احتدام الصراع بين داعش و "المجاهدين" في الصومال
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
الصومال هي ساحة صراع مستمرة بين تنظيم داعش ، الذي يسعى إلى تعزيز حضوره على الأرض الصومالية، وحركة شباب المجاهدين - ذراع تنظيم القاعدة – في الصومال.
هذا الصراع أدى إلى اندلاع العديد من المواجهات المسلحة بين الطرفين، وتصاعدت حدتها خلال الأيام الأخيرة، خصوصًا بعدما تحول تنظيم داعش في صراعه مع "الشباب" وأصبح يهجم بدل من أن يدافع، في محاولة منه لتأسيس إمارة هناك.
لماذا يحارب التنظيمان بعضهما البعض؟
ويوضح ذلك المحلل السياسي الصومالي، نسيب محمد علي، إذ يقول إن الصراع بين تنظيم داعش وحركة الشباب المجاهدين، في الصومال يعود إلى عدة عوامل وتفسيرات، منها التنافس على النفوذ والموارد، خاصة أن كلا التنظيمين يسعيان للسيطرة على المناطق والموارد في الصومال، مثل الموانئ والمناطق الحدودية والمساحات الريفية، و السيطرة على هذه المناطق تمنح القوة والقدرة على تمويل النشاطات الجهادية وجذب المقاتلين.
وأضاف محمد علي في تصريح خاص لـ " البوابة نيوز"، أن التنافس الإيديولوجي، يختلف من حيث توجه الفكري والإيديولوجي بين الطرفين، و على الرغم من أنهما يشتركان في أهداف جهادية، إلا أنهما يختلفان في الأساليب والتكتيكات والتفسيرات الدينية، و هذا يؤدي إلى تصاعد التوترات والاشتباكات.
وأشار المحلل السياسي، إلى أن التنافس القيادي والتنظيمي في كلا التنظيمين على السيطرة والقيادة، يمكن أن يؤدي إلى تصاعد التوترات والاقتتال.
وأكد، أنه يمكن أن تكون هناك تأثيرات إقليمية ودولية تدفع الطرفين إلى الصراع، و قد يكون هناك تدخلات خارجية تدعم أحد التنظيمين على حساب الآخر.
واختتم قائلًا، في النهاية يعكس هذا الصراع التنافس العنيف بين التنظيمين المتطرفين على السيطرة والنفوذ في المنطقة، ويؤثر على الأمن والاستقرار في الصومال والمناطق المجاورة.
ما هي الجهود التي تبذل لإنهاء الصراع في الصومال؟
تعاني الصومال من تداعيات الصراع المستمر بين تنظيم داعش وحركة الشباب المجاهدين، وهناك جهود متعددة تبذل للتصدي لهذا الوضع، ومنها:
يتم تنفيذ مشاريع التنمية وإعادة البناء لتحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية للسكان، فضلًا عن تعزيز الأمن وتدريب القوات الصومالية، كما يتم تدريب وتجهيز القوات الصومالية لمكافحة الجماعات المتطرفة والحفاظ على الأمن.
وفي الوقت الحالي، يتم توجيه جهود للتوعية بأخطار الإرهاب وتعزيز الوعي بين الشباب لمنع التجنيد.
و يجري الآن حوارات ومفاوضات بين الأطراف المتنازعة للتوصل إلى حلول سلمية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أخبار داعش أرض الصومال أفريقيا تنظیم داعش فی الصومال
إقرأ أيضاً:
الصراع على سوريا… مجدداً
إن أشهر الكتب التي وصفت الحالة السورية في مطلع ستينيات القرن المنصرم، وأحد أفضلها بالتأكيد، كتاب الصحافي البريطاني باتريك سيل (1930-2014) الذي ترعرع في سوريا وتخصّص في الكتابة عنها وعن سائر أمور الشرق الأوسط. صدر الكتاب في عام 1965 تحت عنوان «الصراع على سوريا»، وقد وصف الأحداث السورية والأحداث الإقليمية المرتبطة بها بين نهاية الحرب العالمية في عام 1945، وعام 1958 الذي شهد الوحدة مع مصر في إطار ما سمي آنذاك «الجمهورية العربية المتحدة». أما الصراع المذكور، فقد رآه الكاتب صراعاً بين المحور الغربي، مستنداً إلى المملكة العراقية الهاشمية (1921-1958) و«حلف بغداد» (1955) بقيادة بريطانيا ودعم الولايات المتحدة، وبين صعود الحركة القومية العربية، الذي جسّده «حزب البعث العربي الاشتراكي» وبعده مصر الناصرية، وقد صعد نجم هذه الأخيرة بقوة إثر تأميمها لقناة السويس في عام 1956 وصمودها في وجه العدوان الثلاثي البريطاني-الفرنسي-الإسرائيلي الذي تلا ذلك التأميم.
والحال أننا اليوم أمام أقصى حالة من الصراع الإقليمي والدولي على سوريا منذ أن استقرّت البلاد لمدة ثلاثين سنة تحت نظام آل الأسد الاستبدادي. حتى أن الصراع بات مفتوحاً اليوم أكثر مما في أي وقت مضى منذ أن اندلعت الحرب الأهلية في سوريا إثر قمع الانتفاضة الشعبية في عام 2011. ذلك أن التدخلين الإيراني والروسي المتتاليين أنقذا نظام آل الأسد إلى حد أن هيمنته على معظم الأراضي السورية بدت مؤكدة بعد عام 2015، بينما انحصرت المناطق الفالتة من سيطرته على أطراف البلاد. وقد عرفت ركيزتا حكم آل الأسد ضموراً حاداً في خريف العام الماضي مع تقلّص الدعم الروسي بسبب غرق موسكو في أوحال غزوها لأوكرانيا، وانهيار الدعم الإيراني، الذي تكبّد ضربة قاضية إثر الهزيمة التي مني بها «حزب الله» في لبنان من جرّاء الهجوم الصاعق الذي نفّذته الدولة الصهيونية عليه بعد سنة من تبادل القصف المحدود نسبياً.
فإن انهيار حكم آل الأسد إثر سقوط الركيزتين اللتين استند إليهما منذ عام 2015، وعجز «هيئة تحرير الشام» (هتش) عن التعويض عن الثلاثي المكوّن من قوات النظام البائد، التي كانت بذاتها أعظم بكثير مما لدى هتش سابقاً وحتى اليوم، ومن القوات التابعة لإيران وروسيا على الأراضي السورية، ذاك الانهيار وهذا العجز يعنيان أن سوريا باتت مجدداً ساحة صراع إقليمي مكشوف، بل وبشروط أكثر انفتاحاً على شتى الاحتمالات مما في أي وقت مضى في السنوات الثمانين الأخيرة، منذ نيل سوريا الحديثة استقلالها في عام 1946. والحال أن لدى «قوات سوريا الديمقراطية» وحدها، في الشمال الشرقي، من القوة العسكرية الذاتية ما يفوق ما لدى هتش (بلا مزيد من توغل الجيش التركي داخل الأراضي السورية).
إننا اليوم أمام أقصى حالة من الصراع الإقليمي والدولي على سوريا منذ أن استقرّت البلاد لمدة ثلاثين سنة تحت نظام آل الأسد الاستبدادي.
أما الفارق بين صراع خمسينيات القرن المنصرم والصراع الراهن، فذو دلالة بالغة على الاختلاف الجذري بين الحالة الإقليمية آنذاك واليوم. فقد انتهى منذ وقت طويل زمن الصعود القومي العربي، وحلّ محلّه تعفّن القوى التي حملت رايته سابقاً، وعلى الأخص حزب البعث بحلّتيه التكريتية والأسدية. أما أفول الحركة القومية العربية وانحطاطها في السبعينيات، فقد فسحا المجال أمام صعود القوى الدينية بالارتباط بصعود نجم المملكة السعودية إثر تعاظم عائداتها النفطية بفعل الارتفاع الحاد الذي عرفته أسعار النفط في منتصف السبعينيات في سياق المقاطعة العربية، لمّا كانت الدول النفطية العربية تتضامن مع الجانب العربي في وجه الدولة الصهيونية خلافاً لموقفها الراهن الذي يكاد يكون غير مبالٍ لحرب الإبادة الجارية في غزة.
بيد أن العدوان الأمريكي على العراق إثر اجتياحه للكويت في صيف 1990 والقطيعة التي تلت بين المملكة وجماعة الإخوان المسلمين، ومن ثم احتضان دولة قطر للجماعة، وبعدها تركيا الأردوغانية على خلفية الانتفاضات العربية التي هبّت منذ عام 2011، هذه التحوّلات جعلت الصراع الإقليمي الرئيسي الراهن صراعاً بين محور تقوده المملكة السعودية بالتحالف مع الإمارات العربية المتحدة ومصر عبد الفتّاح السيسي، من ميزاته العداء للجماعة، وقد التحقت به المملكة الأردنية الهاشمية علناً بعد قرارها الأخير حلّ الجماعة على أراضيها، صراعاً بين هذه الدول من جهة، والمحور التركي من الجهة الأخرى، علاوة على الصراع السعودي-الإيراني الذي خيّم على المنطقة وبلغ ذروته مع الاحتلال الأمريكي للعراق (2003-2011) حتى الهزيمة التي مُنيت بها طهران مؤخراً في الساحة السورية.
وإزاء هذا الصراع الإقليمي، الذي يجد امتداداً دولياً له في تفضيل الدول الغربية للمحور السعودي ومحاولة موسكو تقديم خدماتها للمحور المضاد مقابل ضمان بقاء قاعدتيها البحرية والجوية على الساحل السوري، فإن أحمد الشرع وحكومة هتش الجديدة التي شكّلها يمارسان أقصى الانتهازية في محاولة لكسب الوقت والاستفادة من الخصومات الإقليمية ومن التنافس بين شتى المحاور والدول.
وقد بلغت هذه الانتهازية درجة جعلت أحمد الشرع يوحي للولايات المتحدة استعداده للانضمام إلى «اتفاقيات أبراهام»، أي إلى قافلة التطبيع مع الدولة الصهيونية، مع تأكيده لحسن نواياه إزاء إسرائيل، في وقت اغتنمت هذه الأخيرة فرصة سقوط حكم الأسد كي تحتل مساحات جديدة من الأراضي السورية علاوة على ما احتلته في عامي 1967 و1973، وكي تدمّر الطاقة العسكرية النظامية السورية تدميراً شاملاً بعد أن كانت مطمئنة لعدم استخدام تلك الطاقة ضدها ما دام حكم آل الأسد قائماً (خلافاً لأساطير «محور المقاومة») ناهيك من منح إسرائيل نفسها حق الضرب عسكرياً داخل الأراضي السورية متى وكيفما شاءت على غرار ما تمارسه على الأراضي اللبنانية. وإنه لموقف مشين للغاية من قِبَل الشرع، يدلّ على تعلّق أكبر بالسلطة وبالأيديولوجيا الدينية وبالطائفية المكوّنة لحركته ممّا بالمبادئ الوطنية، وإن كان الموقف من باب التكتكة الرخيصة.
صحيفة القدس العربي