هل تفلح أموال مكافأة حصار غزة في إنقاذ الاقتصاد المصري؟
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
حصلت مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية على تعهدات مالية من جهات دولية عدة بقيمة 57 مليار دولار، وفقا لوكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، كان آخرها إعلان البنك الدولي الاثنين الماضي اعتزامه تقديم أكثر من 6 مليارات دولار لمصر على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
وسبق إعلان البنك الدولي بيوم واحد، تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم حزمة مساعدات لمصر بنحو 8 مليارات دولار، وقبل التعهد الأوروبي بأيام قليلة وافق صندوق النقد الدولي على منح مصر قرضا بقيمة 8 مليارات دولار، وهو ما سيسمح لها بالحصول على قرض إضافي بقيمة 1.
وتزامنا مع التعهدات المالية السخية لمصر، فقد عادت الحكومة إلى تلقي "الأموال الساخنة" بفوائد مرتفعة بعد قرار البنك المركزي المصري بزيادة سعر الفائدة 6 بالمئة دفعة واحدة خلال اجتماع استثنائي، على الرغم من تأكيد وزير المالية محمد معيط في تموز/ يوليو الماضي أن مصر تعلمت الدرس ولن تعود مرة أخرى إلى "الأموال الساخنة".
وفي 23 شباط/ فبراير الماضي، وقعت مصر صفقة تاريخية مع الإمارات بقيمة 35 مليار دولار (منها 11 مليار دولار إسقاط ديون)، يستحوذ بموجبها الصندوق السيادي الإماراتي على حقوق تطوير مشروع "رأس الحكمة"، على الساحل الشمالي لمصر، فيما أكدت مصادر رسمية وجود مباحثات مع السعودية على مشروع تطوير منطقة "رأس جميلة" على البحر الأحمر بقيمة لن تقل عن 15 مليار دولار.
"مكافأة حصار غزة"
وتأتي هذه الصفقات والتعهدات والمساعدات المالية لمصر في ظل أزمة مالية واقتصادية خانقة كادت تعصف بالاقتصاد المصري، حيث انهارت قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، وارتفعت معدلات التضخم إلى مستويات قياسية، وفشلت مصر في الحصول على قروض جديدة لتلبية احتياجاتها الملحة من العملة الصعبة.
وربط خبراء ومراقبون بين التحرك المفاجئ للدول الغربية ومؤسسات التمويل الدولية لإنقاذ الاقتصاد المصري، وموقف القاهرة من حرب غزة، ورجحوا أن يكون ذلك جاء بضوء أخضر من واشنطن خاصة بعد تصريحات وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، التي أعلنت دعم الولايات المتحدة لجهود وتعزيز الاقتصاد المصري وإصلاحاته.
وتساءل الخبير الاقتصادي المصري، ممدوح الولي، عبر حسابه على موقع التوصل الاجتماعي "فيسبوك" قائلا: "إذا كانت أموال مساعدات 2013 و 2014 و 2015 و 2016 و 2020 و 2022 لم تفلح في تحقيق الإصلاح الاقتصادي، فهل تفلح أموال مكافأة حصار غزه وتجويع أهلها في ذلك؟".
وبحسب التقارير المالية الشهرية الصادرة عن وزارة المالية حصلت مصر على دعم خليجي فقط خلال الفترة من 2013- 2022، بلغ نحو 160.6 مليار جنيه، ما يقارب الـ17 مليار دولار حسب سعر الصرف لكل عام، فيما كشف رئيس لجنة الخطة والموازنة في البرلمان المصري، الدكتور فخري الفقي، أن قروض صندوق النقد فقط لمصر خلال العام المالي الحالي 2023-2024، وصلت إلى 29 مليار دولار بإجمالي تخطى الـ 62.8 مليار دولار.
"مليارات ستلحق بما سبقها"
وأكد الباحث والكاتب المتخصص في الشؤون الاقتصادية عبد الحافظ الصاوي أن تغير توجه أمريكا للموافقة على دعم الاقتصاد المصري والمساهمة في إنهاء إجراءات قرض صندوق النقد الدولي بعد تجميده ما هو إلا تغير سياسي، خاصة بعد الحرب على غزة، مؤكدا أنه في السياسية لا يوجد شيء مجانًا، وتصريحات وزيرة الخزانة الأمريكية تبرهن على المصالح المشتركة ودور النظام المصري الذي فرضته الحرب على أهالي غزة.
وتوقع عبد الحافظ الصاوي أن تلحق تلك الأموال بما قبلها لأسباب عدة، أهمها فشل النظام الاقتصادي المصري وعدم وجود استراتيجية واضحة وانتشار الفساد، ويعتمد القرار الاقتصادي على شخص رأس النظام عبد الفتاح السيسي، الذي همش المؤسسات وهجر العمالة والكفاءات والعلماء والأطباء وغيرهم من الفئات التي تسعى لإيجاد فرصة لمعيشة أفضل في الخارج.
وأضاف الصاوي، أن الأزمة الاقتصادية حاليا ليست في ضخ تلك المليارات من الدولارات، الأزمة تكمن في أنها ستلحق بما سبقها لأن النظام المصري اعتمد على الديون لتمويل الأنشطة، ولا يوجد مشروع تنموي حقيقي يخدم المواطن المصري، فالدين العام في تصاعد ولا يوجد قاعدة اقتصادية قوية رغم حصول النظام على أكبر قدر من المساعدات المالية عبر التاريخ.
توقعات غير منطقية
الأمر لم يذهب بعيدًا لدى الدكتور علاء السيد، رئيس الأكاديمية المصرفية الدولية، الذي أوضح أن أهم الثوابت في الاقتصاد أن الموارد المالية وحدها لا تؤدي إلى إصلاح اقتصادي حقيقي؛ وأهم موارد أي دولة هي الإنسان نفسه "الموارد البشرية"، والاهتمام بتنميته وإعداده وتأهيله، مؤكدا أنه مهما توفرت الموارد المالية والطبيعية في دولة ديكتاتورية تعلي الجهل وتوقر الفاسدين فلا يمكن إلا أن تتطاول في البنيان دونما إصلاح اقتصادي.
وأضاف السيد، أن مئات المليارات من الدولارات التي تم ضخها للنظام المصري منذ 2013 أدت إلى إفساد اقتصادي وسياسي ومجتمعي في مصر، وإن غياب الرؤية والرسالة والأهداف والتخطيط الاستراتيجي وفقدان الرغبة في التغيير والإصلاح والتركيز على المصالح الشخصية دون مصالح الوطن والمواطن أفقد مصر هيبتها وسبقها ومكانتها وأفقر المصريين وأمرضهم وأذلهم بل وقتلهم ونهب أموالهم.
وقال رئيس الأكاديمية المصرفية الدولية، إن أي توقعات بأن المليارات التي يتم تعظيم ديون مصر بها لإنقاذها من الإفلاس كمكافأة على المشاركة في قتل أهالي غزة وتجويعهم، ستصلح الاقتصاد، لهي توقعات غير منطقية وتصطدم مع سنن الله في خلقه وتخالف نتائج التجارب السابقة لنفس النظام الذي يعمل بلا تخطيط لتحويله إلى اقتصاد إنتاجي بدلا من الجباية والاقتراض المستمر لسداد أقساط الديون السابقة، لأنها أموال مخضبة بدماء شهداء غزة ولا يمكن أن تصلح اقتصادا أفسدته القروض وسوء إدارة الموارد.
مليارات حفظت ماء الوجه "مؤقتا"
ومن ناحية أخري أكد صهيب فرج الصحفي بالشأن الاقتصادي، أن الأحداث السياسية والإقليمية حفظت ماء وجه الاقتصاد المصري بشكل مؤقت، لأنه قد قارب على الانهيار، وفقد مصداقيته، ولكن مع الأحداث حاول رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، استغلالها وأوهم الجميع بقدرته على أن يكون عنصر فعال في أحداث الحرب على غزة، وهو ما أجبر الأنظمة العالمية على محاولة دعمه وتلاقت المصالح من جديد.
وأضاف صهيب فرج، أن المصالح تلك جعلت الإمارات تضخ 24 مليار دولار للحفاظ على مكاسبها السابقة واستمرار نفوذها بالمنطقة، والاتحاد الأوروبي يدعم بلا مقدمات لإيقاف الهجرة غير الشرعية خاصة مع تدفق السودانيين والسوريين إلى مصر، وأمريكا الحليف الأول لدولة الاحتلال تباشر وتشرف على التنفيذ، مشيرًا إلى أن الأزمة الأساسية أن تلك المليارات لم تكن سوى مسكن لحالة الاقتصاد والأخطر أنه سيعود أشد ضعفا.
وأشار فرج إلى أن الاقتصاد المصري قائم على المشاريع التمويلية، وفي حال أراد النظام المصري معالجته والاستفادة من تلك الأموال فإن عليه تحويله إلى اقتصاد إنتاجي تولد منه الدولارات ولا يحتاج للاقتراض بل ويقوم بالسداد أيضا، مضيفا أن هذا لن يحدث لأن الاقتصاد الإنتاجي يحتاج إلى قطاع خاص قوي وهذا يصطدم بالجيش المتحكم في الاقتصاد الإنتاجي، ورئيس النظام لم يستطع الصدام بالجيش ومنعه من الخوض في غمار الاقتصاد.
واختتم صهيب حديثه بسؤال للقائمين على الاقتصاد المصري: "كيف يتم تعظيم الموارد والحصول على دولارات بعد انتهاء الدفعة التي تم ضخها الآن؟". وكشف أن تلك الأموال لن تحل الأزمة ولو بصفة مؤقتة، مدللا بأنه رغم ضخ تلك الأموال فإن النظام المصري طالب صندوق النقد الدولي بأن تكون قيمة الشريحة الأولى من القرض 5 مليارات دولار نظرًا لحاجته لتوفير أكبر قدر من السيولة الدولارية لدعم الاقتصاد، متسائلا: "فأين الأموال التي ضخت؟".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية صندوق النقد الدولي الاقتصاد المصري صندوق النقد الدولي الاقتصاد المصري التصخم راس الحكمة وزير الخزانة المالية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاقتصاد المصری ملیارات دولار النظام المصری ملیار دولار صندوق النقد تلک الأموال
إقرأ أيضاً:
التوسع في منح الرخصة الذهبية.. نواب: خطوة لتعزيز الاستثمار وتحفيز الاقتصاد المصري
في ظل سعي مصر إلى تعزيز مناخ الاستثمار وجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، تتزايد الدعوات لتوسيع نطاق منح الرخصة الذهبية لجميع المشروعات، بدلا من اقتصارها على قطاعات محددة مثل البنية التحتية والطاقة.
وأكد نواب، أن هذه الخطوة ستساهم في تقليل البيروقراطية، وتسريع إجراءات التراخيص ودعم توطين الصناعات الاستراتيجية، مما يعزز من قدرة الاقتصاد المصري على تحقيق نمو مستدام.
وأكد النائب أحمد البلشي عضو مجلس الشيوخ، أن التوسع في منح الرخصة الذهبية وإتاحتها لجميع المشروعات بدلا من اقتصارها على قطاعات محددة، هي خطوة هامة.
وأوضح لـ "صدى البلد" أن هذه الخطوة من شأنها تعزيز بيئة الاستثمار في مصر وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وأوضح أن الرخصة الذهبية إحدى الأدوات الفعالة في تقليص البيروقراطية وتسهيل الإجراءات، ما يساهم بشكل مباشر في تسريع وتيرة إقامة المشروعات الإنتاجية والصناعية، التي تعد العمود الفقري لتنمية الاقتصاد الوطني.
وأضاف أن الاقتصاد المصري يحتاج في هذه المرحلة إلى آليات تحفيزية أكثر مرونة، مشيرا إلى أن إتاحة الرخصة الذهبية لجميع المشروعات، وليس فقط لمجالات محددة مثل البنية التحتية والطاقة، سيسرع من عمليات الإنتاج ويوطن الصناعات الاستراتيجية، مما يخفف الضغط على العملة الصعبة ويساعد في تحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من المجالات.
منح الرخصة الذهبيةوتقدمت مي أسامة رشدي، عضو مجلس النواب، بإقتراح برغبة، إلى رئيس الوزراء ووزير الاستثمار والتجارة الخارجية، للتوسع في منح الرخصة الذهبية وإتاحتها لجميع المشروعات بدلًا من اقتصارها على مشروعات معينة.
وقالت النائبة في مقترحها:" إن شركات فى قطاعات كثيرة تستغرق وقتا يصل إلى 8 أشهر للحصول على التراخيص الصناعية، في الوقت الذي فيه اقتصادنا يحتاج إلى جذب الكثير من الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية، وهو ما يتطلب تسريع الإجراءات لتوطين المنتجات المستوردة لرفع الضغط على الدولار".
وجاء في المقترح : "إننا في حاجة إلى تحسين الصورة الذهنية لبيئة الاستثمار في مصر لجذب أكبر حصيلة دولارية، لافتة إلى أن الرخصة الذهبية تمنح فى جميع الدولة العربية، ومنحها لجميع المشروعات بات ضرورة ملحة للوصول إلى الخطط المستهدفة".
وكشفت "رشدي"، أن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة مؤخرًا مئات الطلبات الراغبة فى الحصول على الرخصة الذهبية لعدم مطابقتها للشروط، فى حين بلغ الحاصلون عليها حتى الآن نحو 31 مشروعًا، حسب بيانات الهيئة.
وذكرت "رشدي"، أن الرخصة الذهبية أو «الموافقة الواحدة» تساعد المستثمر فى تسريع وتيرة إجراءات الحصول على التراخيص للمشروعات الصناعية والبنية التحتية الجديدة بدءا من تخصيص الأراضى واستخراج تراخيص البناء، وحتى تشغيل المشروع وإدارته.
وتابعت، تمنح للشركات التى تؤسس لإقامة مشروعات المشاركة بين القطاع الخاص والدولة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام فى أنشطة (المرافق العامة والبنية التحتية – الطاقة الجديدة والمتجددة – الطرق والمواصلات – الموانئ – الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات).
وكشفت "رشدي"، أن عدد المشروعات الحاصلة على الرخصة الذهبية محدود للغاية، لذا يتعين مراجعة آلية منح الرخصة الذهبية، بغرض إتاحتها لجميع المشروعات، لأن الهدف الأساسى منها هو التيسير وتسهيل الإجراءات على المستثمر.
تنافسية الدول المجاورةوأشارت إلى أن الرخصة الذهبية دافع جيد للاستثمار، لكن اقتصار منحها على قطاعات وشركات محدودة ليس إيجابيًا، فى ظل تنافسية الدول المجاورة وهى السعودية والمغرب على جذب الاستثمارات الأجنبية.
وأكدت على أن التشريعات واللوائح الخاصة بالرخصة الذهبية وضعت بشكل لا يحقق الغرض الرئيسى من إطلاق الرخصة، وهو ما يتطلب إعادة النظر فى التشريعات واللوائح الخاصة بالرخصة لتحقيق الهدف الأساسى منها.
وأوضحت أنه من ضمن ضوابط وشروط الرخصة الذهبية، أن يتخذ شكل شركة مساهمة أو شركة ذات مسئولية محدودة، وألا يقل رأس المال المصدر للشركات المساهمة، ورأس المال للشركة ذات المسئولية المحدودة، عن 20% من التكاليف الاستثمارية للمشروع بخلاف الالتزام بتقديم ما يفيد الملاءة المالية لتنفيذ المشروع.