الدار البيضاء.. فطور متعدد الثقافات والأديان يحتفي بالذكرى 14 لتأسيسه
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
أقيمت، مساء أمس الخميس بالدار البيضاء، الدورة ال 14 من مبادرة “فطور متعدد الثقافات والأديان”، الحدث الرائد للعيش المشترك، الذي التأم فيه ممثلون عن الديانات التوحيدية الثلاث وأزيد من 200 شخصية حول مائدة إفطار واحدة.
وجرت هذه الدورة، المنظمة بمبادرة من جمعيات “مغاربة بصيغة الجمع/ ماروكان بلورييل” و”سلام لكولام” و”قادة الألفية”، تحت شعار ” فلنشعل الأنوار”، بفضاء رياض بنجلون بمقر الزاوية البوتشيشية بالمدينة القديمة للدارالبيضاء، بحضور مستشار جلالة الملك والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة-موغادور أندري أزولاي، وعامل عمالة مقاطعات الدار البيضاء-أنفا عزيز دادس، وعدد من الدبلوماسيين من بينهم سفراء الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والسنغال وسويسرا، إلى جانب مجموعة من فعاليات المجتمع المدني ورواد الفن والثقافة بالمغرب.
وبهذه المناسبة، قال السيد أزولاي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن المغرب،” أكثر من أي وقت مضى، يوجه هذه الرسالة اليوم إلى بقية العالم، وهي رسالة ترمز إلى الإخاء وصمود وقدرة بلدنا، خاصة في الأوقات الصعبة، لكي نكون مثالا في مجال العيش المشترك، وذلك بفضل خصوصيتنا “تمغربيت”، التي هي ثمرة الاختيار الرائد والفريد للمغرب، تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل إعادة تملك ثراء وعمق ومشروعية مختلف تنوعاته، التي هي اليوم في قلب الحداثة الاجتماعية لبلادنا”.
وأكد السيد أزولاي على تفرد المغرب، ” البلد الوحيد في العالم الذي يحمل هذا الصوت إلى أقصى حد ممكن ويجسد هذه الدعوة للسلام التي يجب توسيعها وحمايتها وتعزيزها”، مبرزا أن “فطور متعدد الثقافات والأديان”، الذي يحتفل بنسخته ال14، قد تم تنظيمه ومحاكاته، خلال 14 عاما من تأسيسه، سواء بالمغرب أو في جميع أنحاء العالم.
من جانبه، أشاد سفير الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب بونيت تالوار، في تصريح مماثل، بتنظيم هذا الفطور باعتباره حدثا مهما يكتسي رمزية كبيرة وذلك بمبادرة من المواطنين الذين يؤمنون ويعملون من أجل التعايش المشترك، المتجذر في الهوية المغربية.
وأبرز أن ” المغرب غني بهذه المجتمعات من مختلف الأديان والثقافات التي عاشت جنبا إلى جنب على مدى قرون، الشيء الذي مكنه من اكتساب حضارة متميزة عبر التراث والفن والمعمار والعلم والأدب الغني والمتميز”، مضيفا أن “مثالية المغرب، النموذج الحي للتعايش المشترك، لم تكن وليدة الصدفة، بل جاءت نتيجة الانخراط الفعال للمواطنين تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي لا يدخر جهدا في دعم هذا النموذج من المجتمع وجميع المبادرات الرامية إلى تعزيز قيم التعايش المشترك”.
أما رئيسة جمعية “سلام لكولام” كاتيا بيتون، فقد أشارت إلى أن تنظيم هذا “الفطور متعدد الثقافات والأديان”، الحدث الأخوي والودي الذي يجمع ممثلي الديانات السماوية الثلاث، يؤكد أن المغرب يعد نموذجا فريدا في تجسيد مقاربة التسامح والتعايش المشترك، منوهة بالحضور الكبير للشباب الذين يتعين عليهم حمل المشعل لنقل رسالة السلام هذه في جميع أنحاء العالم.
من جانبه، ذكر رئيس جمعية “مغاربة بصيغة الجمع” أحمد غياث، أن هذا الفطور كان في البداية مجرد حلم لم يؤمن به إلا القليل من الناس، ومن ضمنهم السيد أندري أزولاي وغيثة زنيبر، الرئيسان الشرفيان للجمعية، مضيفا أن اختيار شعار هذه النسخة “فلنشعل الأنوار”، يفرض نفسه في عالم اليوم حيث يسود الظلام في جزء كبير منه.
وخلص غلى أنه “نريد أن نشعل الأنوار لإلهام بلدان أخرى ومناطق أخرى تعيش المعاناة”.
المصدر: مراكش الان
إقرأ أيضاً:
الترجمة.. جسور إماراتية بين الثقافات
هزاع أبو الريش
تلعب المؤسسات الثقافية في الإمارات دوراً لافتاً في دعم حراك الترجمة، إذ تعد ركيزة أساسية من ركائز نهضة الأمم، وتحضر الإمارات في هذا المجال حضوراً بارزاً عبر العديد من المبادرات والمشاريع، وهو ما يصنع جسوراً مضيئة وفاعلة بين الثقافات.
وهو ما تؤكد عليه الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية، والباحثة في الأمن الاجتماعي والثقافي، بقولها، إن صناعة الترجمة تعد رافداً أساسياً للحركة الثقافية والفكرية في أي مجتمع، وذلك لما لها من دور محوري في نقل الأفكار والمعارف بين الشعوب وتوسيع أفق التفاهم الحضاري، وأصبحت جزءاً من القوة الناعمة للدول التي تزيد من رقعة حضورها العالمي. ففي الماضي، لعبت الترجمات العربية لأعمال الفلاسفة والعلماء اليونانيين، مثل ترجمة ابن رشد لفلسفة أرسطو، دوراً كبيراً في إرساء أسس الفكر الغربي الحديث، حيث كانت تلك الترجمات نافذة أثرت في تطور الحضارة الغربية في مختلف المجالات الإنسانية. مضيفة: ومن هذا المنطلق، تعتبر الترجمة ركناً أساسياً في بنية المجتمع الثقافية والمعرفية، فهي لا تقتصر فقط على نقل الأفكار من اللغات الأخرى إلى لغتنا، بل تشمل كذلك ترجمة الفكر والأدب المحلي إلى لغات العالم، لتعريف الثقافات الأخرى بنتاجاتنا الفكرية والأدبية، ويتطلب تحقيق هذا الهدف مؤسسات ثقافية قوية تقدم الدعم والمساندة لحركة الترجمة بكل أركانها.
وتابعت الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان: «في الإمارات، تشهد حركة الترجمة نمواً ملحوظاً بفضل الدعم المؤسسي الذي توفره الدولة، فقد أطلقت مبادرات وطنية لدعم الترجمة، من أبرزها «مشروع كلمة للترجمة» التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، كما يتم العمل على ترجمة الأدب الإماراتي إلى لغات متعددة لنشر الثقافة الإماراتية عالمياً. ويعتبر هذا الجهد جزءاً من استراتيجية ثقافية تقوم على بناء مؤسسات منفتحة على الثقافات العالمية، قادرة على دعم الترجمة كمحور رئيسي لتعزيز التبادل الثقافي والمعرفي بين الإمارات والعالم، وهذا ما جعلنا نقوم في مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان بدورنا كمؤسسة ثقافية وطنية في دعم حركة الترجمة من ترجمة أعمال كثيرة من لغتنا إلى لغات أخرى، ومناقشة الأعمال المترجمة ضمن أنشطة مجلس الفكر والمعرفة، دعماً لرؤية الترجمة، وتماشياً مع التوجهات الثقافية التي تصب في عمق التواصل، وتجعلنا قريبين من الآخر».
الترجمة والتنمية
وحول دور المؤسسات الثقافية في دعم حراك صناعة الترجمة محلياً، يقول عبد الله ماجد آل علي، مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية: «أرى الترجمة والتنمية فعلين متلازمين، فالترجمة تؤدي إلى التنمية والتطوير وهي غاية الإنسان، كما أنها عامل أساسي من عوامل النهوض الحضاري، وهي إحدى الوسائل المهمة في تحقيق التنمية الشاملة، إذ تلعب دوراً مهماً في نقل المعارف ونتاج الفكر العلمي والأدبي والثقافي بين الحضارات وفي بناء واقع فكري من شأنه التغيير المستمر نحو الأفضل».
ويضيف آل علي: «إيماناً من الأرشيف والمكتبة الوطنية بالدور الذي تؤديه الترجمة على صعيد التنمية والتطوير، كان مؤتمر الترجمة الدولي الذي ستنعقد نسخته الخامسة في أبريل 2025، وأملنا كبير بأن يواصل دوره محلياً وعربياً وعالمياً، لما له من أثر علمي وفكري وثقافي على الأوساط الثقافية الأكاديمية والمهنية التي تُعنى بشؤون الترجمة، ولما أسفر عنه من دراسات وبحوث جادة سلطت الضوء على الترجمة، قديمها. وستظل الترجمة هي الأبرز والأسمى في مدّ جسور الحوار الحضاري ونشر ثقافة التسامح بين الشعوب والأمم، وستظل دولة الإمارات العربية المتحدة في ظل قيادتها الرشيدة تطلق المبادرات الرائدة وتدعمها في كافة المجالات العلمية والأكاديمية والثقافية، ومن بينها دعم حركة الترجمة. ولما كان الأرشيف والمكتبة الوطنية حريصاً على أن يكون صرحاً علمياً ومنبراً للبحث، تتوافد إليه قوافل طلاب المعرفة ومبدعو الفنون ورواد الآداب والمثقفين، فإننا أولينا حركة الترجمة اهتمامنا، وسعينا من أجل توظيف التقنيات الحديثة ما يجعلها مصدراً أساسياً من مصادر التجديد العلمي والثقافي، وستظل الترجمة همزة الوصل بين المجتمعات على اختلاف مواقعها على مؤشرات التقدم والمعاصرة، وستبقى البوابة التي تعبر منها العلوم والتقنيات الحديثة».
ويختتم آل علي بقوله: «الأرشيف والمكتبة الوطنية وهو يدرك تماماً أن الترجمة رافد من روافد الفكر الإنساني العابر للثقافات والحدود، ورسالة مثاقفة وحوار بين الحضارات والثقافات، فإن إسهاماته تشكل حلقة مهمة وجوهرة نفيسة في العقد الذي تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة بمؤسساتها الثقافية أن تبرزه للعالم، حاملاً صورتنا الحضارية والثقافية التي نفخر بها جميعاً».
منصة عالمية
من جانبه يقول الدكتور سيف الجابري، رئيس مجلس إدارة اتحاد الأكاديميين والعلماء العرب، إن المؤسسات الثقافية تعد ركناً وثيقاً من أركان صناعة الترجمة التي أضحت منبراً ومنصة عالمية يقتدى بها في علوم الترجمة بأنواعها المختلفة كون دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر من أكثر الدول في العالم التي تعيش فيها جنسيات متعددة بلغاتها المتنوعة والمختلفة، مما أسهم ذلك في انتشار الترجمة بين المؤسسات حسب احتياجاتها من لوازم اللغات، ومن هنا يظهر الدعم المؤسسي للترجمة كصناعة رابحة تسهم في الناتج العام لدخل الدولة ومؤسساتها وأفرادها.
ويؤكد الجابري: «تلك الإنتاجات من الترجمات جعلتنا ذات قوة منافسة للخارج، وما هذه المعارض والمؤتمرات والندوات والمحاضرات الخاصة والمعنية بالترجمة، إلا جزء من هذا النسيج الفلسفي العميق، والحراك الثقافي الكبير المنغمس في صميم صناعة الترجمة».
ويتحدث محمد نور الدين، كاتب وناشر، مؤسس دار نبطي للنشر والتوزيع، قائلاً: إن هناك العديد من الإسهامات من القطاع العام في مجال الترجمة والتي تعتبر إضافة نوعية، ومميزة في الوقت نفسه، فترجمة الأدب المحلي والتاريخ الإماراتي إلى اللغات الأخرى يتيح الوصول إلى الآخر، وهو ذكاء ونهج حضاري يوصلك للآخر ليدرك مدى مكانتك وإبداعك وما لديك من فكر وثقافة وتاريخ. ومن هنا نلاحظ احترافية المؤسسات الثقافية المحلية في تبني مسألة الترجمة، والمضي بها قُدماً من خلال الندوات والمحاضرات والمؤتمرات وجذب كبار المترجمين للاستفادة من خبرتهم وتجاربهم، وهذا ما جعلنا اليوم نتميز في مجال الترجمة. لافتاً، إلى دور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، في تبني عدد من الإصدارات والمؤلفات المحلية لترجمتها بعدة لغات، والمشاركة من خلالها في المعارض الدولية، وهذا ما يجعلنا نتيقن بأهمية الترجمة، ودورها، ومكانتها القيّمة والمُثلى في تسهيل عملية الوصول إلى الآخر.