إبراهيم شعبان يكتب: السودان ينزلق للجحيم .. وغزة تخطف الأضواء
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
من سوء حظ الأزمة السودانية، انها اشتعلت وزادت فوضى وقت احتدام الأزمة في قطاع غزة.
وفي الوقت الذي يتحرك فيه العالم بأجمعه لوقف اطلاق النار في غزة، بعد دخول العدوان الإسرائيلي شهره السادس، وبعد سقوط ما يزيد عن 32 ألف شهيد ودمار 90 ألف منزل، وانزلاق الأحوال للكارثية والمجاعة، فإن هناك صمتا تاما على الجانب السوداني، رغم أن الكارثة أفدح وأكبر.
والحقيقية أنه اذ كانت الأزمة في قطاع غزة، خطأ حسابات فادح ومروع من جانب حركة حماس، أدى لمجاعة في غزة ودمار تام في القطاع، وتحوله تدريجيا الى مكان غير صالح للعيش نهائيا، لنحو 2.3 مليون شخص، فإن الأزمة في السودان مصطنعة ومدفوعة بأجندات خارجية شيطانية، تدفع بـ 50 مليون سوداني للجحيم.
والأرقام في السودان مرعبة ولا تكذب، وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الحرب في البلاد شردت أكثر من 5.2 مليون شخص، 4.1 مليون منهم داخل السودان، و1.1 مليون نزحوا إلى البلدان المجاورة، وهناك 20.3 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، أي حالة تقارب المجاعة، وهناك 24 مليون شخص أي نصف سكان البلاد في حاجة إلى مساعدات إنسانية، ونحو 3.4 مليون طفل تقل أعمارهم عن 5 سنوات، يواجهون سوء التغذية الحاد وأمراض خطيرة منها الحصبة والملاريا وحمى الضنك.
وإذا كانت التحركات داخل مجلس الأمن، وعبر مصر والدول الإقليمية حثيثة ومتواصلة لوقف إطلاق النار في غزة، فإن الأمر ترك للمتصارعين في السودان، أي هم وشأنهم، وملايين الشعب السوداني وراءهم يعانون الموت والعذاب والقتل، في بلد كتب عليه الحرام والصراع والفقر والدمار والانقسام منذ 5 عقود، ومنذ ظهور الترابي والبشير على ساحته، ودخلت البلاد متاهة سياسية وأمنية وحرب أهلية.
وأتعجب أن الجامعة العربية، وللأسف هى الكيان العربي الجامع الهش الوحيد، تبدو مغيبة تماما في الأزمة السودانية، وباستثناء محادثات جدة منذ شهور والتي فشلت، ومحاولة خجولة منذ أسابيع في ليبيا وقد اختفت، فان السودان وأهله تركوا للجحيم.
ولعل المسؤولة الأممية، إيديم وسورنو، مديرة العمليات الإنسانية بالأمم المتحدة، والتي قالت مؤخرا إن ثلث سكان السودان بالفعل، يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويمكن الوصول إلى مستويات جوع كارثية في بعض مناطق إقليم دافور، وأن طفلا يموت كل ساعتين في دارفور وهناك تقديرات بوفاة 222 ألف طفل الأسابيع المقبلة، مع استمرار الصراع، لعل وسورنو أصابت كبد الحقيقة، بقولها إن "المهزلة الإنسانية تحدث في السودان تحت ستار من الإهمال الدولي والتقاعس عن التصرف"، فهناك إهمال دولي لما يحدث في السودان والأمر خطير.
وبالنسبة للأجندات التي تغذي الوضع البائس حاليا في السودان، وتزيد نيران الصراع وتفتك بأهله، فهى ليست خافية على أحد، فكل طرف في الصراع الحالي له علاقاته ومن يمدوه بالأسلحة، ويريدون استمرار الوضع الحالي، ولا اتفاق وقف اطلاق نار يلوح في الأفق، ولا حتى خارطة طريق مختلف علي بعض بنودها ومتفق على بعضها الآخر، ظهرت إلى العلن.
الوضع محزن في السودان، وتداعياته، لن تقف عند حدود اللحظة الراهنة، وليس فقط لأنه أمن قومي مصري من الدرجة الأولى، ولكن لأن السودان أحد دول القلب في العالم العربي، وله حدود مع مصر وليبيا بعد التقسيم مع جنوب السودان، وانفراط عقده مع قرب مرور عام على هذه الحرب المسعورة، والتي اندلعت في أبريل 2023 من العام الماضي يكاد يدفع بالبلد للمجهول، والمجهول هذا هو الباب الملكي، الذي تظهر من خلاله الميليشيات والجماعات الارهابية، وهى نفس الحالة التي بدت عليها حالته في الثمانينات.
والنهاية.. إذا كان قلبنا ينفطر على الأوضاع في قطاع غزة وتداعيات عدوان وحشي، تقوم به حكومة إسرائيلية متطرفة ضد شعب أعزل، بعد حسبة خاطئة لم يستفد منها الفلسطينيون أي شىء، سواء فقدان منازلهم وبيوتهم وأرواحهم ودمار كارثي لم يحدث منذ حرب 1967، فإن عيوننا تدمع على السودان وأهله، ودمار بلد استراتيجي من الدرجة الأول والحكم بالفوضى على الملايين من سكانه.
ونسأل.. أليست هناك مبادرة عربية جادة؟ أو تحرك حثيث لوقف هذه المهزلة في السودان؟!
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فی السودان ملیون شخص
إقرأ أيضاً:
البرهان يتسلم دعوة رسمية لزيارة جمهورية مصر العربية
(سونا)-تسلم السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان اليوم رسالة خطية من شقيقه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، تتضمن دعوة رسمية لزيارة جمهورية مصر العربية خلال الفترة القادمة، كما تتضمن التأكيد على دعم ومساندة مصر للسودان في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها.
جاء ذلك لدى لقائه اليوم سفير مصر لدى السودان السفير هاني صلاح بحضور وزير الخارجية السفير د. علي يوسف.
وأوضح السفير هاني في تصريح صحفي أن الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أبدى ترحيبه بتلبية الدعوة، مبينًا أن الجانبين السوداني والمصري سيعملان من أجل الترتيب الجيد لهذه الزيارة وأضاف ان اللقاء تطرق لتطورات الأوضاع في السودان بما في ذلك الوضع في دارفور ومؤتمر لندن حول السودان الذي عقد أمس.
مبيناً انه قدم تنويراً لرئيس المجلس السيادي حول مسار العلاقات الثنائية والترتيبات الجارية لعقد النسخة الثانية من ملتقى الأعمال السوداني المصري.
وقال السفير المصري أن بلاده تدعم السودان من منطلق الروابط الأخوية التي تربط بين الشعبين الشقيقين وأضاف "نريد تحويل الأزمة التي يمر بها السودان والتي يطلق عليها العالم بأنها منسية إلى أزمة غير منسية" مشيدا بتضحيات وصمود الشعب السوداني في هذه الأزمة وتكاتف وتعاضد أبنائه من أجل إعادة إعمار ما دمرته الحرب.