المبعوث الأميركي يستعجل حل الأزمة السودانية بلا عصا سحرية
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
بعد اقتراب الحرب في السودان من إكمال عامها الأول، نشطت الإدارة الأميركية عبر مبعوثها الجديد توم بيرييلو، الذي زار 7 عواصم أفريقية وعربية، لتطويق الأزمة السودانية.
وتتوقع واشنطن أن تصل البلاد إلى نقطة اللاعودة إذا استمرت الحرب 3 شهور أخرى، ولذلك تدفع نحو عودة طرفي القتال إلى طاولة المفاوضات خلال الأسابيع المقبلة.
ويرجح مراقبون لجوء إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى استخدام سياسة "العصا والجزرة" مع قيادتي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وأعلنت الخارجية الأميركية في 26 فبراير/شباط الماضي تعيين توم بيرييلو، مبعوثا خاصا للسودان، في إطار مساعي واشنطن لإنهاء الحرب في البلاد.
وبيرييلو عضو سابق في الكونغرس عن الحزب الديمقراطي، خسر سباق حاكم الولاية في عام 2017، ولديه خبرة قليلة في السودان رغم أنه عمل مبعوثا خاصا إلى منطقة البحيرات الكبرى في أفريقيا.
وجاءت هذه الخطوة بعد شهور من مطالبة المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين بتعيين خبير كبير في حل المشكلات للمساعدة في منع إحدى كبرى الدول الأفريقية من الانزلاق إلى "حرب أهلية"، وواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
كما تزامنت مع قرار السفير الأميركي لدى السودان جون غودفري، التنحي عن منصبه بصفته المبعوث غير الرسمي.
وقلل أعضاء في الكونغرس من أهمية تعيين بيرييلو، ووجهوا انتقادات لإدارة بايدن لعدم الاهتمام بالملف وعدم تعيين مبعوث رئاسي دائم بعد 11 شهرا من الأزمة.
ودشن المبعوث الجديد مهمته بجولة بدأت في 11 مارس /آذار الجاري وتُختتم غدا السبت، حيث حملته إلى جيبوتي وإثيوبيا وكينيا وأوغندا ومصر والسعودية وآخرها الإمارات.
كما التقى في أديس أبابا ونيروبي وكمبالا والقاهرة طيفا من قيادات القوى السياسية السودانية المختلفة وممثلي المجتمع المدني، ولجان المقاومة والطوارئ ومجموعات نسوية وشبابية سودانية.
وقال توم بيرييلو، أمس الأول الخميس "إن الوصول إلى سلام مستدام لا يعتمد فقط على الحوار بين القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، ولكن أيضا على جهود جميع أصحاب المصلحة الإقليميين ليصبحوا شركاء استباقيين في عملية السلام، خاصة أولئك الذين أججوا الصراع بدلا من الدفع لاستقرار السودان".
عتاب سياسيوأشار المبعوث الأميركي، خلال مؤتمر صحفي عبر الوسائط الرقمية، إلى أنه ناقش في بعض العواصم الأفريقية والعربية مع مجموعة من المدنيين والفاعلين السودانيين، سبل إنهاء الحرب والتخطيط لانتقال ديمقراطي في البلاد، وذكر أن السودانيين يريدون نهاية سريعة للحرب.
وبشأن محادثات السلام، قال بيرييلو "ندعو إلى إجراء محادثات سلام شاملة تشمل الشركاء الأفارقة الرئيسيين والقادة الإقليميين والجهات الفاعلة المتعددة الأطراف مثل هيئة "إيغاد" والاتحاد الأفريقي، وأصحاب المصلحة من دول الخليج، بما فيها السعودية والإمارات".
وأضاف "هذا الشمول أمر بالغ الأهمية في تعزيز الحوار الحقيقي والالتزام بإنهاء الصراع، وتسريع عملية السلام"، وتوقع استئناف المفاوضات بين طرفي النزاع عبر منبر جدة عقب رمضان.
وكشفت تقارير أن المبعوث الأميركي عاتب القوى السياسية السودانية ويرى أنها لم ترتق إلى مستوى الأزمة، ولا تمثل كل الشعب السوداني، واستفسر عن الآلية التي يمكن عبرها استطلاع رأي الشعب.
وذكرت التقارير ذاتها أن بيرييلو يعتقد أن الدعم العسكري الخارجي لأطراف النزاع من أبرز عوامل إطالة الحرب، لكن تحركات واشنطن أقنعت دولا قريبة من السودان أن نيران الحرب يمكن أن تمتد إليها، كما أدركت دول أخرى أنها أساءت التقدير لأن مصالحها لا يمكن أن تتحقق إلا باستقرار السودان.
وأجرى المبعوث مشاورات في القاهرة مع رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير ونائبة رئيس حزب الأمة القومي مريم الصادق المهدي القياديين في تحالف قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي، بالإضافة إلى السياسي اليساري الشفيع خضر.
كما أجرى بيرييلو لقاءات مماثلة مع القياديين في قوى الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية نور الدائم طه ومحمد زكريا، إلى جانب مجموعة محدودة من الإعلاميين السودانيين.
وتواصلت الجزيرة نت مع قيادات في حزب المؤتمر الوطني المحظور "الحاكم سابقا" لسؤالها عما تردد بشأن لقاء المبعوث الأميركي 3 من قيادات الحزب في القاهرة، لكن القيادات لم تؤكد أو تنفي حدوث هذا اللقاء.
استعجال أميركيويكشف أحد القادة السياسيين -طلب عدم الكشف عن هويته- أن المبعوث الأميركي أبلغهم أنه يقترح حوارا سودانيا لبلورة توافق بين الفرقاء على برنامج حد أدنى بشأن إنهاء الحرب وعملية سياسية شاملة، وأنه لا يحمل "عصا سحرية" وسيدفع لإعادة طرفي القتال إلى طاولة التفاوض.
وأوضح للجزيرة نت أن بيرييلو تحدث عن فترة زمنية لحل الأزمة لا تتجاوز 4 أشهر، وأنه يخشى أن إطالة أمد الحرب ستؤدي إلى خروج الأمور عن السيطرة ودخول البلاد في كارثة إنسانية تضاعف معاناة الشعب السوداني.
ويقول المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة "التيار" عثمان ميرغني، الذي التقى المبعوث، إن الإدارة الأميركية مستعجلة لإنهاء الأزمة السودانية لحسابات أن ما تبقى من الزمن، قبل وصول البلاد إلى الهاوية، لا يتجاوز 3 أشهر.
ويقول للجزيرة نت إن ما خرج به من لقاء بيرييلو أن الحل يجب أن يصنعه السودانيون وأن الأولوية لوقف الحرب، وأن القوى السياسية تمثل نفسها ولا تمثل الشعب السوداني.
ويرى ميرغني أن واشنطن لا تزال تدرس تبني خريطة طريق جديدة في التعامل مع الأزمة السودانية، كما أنها تتبنى حاليا منهج الانفتاح على كل القوى السياسية بمن فيهم الإسلاميون لتقديم رؤية شاملة يمكن البناء عليها.
من جانبه، يرى المحلل السياسي محمد لطيف أن المبعوث الأميركي يتمتع بخبرة سياسية تؤهله للعب دور إيجابي في إطار مهمته، وعدّ جولته الأفريقية والعربية خطوة في الإتجاه الصحيح باعتبار أن العواصم التي زارها حلقة رئيسية مؤثرة في حل الأزمة السودانية.
وحسب حديث لطيف للجزيرة نت، فإن عدم زيارة بيرييلو للسودان تشير إلى أنه يحاول محاصرة الأزمة من الخارج وليس من بؤرتها، وفي حال استطاع توحيد مواقف ورؤى دول الإقليم ومحيط السودان، فإنه سيكون قطع شوطا مقدرا نحو تسريع إنهاء الحرب.
ويضيف المتحدث ذاته أن الواقع يتجاوز منبر جدة بنمطه الجديد، حيث يفاوض الجيش والدعم السريع عبر عناصر فنية لا تحمل تفويضا، وأن المبعوث الجديد إذا أراد تحقيق اختراق نحو حل الأزمة فينبعي أن يجمع البرهان و"حميدتي"، ويستخدم "الجزرة والعصا" لحملهما على اتخاذ قرارات تؤدي لإنهاء الحرب في السودان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الأزمة السودانیة المبعوث الأمیرکی القوى السیاسیة توم بیرییلو أن المبعوث حل الأزمة
إقرأ أيضاً:
إشعال حمى الحروبات لتعقبها حمى الإنفصالات
بقلم / عمر الحويج
1- إشعال حمى الحرب :
بعد الجهد الجهيد ، في التآمر تلو التآمر ، وبالتكتيك الشرير ، تلو التكتيك الأشر ، للإجهاض العاجل ، ليس بالتفكير العاقل ، إنما المتعجل للقضاء على ثورة الشعب الديسمبرية القرنعالمية المجيدة ، لذلك عجزوا في مسعاهم ، ولكنهم لازالوا يعافرون ، فقد قررت قوى الثورة المضادة ، تقودها قيادات النظام البائد " الإسلاموية"وعضويتها المؤدلجة داعشية اليد واللسان دون عقل عند بعضها ، وبعضها الآخر "المُّسَّلِكة" لامورها ومصالحها وأنصبتها من الشفشفة لهوامل المال العام السايب البعلم السرقة ، وأخذ ما فيه النصيب ، يردفون خلفهم ومعهم كل منتفع "رَمّْام" نمام زميم ، من مرتزقتهم المنتفعين ، أعلاهم إعلاميّ الحناجر المتفجرة وأقلام المأجورين المنمقة ، ونهازةً آخرون بمخزون سلاحهم بائعون " من دول شوية ومن دوك شوية" ، عبر ثلاثينيتهم بزيادة الستة الدموية ، المكملة لدمويتهم بسوابقها وخبراتها المكتسبة ، حيث أوصلوا الدماء فيها ، هذه المرة ، حتى سالت أنهاراً تحت الركب ،كما كانوا يهددون أيام حكمهم وتحكمهم ، وفعَلُوها هذه المرة وفعَّلُّوها ، على مرآى ومسمع العالم أجمع ، وفي سبيل عودة السلطة التي فقدوها إلى بارئها ، ولم يرعووا بل عزة بالأثم لم يسلموا ويستسلموا لأمر شعبهم وأمر ربهم ، الذي يدَّعون خلافته في الأرض ، حين يبصرهم بيؤتي الملك من يشاء ، وينزع الملك ممن يشاء ، فأنجبت دمويتهم الفايتة الحدود في دمويتها ، إشعال حربهم الكارثية في 15 أبريل ، حين دعوا لها صورة وصوتاً ، في شهر رمضان والناس قيام ، ونفذوها في ذات شهر رمضان والناس صيام ، حرب أكلت ولازالت وما شبعت من أخضر السودان ويابسه . من بعد أن دعمت طموحاتها باستخدام أقصى قوة للسلاح يمتلكونها ، هم وأطرافهم التي أنجبوها من أرحامهم الملوثة بجرثومة القتل ، خارج القوانين الوضعية والدينية ، وحتي المعتقدات الوثنية ، والمبادئ الإنسانية ، تشكلت حربهم الإجرامية ، من أطرافها المرئية : جيش مختطف ، ومليشيا تفرخت منها مليشيات ، بعد أن كانت مقتصرة على الدعم السريع "الجنجويد" عند المنشأ والميلاد ، وما خفي خلف الدانات والمسيرات والطائرات وبراميل المتفجرات ، من أولئك المساهمين خلف ستار أعظم .
بهذه وبتلك وما في الدنيا وما فيها من شرور ، تم إغلاق الباب نهائياّ ، على أية عشم ينتظره شعب السودان المنكوب ، أن تقف حرب الطرفين العبثية ، أنتظروا توهماً سرابياً ، أن يمارس بعض جيش السودان الوطني ، وهو قي عرفهم لا يزال ، إنحيازاً ولو شكلياً ، لإنقاذ ذاته من الإفناء ، إذا لم يكن في بالهم إنقاذ شعب السودان من الإختفاء ، حتى يعيدوا الحياة ، لطبيعتها السلمية ومدنيتها السائرة يومياتها بعقلانية ، حتى يتمكن هذا الشعب ، المنكوب وصابر ، من مواصلة الحياة بمعاناتها ونكباتها ، من الصفر المنعدم حيث نقطته العدم ، وحتى هذه لم تتوفر لهم ، وماتت أحلامهم في وقف الحرب اللعينة ، وإنتظروا ودعوا ربهم طويلاً حتى تلاشت دعواتهم وتمنياتهم هباء ، ولازالوا يمدون حبل الصبر ، فهو سبيلهم ولا خيار ، فلم يتوقف عشمهم في أطراف الجريمة ، من أمل يحقق لهم وقف الحرب ، رأفة بحالهم فيما تبقى لهم من نَفّس ، وزفير وشهيق ، في رئاتهم المعطوبة بالدخان المرسل إليهم ، من آلات الحرب المدمرة ، ووقفها حتى ولو بالتفاوض آخر الكروت ، ولكنه المرفوض والمبعد من مخططاتهم السرية ، فلاسميع ولامجيب ، سداً لآذان صماء ، دي بي طينة ودي
بعجينة !! . أو أملاً في وقفها حتى ولو بإنتصار أحدهما على الأخر ، أيهم لا يهم ، فكلهم في القهر والإزلال القادم سواء ، وأيهما يأتي ويحكم فيهم ، فهم في العنف سواء ، وبرغم علم هذا الشعب المغوار ، الناهض في حينه وتوقيته ، أن مرارة كامل الإنتصار هو الإنهيار ، والفوضى والتلاشي ، ورغم ضياع أملهم وفشل سعيهم في الزمن السراب ، سكتوا عن الحلم والأمل المباح ، لكنهم يعلمون غداً ستتوقف الحرب بغير إرادة القتلة المجرمين ، والشعوب لا تفنى ، وسيأتي بعدها يوم القصاص من الغاصبين المغتصبين .
2- إشعال حمى الإنفصال :
وبعد كل هذه المرارات التي عاشوها ، قتلاً ونهباً وأغتصاباً وتهجيراً تطل عليهم قيادات الطرفين بالأمّر من سابقاتها حزمة مرارات .
أولها : ممثلهم البرهان يعلنها داوية ، على لسان الإسلام السياسي ( الكيزان ومرفقاتهم الإرهابية والنفعية] وليس على لسان جيشنا الوطني المختطف ، ليعلن أن اللعبة إنتهت ، وأنهم عائدون إلى حكمهم المباد ، حتى ولو على نصف دويلة !! . فالغى لهم البرهان ما كان قائماً من نفحات ، عليها رائحة نسمات من حياة كانت . بثتها رياح ديسمبر في أوردة القوانين التي شرعتها ، تمهيداً لبناء عهد وسودان جديد ، وقيامه بتجريد حملة يحسبها في متاهته وفاقية ، يتبعها بخطب. عصماء وبندقية ، ويمزق بنودها بأحبار دم الشعب الأحمر المسال كل ماخطته الثورة ، ويمسح بإستيكة الديكتاتور المستبد ، كل ما شرعته الثورة من قوانين ومواثيق . رغم ماشاب هذه المواثيق في وقتها ، من عيوب ونواقص ، فهي كانت جسر العبور ، على الأقل لمقولات دكتور عبدالله حمدوك ومنقذته من مغبة التوهان .
ثانيها : ترتيبات قيادات الدعم السريع " الجنجوكوز" بتشكيل حكومتهم الموازية ، غض النظر عن خطر خطط الإنفصالات ، الجارية مساراتها على قدم وساق ، التي فجرتها هذه القرارات العشوائية الأحادية النزعة ، في مجملها من قبل الطرفين ، مع ترحيبهما برغبة كل منهما ، بإقتسام كيكة السلطة ، دون وازع من وطنية ، مرحبين من وراء إدعاءات كاذبة بالتقسيم ، الإسلاموكوز يسابقهم الجنجوكوز ، في توزيع كعكة السلطة مناصفة "فالمال تلتو ولا كتلتو "، ويادار قد دخلك الشر من كافة نواصيه ، وهم يخوضون حرب نهايات التقسيم ، بكل طرق شرورهم المتوافرة ، وأخطرها كان خطاب الكراهية المتبادل ، الذي إنتشر كالهشيم في النار ، تمهيداً مقصوداً لحرب الدمار الشامل ، التي أهلكت الزرع والضرع ، ودمرت الأخضر واليابس ، وأغتالت الشجر والحجر وإن شبعت من هذه ، لكنها لم تشبع بعد من تكملة إغتيال البشر ، وهاهما الطرفان ، باليد اليمنى يقبضان على الزناد لمواصلة حربهما العبثية اللعينة ، وباليد اليسرى ، يقدمان فروض الولاء والطاعة لبقايا الإقتسام المنتظر ، لسلطة قادمة وقد دانت بنيرانها لهم ، ولكل منهما نصفها المحتضر . لاتريثاً بل ليأخذ كل منهما نصيبه ال- يقطر دماً وينطلق .
omeralhiwaig441@gmail.com