أدمغة بشرية محفوظة منذ آلاف السنين تتحدى نظرية علمية سائدة
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
توصل علماء إلى اكتشاف رائع يتحدى الاعتقاد السائد بأن الدماغ يتحلل بسرعة بعد الموت، ووجدوا أن الأدمغة البشرية يمكن أن تنجو من اختبار الزمن بشكل أفضل بكثير مما كان يعتقد في السابق.
إقرأ المزيدواكتشف العلماء أرشيفا واسعا يضم أكثر من 4400 دماغ بشري يعود تاريخها إلى ما يقارب 12 ألف عام.
ويصل عمر العديد من الأدمغة التي شملتها الدراسة إلى 12 ألف عام، وتم العثور عليها في السجلات التي يعود تاريخها إلى منتصف القرن السابع عشر.
وتسلط الدراسة الضوء على أن الأدمغة لا تتحلل دائما بسرعة بعد الموت، وبعضها يظل محفوظا حتى في حالة عدم استخدام تقنيات الحفظ.
وكشفت الدراسة التي قادتها ألكسندرا مورتون-هايوارد من جامعة أكسفورد، عن هذه الأدمغة من خلال مسح عالمي للسجلات الأحفورية للأدمغة البشرية.
وكان يُعتقد سابقا أن الأدمغة المحفوظة جيدا هي اكتشافات نادرة للغاية، لكن الدراسة الجديدة تتناقض مع الافتراض القائل بأن الدماغ هو من بين الأعضاء الأولى التي تتحلل. ويعتقد الخبراء أن هذه العينات القديمة تحمل إمكانات هائلة للكشف عن تفاصيل حول تاريخنا التطوري والأمراض الماضية.
وتقول مورتون-هايوارد: "هنا، قمنا بجمع أرشيف يضم أكثر من 4400 دماغ بشري محفوظ في السجل الأثري على مدار ما يقارب 12000 عام، أكثر من 1300 منها تشكل الأنسجة الرخوة الوحيدة المحفوظة بين بقايا الهياكل العظمية".
إقرأ المزيدوكتب الباحثون: "وجدنا أن الأدمغة من هذا النوع تستمر على فترات زمنية تتجاوز تلك المحفوظة بوسائل أخرى، ما يشير إلى أن آلية غير معروفة قد تكون مسؤولة عن الحفاظ على الجهاز العصبي المركزي بشكل خاص".
وعثر على الأدمغة البشرية القديمة عبر مجموعة من المواقع المختلفة من حوالي مائتي مصدر عبر ست قارات (باستثناء القارة القطبية الجنوبية)، بما في ذلك في قاع بحيرة سويدية كانت موجودة في العصور الوسطى، وأعماق منجم ملح إيراني يعود تاريخه إلى 2500 عام، وقمة براكين الأنديز في ذروة إمبراطورية الإنكا.
كما عثر على أدمغة أخرى في مقبرة تعود إلى عصور ما قبل التاريخ في صعيد مصر وتم حفظها في قبر رملي ضحل.
وتابع الباحثون: "إن الأرشيف غير المستغل للأدمغة القديمة المحفوظة يمثل فرصة لإجراء دراسات بيولوجية أثرية حول تطور الإنسان والصحة والمرض".
وكان لبعض الأدمغة المحفوظة تفسيرات معقولة مثل تجفيفها بالتجميد أو حفظها بالبركان. ومع ذلك، كان هناك العديد من الأنسجة الرخوة المحفوظة على الهياكل العظمية على الرغم من أنه هذا غير شائع في الظروف الطبيعية.
وحذر العلماء من أن الأدمغة المحفوظة يمكن أن تبدو بنفس لون التربة، وربما تم التخلص من الكثير منها أثناء عمليات التنقيب.
نشرت الدراسة في مجلة Proceedings of the Royal Society B.
المصدر: ذي صن
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: اكتشافات بحوث دراسات علمية معلومات عامة معلومات علمية
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: الإفتاء عملية بشرية بامتياز لا يمكن إدراك الذكاء الاصطناعي لها
أكد مفتي الجمهورية، الدكتور نظير عياد، أن شهر رمضان المبارك جاء ليحمل معه أجواءً روحانية خاصة، تتجدد فيها معاني الإيمان والتقوى، ويزداد فيها حرص المسلمين على الطاعات والعبادات، مما يجعل الحاجة إلى الفتوى أشد حضورًا من أي وقت آخر.
وقال مفتي الجمهورية، في حوار مع وكالة أنباء الشرق الأوسط "أ ش أ"، إن دار الإفتاء المصرية تبرز في هذا الشهر الكريم، كإحدى أهم المؤسسات الدينية التي تقوم بإرشاد المسلمين وتوجيههم وفق تعاليم الدين الحنيف، بما يضمن لهم أداء العبادات بصورة صحيحة تتماشى مع روح الشريعة الإسلامية.
وأضاف أنه مع التطورات المتسارعة التي شهدتها الساحة الإفتائية، تنوعت الفتاوى المطلوبة خلال رمضان، فلم تعد مقتصرة على الأحكام التقليدية للصيام والصلاة والزكاة، بل امتدت لتشمل قضايا معاصرة فرضتها التغيرات الاجتماعية والتكنولوجية، مثل أحكام الصيام الإلكتروني، واستخدام التطبيقات الذكية في العبادات، وأثر وسائل التواصل الاجتماعي على الروحانيات.
وقال إنه في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها العالم، يبرز تساؤل جوهري حول مدى حاجة القضايا الفقهية إلى اجتهاد جديد يواكب التطورات الزمنية والاجتماعية، مشيرا إلى أن المبدأ الراسخ لدى العلماء أن الفتوى تتأثر بأربعة عوامل أساسية هي الزمان، والمكان، والأحوال، والأشخاص، حيث تعكس هذه العوامل طبيعة المجتمعات المختلفة، وتفرض على المفتي مراعاتها عند إصدار الأحكام الشرعية.
وأكد الدكتور نظير عياد أن الاجتهاد الفقهي لا يمكن أن يكون دقيقًا وفعالًا دون فهم عميق لنصوص الشرع وقواعده، إلى جانب الإلمام الدقيق بواقع المسائل المستجدة، مشيرا إلى أن من أبرز القضايا التي تستدعي اجتهادًا معاصرًا، المعاملات المالية الحديثة، التي شهدت تطورًا كبيرًا مع ظهور الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا المالية، والقضايا الطبية المستجدة، التعديلات الجينية، وأحكام الذكاء الاصطناعي في التشخيص والعلاج، والقضايا الاجتماعية المعاصرة، التي تمس حياة الأفراد اليومية وتتطلب رؤية شرعية تحقق التوازن بين الثوابت والمتغيرات.
وأشار إلى أن الاجتهاد في هذه القضايا لا يهدف فقط إلى التيسير على المسلمين في أداء شعائرهم، بل يسهم أيضًا في بناء مجتمع أكثر انسجامًا مع متطلبات العصر، مع الحفاظ على القيم الإسلامية الراسخة.
وردا على تعامل الدار مع الإفتاءات المتعلقة بالتطور ومنها استخدام برامج تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل وتفسير آيات القرآن، ومدى صحة الاعتماد عليها في فهم الدين، قال مفتي الجمهورية إن الذكاء الاصطناعي أداة معرفية يمكن توظيفها في خدمة الإسلام، بشرط أن تكون تحت إشراف جهات دينية موثوقة، نظرًا لأن هذه التقنيات لا تملك القدرة على الاجتهاد أو إدراك المقاصد الشرعية كما يفعل العلماء.
وقد أمر الشرع بالرجوع إلى أهل العلم في تفسير النصوص، كما قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأنبياء: 43]. لذا، لا يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي اعتمادًا كليًا، لكنه قد يكون وسيلة مساعدة إذا خضع للرقابة الشرعية والتأكد من صحة معلوماته.
وقال إن هناك تطورا في طلب الإفتاء، فعلى سبيل المثال يطرح تساؤل حول مدى مشروعية إخراج الزكاة والصدقات من خلال هذه الوسائل الحديثة، خاصة مع تزايد التبرعات عبر الإنترنت.
وأضاف أن الفقهاء أكدوا أن الشريعة الإسلامية جاءت بخطاب شامل يواكب كل زمان ومكان، مما يسمح بتكييف الأحكام مع المستجدات التقنية.
وأوضح أنه في ظل التطور الرقمي، أصبحت المعاملات المالية أكثر سهولة عبر التطبيقات والمنصات الإلكترونية، مما يتيح للأفراد والمؤسسات الخيرية تلقي التبرعات وإخراج الزكاة عبر الحسابات الإلكترونية، وهو ما يُعد من قبيل "الوكالة" المباحة شرعًا.
وعن انتشار التطبيقات الرقمية التي تتابع التزام المستخدمين بالعبادات، مثل الصيام والصلاة وقراءة القرآن، ومنحهم مكافآت رقمية مقابل المواظبة عليها، وحول مدى توافق هذه الآلية مع روح العبادات ومقاصدها، قال مفتي الجمهورية إن الفقهاء أكدوا أن هذه المكافآت، إذا كانت معنوية وتهدف إلى التشجيع على الطاعة والتعاون على البر، فهي جائزة شرعًا ولا تؤثر على صحة العبادة، فالشرع ندب إلى التحفيز على الخير، كما جاء في قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].
وعن ظهور بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي، وعلاقاتها بإصدار الفتاوى بناءً على خوارزميات متطورة، قال إن الإفتاء عملية بشرية بامتياز، تعتمد على إدراك عميق لأربعة عوامل رئيسية هي: الزمان، والمكان، والأحوال، والأشخاص، وهي محددات لا يمكن أن تستوعبها الخوارزميات بشكل كامل، نظرًا لطبيعة الفتوى التي تحتاج إلى ملكة فقهية وخبرة بشرية تجعل المفتي قادرًا على استشعار حالة المستفتي وتفاصيل المسألة المطروحة، فضلًا عن فهم السياق الاجتماعي والنفسي المحيط بها.
وأضاف أنه لا يمكن إنكار أهمية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة، حيث يمكن استخدامه في تحليل واسترجاع الأحكام الفقهية بسرعة ودقة، مما يسهل على المفتين الوصول إلى المصادر والمراجع، وتنظيم وإدارة الفتاوى، عبر أرشفتها وتوفير بيانات دقيقة عن القضايا الفقهية المتكررة، وتحسين وصول الفتوى إلى الجمهور، من خلال تطبيقات تتيح تقديم إجابات مبدئية على الأسئلة الشائعة وفقًا لمصادر موثوقة، لكن في النهاية، يظل الاجتهاد البشري العنصر الحاسم في عملية الإفتاء، إذ لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستبدل ملكة الفقيه وخبرته في تنزيل الأحكام على الوقائع المتغيرة، بل يبقى مجرد أداة مساعدة تُستخدم ضمن إطار منضبط يضمن دقة المعلومات ويمنع إصدار فتاوى قد تفتقد إلى البعد الإنساني والتكييف الشرعي الصحيح.
وقال إنه في ظل التحولات السريعة التي يشهدها العالم، تحرص دار الإفتاء المصرية على تحقيق التوازن الدقيق بين الحفاظ على الثوابت الشرعية ومواكبة المتغيرات الزمنية والاجتماعية، وذلك من خلال منهجية علمية تعتمد على فهم دقيق لنصوص الشريعة وأحكامها ومقاصدها.
وأشار إلى أن هذا التوازن يرتكز على مبدأ جوهري، وهو أن الثوابت الشرعية، أي الأحكام القطعية التي لا اجتهاد فيها، تتسم بالمرونة والقدرة على التلاؤم مع كل زمان ومكان، دون أن يؤدي ذلك إلى أي تعارض مع متطلبات العصر، ومع ذلك، فإن تحقيق هذا الانسجام يتطلب مراعاة أمرين أساسيين، هما التفريق بين الأحكام الشرعية الثابتة وبين القضايا القابلة للاجتهاد، وهو ما يستلزم قدرة علمية متخصصة لتحديد نطاق الاجتهاد وحدوده، والفهم الصحيح الناتج عن اجتهاد منضبط، يستند إلى ضوابط شرعية واضحة، تضمن أن تكون الفتوى معبرة عن روح الشريعة القائمة على الوسطية والتيسير.
وقال إنه من هذا المنطلق، تعتمد دار الإفتاء المصرية على مجموعة من الضوابط واللوائح الدقيقة في إصدار فتاويها، بما يضمن انسجامها مع مستجدات الواقع ومتغيراته، دون المساس بجوهر التشريع الإسلامي.
وهكذا، تواصل الدار دورها الفاعل في تقديم الإرشاد الديني بما يحقق التوازن بين الأصالة والتجديد، ليظل الخطاب الشرعي قادرًا على الاستجابة لتحديات العصر، مع الحفاظ على ثوابت الدين ومقاصده السامية.