هذا سر تعاطف إيرلندا الكبير مع غزة.. مجاعة متشابهة
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
تحدث الكاتب الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، عن سر التعاطف الكبير من قبل إيرلندا مع قطاع غزة، والذي يتعرض أهله لمجاعة حقيقية، بفعل الحصار الإسرائيلي الخانق، تزامنا مع المجازر المستمرة ضد العائلات الفلسطينية.
وتطرق هيرست في مقال له بموقع "ميدل إيست آي" إلى العلاقة بين فلسطين وإيرلندا ونضالهما وأثر المجاعة في البلدين، مشيرا إلى تذكير رئيس وزراء جمهورية إيرلندا ليو فاردكار الرئيس الأمريكي جو بايدن، لأوجه التطابق بين ما يحدث الآن تحت سمعه وبصره وبين المجاعة التي ضربت إيرلندا في القرن التاسع عشر.
ولفت المقال إلى أنه أثناء حديث فاردكار بمناسبة يوم القديس باتريك داخل البيت الأبيض، قال: "السيد الرئيس، كما تعلم، إن الشعب الإيرلندي منزعج جداً بسبب النكبة التي تجري أمام أعيننا في غزة. عندما أسافر حول العالم، عادة ما يسألني الزعماء لماذا يتعاطف الشعب الإيرلندي بهذا الشكل مع الشعب الفلسطيني، والإجابة على ذلك بسيطة: إننا نرى تاريخنا في عيونهم. إنها حكاية التهجير، وانتزاع الممتلكات، والتشكيك في الهوية الوطنية أو إنكارها تماماً، والهجرة القسرية، والتمييز، والآن التجويع".
في خطاب وقعت عليه مجموعة من مؤرخي المجاعة الكبرى، ناشد الموقعون "ضمير أمريكا الإيرلندية" حيث قالوا في خطابهم: "إننا نطالب الأمريكيين الإيرلنديين بوصفهم مواطنين، وبوصفهم أعضاء في مجتمعات ثقافية ومحسنة، كزعماء سياسيين، أن يستخدموا نفوذهم من أجل تجنب مجاعة شديدة كتلك التي واجهها أسلافهم".
كما جاء في الخطاب: "في سبيل تحقيق ذلك، إنه لمن الضرورة أن تتوقف الولايات المتحدة عن تسليح إسرائيل، وأن تمارس الضغط على إسرائيل من أجل وقف العمل العسكري ورفع الحصار عن قطاع غزة، وأن تتوقف عن استخدام الفيتو (حق النقض) في مجلس الأمن الدولي بشأن فلسطين، وأن تستأنف تمويل الأونروا، الوكالة التي تعتبر الأفضل تجهيزاً واستعداداً لتقديم المساعدات، وأن تقوم بدور الوسيط النزيه من أجل تحقيق تسوية سلمية بين إسرائيل وفلسطين".
ولكن ثمة رسالة أشد قوة من وراء المقارنة بين المجاعتين. فكما يعلم بايدن جيداً من تاريخه هو – كونه سليل من نجوا من المجاعة الكبرى – لم يتمكن القمع البريطاني من إطفاء جذوة التمرد، بل زادها اشتعالاً.
كانت المجاعة الكبرى هي التي أسست لجذور النضال من أجل الاستقلال، حرفياً، في تلك الأجزاء التي كانت الأكثر تضرراً داخل إيرلندا. لقد كانت سكيبرين، في أقصى الطرف الغربي لمنطقة غرب كورك، واحدة من أكثر المناطق تضرراً بالمجاعة ما بين 1845 و1852. ومن تلك المنطقة خرج ثلاثة من زعماء انتفاضة عيد الفصح في عام 1916: مايكل كولنز، توم باري، وجريمايا أودونفان روسا.
بحلول عام 1916 لم يبق على قيد الحياة سوى قلة قليلة من الناس الذين عاشوا المجاعة، ولكن ذلك لم يكن مهماً كثيراً، لأن ذرياتهم لم تنس.
ونفس الشيء ينطبق على القضية الوطنية الفلسطينية اليوم، حيث أوقد التجويع الجماعي في غزة شعلة النضال من أجل دولة فلسطينية، ومن أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. إن تداعيات ما يجري الآن أمام أعيننا تبلغ من القوة ما يكفي لتغذية المقاومة والتطلع نحو النصر لعدة أجيال قادمة.
ولكن آلة نتنياهو اليوم الآزمة لا يخطر ببالها التوقف عن المحاولة. بل في الواقع هي في بداياتها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية هيرست غزة المجاعة امريكا غزة ايرلندا هيرست المجاعة صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من أجل
إقرأ أيضاً:
"الدقيق الفاسد".. قُوت الغزيين مع تفشي المجاعة واشتداد الحصار
غزة- مدلين خلة - صفا على إحدى البسطات بالسوق المركزي في مدينة جباليا شمالي قطاع غزة، يقف الأربعيني يوسف الددة يسترجي صاحبها أن يسمح له بتفحص كيس الدقيق قبل شرائه والتأكد من خلوه من "السوس والدود". إلا أن محاولاته باءت بالفشل بعد إصرار البائع على شرائه أولًا قبل معاينته وفتحه، ما اضطره لشرائه بمبلغ يتراوح ما بين (350_ 400) شيقل. ومنذ إغلاق الاحتلال الإسرائيلي المعابر في الثاني من مارس/آذار الماضي، يعاني سكان القطاع من نقص حاد في السلع الغذائية والمواد التموينية، عدا عن ارتفاع أسعار السلع، وخاصة الدقيق والمواد الأساسية. تفاقم الوضع يصف الددة حالة الدقيق قائلًا: "رائحته عفنه ولا تطاق، والسوس والدود غزا ذراته واحتلها، فضلًا عن رائحته الكريهة التي تتناثر بالأجواء بعد خبزه". ويقول لوكالة "صفا": "لا يوجد خيارات أفضل أمامي إلا شراء هذا الدقيق وبهذا السعر المرتفع، كي أسد جوع صغاري وإلا فإنهم سيموتون جوعًا، بعد نفاد الدقيق الصالح للاستخدام من حوزتنا". ويضيف "هذه ليست المرة الأولى التي أضطر فيها لاستخدام الدقيق العفن، ففي المجاعة الماضية التي ضربت شمالي القطاع تناولته وعائلتي، ما أضر بصحة أطفالي وأصابتهم نزلة معوية، جراء تناوله". ويتابع "نضطر اليوم لشراء الدقيق غير الصالح للاستخدام، والذي قمنا ببيعه سابقًا لمربي الطيور والحيوانات، دون معرفتنا بأننا سنلجأ إلى شرائه بثمن مرتفع جدًا، لا يستطيع غالبية الغزيين اقتنائه مع عدم امتلاك ثمنه". وقبل عدة أيام، أعلن برنامج الأغذية العالمي، نفاد مخزونه الغذائي بالكامل في غزة بسبب عدم دخول أي مساعدات منذ سبعة أسابيع، بسبب الإغلاق الإسرائيلي للمعابر. وتتفاقم معاناة 2.4 مليون فلسطيني في القطاع يومًا بعد يوم، نتيجة الحصار الخانق وإغلاق المعابر، مما أدى إلى تدهور كارثي في الأوضاع الإنسانية والصحية، وانتشار واسع لحالات سوء التغذية الحاد، خصوصًا بين الأطفال والرضع. اشتداد المجاعة وأما الثلاثيني أحمد عبد ربه، فأراد أن يتدارك خوض عائلته المجاعة، فعمّد إلى تخزين بعض أكياس الدقيق علها تُنجي صغاره من خطر الإصابة بالأمراض، بعد تناول الدقيق غير الصالح للاستخدام. عبد ربه الذي نفّد لديه مخزون الدقيق، اضطر إلى شراء كيسين من الدقيق المُباع بالأسواق، ليكتشف أن "السوس والدود قد بلغ مبلغه، حتى قام بنخله عدة مرات وتفريغه في كيس آخر". يقول عبد ربه لوكالة "صفا": "أصبح حال الغزيين المفاضلة بالدقيق بين المليئ بالسوس فقط، مع الذي يملأه الدود مع السوس، كون الأول منه أخفُ ضررًا من الذي أكّل الدود زواياه". ويضيف "حتى حين نريد تغيير نوعيه الخبز وشراء خبز الصاج، فإن طعمه لا يختلف إطلاقًا عن الخبز المنزلي، وجميعه يمتلك طعم ورائحة كريهة". ويردف "اليوم لا نجد بديلاً عن الدقيق العفن، بل نشتريه بسعر مرتفع للغاية، نحن مضطرون إلى سد جوع أطفالنا مع اشتداد المجاعة، وانقطاع الفواكه واللحوم والدجاج، وشح الخضار". وفي حال بقي الوضع في القطاع على هذا الحال، كما يقول عبد ربه، فإن أمراض الجهاز الهضمي ستنتشر بكثرة بين الغزيين، وخاصة الصغار منهم. والأحد الماضي، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" نفاد إمداداتها من الطحين في قطاع غزة. وأوضحت أن لديها حوالي 3000 شاحنة محملة بمساعدات منقذة للحياة جاهزة للدخول إلى غزة، غير أن "إسرائيل" تمنع دخول شاحنات المساعدات.