحقيقاتها مع مواطن خالف نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة.

‏وكشفت إجراءات التحقيق عن قيام المتهم بإيهام المجني عليهم بالاستثمار المالي من خلال إحدى شركاته الصورية؛ مستغلاً وجود تشابه في الاسم مع إحدى الشركات التي تمارس ذات النشاط، وذلك من خلال إبرام اتفاقيات استثمارية، وبلغ مجموع الأموال المستولى عليها نحو (18.000.000) “ثمانية عشر مليون ريال سعودي”.

‏وبإيقاف المتهم، وإحالته إلى المحكمة المختصة؛ صدر بحقه حكم يقضي بإدانته بما نسب إليه، وسجنه مدة (سبع سنوات)، وغرامة مالية قدارها (1.000.000) “مليون ريال سعودي”.

‏وتؤكد النيابة العامة على أهمية التحقق من طرق الاستثمار المثلى، وأهمية معرفة مصادر تلك الأنشطة قبل الاستثمار فيها، وتؤكد على أن أي اعتداء على أموال الآخرين بأي طريقة من طرق الاحتيال المالي، موجب للمساءلة الجزائية المشددة.

مقالات مشابهة

  • النيابة: السجن 7 سنوات وغرامة مليون ريال لمواطن ارتكب جريمة احتيال مالي
  • أبرز المكاسب الدبلوماسية لمصر بعد ثورة 30 يونيو.. تحقيق التوازن ودور فعال
  • وزير المالية الجديد: ثقة القيادة السياسية تدفعنا جميعًا لمضاعفة الجهود لتحقيق الاستقرار الاقتصادي
  • السجن 7 سنوات وغرامة مليون ريال لمواطن ارتكب جريمة احتيال مالي
  • النيابة العامة: السجن 7 سنوات وغرامة مليون ريال على مواطن ارتكب جريمة احتيال مالي
  • النيابة العامة: السجن 7 سنوات ومليون ريال غرامة لمواطن ارتكب جريمة احتيال مالي
  • النيابة العامة: السجن 7 سنوات وغرامة مالية مليون ريال لمواطن ارتكب جريمة احتيال مالي
  • النيابة العامة: الحكم بالسجن 7 سنوات وغرامة مالية مليون ريال لمواطن ارتكب جريمة احتيال مالي
  • الخوري ناقش مع نواب من تكتل لبنان القويموضوع هجرة السوريين الى لبنان وتداعياتها
  • أرباحها بلغت 1.7 مليار دولار.. الخطوط القطرية تحقق أفضل أداء مالي في تاريخها