العملية الإرهابية الأخيرة التي ضربت مركز كروكس سيتي مول التجاري في روسيا أمس الجمعة لا يمكن أنّ نفصلها عن الحرب الأوكرانية والتي واجهت فيها روسيا الولايات المتحدة الأمريكية ومعها أوروبا، ولا شك أن كل منهما استخدم أدواته في مواجهة خصومه، بما فيها توظيف الحركة الجهادية في هذه المنطقة.

توقعنا في بدايات هذه الحرب قبل عامين أنها سوف تُؤثر إيجابًا على تنامي الحركة الجهادية في شرق أوروبا؛ لأسباب ترتبط بطبيعة هذه الحركة من جانب وقوة داعش خرسان من جانب آخر، فضلًا على انشغال القوى الدولية الكبيرة بالحرب بدلًا من مواجهة تنامي هذه التنظيمات.

الأخطر أنّ كلا من طرفي الصراع وجه انتقادًا للطرف الآخر في الحرب الأوكرانية يتهمه فيها بتوظيف جماعات العنف والتطرف في هذه المواجهة؛ وربما كانت المحصلة العملية الإرهابية الأخيرة التي استهدفت قاعة حفلات موسيقية قرب موسكو، فضلًا عن احباط عمليات إرهابية لاستهداف كنيس يهودي منذ أيام.

لا شك أنّ الحروب والصراعات التي ضربت العالم بدءًا من شرق أوروبا وتحديدًا في أوكرانيا وانتهاءًا بالشرق الأوسط وتحديدًا في فلسطين ومرورًا بما يحدث في السودان وسوريا واليمن وعدد من الإنقلابات العسكرية التي ضربت بعض العواصم الأفريقية مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو، كل هذا ترك أثرُا إيجابيًا على نشاط الحركة الحركة الجهادية العالمية.

التنظيمات المتطرفة وداعش على وجه التحديد ينشطون جميعًا بصورة كبيرة في ظل الحروب والصراعات؛ فدائمًا تلجأ هذه التنظيمات إلى صناعة الفوضى التي تُخلفها هذه الحروب، فأما وأنّ هذه الحروب والصراعات واقعًا قائمًا بالفعل، فمن الطبيعي تظهر هذه التنظيمات بصورة أكثر وضوحًا، ونتوقع معها عمليات نوعية مثل ما حدث في روسيا.

صحيح نجح التحالف الدولي في القضاء على دولة داعش منذ العام 2014، وأعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، انهيار دولة داعش في 22 مارس من العام 2019، لكن ها هو التنظيم يعود من جديد من خلال تنفيذ عمليات نوعية في كبرى دول العالم.

وهذا ما نقصدة من عودة داعش، صحيح قد لا يعود داعش بدولة له بعد أنّ سقطت في منطقة الشرق الأوسط، لكن هذه العودة قد تكون أخطر؛ وتبقى الخطورة في عدم وجود بقع جغرافية يٌسيطر عليها التنظيم، وإنما يتواجد في شكل خلايا خاملة ومنفردة ومتخفية، ولكنها قد تنشط في أي وقت وتقوم بتنفيذ عمليات نوعية مثل ما حدث في روسيا مؤخرًا.

صحيح مجتمع الاستخبارات الأمريكي حذر روسيا من إمكانية تنفيذ عمليات إرهابية على أراضيها بعدما تدفقت معلومات تفيد بأنّ داعش يعتزم مهاجمة روسيا، المعلومات كانت محدودة ولكنها ارتفعت إلى مستوى واجب التحذير، وهو ما تجاهلته روسيا ووصفت هذا التحذير بأنه استفزازي!

على كل الأحوال الصراع الدائر في أوكرانيا أثر على التنسيق الاستخباراتي ما بين المخابرات المركزية الأمريكية ووكالة الاستخبارات الروسية، وبالتالي كان نتيجة ذلك، تجاهل الأخيرة التحذيرات التي أبلغت بها، حتى أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اعتبر أنّ الغرب يتدخل بشكل مُسيء لروسيا على خلفية هذه التحذيرات.

العملية النوعية الأخيرة لـ داعش في روسيا ليست الأولى بعد سقوط دولة داعش ولن تكون الأخيرة، بل هناك عددًا من العمليات الإرهابية خلال الفترة القادمة في كل قارات العالم؛ سواء في أوروبا المشغولة بالصراع الدائر في شرقها أو في أفريقيا بعد عدد من الانقلابات العسكرية أثرت على جهود مكافحة الإرهاب في القارة السمراء.

وهذه العمليات الإرهابية سوف تطول أيضًا منطقة الشرق الأوسط، فداعش نشأ فيها ومازال موجودًا بخلاياه في الرقة والموصل، ونفذ عشرات العمليات النوعية؛ فضلًا عن اتساع نطاق الصراع في أكثر من عاصمة عربية، منها السودان، حيث حذر تقرير أممي من تنامي التنظيمات المتطرفة في هذه المنطقة بعد استمرار الصراع ما بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

بدأت تخرج قوات التحالف الدولي والقوات الأمريكية من العراق بعد توتر العلاقات بين البلدان على خلفية ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط وتحديدًا في غزة؛ وهو ما قد يكون له تأثير إيجابي على بقايا داعش في هذه المنطقة، كما أنّ تأثير الصراع في أوكرانيا ظهرت ملامحه في هجوم موسكو الأخير.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: روسيا داعش روسيا الارهاب في روسيا الهجوم في روسيا هجوم موسكو فی روسیا فی هذه

إقرأ أيضاً:

شركات التكنولوجيا والحرب.. مايكروسوفت وجه آخر للعدوان الإسرائيلي

الثورة /

في تطور يسلط الضوء على علاقة شركات التكنولوجيا الكبرى بالنزاعات المسلحة، كشفت وثائق مسربة عن تعزيز شركة «مايكروسوفت» تعاونها مع جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه الوحشي على قطاع غزة في أكتوبر 2023م، الوثائق، التي نشرتها صحيفة ذا غارديان بالتعاون مع مجلة 972+ الإسرائيلية وموقع لوكال كول الإخباري العبري، تكشف تفاصيل غير مسبوقة حول دور تقنيات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي التي طورتها «مايكروسوفت» في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية.
شراكة تقنية تعزز العدوان
بحسب الوثائق، شهدت المرحلة الأشد عنفًا من الحرب ارتفاعًا كبيرًا في اعتماد جيش الاحتلال على منصة الحوسبة السحابية «أزور» Azure التابعة لـ”مايكروسوفت”، وهذه التقنيات مكّنت وحدات الاستخبارات والقوات البرية والبحرية والجوية من تخزين وتحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة فائقة، ما ساهم في دعم العمليات القتالية والاستخباراتية بشكل مباشر.
ومن بين الوحدات التي استفادت من هذه التقنيات ما يأتي:
– الوحدة 8200: ذراع التجسس النخبوي للجيش الإسرائيلي.
– الوحدة 81: مسؤولة عن تطوير تقنيات التجسس المتقدمة.
– وحدة أوفيك: مكلفة بإدارة قواعد بيانات “بنوك الأهداف”.
دعم فني مكثف وخدمات حساسة
كشفت الوثائق أن “مايكروسوفت” زودت جيش الاحتلال بـ19 ألف ساعة من خدمات الدعم الفني، تشمل الاستشارات الهندسية وتطوير الأنظمة، في صفقات بلغت قيمتها نحو 10 ملايين دولار بين أكتوبر 2023م ويونيو 2024م. كما قدم موظفو الشركة المشورة والدعم المباشر من داخل القواعد العسكرية الإسرائيلية.
“أزور” والذكاء الاصطناعي في خدمة العدوان
لم يقتصر دور “مايكروسوفت” على توفير خدمات الحوسبة السحابية، بل شمل أيضًا تمكين الجيش الإسرائيلي من استخدام نموذج الذكاء الاصطناعي “جي بي تي-4”، بالشراكة مع شركة “أوبن إيه آي”، وتشير الوثائق إلى ارتفاع استهلاك الجيش لهذه التقنيات بنسبة كبيرة خلال العدوان، حيث استخدمت للتعرف على الأنماط وتحليل البيانات الحساسة، إضافة إلى دعم الأنظمة “المفصولة عن الهواء” التي تعمل بشكل مستقل عن الشبكات العامة، ما يعزز من سريتها وفعاليتها.
مايكروسوفت ليست وحدها
إلى جانب “مايكروسوفت”، استفاد جيش الاحتلال من خدمات شركات أخرى مثل “أمازون” و”غوغل”، التي زودت الجيش بحلول حوسبة سحابية متقدمة، كما أظهرت الوثائق أن تقنيات “أوبن إيه آي” شكلت ربع إجمالي استهلاك الجيش من أدوات التعلم الآلي التي وفرتها “مايكروسوفت”.
انتقادات وتداعيات
رفضت “مايكروسوفت” التعليق على هذه الاتهامات، في حين أشارت منظمات حقوقية إلى أن التعاون مع جيش الاحتلال في ظل عمليات عسكرية تنتهك حقوق الإنسان قد يثير تساؤلات أخلاقية خطيرة.
وفي المقابل، دافعت شخصيات إسرائيلية عن هذا التعاون، معتبرة أن الحوسبة السحابية توفر “فعالية تشغيلية كبيرة” لدعم العمليات العسكرية.
التساؤل الأخلاقي حول التكنولوجيا والحرب
يثير هذا التحقيق تساؤلات حول دور شركات التكنولوجيا الكبرى في النزاعات المسلحة، خاصة عندما تصبح تقنياتها أداة لتعزيز العدوان والانتهاكات، هل تتحمل هذه الشركات مسؤولية أخلاقية تجاه كيفية استخدام منتجاتها؟ وكيف يمكن للمجتمع الدولي وضع ضوابط تمنع تسخير التكنولوجيا الحديثة في الحروب؟
تظل الإجابات معقدة، لكن المؤكد أن تعاون “مايكروسوفت” وشركات أخرى مع جيش الاحتلال خلال عدوانه على غزة يمثل مثالًا صارخًا على العلاقة المتشابكة بين التكنولوجيا والصراعات المسلحة.

مقالات مشابهة

  • المندسون… والحرب الفاضحة
  • الدفاع التركية تؤكد وقوفها مع سوريا ضد التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمنها ووحدتها
  • أحمد الشرع.. من قلب التنظيمات المسلحة إلى رئاسة سوريا
  • مدرجات كرة القدم والحرب على غزة: تضامن كسر كل الحواجز
  • بوتين يؤكد نهاية الحرب الروسية الأوكرانية إذا توقف دعم الغرب
  • بوتين يؤكد نهاية الحرب الروسية الأوكرانية إذ توقف دعم الغرب
  • شركات التكنولوجيا والحرب.. مايكروسوفت وجه آخر للعدوان الإسرائيلي
  • اعتقال 100 متهم في تركيا بالانضمام لتنظيم داعش
  • تحذيرات من عمليات انتحارية مُشتركة لإيران وداعش في دمشق
  • بعد قليل.. محاكمة المتهمين في قضية خلية ولاية داعش الدلتا