عربي21:
2024-12-25@16:43:42 GMT

غيانا.. عملاق نفطي جديد في سواحل أمريكا الجنوبية

تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT

غيانا.. عملاق نفطي جديد في سواحل أمريكا الجنوبية

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن اكتشاف غيانا مخزون كبير قبالة سواحلها، مما اضطرها إلى إدارة الانطلاقة المذهلة لاقتصادها.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في ظل خطر الاعتماد المفرط على المكاسب غير المتوقعة من الذهب الأسود، توسعت فجوة عدم المساواة.

وتضيف الصحيفة أنه منذ اكتشاف مخزون نفطي ضخم على بعد 200 كيلومتر قبالة الساحل تضاعف الناتج المحلي الإجمالي في أربع سنوات فقط ثلاث مرات للدولة الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها 800 ألف نسمة.



التطور الفوضوي للمدينة
مع ارتفاع الإيرادات، وبالتالي النفقات، أصبح إعداد الموازنة البلدية بمثابة مشكلة. بسبب التطور الفوضوي للمدينة أصبحت برامج التخطيط الحضري قديمة الطراز وتزايدت طلبات الحصول على تراخيص البناء الجديدة.

وأدى اكتشاف حقل نفطي في 20 أيار/مايو سنة 2015 إلى تغيير مصير غيانا، الدولة الصغيرة الواقعة في أمريكا الجنوبية بين سورينام وفنزويلا والبرازيل ولا تزيد مساحتها عن ثلث مساحة فرنسا. ٱعلن يوم 20 كانون الأول/ ديسمبر من سنة 2019، تاريخ بدء التنقيب، "اليوم الوطني للنفط".

وصل إجمالي الاحتياطيات 11 مليار برميل، وهو ما يضع غيانا في المرتبة السابعة عشرة في الإنتاج العالمي. ونظرا لاحتوائها على هيدروكربون سائل، نقي نسبيًّا وبالتالي أرخص في استخراجه، تحقق غيانا هوامش ربح أكثر. وتعد قيمة احتياطيات النفط للفرد ثاني أعلى قيمة في العالم، بعد الكويت مباشرة ومتقدمة بفارق كبير عن السعودية والإمارات.

وتتواصل الاكتشافات الجديدة مما يثير اهتمام الدول الأخرى بما في ذلك فرنسا، التي سيقوم رئيسها إيمانويل ماكرون، بزيارة غيانا بين 24 و26 مارس. في هذا الصدد يقول منسق الأمم المتحدة المقيم في غيانا يسيم أوروك: "لم نشهد قط تطور دولة بهذه السرعة، وما يحدث الآن يبدو وكأنه أرض مجهولة بالنسبة لنا جميعا".

لا يزال هناك الكثير من الفقراء
وأفادت الصحيفة أن المكاسب النفطية المفاجئة هذه تصيب المراقبين بحالة من شرود الذهن. إن الدولة، التي كانت واحدة من أفقر الدول في أمريكا، والتي كان اقتصادها حتى ذلك الحين يعتمد بشكل أساسي على الزراعة واستخراج الذهب والبوكسيت، في طريقها لأن تصبح واحدة من أغنى الدول. تتعجب الصحف المحلية من ظهور عالم جديد يمثل في إنشاء أول طريق سريع في عام 2022، وأول سلسلة ستاربكس في عام 2023، وأول محطة لتوليد الطاقة بالغاز مخطط لها في عام 2025، وقريبًا أول ميناء للمياه العميقة.

وأوردت الصحيفة أنه رغم ازدياد غيانا ثراءً، غير أن نسبة الفقر لا تزال مرتفعة ويعيش 40 بالمئة من السكان تحت خط الفقر المحدد بـ 5.50 دولارات في اليوم، ولا يستفيد جميع السكان من أموال النفط.

وبحسب الإحصاءات الرسمية، يعاني السكان من ارتفاعًا في الأسعار حيث ناهزت نسبة التضخم 5 بالمئة بسبب فورة النشاط الاقتصادي.

في هذا الصدد يشير ثيودور كان،  من مكتب إدارة المخاطر، إلى أن الحكومة تحاول احتواء التضخم من خلال خفض رسوم الاستيراد وضريبة القيمة المضافة، مما قد يؤدي إلى خطر تعزيز اعتمادها على عائدات النفط.

وفي ظل اجتذاب صناعة النفط القادمين الجدد، ارتفعت أسعار العقارات. في المقابل، تتراجع مؤشرات التنمية، بحيث ارتفعت نسبة الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد من 0.2 بالمئة في سنة 2019 إلى 0.5 بالمئة في سنة  2023، وارتفع معدل وفيات الرضع خلال الفترة نفسها من 11.9 لكل ألف رضيع إلى 10 لكل ألف.

ووفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، يجد ما بين ثلث ونصف السكان صعوبة في توفير الغذاء الصحي. من أجل مساعدة الأسر ارتأت الحكومة زيادة الدعم. في منتصف كانون الثاني/يناير، أعلن وزير المالية أمام البرلمان عن زيادة في المكافآت المدفوعة لكل طفل في المدرسة، وسداد القروض التي حصل عليها الطلاب في جامعة غيانا، وزيادة في معاشات التقاعد وضرائب التأمين الصحي القابلة للخصم.

ومع ذلك؛ لا تكفي هذه الأموال لتهدئة نفاد صبر السكان. بدورها تكافح جمعية الخيط الأحمر، التي تجمع النساء من جميع الطوائف في البلاد، ضد العنف المنزلي والتمييز العنصري ومؤخرًا ضد ارتفاع الأسعار. ولم يعودوا يثقون في الإحصائيات الرسمية ويسجلون التغيرات في أسعار المواد الغذائية الأساسية في دفاتر ملاحظاتهم.

في هذا الصدد، تقول جوي ماركوس: "الحياة أصبحت أكثر غلاء مع ارتفاع الأسعار". أما  حليمة خان فتتساءل عن فائدة المساعدات في حال لم يكن المعلمون مؤهلين بشكل كاف،  في ظل تردي جودة الكتب المدرسية  وغياب الحافلات المدرسية. ويقول شخص آخر: "تبني الحكومة المستشفيات وتجلب الأطباء والممرضات من كوبا، لكن من المستحيل التحدث معهم لأنهم لا يفهمون اللغة الإنجليزية". بدوره أفاد النائب المعارض أمانزا والتون ديسير: "إنها تقدم الإعانات، ولكن يتعين عليها تحسين الخدمات العامة وتعزيز قدرة الإدارة".


الفساد "التهديد الرئيسي"
وأوضحت الصحيفة أن تعزيز قدرات الإدارة المحلية أصبح الشعار الجديد للأمم المتحدة التي لم تعد غيانا بحاجة إليها لتوزيع اللقاحات أو المساعدات الإنسانية.

في هذا الصدد، يقول لوكاس بيريلو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماريست الأمريكية إنه مع تدفق الأموال بحرية في بلد ذي مؤسسات هشة، يشكل الفساد التهديد الرئيسي للتنمية. تحتل البلاد المرتبة 87 من أصل 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية غير الحكومية الصادر سنة 2023.

في الحقيقة، لا تقدم صناعة النفط فقط أفضل الرواتب وتجذب أفضل المواهب، بل تهدد زيادة الصادرات وارتفاع قيمة العملة بخسارة بقية الاقتصاد لقدرته التنافسية. ومع ذلك، يساهم استخراج النفط بالفعل بنصف الناتج المحلي الإجمالي. ومع أدنى انخفاض في الأسعار، يواجه الاقتصاد خطر الانهيار، وهو ما تدركه غيانا التي عانت بالفعل من انخفاض أسعار المواد الخام في الثمانينات، عندما كانت تعتمد فقط على البوكسيت أو الذهب أو قصب السكر.

فخ التفاؤل المفرط
ويتساءل توماس سينغ، أستاذ الاقتصاد في جامعة غيانا عما إذا كان يمكن تنويع الاقتصاد من خلال الإعانات، قائلًا إنه لكي يتنوع الاقتصاد بشكل حقيقي، ينبغي تطوير القطاعات وتصبح قادرة على المنافسة دون دعم من الدولة، مضيفًا أن الإعانات غير مجدية دون سياسة اقتصادية.

ينبغي أن يشمل التنويع الجغرافيا أيضاً، حتى تعود الثروة المشتقة من النفط بالنفع على المنطقة بأكملها. في مكتبه الصغير في حرم جامعة غيانا، استخلص أولواسينايومي فيث قاسم الدروس من تجربة نيجيريا، بلده الأصلي،  الذي عانى من حمى الذهب الأسود قبل أن تعاني من المحسوبية والفساد وعدم المساواة، قائلا: "إن صناعة النفط البحرية تعزز التنمية الساحلية على حساب بقية البلاد، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة".

في هذه الحالة فإن الأمريكيين الأصليين، الذين يمثلون 10 بالمئة من السكان ويعيش أغلبهم في غابات الأمازون، معرضون لخطر التهميش بسبب الطفرة النفطية. لكن صوتهم، الذي يحسم بين أحد الحزبين الرئيسيين في السلطة في كل انتخابات، يجذبهم إلى تأييد الحكومة التي تضاعف برامج المساعدات.

وأشارت الصحيفة إلى أن الاستثمار في المناطق الداخلية من البلاد قد يساعد في منع آثار ظاهرة الاحتباس الحراري. ففي أوائل سنة 2023، وقعت الحكومة عقود بقيمة 10 ملايين دولار لبناء مدينة جديدة ذكية وخضراء، "مدينة سيليكا"، قادرة على استيعاب ما يقرب من خمسين ألف ساكن، على بعد حوالي 80 كيلومترا جنوب جورج تاون. ومع ذلك، يتم تجاهل مسألة تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري في البلاد، التي يلوح قادتها بحياد الكربون بفضل الغابة التي تغطي 90 بالمئة من أراضيها. وقد اشترت مؤسسة "هس" بقيمة 750 مليون دولار من أرصدة الكربون من البلاد.

إن استغلال النفط والتعهد في نفس الوقت بمكافحة الانحباس الحراري العالمي، وإنتاجه في أسرع وقت ممكن قبل أن تنخفض أسعار البرميل، وتلبية توقعات السكان من دون التضحية بالاستثمارات الطويلة الأجل في البنية الأساسية مهمة حساسة للحكومة.

في دراسة مخصصة للدول المنتجة للنفط نشرت في كانون الثاني/يناير من سنة 2022، يوضح صندوق النقد الدولي أن التفاؤل المفرط بشأن النمو المستقبلي يزيد من مخاطر الديون المالية أو أزمات ميزان المدفوعات.

وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة إلى أن مؤلفي الدراسة يلفتون الانتباه إلى "نفاد صبر" الزعماء السياسيين، الذين يستعجلون جني الثمار السياسية الناجمة عن مكاسب النفط غير المتوقعة، الأمر الذي قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات متسرعة.

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غيانا أمريكا الجنوبية النفط النفط أمريكا الجنوبية غيانا سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی هذا الصدد الصحیفة أن ارتفاع ا

إقرأ أيضاً:

دراسة تكشف طبيعة حياة سكان أمريكا الجنوبية الأصليين.. لما كانوا يقسدون البط؟

تربية البط .. اكتشف علماء الآثار أدلة جديدة على وجود مدينة في بوليفيا، حيث كان السكان الأصليون في منطقة الأمازون يعتمدون بشكل كبير على الزراعة وتربية الحيوانات. 

وفي دراسة نُشرت في مجلة “طبيعة السلوك الإنساني” أمس الاثنين، سلط الباحثون الضوء على أسلوب حياة هذه المجتمعات قبل وصول الاستعمار الأوروبي.

في هذه الدراسة، قام فريق من جامعة ساو باولو في البرازيل بتحليل بقايا بشرية وحيوانية من بوليفيا يعود تاريخها إلى نحو 1300 عام، وأظهرت النتائج أن المجتمعات في الأمازون كانت تدير المحاصيل والحيوانات بشكل متقدم قبل الاستعمار، حيث اكتشف الباحثون أن الذرة كانت تشكل جزءًا أساسيًا من غذاء السكان المحليين، وكان البط المسكوفي يتم تربيته في المنطقة.

آثار 

 

ركزت الدراسة على تحليل 86 عظمة بشرية و68 عظمة حيوانية، بما في ذلك الثدييات والزواحف والطيور والأسماك، من موقع يانوس دي مووس، الذي كان يسكنه شعب كاساراب في بوليفيا. وأظهرت النتائج أن الذرة كانت المحصول الرئيسي بين عامي 700 و800 ميلادي، كما تبين أن البط المسكوفي تم تغذيته بالذرة، ما يشير إلى أن تربية الحيوانات في تلك الفترة كانت تتم وفقًا لإدارة دقيقة.

تشير هذه الاكتشافات إلى أن الزراعة في حوض الأمازون كانت أكثر تطورًا مما كان يُعتقد في السابق. بالإضافة إلى ذلك، هناك أدلة على أن شعب كاساراب قد سعى إلى تنويع محاصيله وزيادة التبادل التجاري مع المجتمعات الأخرى، وهذه الدراسة تقدم رؤى جديدة حول كيفية تفاعل البشر مع البيئة في منطقة الأمازون قبل الاستعمار، وتساهم في إثراء فهمنا لتاريخ الشعوب الأصلية في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • طوارئ في جنوب روسيا بعد تسرب نفطي في البحر الأسود
  • روسيا تعلن حالة الطوارئ بسبب تسرب نفطي في البحر الأسود
  • تركيا.. رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 30 بالمئة
  • دراسة تكشف طبيعة حياة سكان أمريكا الجنوبية الأصليين.. لما كانوا يقسدون البط؟
  • الحكومة توجه دعوة للشركات الأمريكية لإنشاء محطة غازية في البصرة
  • تواصل ارتفاع أسعار النفط
  • أسعار النفط ترتفع قبل العطلات
  • ارتفاع أسعار النفط في المعاملات المبكرة اليوم
  • تباطؤ التضخم في أمريكا يرفع أسعار النفط
  • ارتفاع أسعار النفط