الجزيرة:
2024-07-05@11:51:48 GMT

النقل الذكي .. حل آمن أم خطر داهم؟

تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT

النقل الذكي .. حل آمن أم خطر داهم؟

في عصر التكنولوجيا الحديثة، أصبحت التقنية شريكًا يوميًا لا غنى عنه في حياتنا. فهي لم تعدّ مجرد رفاهية، بل أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث تقدم لنا حلولًا لمشاكلنا وتجعل حياتنا أسهلَ بشكل لا مثيل له.

من خلال تطبيقات الهاتف المحمول التي تساعدنا على إدارة المهام اليومية بكل يسر وسهولة، إلى التكنولوجيا المتقدمة التي تُسهم في تحسين بيئة العمل وزيادة الإنتاجية، وصولًا إلى التطبيقات التي تساعد الأسر على التواصل والتنسيق بشكل فعال.

ومن بين هذه التطورات التكنولوجية، تبرز وسائل النقل الذكي كحل مهم وآمن لمشكلة المواصلات والتاكسي في المدن الكبرى.

فبفضل التطبيقات مثل أوبر وكريم وسويفل، أصبح بإمكان المستخدمين طلب وسائل النقل بسهولة عبر هواتفهم الذكية، مما يقلل من تحديات التنقل، ويوفر وسيلة آمنة وموثوقة للوصول إلى وجهتهم.

كما توفر هذه التطبيقات للعملاء العديد من الخيارات، بدءًا من اختيار نوع السيارة التي يحتاجونها والتكلفة التي تناسبهم، مثل السيارات الاقتصادية أو الفاخرة أو الشاحنات الكبيرة. بجانب خيارات الدفع المرنة عبر العديد من الطرق المختلفة مثل الدفع النقدي، أو بطاقات الائتمان، وهو أمر يزيل عبء التفاوض على الأجرة، كما هو الحال مع سيَّارات التاكسي.

بالإضافة إلى ذلك الأمان كواحد من أولويات الأهالي، عندما يتعلق الأمر بتنقل أبنائهم؛ إذ يقومون بتتبع مسار الرحلة حتى نهايتها بأنفسهم، مما يمنحهم نوعًا من الطمأنينة. وعلى الرغم من المزايا التي تقدمها هذه الشركات، فإنها لا تخلو من العيوب، مثل عدم تحقق الشركة من خلفية السائقين بشكل جيد، وهو ما لا يضمن سلامة الركاب بشكل كامل.

أيضًا المشاكل التقنية في أثناء الرحلة، مثل انقطاع الاتصال بالإنترنت أو تعطل التطبيق، مما قد يؤدي إلى تأخير الرحلة أو إلغائها. والتقييمات غير الدقيقة التي يتلقاها السائقون في بعض الأحيان. والسلامة الشخصية على الرغم من الإجراءات التي تتبعها هذه الشركات لضمان سلامة الركاب، فإنها لا تضمن لك الحماية بشكل كامل من كافة المخاطر والتحديات التي قد تواجهك أثناء رحلتك.

مخاطر يومية

في الأيام الماضية انتشر في مصر خبر وفاة، الفتاة،"حبيبة الشماع"، التي قفزت من إحدى سيارات النقل الذكي والمرتبطة بتطبيق إلكتروني شهير، التي استقلتها من موقع سكنها في "مدينتي"، بعدما شكَّت في محاولة السائق خطفها، كما قالت لأحد شهود العيان، بعد أن ألقت نفسها من السيارة على طريق السويس بالقاهرة.

وقد أكد بيان وزارة الداخلية الرسمي أنه "جرى تحديد وضبط السائق، وهو مقيم بمحافظة الجيزة". وبمواجهته أقر بقيامه بغلق نوافذ السيارة ورش معطر؛ وعندما فوجئ بقيام الشابة بالقفز من السيارة، قام باستكمال سيره، ولم يتوقف خشية تعرّضه للإيذاء، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضده.

فهل يمكن أن تتحول الرحلات اليومية الآمنة بالنسبة للآباء إلى مخاطرة تسبب لهم القلق المستمر؟

توفيت حبيبة بعد غيبوبة استمرّت 21 يومًا، بعد تدهور حالتها الصحية.

فهل من الطبيعي أن تقفز فتاة من سيارة مسرعة لمجرد أن السائق قرر رشّ بعض المعطر ورفع صوت الأغاني؟ هل تعمد السائق تخويفها حتى وإن لم يكن سيخطفها؟

هل كانت لتغامر بحياتها إذا لم تكن تشعر أنها في خطر حقيقي؟ وهل حبيبة الشماع هي الضحية الأولى لشركات النقل الذكي؟

ضحايا متعددون

حادث حبيبة الشماع ليس الحادث الأول لشركات النقل الذكي، بل سبقته حوادث متعددة أدّت إلى منع إحدى الشركات الكبرى من العمل في العديد من المدن حول العالم لأسباب مختلفة، بعد أن تأكد أن سلامة الركاب لم تكن المعيار الأول بالنسبة لهذه الشركات، بل الانتشار والربح الاقتصادي.

ومن أشهر هذه الحوادث، حادثتا فيلادلفيا ودلهي. ففي عام 2019، أدين سائق مصري الجنسية في أميركا، باغتصاب امرأة وهي في حالة سكر بعدما ركبت معه من كازينو قرب مدينة فيلادلفيا. حيث قام السائق بتمديد الرحلة من 15 دقيقة إلى 53 دقيقة للاعتداء عليها في المقعد الخلفي. وأدين السائق بتهمة اغتصاب امرأة فاقدة للوعي والاعتداء الجنسي عليها.

وفي عام 2015، حكمت محكمة هندية على سائق سيارة أجرة بالسجن مدى الحياة بتهمة اغتصاب راكبة وترهيبها وتعريض حياتها للخطر، أثناء عودتها إلى المنزل وهي أطول عقوبة سجن بتهمة الاغتصاب. وقد تبين بعد إدانته إنه متهم بالاعتداء على نساء أخريات، رغم أنه لم يكن لديه أية إدانات سابقة.

وقد حظيت هذه الواقعة باهتمام دولي دفع المسؤولين في دلهي إلى حظر العديد من شركات سيارات الأجرة الأخرى لعدة أشهر، متهمة إياها بالفشل في إجراء فحوصات كافية للسائقين.

لقد ظننا دائمًا أنه مع التقدم العلمي والتكنولوجي، سيحظى الإنسان بقدر أكبر من الأمان والراحة.

لكننا لا نزال نسمع ونرى كل يوم أحداثًا مخيفة، حتى البحث عن وسائل المواصلات المريحة لا تحدّ منها، فهل سنستطيع يومًا ضمان الأمان المجتمعي؟ هل سيستطيع الإنسان التخلص من الشر المتجذر بداخله، رغباته المؤذية التي تدفعه بإيذاء الأضعف منه أو حتى محاولة إخافتهم على سبيل إرضاء نفوسهم المريضة؟

في الحقيقة.. أشك في ذلك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات النقل الذکی العدید من التی ت

إقرأ أيضاً:

حان الوقت ليراجع العالم الإسلامي نفسه

هزتنا، ولا تزال، مذبحة غزة التي تحولت إلى مأساة عميقة نعيشها وتعيشها الإنسانية. نعاني كل يوم من ألم مشاهدة إخواننا وأخواتنا المسلمين يُقتلون أمام أعيننا كل يوم بلا حول ولا قوة، وإزاء ما يجري، يجب علينا أن نطرح كثيرًا من الأسئلة، لنعرف كيف وصلنا إلى هذه النقطة، وكيف نستطيع الخروج منها.

علينا مساءلة الأنظمة

كيف يمكن لـ57 دولة إسلامية، مع ما يقرب من 2 مليار مسلم، أن يفشلوا في منع المجزرة التي تحدث أمام أعيننا؟ كيف يمكن لمن يديرون هذه الدول أن يكونوا عاجزين، وغير مبالين إلى هذا الحد؟

توحّدت الدول الغربية في حرب أوكرانيا وروسيا لمواجهة روسيا التي رأوا فيها تهديدًا أمنيًا، فلماذا لا ترى الدول الإسلامية العدوان الإسرائيلي كتهديد أمني وتتحد بنفس الطريقة؟ علينا الآن مساءلة الأنظمة الحاكمة، ومواقف الدول، وعلاقاتها.

يجب أن نفكّر في كيفية تعزيز التعاون بين الدول الإسلامية لزيادة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على إسرائيل. ينبغي أيضًا تعزيز التعاون العسكري والدفاعي بين الدول الإسلامية كوسيلة لحماية المدنيين والممتلكات في غزة وغيرها من المناطق الفلسطينية.

علينا مساءلة مواقف الأفراد المسلمين

وبينما نُسائل الأنظمة الحاكمة في الدول الإسلامية على سلوكها السلبي، يجب علينا أيضًا مساءلة أنفسنا. في جميع الدول الغربية، نزل مئات الآلاف من الناس إلى الشوارع، محتجّين من أجل فلسطين التي لا ينتمون لدينها أو عرقها، فلماذا يسود صمت قاتل في شوارع الدول الإسلامية؟ ما هو سبب خمول الأفراد المسلمين، وصمتهم، وعدم مبالاتهم؟

لقد حان الوقت لمساءلة الهوية الإسلامية، والفكر، والنظرة إلى العالم، والحياة المنفصلة عن المبادئ. يجب أن نسعى لزيادة الوعي والتثقيف حول القضية الفلسطينية في المجتمعات الإسلامية.

يمكننا تنظيم حملات توعية عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي؛ لتعزيز فهم الناس للمأساة التي تحدث في غزة وتشجيعهم على المشاركة في الاحتجاجات والنشاطات الداعمة للفلسطينيين. من الضروري أيضًا أن نعمل على بناء شبكات تضامن قوية بين المسلمين في مختلف أنحاء العالم؛ لدعم القضية الفلسطينية بشكل أكثر فاعليّة.

علينا مساءلة عالم الأفكار

ما يحدث في غزة هو نتيجة للاختلافات الفكرية بين المسلمين. فهذه الانقسامات التي تفرقنا إلى هذا الحد، وتجعلنا نصمت حتى عن موت الأطفال، يجب أن تنتهي الآن. وإذا كانت اختلافات المذاهب، والتوجهات الفكرية، والنظرات الأيديولوجية تفصلنا بهذا الشكل، وتخلق عداءً وتهميشًا، فقد حان الوقت لوضع حد لذلك.

على علمائنا ومفكرينا مساءلة عالم الأفكار، وانتقاد الأفكار التي تفرقنا، وابتكار أفكار جديدة توحدنا.

وعلينا مساءلة علاقاتنا مع الغرب

لقد أثرت أحداث غزة بشكل كبير على الغرب أيضًا، فعلى الرغم من أن معظم الحكومات الغربية أعلنت رسميًا دعمها للاحتلال الإسرائيلي، ووفرت له الأسلحة والذخيرة والدعم الدبلوماسي، فإن موقف الشعوب كان على العكس تمامًا؛ حيث انتفض الشباب في الجامعات، وملأت الجماهير الشوارع.

وانتشرت فعاليات التضامن مع الشعب الفلسطيني غير المعروف لهم في جميع أنحاء العالم. علينا الآن مساءلة علاقتنا مع الدول الغربية، ومؤسساتها. ما فائدة الأمم المتحدة؟ لماذا لا يمكنها منع المجازر؟ يجب أن نبدأ بمساءلة هذا الأمر.

وأثناء إعادة تقييم علاقاتنا مع الدول الغربية، يجب أن نتواصل ونتفاعل بشكل أكبر مع شعوبها الحساسة والمثالية. يمكننا العمل على تعزيز العلاقات مع المنظمات الحقوقية والإنسانية في الغرب لدعم القضية الفلسطينية.

يجب أن نسعى لبناء تحالفات قوية مع هذه المنظمات؛ لتعزيز الضغط على الحكومات الغربية لتغيير سياساتها تجاه إسرائيل. يمكننا أيضًا تنظيم حملات إعلامية مشتركة لزيادة الوعي حول ما يحدث في غزة وتسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين.

أي عالم نريد؟

لا ينبغي أن تقتصر تساؤلاتنا على عالمنا الخاص فقط، ولكن ما هو تصورنا للعالم من أجل الإنسانية؟ ما هي اقتراحاتنا تجاه جميع الأيديولوجيات التي تسبب الألم للعالم؟ وفي عالم تتغير فيه التوازنات؛ ما هو مكاننا؟

هل لدينا نظام اقتصادي عادل نقترحه للعالم، ونظام عادل لتوزيع الدخل، ونظام عدالة يطبق بالتساوي على الجميع؟ لقد حان الوقت لمناقشة هذه الأمور. إذا كنا لا نريد أن نرى غزة جديدة، وإذا كنا لا نريد أن تُحتل أراضينا ويستعبد أطفالنا، وإذا كنا نريد عالمًا نعيش فيه بحرية وسعادة، فقد حان وقت التساؤل الجدي حول أنفسنا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • اتهام سائق شركة نقل ذكي بالتحرش بفتاة في حدائق أكتوبر
  • وفد من "التعليم العالي" يتعرف على التجربة الصينية في التحول الذكي والمُستدام
  • 10 مطالب لـ«الفلاحين» من وزير الزراعة.. أهمها تعميم نظام «الكارت الذكي»
  • أستاذ علوم سياسية: بيان 3 يوليو أنقذ الدولة المصرية من خطر داهم
  • حان الوقت ليراجع العالم الإسلامي نفسه
  • ميشيجان تبني أول طريق سريع ذكي في الولايات المتحدة
  • مواصفات تويوتا برادو الديزل 2024
  • الجيش داهم منازل مطلوبين وأوقفهم.. هذه التهم موجّة إليهم
  • منيب لـRue20: الإستغناء عن الأسطول الوطني وضع الجالية المغربية فريسة لشركات الملاحة الأجنبية
  • 552 ألف مخالفة لعدم الالتزام بخط السير خلال 2023