حصلت مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية على تعهدات مالية من جهات دولية عدة بقيمة 57 مليار دولار، وفقا لوكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، كان آخرها إعلان البنك الدولي الاثنين الماضي اعتزامه تقديم أكثر من 6 مليارات دولار لمصر على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

وسبق إعلان البنك الدولي بيوم واحد، تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم حزمة مساعدات لمصر بنحو 8 مليارات دولار، وقبل التعهد الأوروبي بأيام قليلة وافق صندوق النقد الدولي على منح مصر قرضا بقيمة 8 مليارات دولار، وهو ما سيسمح لها بالحصول على قرض إضافي بقيمة 1.

2 مليار دولار من صندوق الاستدامة البيئية التابع للصندوق، ليصبح المجموع الكلي نحو 9 مليارات دولار.

وتزامنا مع التعهدات المالية السخية لمصر، فقد عادت الحكومة إلى تلقي "الأموال الساخنة" بفوائد مرتفعة بعد قرار البنك المركزي المصري بزيادة سعر الفائدة 6 بالمئة دفعة واحدة خلال اجتماع استثنائي، على الرغم من تأكيد وزير المالية محمد معيط في تموز/ يوليو الماضي أن مصر تعلمت الدرس ولن تعود مرة أخرى إلى "الأموال الساخنة".

وفي 23 شباط/ فبراير الماضي، وقعت مصر صفقة تاريخية مع الإمارات بقيمة 35 مليار دولار (منها 11 مليار دولار إسقاط ديون)، يستحوذ بموجبها الصندوق السيادي الإماراتي على حقوق تطوير مشروع "رأس الحكمة"، على الساحل الشمالي لمصر، فيما أكدت مصادر رسمية وجود مباحثات مع السعودية على مشروع تطوير منطقة "رأس جميلة" على البحر الأحمر بقيمة لن تقل عن 15 مليار دولار.


"مكافأة حصار غزة" 
وتأتي هذه الصفقات والتعهدات والمساعدات المالية لمصر في ظل أزمة مالية واقتصادية خانقة كادت تعصف بالاقتصاد المصري، حيث انهارت قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، وارتفعت معدلات التضخم إلى مستويات قياسية، وفشلت مصر في الحصول على قروض جديدة لتلبية احتياجاتها الملحة من العملة الصعبة.

وربط خبراء ومراقبون بين التحرك المفاجئ للدول الغربية ومؤسسات التمويل الدولية لإنقاذ الاقتصاد المصري، وموقف القاهرة من حرب غزة، ورجحوا أن يكون ذلك جاء بضوء أخضر من  واشنطن خاصة بعد تصريحات وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، التي أعلنت دعم الولايات المتحدة لجهود وتعزيز الاقتصاد المصري وإصلاحاته.

وتساءل الخبير الاقتصادي المصري، ممدوح الولي، عبر حسابه على موقع التوصل الاجتماعي "فيسبوك" قائلا: "إذا كانت أموال مساعدات 2013 و 2014 و 2015 و 2016 و 2020 و 2022 لم تفلح في تحقيق الإصلاح الاقتصادي، فهل تفلح أموال مكافأة حصار غزه وتجويع أهلها في ذلك؟".



وبحسب التقارير المالية الشهرية الصادرة عن وزارة المالية حصلت مصر على دعم خليجي فقط خلال الفترة من 2013- 2022، بلغ نحو 160.6 مليار جنيه، ما يقارب الـ17 مليار دولار حسب سعر الصرف لكل عام، فيما كشف رئيس لجنة الخطة والموازنة في البرلمان المصري، الدكتور فخري الفقي، أن قروض صندوق النقد فقط لمصر خلال العام المالي الحالي 2023-2024، وصلت إلى 29 مليار دولار بإجمالي تخطى الـ 62.8 مليار دولار.


"مليارات ستلحق بما سبقها"
وأكد الباحث والكاتب المتخصص في الشؤون الاقتصادية عبد الحافظ الصاوي أن تغير توجه أمريكا للموافقة على دعم الاقتصاد المصري والمساهمة في إنهاء إجراءات قرض صندوق النقد الدولي بعد تجميده ما هو إلا تغير سياسي، خاصة بعد الحرب على غزة، مؤكدا أنه في السياسية لا يوجد شيء مجانًا، وتصريحات وزيرة الخزانة الأمريكية تبرهن على المصالح المشتركة ودور النظام المصري الذي فرضته الحرب على أهالي غزة.

وتوقع عبد الحافظ الصاوي أن تلحق تلك الأموال بما قبلها لأسباب عدة، أهمها فشل النظام الاقتصادي المصري وعدم وجود استراتيجية واضحة وانتشار الفساد، ويعتمد القرار الاقتصادي على شخص رأس النظام عبد الفتاح السيسي، الذي همش المؤسسات وهجر العمالة والكفاءات والعلماء والأطباء وغيرهم من الفئات التي تسعى لإيجاد فرصة لمعيشة أفضل في الخارج.

وأضاف الصاوي، أن الأزمة الاقتصادية حاليا ليست في ضخ تلك المليارات من الدولارات، الأزمة تكمن في أنها ستلحق بما سبقها لأن النظام المصري اعتمد على الديون لتمويل الأنشطة، ولا يوجد مشروع تنموي حقيقي يخدم المواطن المصري، فالدين العام في تصاعد ولا يوجد قاعدة اقتصادية قوية رغم حصول النظام على أكبر قدر من المساعدات المالية عبر التاريخ.



توقعات غير منطقية
الأمر لم يذهب بعيدًا لدى الدكتور علاء السيد، رئيس الأكاديمية المصرفية الدولية، الذي أوضح أن أهم الثوابت في الاقتصاد أن الموارد المالية وحدها لا تؤدي إلى إصلاح اقتصادي حقيقي؛ وأهم موارد أي دولة هي الإنسان نفسه "الموارد البشرية"، والاهتمام بتنميته وإعداده وتأهيله، مؤكدا أنه مهما توفرت الموارد المالية والطبيعية في دولة ديكتاتورية تعلي الجهل وتوقر الفاسدين فلا يمكن إلا أن تتطاول في البنيان دونما إصلاح اقتصادي.

وأضاف السيد، أن مئات المليارات من الدولارات التي تم ضخها للنظام المصري منذ 2013 أدت إلى إفساد اقتصادي وسياسي ومجتمعي في مصر، وإن غياب الرؤية والرسالة والأهداف والتخطيط الاستراتيجي وفقدان الرغبة في التغيير والإصلاح والتركيز على المصالح الشخصية دون مصالح الوطن والمواطن أفقد مصر هيبتها وسبقها ومكانتها وأفقر المصريين وأمرضهم وأذلهم بل وقتلهم ونهب أموالهم.

وقال رئيس الأكاديمية المصرفية الدولية، إن أي توقعات بأن المليارات التي يتم تعظيم ديون مصر بها لإنقاذها من الإفلاس كمكافأة على المشاركة في قتل أهالي غزة وتجويعهم، ستصلح الاقتصاد، لهي توقعات غير منطقية وتصطدم مع سنن الله في خلقه وتخالف نتائج التجارب السابقة لنفس النظام الذي يعمل بلا تخطيط لتحويله إلى اقتصاد إنتاجي بدلا من الجباية والاقتراض المستمر لسداد أقساط الديون السابقة، لأنها أموال مخضبة بدماء شهداء غزة ولا يمكن أن تصلح اقتصادا أفسدته القروض وسوء إدارة الموارد.


مليارات حفظت ماء الوجه "مؤقتا"

ومن ناحية أخري أكد صهيب فرج الصحفي بالشأن الاقتصادي، أن الأحداث السياسية والإقليمية حفظت ماء وجه الاقتصاد المصري بشكل مؤقت، لأنه قد قارب على الانهيار، وفقد مصداقيته، ولكن مع الأحداث حاول رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، استغلالها وأوهم الجميع بقدرته على أن يكون عنصر فعال في أحداث الحرب على غزة، وهو ما أجبر الأنظمة العالمية على محاولة دعمه وتلاقت المصالح من جديد.

وأضاف صهيب فرج، أن المصالح تلك جعلت الإمارات تضخ 24 مليار دولار للحفاظ على مكاسبها السابقة واستمرار نفوذها بالمنطقة، والاتحاد الأوروبي يدعم بلا مقدمات لإيقاف الهجرة غير الشرعية خاصة مع تدفق السودانيين والسوريين إلى مصر، وأمريكا الحليف الأول لدولة الاحتلال تباشر وتشرف على التنفيذ، مشيرًا إلى أن الأزمة الأساسية أن تلك المليارات لم تكن سوى مسكن لحالة الاقتصاد والأخطر أنه سيعود أشد ضعفا.

وأشار فرج إلى أن الاقتصاد المصري قائم على المشاريع التمويلية، وفي حال أراد النظام المصري معالجته والاستفادة من تلك الأموال فإن عليه تحويله إلى اقتصاد إنتاجي تولد منه الدولارات ولا يحتاج للاقتراض بل ويقوم بالسداد أيضا، مضيفا أن هذا لن يحدث لأن الاقتصاد الإنتاجي يحتاج إلى قطاع خاص قوي وهذا يصطدم بالجيش المتحكم في الاقتصاد الإنتاجي، ورئيس النظام لم يستطع الصدام بالجيش ومنعه من الخوض في غمار الاقتصاد.

واختتم صهيب حديثه بسؤال للقائمين على الاقتصاد المصري: "كيف يتم تعظيم الموارد والحصول على دولارات بعد انتهاء الدفعة التي تم ضخها الآن؟". وكشف أن تلك الأموال لن تحل الأزمة ولو بصفة مؤقتة، مدللا بأنه رغم ضخ تلك الأموال فإن النظام المصري طالب صندوق النقد الدولي بأن تكون قيمة الشريحة الأولى من القرض 5 مليارات دولار نظرًا لحاجته لتوفير أكبر قدر من السيولة الدولارية لدعم الاقتصاد، متسائلا: "فأين الأموال التي ضخت؟".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية صندوق النقد الدولي الاقتصاد المصري صندوق النقد الدولي الاقتصاد المصري التصخم راس الحكمة وزير الخزانة المالية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاقتصاد المصری ملیارات دولار النظام المصری ملیار دولار صندوق النقد تلک الأموال

إقرأ أيضاً:

1.03 مليار درهم أرباح «بروج» في الربع الأول


أبوظبي (الاتحاد)
أعلنت شركة «بروج بي إل سي»، تحقيقها أرباحاً صافية كبيرة بلغت 1.03 مليار درهم «281 مليون دولار» للربع الأول من عام 2025، مدفوعةً بتسجيل إنتاج شهري قياسي في مارس الماضي، وزيادة في حجم المبيعات، واستمرارها في إدارة التكاليف. 
وحافظت الشركة على أدائها التشغيلي القوي، حيث ارتفعت أحجام الإنتاج بنسبة 7% على أساس سنوي خلال الربع الأول من عام 2025، فيما استمرت الشركة في المحافظة على نسبة موثوقية الأصول الإجمالية، حيث بلغت 94.4% بحلول نهاية الربع الأول، مع محافظتها على معدلات استخدام البولي إيثيلين بنسبة 101% والبولي بروبيلين بنسبة 98%، مما يؤكد التميز التشغيلي للشركة وكفاءتها. 
وحافظ الطلب على قطاعات المنتجات عالية القيمة على زخمه خلال الربع الأول من عام 2025 في أسواق النمو الأساسية في آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأفريقيا، كما ارتفع إجمالي حجم المبيعات بنسبة 10% على أساس سنوي في الربع الأول ليصل إلى 1.25 مليون طن، مدفوعاً بنمو قوي بنسبة 8% في مبيعات البولي إيثيلين، و13% في أحجام مبيعات البولي بروبيلين. 
ونجحت «بروج» في تحقيق علاوات سعرية قوية عبر محفظة منتجاتها المتخصصة وعالية الجودة، وتجاوز متوسط أسعار البولي إيثيلين والبولي بروبيلين مستوى التوقعات التي حددتها الإدارة عبر الدورات الاقتصادية، بمقدار 224 دولاراً و154 دولاراً للطن الواحد على التوالي. 
وتسلط هذه العلاوات السعرية الضوء على القيمة الإضافية الكبيرة، التي تتميز بها منتجات «بروج»، والتي تقوم بدور محوري في دعم القطاعات عالية النمو مثل البنية التحتية، والطاقة، والزراعة، والتغليف المطوّر، والرعاية الصحية.
وقال هزيم سلطان السويدي، الرئيس التنفيذي لشركة «بروج»: تتميز «بروج» بمكانة راسخة تتيح لها الاستمرار في تحقيق نمو متسارع، خصوصاً بعد أن أظهرت مرونة ملحوظة وتميزاً تشغيلياً على مدار العامين الماضيين، حيث تمنحنا هذه الإنجازات ثقة قوية بالتزامن مع دخولنا مرحلة جديدة من النمو النوعي مع «مجموعة بروج الدولية»، ومستمرون في تنفيذ استراتيجيتنا التي تركّز بشكل أساسي على خلق وتعزيز القيمة لمساهمينا، وهو ما يتضح من خلال زيادة توزيعات أرباح «بروج» المرتقبة لتصل إلى 16.2 فلس للسهم لعام 2025، والتي ستشكل أيضاً الحدّ الأدنى المتوقع لتوزيعات الأرباح حتى عام 2030 تحت مظلة «مجموعة بروج الدولية».
ويساهم الأداء القوي المتواصل للشركة في إرساء أسسٍ ثابتة وقوية للاندماج المقترح بين شركتي «بروج» و«بورياليس»، والاستحواذ على شركة «نوفا للكيماويات»، لتأسيس «مجموعة بروج الدولية»، وهي شركة عالمية رائدة في مجال البتروكيماويات تبلغ قيمتها 220 مليار درهم «60 مليار دولار». 
وتم التخطيط لتأسيس هذا الكيان الجديد بهدف الاستمرار في تحقيق أرباح قوية ونمو كبير على المدى القريب، على أن تستكمل صفقة تأسيس المجموعة في الربع الأول من عام 2026، بعد الحصول على الموافقات القانونية والتنظيمية اللازمة. 
وحققت «بروج» في الربع الأول من عام 2025 نمواً في الإيرادات على أساس سنوي بنسبة 9% وبلغت قيمتها 5.21 مليار درهم «1.42 مليار دولار»، مدفوعةً بارتفاع متوسط أسعار البيع وزيادة أحجام المبيعات. 
ويؤكد هذا الأداء القوي الطلب المتزايد على حلول الطاقة والبنية التحتية المتميزة، التي تنتجها الشركة، والتي شكّلت ما نسبته 38% من إجمالي حجم المبيعات خلال الربع، فيما ارتفع متوسط أسعار مبيعات البولي إيثيلين والبولي بروبيلين بنسبة 2% على أساس ربع سنوي. 
واستمرت الشركة في التركيز على ضبط التكاليف كأحد أولوياتها الرئيسة، مع تحقيقها انخفاضاً في مصاريف المبيعات والتوزيع بنسبة 6% على أساس سنوي. 
وتستند الشركة في إدارة التكاليف إلى برنامجها الناجح لتعزيز القيمة الذي حقق قيمة بلغت 2.22 مليار درهم «607 ملايين دولار» في عام 2023، مما أسهم في تحقيقها هامش ربح رائد على مستوى قطاع البتروكيماويات قبل خصم الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك بنسبة 40% خلال الربع الأول. 
ووافق المساهمون خلال اجتماع الجمعية العمومية السنوي للشركة لعام 2025 الذي انعقد في 7 أبريل الجاري على توزيع أرباح نهائية بقيمة 2.4 مليار درهم «650 مليون دولار» لعام 2024، تم دفعها في 28 أبريل 2025، ليصل إجمالي توزيعات الأرباح لعام 2024 إلى 4.8 مليار درهم «1.3 مليار دولار»- أي ما يعادل 15.88 فلس للسهم. 
وبذلك يصل إجمالي توزيعات الأرباح الموزعة على المساهمين منذ الاكتتاب العام الأولي للشركة في عام 2022 إلى 13.14 مليار درهم «3.58 مليار دولار».

أخبار ذات صلة «بروج» تخطط لزيادة طاقتها الإنتاجية إلى 6.6 مليون طن 2.4 مليار درهم توزيعات «بروج» عن العام 2024

مقالات مشابهة

  • 3.4 مليار دولار من أموال روسيا في طريقها للتوزيع على المستثمرين.. هذه قصتها
  • 20 ألف مقاتل جديد و3.5 مليار دولار.. توسع الحشد يثير قلقاً أمريكياً
  • ضبط قضايا غسل أموال بقيمة نصف مليار جنيه.. التفاصيل
  • خسر 113 مليار دولار.. وما زال الأغنى في العالم
  • الرقابة المالية: 2.8 مليار جنيه لعملاء التمويل العقاري خلال فبراير
  • 35 مليار دولار خسائر القطاعات الاقتصادية في غزة
  • إطلاق برنامج تدريبي لتعزيز الثقافة المالية للأسرة
  • 1.03 مليار درهم أرباح «بروج» في الربع الأول
  • جامعة أسيوط تستقبل وفدًا من وزارة المالية لمتابعة تطوير النظام المالي والتحول الرقمي
  • ارتفاع إجمالي الدين العام إلى 44.8 مليار دينار حتى شباط