بيسكوف: العملية العسكرية في أوكرانيا تحولت إلى حرب بعدما أصبح الغرب طرفاً مباشراً في الصراع
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
الجديد برس:
صرح المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، الجمعة، بأن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا تحولت إلى حرب بعدما أصبح الغرب طرفاً في الصراع.
وفي حوار مع موقع “أرغومينتي إي فاكتي” الروسي، أوضح بيسكوف أنه “عندما أصبح الغرب الجماعي مشاركاً في الصراع إلى جانب أوكرانيا، فإن الأمر تحول إلى حرب بالفعل بالنسبة إلينا”، مؤكداً أن “روسيا في حالة حرب، وعلى الجميع فهم ذلك من أجل التعبئة الذاتية الداخلية”.
وبيّن، في هذا الإطار، أن “الوضع القانوني للعملية العسكرية الخاصة لم يتغير، حيث إنها بحكم القانون عملية خاصة، ولكن بحكم الأمر الواقع، وبعد دخول الغرب الجماعي فيها، وزاد من مستوى انخراطه بها بشكل مباشر، فإنها أصبحت حرباً بالنسبة لروسيا”.
إلى ذلك، شدّد بيسكوف على أن روسيا “ستواصل العمل بالطريقة التي تمنع الإمكانات العسكرية لأوكرانيا من تهديد أمن مواطنيها وأراضيها”.
كما شدّد على أن روسيا “لا يمكن أن تسمح بوجود دولة على حدودها، لديها النية في استخدام شتى الطرق للاستيلاء على شبه جزيرة القرم، وعلى أراضي الأقاليم الجديدة المنضمة إليها”.
وأوضح، في هذا السياق، أن “الشيء الرئيسي بالنسبة إلى روسيا هو حماية المواطنين على الأراضي التي يحتلها نظام كييف بحكم الأمر الواقع، وتحريرها أيضاً”.
وكان وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي قد كشف أن مجموعة من دول “الناتو” أرسلت بالفعل قواتها العسكرية إلى أوكرانيا، وأن جنود “الناتو” موجودون فيها، قائلاً إنه “لن يكشف الدول التي أرسلت قواتها العسكرية إلى هناك”.
وأيضاً، كشف رئيس أركان القوات المسلحة الفرنسية، الجنرال تييري بوركهارد، الخميس، أن “الدعم الغربي لأوكرانيا قد يتجاوز مجرد تسليم الأسلحة”.
وجاء موقف الجنرال بوركهارد بعد تصريحات مثيرة للجدل للرئيس إيمانويل ماكرون في 27 فبراير الماضي، قال فيها إن القادة الأوروبيين ناقشوا إمكان إرسال قوات عسكرية برية إلى أوكرانيا.
وفي السياق ذاته، كشفت رئيسة تحرير شبكة “RT” الروسية، مارغريتا سيمونيان، في وقتٍ سابق، عن تسجيل صوتي يتضمن محادثة جرت في 19 فبراير الماضي بين ضباط ألمان لبحث كيفية ضرب جسر القرم في روسيا عبر مضيق كيرتش في البحر الأسود، فيما رفضت وزارة الدفاع الألمانية التعليق على تسجيل.
وتعليقاً على ذلك، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إنه “لم يعد في إمكان الغربيين إخفاء أمر وجود عسكريين من الناتو في أوكرانيا بعد الآن”.
المصدر: الجديد برس
إقرأ أيضاً:
شـواطئ.. روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟ (9)
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يتابع عالم السياسة الشهير ألكسندر جليبوفيتش رار فى كتاب (روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟) والذى نقله إلى العربية محمد نصر الدين الجبالى بقوله: فما السبب فى حالة الفتور فى العلاقة بين روسيا وألمانيا؟ يعتقد المسئولون فى روسيا أن السبب هو واشنطن. إلا أنه لا ينبغى المبالغة فى تصوير قدرات واشنطن.
صحيح أن أمريكا تسعى إلى التأثير على إستراتيجية ألمانيا من خلال مراكز التحليل وصناعة القرار، وصحيح أن أمريكا تسعى إلى عدم السماح بظهور تحالف روسى أوروبى نظرًا لأن مصلحة واشنطن تظل فى بقاء وجودها فى أوروبا وعدم السماح بوجود منافس روسى فى هذه المنطقة، ووجود مصالح جيوسياسية حيوية لواشنطن فى هذه المنطقة.
إن عدم الفهم المتبادل هو ما يباعد بين أوروبا وروسيا ويرجع السبب فيه إلى الصراعات على خلفية القيم والتباين الثقافى الحاد. وتشهد روسيا عودة إلى الثقافة المسيحية المفقودة حيث عاد الناس إلى التردد على الكنائس والايمان بوجود الله والاهتمام بمؤسسة الأسرة وحب الوطن والتقاليد الوطنية. بينما فى أوروبا يعلى الناس من قيم الحرية والدفاع عن حقوق الإنسان وتحقيق الذات. وتشهد البلدان الأوروبية المتقدمة صدور قوانين تدعم حقوق الأقليات بما فيها الحقوق الجنسية. فى حين ترى روسيا أنه لا جدوى من إصدار مثل هذه القوانين، وأن السبب يرجع ليس إلى انتشار الرجعية أو كراهية المثليين فى روسيا لأن روسيا الآن أصبحت دولة مسيحية جديدة لا يمكنها القفز مباشرة إلى مرحلة ما بعد الحداثة. فبعد 85 عامًا من الشيوعية يحتاج الناس إلى إستعادة وترسيخ القيم التقليدية المنسية.
وقد أدت التناقضات الدينية العميقة إلى إثارة خلافات حادة سياسية بين البلدين. فالمواطن الألمانى المعاصر يعتقد أن الحدود لم تعد تلعب فى عالمنا اليوم أى دور وأن العالم يسير فى اتجاه التحالفات انطلاقا من القيم الجامعة.
ويدور حديث حول الصدام بين نظريتين للنظام العالمى المستقبلى، حيث يدافع الغرب عن عالم أحادى القطبية فى حين تناضل روسيا من أجل عالم متعدد الأقطاب. ويرى الأوروبيون أن البشرية يجب أن تتقاسم القيم المشتركة فى حين يدعو الروس إلى فكرة التنوع الثقافى والقيمى. وفى سبيل سعيه إلى إيقاف إراقة الدماء وحماية المدنيين يبرر الغرب تدخله فى شئون الدول الأخرى بما فى ذلك التدخل العسكرى. أما روسيا فتدافع عن سيادة الدول. ويرى الأوروبيون أن الفلسفة التقليدية للعلاقات الدولية قد عفا عليها الزمن فى حين يدعو الروس إلى الاسترشاد والاهتداء بقواعد القانون الدولى الحالى والسائد منذ أمد طويل. والغرب لا يرفض تحويل مجموعة الثمانى الكبار إلى حكومة العالم، أما روسيا فترى أن مجموعة العشرين ومجموعة البريكس يجب أن يكونا هما المنوطين بحل قضايا النظام العالمى.
ورغم ذلك لا يجب أن تتحول روسيا فى أوروبا إلى مجرد صبى صغير يعاقب طوال الوقت ولا يجب تحويل الانتقادات الروسية إلى دوجمات. ويجب أن نعى أنه ونظرا للأحداث التاريخية سيكون من الصعب على روسيا الانصهار فى الحضارة الأوروبية المعاصرة بعد أن انتهجت مسارا آخر تماما فى التطوير على مدى القرن الماضى بأكمله.
مازال الألمان يشعرون أنهم يعيشون فى أوروبا التى بناها الآباء بعد الحرب العالمية الثانية، أما روسيا فقد خسرت الحرب الباردة. لقد فاز نظامهم، أما النظام الروسى فقد خسر الحرب الباردة ولم يعودوا فى حاجة إليه. ما زال الألمان يعيشون نشوة النصر وإعلاء القيم الليبرالية والديمقراطيات الغربية والتى يتوجب ليس فقط حمايتها والدفاع عنها بل وتصديرها إلى الآخرين بكل الوسائل بما فيها القوة وغرسها فى الدول الأخرى والثقافات الغربية. وقد دعا الاتحاد السوفيتى قبل 90 عاما إلى انتهاج نفس الفكرة وفرض أفكاره ومبادئه "السعيدة" على العالم.
تعيش أوروبا عصر ما بعد المسيحية، أما روسيا فتراهن حاليا على مشاعر الوطنية والتقليدية والفكرة القومية. وتسود التشريعيات الليبرالية فى أوروبا وتسارع الدول الأوروبية واحدة تلو الأخرى إلى إصدار القوانين التى تكافح التمييز ضد الأقليات الجنسية، وهى قوانين رفضتها أوروبا طوال عقود. أما روسيا فتعيش حالة من الابتعاد عن الغرب والسير فى طريقها الخاص. ولذا يمكن القول إن الغرب وروسيا يعيشان فى عصرين مختلفين. وربما تتخلف روسيا عن التطور ما بعد الحداثة الذى تعيشه أوروبا الغربية الآن بمسافة 30-40 عاما. وربما ستسعى روسيا دائما إلى التحرك وفق رؤيتها المحافظة للتطور. ويجب أن نضع فى اعتبارنا أن ألمانيا ظلت لعقود ومنذ عام 1945 تتحرك قدما صوب الليبرالية والمجتمع المدنى. استغرق الأمر 60 عاما. أما اليوم فالغرب غير صبور ويتصرف بشكل لا يطاق مع التطورات فى روسيا.
ولكن لِمَ نقحم القيم فى حديثنا هذا؟ ألا نهدر الكثير من الوقت على حديث تافه؟ ما كان الاقتصاد هو المحدد للعلاقات بين الدول. وفى هذا الصدد قامت روسيا الاتحادية بخطوة كبيرة للأمام، فقد أصبحت واحدة من الدول التى نجت سريعا من الأزمة وهو ما أثار دهشتة الجميع. وأثبتت روسيا قدرتها على اتخاذ قرارات سليمة فى الأزمات.
وللحديث بقية