أعلام الأقاليم| درويش الفار.. شاعر سيناء
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
أنجبت مصر عددًا كبيرًا من الأدباء والمفكرين والمبدعين كان لهم دور بارز في الحياة الثقافية، ولم تغفل الهيئة العامة لقصور الثقافة أن تحفل بهؤلاء الكتاب والمبدعين في لفتة طيبة وتقديرا لما قدموه خلال مسيرتهم الإبداعية من خلال مبادرة تقدمها الهيئة تحت عنوان "العودة إلى الجذور تتناول من خلالها عطاءهم الأدبي وسيرتهم الذاتية وفي هذه السطور خلال شهر رمضان المبارك نقدم كل يوم حلقة عن هؤلاء الرموز نبرز من خلالها مدى مساهمتهم في إثراء الأدب والثقافة والمكتبة العربية طوال حياتهم.
درويش الفار الأديب والشاعر السيناوي والعالم البيولوجي له دور بارز في الدفاع عن الوطن والقضية الفلسطينية من خلال كلماته وقصائده الوطنية ، ورحل تاركًا إرثًا أدبيًا كبيرًا أثرى من خلاله المكتبة العربية.
درويش الفار هو العالم البيولوجي الذي اكتشف منجم الفحم في الشرق الأوسط بوسط سيناء بمخزون يقدر بـ 5 ملايين طن فحم على النقاء فبدأ تعليمه في منطقة الحسنة في وسط سيناء وتفوق في دراسته، كتب الشعر النبطي والعامية السيناوية والمصرية والفصحى، وتناول موضوعات شتى منها الوطني والاجتماعي والسياسي والنضالي والديني، فكان له عشرات القصائد إلا أن أغلب هذه القصائد ضاعت بين الصحراء والمدينة، وبين سيناء والقاهرة، فلم يطبع له إلا ديوان شعر واحد وهو "ديوان الصحراء".
يعد درويش الفار، من الشعراء الذين عشقوا سيناء وعاشوا في صحرائها وعلى رمالها وبين جبالها وشواطئها، فسُحر بها، وتقلب مزاجه المتأمل والمكتشف بين الجيولوجيا والشعر، فكان يكتشف كثيرا من مفردات الطبيعة، ويقدم أبحاثه وتقاريره ثم ينبري يتغزل بمفردات البيئة شعرا وما يحيط بها من كنوز الطبيعة.
كانت قصائد درويش الفار مرجعا لكثير من شعراء سيناء في نظم الشعر باللهجة البدوية، وظلت باقي القصائد أوراقا متناثرة في أماكن شتى، وحازت قصائده في "مدح الرسول" على الجزء الأكبر من ديوان الصحراء الذي تبقى.
أصدر درويش الفار أيضا عددا من الكتب منها كتابه "قطرات مداد" الذي تضمن عددا من المقالات العلمية، والفلسفية، والاجتماعية، كثير من قصائده، إلى جانب ذلك كتابه "نظرات في تعمير سيناء" و"مع العلم والعلماء"، وكان آخر كتبه "العلماء العرب".
نال درويش الفار العديد من التكريمات فكرمه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وأهداه جائزة الدولة التشجيعية في العلوم لعام 1964، وجائزة الملك فؤاد الأول للامتياز لترتيبه الأول لدفعة العريش لعام 1938، ووسام الجمهورية العربية المتحدة عام 1965، وكرمه مؤتمر إقليم القناة وسيناء الثقافي في دورته الـ 21.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أعلام الأقاليم الهيئة العامة لقصور الثقافة قصور الثقافة من خلال
إقرأ أيضاً:
محمود درويش: كيف شكلت النكبة هويته الشعرية؟
تعد النكبة الفلسطينية عام 1948 واحدة من أكثر الأحداث تأثيرًا في التاريخ العربي الحديث، ولم تكن مجرد مأساة سياسية واجتماعية، بل كانت أيضًا محطة فارقة في تشكيل وعي وهوية جيل كامل من الأدباء والمثقفين الفلسطينيين.
وعلى رأس هؤلاء يقف محمود درويش الذي يصادف اليوم ذكرى ميلاده، الذي جعل من النكبة حجر الأساس في مشروعه الشعري، حيث لم تكن مجرد ذكرى، بل أصبحت تجربة حية تلازمه في كل قصيدة كتبها، من أولى مجموعاته حتى آخر كلماته.
الطفولة في ظل اللجوء والمنفىولد محمود درويش عام 1941 في قرية البروة، ولكن لم يكن له أن يبقى فيها طويلًا، إذ اضطر وعائلته إلى مغادرتها بعد الاجتياح الإسرائيلي لفلسطين عام 1948، ليعيش تجربة اللجوء وهو طفل صغير.
انتقل مع عائلته إلى لبنان قبل أن يعود سرًا إلى فلسطين ليجد قريته قد مُسحت عن الخريطة، ليصبح لاجئًا في وطنه، يحمل هوية “مقيم غير شرعي”. هذا الإحساس بالاقتلاع والمنفى سيظل محورًا رئيسيًا في شعره لعقود طويلة.
من شاعر مقاومة إلى شاعر إنساني عالميفي بداياته، تأثر درويش بالحركة الوطنية الفلسطينية، وكانت قصائده مشبعة بروح النضال والمقاومة، مثل قصيدته الشهيرة “سجّل أنا عربي”، التي عبرت عن تحدي الفلسطيني لهويته المسلوبة.
لكن مع مرور الزمن، بدأ درويش يتجاوز الخطاب السياسي المباشر، وراح يطرح القضية الفلسطينية بمنظور أوسع، حيث باتت النكبة في شعره رمزًا عالميًا للمنفى والضياع الإنساني.
في قصيدته “سرحان يشرب القهوة في الكافيتيريا”، يرسم صورة اللاجئ الفلسطيني الذي لم يعد يعرف وطنه الحقيقي، وفي “أحد عشر كوكبًا على آخر المشهد الأندلسي”، يربط بين النكبة الفلسطينية وسقوط الأندلس، ليؤكد أن المنفى ليس مجرد مكان، بل هوية تلاحق الفلسطيني في كل زمان ومكان.
تحولات الهوية: بين الوطن والمنفىمع مرور الوقت، بدأ درويش يتبنى نظرة أكثر فلسفية تجاه النكبة، فلم يعد الوطن مجرد مكان يحتل، بل أصبح حالة وجدانية يعيشها الإنسان أينما ذهب يقول في إحدى قصائده:
“أنا من هناك… أنا من هنا… ولستُ هناك، ولستُ هنا”،
وكأنه يختصر مأساة الفلسطيني الذي فقد أرضه، لكنه لم يفقد إحساسه العميق بها.
في ديوانه “حالة حصار”، كتب درويش بأسلوب أكثر تأمليًا عن النكبة بوصفها تجربة إنسانية وجودية، متجاوزًا البعد السياسي، ومقدمًا فلسطين بوصفها فكرة تعيش في الذاكرة، لا مجرد بقعة جغرافية.