من سوء حظ الأزمة السودانية، انها اشتعلت وزادت فوضى وقت احتدام الأزمة في قطاع غزة.

وفي الوقت الذي يتحرك فيه العالم بأجمعه لوقف اطلاق النار في غزة، بعد دخول العدوان الإسرائيلي شهره السادس، وبعد سقوط ما يزيد عن 32 ألف شهيد ودمار 90 ألف منزل، وانزلاق الأحوال للكارثية والمجاعة، فإن هناك صمتا تاما على الجانب السوداني، رغم أن الكارثة أفدح وأكبر.

والحقيقية أنه اذ كانت الأزمة في قطاع غزة، خطأ حسابات فادح ومروع من جانب حركة حماس، أدى لمجاعة في غزة ودمار تام في القطاع، وتحوله تدريجيا الى مكان غير صالح للعيش نهائيا، لنحو 2.3 مليون شخص، فإن الأزمة في السودان مصطنعة ومدفوعة بأجندات خارجية شيطانية، تدفع بـ 50 مليون سوداني للجحيم.

والأرقام في السودان مرعبة ولا تكذب، وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الحرب في البلاد شردت أكثر من 5.2 مليون شخص، 4.1 مليون منهم داخل السودان، و1.1 مليون نزحوا إلى البلدان المجاورة، وهناك 20.3 مليون شخص يواجهون  انعدام الأمن الغذائي الحاد، أي حالة تقارب المجاعة، وهناك 24 مليون شخص أي نصف سكان البلاد في حاجة إلى مساعدات إنسانية، ونحو 3.4 مليون طفل تقل أعمارهم عن 5 سنوات، يواجهون سوء التغذية الحاد وأمراض  خطيرة منها الحصبة والملاريا وحمى الضنك.

وإذا كانت التحركات داخل مجلس الأمن، وعبر مصر والدول الإقليمية حثيثة ومتواصلة لوقف إطلاق النار في غزة، فإن الأمر ترك للمتصارعين في السودان، أي هم وشأنهم، وملايين الشعب السوداني وراءهم يعانون الموت والعذاب والقتل، في بلد كتب عليه الحرام والصراع والفقر والدمار والانقسام منذ 5 عقود، ومنذ ظهور الترابي والبشير على ساحته، ودخلت البلاد متاهة سياسية وأمنية وحرب أهلية.

وأتعجب أن الجامعة العربية، وللأسف هى الكيان العربي الجامع الهش الوحيد، تبدو مغيبة تماما في الأزمة السودانية، وباستثناء محادثات جدة منذ شهور والتي فشلت، ومحاولة خجولة منذ أسابيع في ليبيا وقد اختفت، فان السودان وأهله تركوا للجحيم.

ولعل المسؤولة الأممية، إيديم وسورنو، مديرة العمليات الإنسانية بالأمم المتحدة، والتي قالت مؤخرا إن ثلث سكان السودان بالفعل، يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويمكن الوصول إلى مستويات جوع كارثية في بعض مناطق إقليم دافور، وأن طفلا يموت كل ساعتين في دارفور وهناك تقديرات بوفاة 222 ألف طفل الأسابيع المقبلة، مع استمرار الصراع، لعل وسورنو أصابت كبد الحقيقة، بقولها إن "المهزلة الإنسانية تحدث في السودان تحت ستار من الإهمال الدولي والتقاعس عن التصرف"، فهناك إهمال دولي لما يحدث في السودان والأمر خطير.

وبالنسبة للأجندات التي تغذي الوضع البائس حاليا في السودان، وتزيد نيران الصراع وتفتك بأهله، فهى ليست خافية على أحد، فكل طرف في الصراع الحالي له علاقاته ومن يمدوه بالأسلحة، ويريدون استمرار الوضع الحالي، ولا اتفاق وقف اطلاق نار يلوح في الأفق، ولا حتى خارطة طريق مختلف علي بعض بنودها ومتفق على بعضها الآخر، ظهرت إلى العلن.

الوضع محزن في السودان، وتداعياته، لن تقف عند حدود اللحظة الراهنة، وليس فقط لأنه أمن قومي مصري من الدرجة الأولى، ولكن لأن السودان أحد دول القلب في العالم العربي، وله حدود مع مصر وليبيا بعد التقسيم مع جنوب السودان، وانفراط عقده مع قرب مرور عام على هذه الحرب المسعورة، والتي اندلعت في أبريل 2023 من العام الماضي يكاد يدفع بالبلد للمجهول، والمجهول هذا هو الباب الملكي، الذي تظهر من خلاله الميليشيات والجماعات الارهابية، وهى نفس الحالة التي بدت عليها حالته في الثمانينات.

والنهاية.. إذا كان قلبنا ينفطر على الأوضاع في قطاع غزة وتداعيات عدوان وحشي، تقوم به حكومة إسرائيلية متطرفة ضد شعب أعزل، بعد حسبة خاطئة لم يستفد منها الفلسطينيون أي شىء، سواء فقدان منازلهم وبيوتهم وأرواحهم ودمار كارثي لم يحدث منذ حرب 1967، فإن عيوننا تدمع على السودان وأهله، ودمار بلد استراتيجي من الدرجة الأول والحكم بالفوضى على الملايين من سكانه. 
ونسأل.. أليست هناك مبادرة عربية جادة؟ أو تحرك حثيث لوقف هذه المهزلة في السودان؟!

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فی السودان ملیون شخص

إقرأ أيضاً:

11 عامًا من التمكين.. النائبة مها شعبان تستعرض تأثير ثورة يونيو على ملف المرأة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قالت النائبة مها شعبان، عضو مجلس النواب، إن ثورة 30 يونيو المجيدة كانت اللبنة الأولى في الطريق نحو الجمهورية الجديدة، فساهمت في القضاء على مساعي الجماعة الإرهابية في تقسيم مصر وتفتيتها.

وأكدت «شعبان» في تصريحات خاصة لـ«البوابة نيوز»، أن استجابة الرئيس عبدالفتاح السيسي خلالها للشعب حافظ على الوطن ورسخ معاني الشرف والوطنية، إذ حمل على عاتقه مسؤولية إنقاذ مصر من مخططات الجماعة الإرهابية، فكانت الثورة شاهدة على انطلاق مسيرة التنمية والإنجازات، فوضعت ثورة 30 يونيو مصر على طريق التقدم والبناء والتنمية.

وأشارت عضو مجلس النواب، إلى أنه ومن بعد ثورة 30 يونيه وتولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم في 2014 أولى المرأة اهتمامًا خاصًا، لتتوِّج فترته المرأة بما شهدته من إنجازات لصالحها، إذ إن العام 2014 نفسه شهد تعيين سيدة مستشارة للأمن القومي لرئيس الجمهورية لأول مرة منذ 40 عاما، بجانب تعيين مساعدة لوزير العدل في شئون المرأة والطفل عام 2015؛ وتعيين أول سيدة محافظ فى محافظة البحيرة عام 2017 وفي محافظة دمياط عام 2018.

وأضافت أن الأمر لم يقف عند هذا الحد بل تم تخصيص عام 2017 كعامًا للمرأة، وهي سابقة، فضلًا عن اعتماد الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030 في عام 2017، وتعيين أول سيدة كرئيس للمحكمة الاقتصادية فى 2018، وتعيين امرأة قاضية نائبة للمحكمة الدستورية العليا فى عام 2020 وهى ثانى سيدة تعين بهذا المنصب منذ إنشاء المحكمة فى عام 1969.

وتابعت: ولا ننسى نسبة تمثيل المرأة في مجلس النواب، والتي حصلت المرأة على 162 مقعدا في البرلمان بما يمثل 27% في مجلس النواب، وحصولها على 6 حقائب وزارية داخل مجلس الوزراء بنسبة 18% من عدد الوزراء في الحكومة عام (2021/2022)، ووصلت نسبتها فى مجلس الشيوخ إلى حوالى 14٪.

واختتمت حديثها بتوجيه التهنئة للرئيس عبد الفتاح السيسي، والقوات المسلحة المصرية، والشعب المصري العظيم، بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لثورة 30 يونيو المجيدة.

مقالات مشابهة

  • الأزمة الإنسانية فى موزمبيق تتفاقم بسبب العنف المسلح
  • أمراء الحرب يدمّرون السودان وشعبه
  • مساع وضغوطات لإعادة أمل شعبان إلى التربية
  • 8 شهداء في قصف إسرائيلي على رفح وغزة
  • 11 عامًا من التمكين.. النائبة مها شعبان تستعرض تأثير ثورة يونيو على ملف المرأة
  • الوصول إلى 25 مليون متعامل بالبورصة يكتب شهادة ميلاد للاستثمار
  • لجان مقاومة الفاشر تعلن مقتل المؤثر والناشط إبراهيم «شوتايم» 
  • النزوح العنيف أكثر الأزمات إهمالا في العالم .. 9 من بين 10 أزمات موجودة في أفريقيا
  • أزمة مالية كبيرة تهدد نادي سموحة بغرامة 440 مليون جنيه
  • حكم استئذان المرأة زوجها في قضاء ما أفطرته من رمضان؟.. «الإفتاء» تٌوضح