عائشة الماجدي: بت الخزين أمي
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
ربما الحالة الوحيدة التي تغلبني فيها الكتابة ويتقاعس لساني الطويل عن الكلام عندما اتحدث عن بت الخزين .
اتحدث عن سيدة مكافحة زادت الصبر فوق صبرو لاكت القرضة أيام وليالي وسنين ربت بنات في غياب لأبوهم بسبب ظروف حروب الجنوب بين واو وجوبا ووقوع في الأسر ومرات إختفاء بالشهور غير معروفة المعالم ولا التفاصيل حتي .
غياب للأب بالليالي ما بين نيالا والفاشر وتخوم جبل مرة تجارة مرات رابحة ومرات خسرانة والحال ماشي ..
سنين عجاف وسنين سمحة وليالي كالحات وصالحة طوال أشهد الله عليها عشتها وأنا طفلة أذكر ذلك الأيام جيداً أذكر بت الخزين في مرة قامت بترحيلنا من مكان وديار الي ديار أخري علي أعتبار البنات أبوهم ( سايق الفيّت ) مافي ولازم هي تبقي ( مراة وراجل ) وتسد الفرقة ..
كانت تضع سرايرنا أنا وأخواتي البنات كلها خلفها وتضع سريرها أمامنا وتحت سريرها ( عكاز ) و ( بطارية ) وبعد الهجعة تصدر صوتاً عالياً ( نحنها او كحة ) فهماً منها أنها موجودة إذا في شئ آتي ..
وكانت تضع سريراً علي باب الحوش فاضي تفرش السرير وتضع فيه ( فرشة ملفوفة طويلة وتغطيها بشي أبيض وتضع مخدة ) نظام راجل موجود نائم علي السرير موجود كل ذلك التدابير لكي تحافظ علي بناتها من نائبات الزمان ،.
كافحت هذه السيدة بالقرش والقرشين ربت المواشي وخزنت دهب ( لليوم الأسود ) وعملت أرض زراعية وأشترت وسيلة حركة وعملت دخري ووقفت وجبرت بفتح من الله ونصر عظيم ،،،
وكل ما حد يسألها التعب دا كلو لشنو يا بت الخزين ترد بعبارة
محددة ( أنا أم بنات وبدورن التعليم ) وقرشي بنفعني أمرقي ليهم بكرة ما بحوج بناتي لزول بعد يجيهم أبوهم بالسلامة …
كانت نعم السند والضهر سدت فترة غياب أبوي واتحزمت وشالت الشيلة ما كشفت ضهر أبوي علي الإطلاق وهو مافي حافظت علي أرضها وعرضها كانت تمشي في الأرض بعزة وثبات ووقار وأحترام يجبر الرجال علي إحترامها تدخل السوق تلملم اغراضها ومستلزمات بناتها وتسمع منها نزل يا فلان وهي كالنخلة شامخة طول وعز مافي ود مقنعة يقدر يرفع عينو عليها ..
بت الخزين ربت بناتها وعلمتهم كلهم منهم المحاسبة ومنهم الإدارية ومنهم بت العلوم الطبية ومنهم الصحفية انجزت وأستثمرت بت الخزين في بناتها وكانت ولا زالت كلما تحدث معها شخص تختم حديثها أنا أم البنات ..
نشهد الله لم تحوجني أنا واخواتي البنات يوماً الي حد كنا كلما نقص لنا قسط في الجامعة همت أمي لتجر أقرب شئ من السعية وعلي السوق وتجي تسدد الرسوم بنفسها ..
يوماً ما كانوا معاي زميلات الجامعة من امدرقسي الجزيرة وواحدة من نيالا والحبيبة بت الخزين موجودة معانا جنب جامعة الرباط الوطني أدتهم كلهم وصية بما فيهم أنا أسمعن افتحن عيونكن أسمعني ( أبقن رجال ما تبقن نسوان ) بمعني ما تنكسرن ولا تعيبن .
أمسكت بيد زميلتي ( إكرام بت نيالا ) يا بتنا أنا أمك ما تتحسي عشان أمك بعيدة والبيت دا كبير ومفتوح حبابكم ما تشيلي هم …
أمي بت الخزين صّعبت علي أنا واخواتي البنات المهمة من بعدها لم نكن بقدر قوتها ومكافحتها وزينة شبابها لكن أقلاها
يا يمة ننال شرف المحاولة أن نكون علي خُطاك من باب الضكرنة والحقانية والأخلاق ..
أنا حفية وممنونة جدا أني أتربيت في يد سيدة ملكة وحفية
أني والله بتها وتوبها سر غطاي وريحتها ترياقي في الزمن الأغبر والصعب دا ..
أمي بت الخزين دي عظيمة شديد وكريمة شديد وصبورة شديد ..
إن شاء الله يا يمة الله يرفعك من المرض دا ويجبرنا بيك ويعلي مقامك وما يورينا فيكي يوم شين عشان والله ببساطة شديدة أنا في الدينا مافي شئ قاهرني وهادي حيلي وومسخ كل شئ غير مرضك دا وحاسين بالذنب تجاهك أنو بسبب كفاحك وتعبك معانا وعيشتك لينا اتعبناك وختينا حمل تقيل عليك وهدينا حيلك وبسببنا لزمناك السرير بالمرض ..
عارفة يا يمة قسم بالله أنا بكتب ليك والعبرة سادة حلقي ودموعي جارية وانا بكتب وكمان ما وريتك دا أحساس كل اخواتي البنات وعارفاهم موجوعات شديد ،،،
ما كلمتك يمة مرة سومة أختي بالدس منك قالت عارفة يا عيوش
مرض أمي دا سببو نحنا ( هدينا حيلها زمان ) بمسؤوليتنا الكانت شايلاها زمان ..
إنتي عارفة يا يمة نحنا نفسياً تعبانين بس ما بنظهر ليك والله العظيم جد ،،
المهم يمة أعرفي حاجة واحدة نحنا والله بنحبك شديد ????
وأعرفي نحنا علي وعدك وعهدك وثقتك فينا ويانا بناتك يمة ..
وما كلمتك يمة شفتي الخير العندي دا والتوفيق والقبول والرضا ال أنا فيهو دا كلو من تحت رأسك ومن دعواتك السمحة لي يا ستنا ????
وحكاية عيد الأم دي ذاتها بالنسبة لي ما مقنعة عشان أنتي عيدي في كل اللحظات والثواني أساسًا أنتي حب حياتنا الوحيد وعيدنا لكل الأعوام الفاتت والجاي ..
بتك بت الماجدي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الحقد وأضراره على المجتمع
محفوظ بن راشد الشبلي
mahfood97739677@gmail.com
يلتزمُ البعض بالوقوف شاخصًا أحياناً عند حد مُعين في مساراته المتعددة في هذه الحياة، ليس اضمحلالًا في فكره أو ما شابه ذلك، بل هو إعادة لترتيب بعض الأوراق أو لفرز بعض الأشياء في نفسه ووضعها في مكانها الصحيح من جانب ومن جانب آخر للتفكّر في التعاملات الغريبة التي تصدر من بعض البشر تجاهه وتجاه غيره وتصنيفها بما يتناسب مع حجمها وطبيعتها مع تلك الفئة من البشر وتوجهاتهم وأفكارهم الغريبة الخارجة عن حدود العقل والمنطق في قانون التعاملات الإنسانية والبشرية.
الحقد هذه الكلمة التي وردت في كتاب الله العزيز وفي الأحاديث النبوية الشريفة وفي غيرها من المسارات والترجمات والمعاني والتفسيرات في صور متعددة وتُشير لنفس المعنى وفي مجملها تصب في جانب واحد وهو أنها تراكمات خبيثة في نفس الإنسان تجاه الغير، وتدخل الغيرة والحسد والغل لتُكمّل عليها وتصنع منها كرة كبيرة ككرة الثلج المتدحرجة، فيصب صاحبها حقده وغلّه على الغير بأسباب وبدون أسباب وليس لها تبرير سوى أنَّه إنسان حاقد وحاسد على نعمة يراها في غيره وهي بُغض منه وضغينة تجاه الغير بلا أية أسباب ولا تبريرات مفهومة وظاهرة منطقيًا وشرعيًا.
سألتُ زميلًا ذات مرة لِم لا أجد نشاطك المعتاد في جانب مُعين ولا أجد لك حضوراً فيه فأجابني بأن هناك فئة تتربص بي كلما أوجدت نفسي هّناك ويتعمدون إيذائي بشتّى الطرق، فسألته إن كان بينكم خلافات في جانب مُعين فأجاب ليس بيننا سوى الخير وأكن لهم وافر الاحترام والتقدير ولا أعي لِما يتعمدون إيذائي ولِما يحقدون علي، فقلت له السبب في ذلك هي نفوسهم المريضة، فبعض النفوس البشرية المريضة إن وجدت خيرًا في الغير حقدت عليه وإن وجدت من يتفوق عليهم في جانب مُعين حقدت عليه، فهم يكنّون للبشر حقدهم وغلّهم الخفي ويظهرون خلافه أمامهم والعِياذ بالله.
وشخص آخر سألته لِما لا يقفون بجانبك ويدعمونك في مجالك أقرب الناس إليك؟ فقال حِقدهم علي كي لا أصل لمستوى أفضل منهم أو يفوقهم، فهم يجدون في أنفسهم بأنهم أفضل مني ولو كانوا هم بلا مستوى وهذا هو السبب في خذلانهم لي، فلا نعي مرض الحقد هذا كيف يصل ببعض البشر لمستوى لا يفهم أسبابه أقرب الناس إليهم فالأمر عجيب وغريب.
الإنسان الحاقد- والعياذ بالله- لا يكتفي بالنظر للغير باحتقار على نعمة يجدها فيه، بل يحقد عليه في كل شيء يصدر منه، فهو ولو لم يُحسن عمل شيء وليس له في الغير شيء، إلّا أن غِلَّه يقتله في داخله على كل شيء، فالمرض ليس بالضرورة أن يكون ظاهرا في الجسد بل تَغلغله في النفوس يفوق ظاهره على الجسد.
ونستخلص من موضوع الحقد والحاقدين أن في داخلهم نار تأكلهم كما تأكل الحطب، وينفثون شرار تلك النار المستعرة داخلهم للغير كي يحرقوه بها ولكن اللّه سبحانه سيكويهم بها في الدنيا والآخرة، ولن يستطيعوا مضرة أحد غير مضرتهم لأنفسهم، فالحقد قد ذمه الله تعالى في كتابه، وكذا نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قوله: "ثلاث من لم يكن فيه واحدة منهن فإنَّ الله يغفر له ما سوى ذلك لمن يشاء: من مات لا يُشرك بالله شيئًا، ولم يكن ساحرًا يتبع السحرة، ولم يحقد على أخيه"، فاللهم قِنا وقِ عبادك شر الحاقدين الحاسدين المبغضين إنك سميعٌ مُجيب.