سواليف:
2024-12-26@06:33:08 GMT

في ظلال طوفان الأقصى “56”

تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT

في ظلال #طوفان_الأقصى “56”

مشاهدُ العدوان في غزةَ محزنةٌ وصورها مؤلمةٌ

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

أكاد أجزم أن أغلب أبناء شعوب أمتنا العربية والإسلامية على امتداد العالم كله، والكثير من الفلسطينيين في الوطن واللجوء والشتات، لا يستطيعون مشاهدة مشاهد القتل والدمار، وصور الحرب والعدوان، وفيديوهات النساء الثكلى والأطفال القتلى، ومشاهد إنقاذ الجرحى واستخراج الشهداء من تحت الأنقاض، ولا صور الشهداء وهم مسجون بأكفانهم البيضاء على الأرض بأعدادٍ كبيرة، ولا عمليات دفنهم في قبور جماعية وأخاديد كبيرة، لا يميز فيها بينهم، ولا تعرف أسماء بعضهم، ولا يدركهم ذووهم للسلام عليهم أو إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهم، وغيرها من مشاهد استهداف المواطنين بصواريخ الطائرات المسيرة التي تحرقهم ولا تبقي على شيءٍ يميزهم، أو عمليات القنص التي تمزق الأجساد وتفتت الجماجم والعظام.

مقالات ذات صلة هذا ما سيذكره التاريخ فقط! 2024/03/23

ولعل أكثر الصور والمشاهد التي تدمي القلوب وتفطرها، وتقطع نياطها وتؤلمها، هي تعليقات الأطفال الفطرية  وكلماتهم المعبرة، وأمانيهم الطيبة وأحلامهم البسيطة، وإحساسهم بالخوف الذي يحيط بهم ويلون بالدم حياتهم، واعتقادهم أن ما يعيشونه ليس إلا كابوساً سينتهي، وحلماً لن يتحقق، حيث يظنون أن هذا القصف المهول والدمار المريع ليس حقيقةً، ولا يمكن تخيله حتى في الأحلام، فلا يوجد دمارٌ يشبه الدمار الذي أصابهم، ولا القتل البشع الذي لحق بهم، إنه وهمٌ أو خيالٌ، أو كأنه حلمٌ أو جزءٌ من عرضٍ سينمائي سينتهي، لتعود حياتهم الطبيعية التي كانت، ويعيشوا أحلامهم البسيطة التي تمنوها وسعدوا بها.

ولعل بعض الأطفال لبراءةٍ فيهم وصدمة هزتهم يظنون أن أمهم المسجاة ستنهض، وأن أباهم الغائب سيرجع، وأن بيتهم المدمر سيعود كما كان، عامراً بأهله، زاخراً بمقتنياته، وفيه عرائسهم وألعابهم، ودفاترهم وأقلامهم، ورسومهم وألوانهم، وصورهم وثيابهم وبقايا ذكرياتهم، فهم يحبون الحياة كغيرهم من أطفال العالم، ويحلمون بغدٍ آمنٍ ومستقبلٍ واعدٍ، ويفكرون ماذا سيعملون وأين سيذهبون ومن سيصطحبون.

ولعل من يسمع حديثهم ويشاهد صورهم، يظنهم لوعيهم أنهم كبارٌ في سنهم، وخبراء في حياتهم، وحكماء بين شعبهم، فهم يعبرون بوضوحٍ وجلاء، ويتحدثون بطلاقةٍ وجرأةٍ، رغم أن أسمالهم بالية وأجسادهم نحيلة، ووجوههم كالحة قد أعياها الجوع وأضناها العطش، وأوهن قواها الخوف والمرض، إلا أن كلماتهم حادةٌ كسكين وقاطعة كسيف، يتضائل السامعون أمامها، ويخجلون من أصحابها، ويخفون وجوههم بأيديهم خجلاً منهم وتقديراً لهم.

أمام هذه المشاهد المؤلمة والصور الحزينة، والدمار المريع والقصف المخيف، لا يستطيع كثيرٌ من أبناء الأمة العربية والإسلامية مشاهدتها، ويذرفون الدموع بسببها، ويصرفون النظر عنها لعدم قدرتهم على احتمالها، أو التعايش معها والتعود عليها، فهي غاية في القسوة والشدة، وتكرارها كل حينٍ يجعل الحياة مريرةً والأيام مضنيةً، إذ تغتال بوحشيتها الفرحة من القلوب، وتخنق البسمة من على الوجوه، وتغرس في النفوس الأسى والوجوم، التي تضيق وتتحشرج، وتفقد السيطرة على نفسها وتتعصب، ولعل بعضهم يصاب بالإغماء أو الغثيان، وبالاكتئاب والإحباط، وبالحزن والغضب، لعجزهم عن مساعدة أهلهم في غزة وفلسطين، أو وقف الحرب المجنونة ضدهم، أو تحريك حكوماتهم وحث قادتهم على ضرورة التحرك لوقف المذابح ومنع المجازر في حقهم.

ليس إنساناً ولا ينتمي إلى جنس البشر، من يقبل بهذه المشاهد ويعتاد عليها، أو يسكت على الجرائم التي ترتمب ولا يثور ضدها، أو يطيب له الطعام وهو يراها، ويستسيغ الحياة وهو يشاهدها، فمن الطبيعي أن يرفضها البشر ولا يقبل بها الإنسان، وأمتنا العربية والإسلامية أمةٌ حيةٌ وإن كانت عاجزة ومسلوبة الإرادة، وهي صادقةٌ في مشاعرها وإن كانت مقيدة ومشلولة بسبب حكوماتها وأنظمة بلادها.

لكن الذي يقوم بهذه الجرائم الفاحشة ويرتكبها، وينفذها بحق شعبنا ويكررها، إنما هو عدوٌ لا يعترف بالإنسانية وإن ادعى أنه ينتمي إليها، ولا يوصف بالحضارة وإن ظن أنه ينتسب إليها، وليعلم وحلفاؤه أنه بممارساته هذه إنما يزرع حقداً ويؤسس كراهيةً، ويفرض على الأجيال القادمة الإصرار على حربه، والعمل على إقصائه والخلاص منه، فلا خير للبشرية ما بقي، ولا سلام للعالم ما استمر وجوده، ولا أمن للمنطقة وهو فيها، إذ أنه زرعٌ غريبٌ ونبتٌ دخيلٌ لا مكان له بيننا، وسرطانٌ يقتل ووباءٌ يفتك لا يعيش معنا، والخير كل الخير في فنائه وزواله، وفي نهايته وغيابه.

بيروت في 22/3/2024

moustafa.leddawi@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

كل ساعة يُستشهد طفل.. 45338 شهيدا فلسطينيا في غزة منذ "طوفان الأقصى"

غزة - الوكالات

قالت وزارة الصحة في غزة اليوم الثلاثاء إن عدد الشهداء الفلسطينيين جراء الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر  2023 ارتفع إلى 45338 فيما زاد عدد المصابين إلى 107764.

وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) "في كل ساعة يقتل طفل بغزة، وهم ليسوا مجرد أرقام، بل أرواح تزهق في وقت قصير دون أي مبرر".

وأضافت -في تغريدة على موقع إكس- أن من نجا من هؤلاء الأطفال أُصيب بندوب جسدية ونفسية، وهم محرومون من التعلم، ويقضي الفتيان والفتيات في غزة وقتهم في البحث عن طعام بين ركام الأنقاض.

وأكدت أنه تم الإبلاغ عن مقتل 14 ألفا و500 طفل في غزة، مشددة على ضرورة وقف الحرب، لأنه لا يمكن تبرير قتل الأطفال.

مقالات مشابهة

  • إخفاقات مدوية لسلاح الجو الصهيوني في التصدي لهجوم “طوفان الأقصى”
  • اختتام دورة “طوفان الأقصى” لقيادات ومنتسبي السلطة المحلية في صعدة
  • القسام تبث مشاهد تدمير دبابة “ميركافا” شمال مخيم النصيرات
  • كتائب القسام تبث مشاهد تدمير دبابة “ميركافا” شمال مخيم النصيرات
  • وقفة ومسير لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في مديرية الصلو بتعز تضامناً مع غزة
  • وقفة ومسير لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في الصلو بتعز تضامناً مع غزة
  • مسيران لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في مديريتي خدير والتعزية
  • كل ساعة يُستشهد طفل.. 45338 شهيدا فلسطينيا في غزة منذ "طوفان الأقصى"
  • وقفة ومسير لـ3 آلاف من خريجي دورات “طوفان الأقصى” في جبل راس بالحديدة
  • تدشين دورات “طوفان الأقصى” لكوادر والطلاب الكلية الأكاديمية الحديثة في البيضاء