غزة- اتهمت مؤسسات وشخصيات فلسطينية الاحتلال بتعمد اغتيال رجل الإصلاح إسماعيل النونو، على خلفية رفضه التعاون مع خطة الاحتلال الهادفة إلى إيجاد "إطار عشائري"، حتى توكل له مهمة توزيع المساعدات الإنسانية، ويكون نواة لقيادة بديلة عن حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

وقصفت طائرات إسرائيلية منزل النونو يوم الأربعاء 20 مارس/آذار الجاري، ما أدى إلى استشهاده، برفقة زوجته واثنين من أبنائه واثنين من أحفاده، وترافق اغتيال النونو مع استهداف ناشطين من "اللجان الشعبية"، التي شُكلت لتأمين وتوزيع المساعدات الإنسانية، بالتعاون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا".

وفي إطار السياسة التي تمارسها إسرائيل بتجويع سكان قطاع غزة، حيث تمنع توزيع المساعدات الإنسانية بطريقة منظمة لتصل إلى جميع السكان، وتطلق النار على المواطنين الذين يحضرون لاستلام حاجتهم منها، حاولت إسرائيل تشكيل إطار لتوزيع المساعدات، يعتمد على بعض العشائر الفلسطينية، لكنه فشل بعد رفض ممثلي العائلات التعاون مع الاحتلال.

ولاحقا، تم التوصل لاتفاق بين وكالة "أونروا" وإسرائيل لتوزيع المساعدات، وحماية الشاحنات التي تحملها من قبل "لجان شعبية"، تعتمد على متطوعين ورؤساء العائلات، لكن الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم بالاتفاق، واستهدف العديد من القائمين على اللجان الشعبية، ما أدى إلى استشهاد وإصابة العديد منهم.

وقال المستشار الإعلامي لوكالة "أونروا" عدنان أبو حسنة في تصريحات صحفية، تعقيبا على استهداف الناشطين في تأمين وتوزيع المساعدات، إن إسرائيل "لم تقدم تفسيرا لانسحابها من ترتيبات تقديم المساعدات لشمال غزة".

منزل النونو تعرض للتدمير والإحراق على يد قوات الاحتلال (الجزيرة) رجل الإصلاح

بلغ إسماعيل النونو من العمر 58 عاما، وكان رجل أعمال يمتلك شركة "إلكترونيات ألفا" المتخصصة في خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية وأنظمة المراقبة وأجهزة التحكم.

وبالإضافة لعمله التجاري، كان النونو يمارس دورا بارزا في العمل الاجتماعي والخيري والإصلاح، حيث يرأس لجنة إصلاح منطقة "صلاح الدين" شرقي مدينة غزة، بالإضافة إلى كونه مختارا لعائلة "النونو".

وخلال السنوات الماضية، دأب النونو على رعاية العديد من مراسم الإصلاح بين العائلات الفلسطينية في مدينة غزة، كما كان يشارك في ندوات تنظمها مؤسسات حكومية وأهلية، حول أهمية "تقوية النسيج المجتمعي وتعزيز السلم الأهلي".

وخلال الحرب، تعرضت ممتلكات النونو للتدمير على يد قوات الاحتلال، حيث سبق أن نشر على حسابه في موقع "فيسبوك" يوم 6 فبراير/شباط الماضي منشورا قال فيه إن قوات الاحتلال حرقت منزله ثم دمرته بعد عدة أيام، وكذلك دمرت مقر شركته.

أسباب الاغتيال

يؤكد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة أن اغتيال النونو متعلق بموقفه من التعاون مع الاحتلال، ووضح في تصريح خاص للجزيرة نت "تم اغتيال المختار إسماعيل النونو وأسرته على خلفية رفضه التعاون مع الاحتلال في موضوع المساعدات، كبديل عن الواقع الإداري في قطاع غزة".

وأعرب الثوابتة عن "أشد عبارات الاستنكار والإدانة للإرهاب الإسرائيلي لاغتيال المختار النونو"، وذكر أنه عمل تحت مظلة اللجان الشعبية التي نشطت في تقديم المساعدات إلى النازحين الجوعى في محافظات قطاع غزة.

وأكد أن اللجان الشعبية لا تعمل تحت إطار حركة حماس ولا حكومتها في غزة، بل وفق اتفاق تم بين منظمات دولية والاحتلال "ورغم ذلك تم استهدافها.. الاحتلال لا يريد أي نجاحات في اختراق سياسة التجويع وإنهاء المجاعة، لذلك هو يقوم بارتكاب هذه المجازر والجرائم بحق مخاتير العائلات والعشائر القائمين على تقديم المساعدات، لأنه يحاول قتل كل مقومات الصمود لأبناء شعبنا الفلسطيني".

رفض التعاون مع الاحتلال

يكشف رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده أن النونو "رفض بشكل قاطع" عروضا من سلطات الاحتلال الإسرائيلية للتعاون معها -برفقة وجهاء آخرين- في توزيع المساعدات، و"إدارة شؤون قطاع غزة" ليكونوا بديلا عن حركة حماس.

وقال عبده للجزيرة نت "حسب ما وصلني من معلومات، كان النونو خلال المرحلة الماضية ضمن جزء من عمليات تواصل قامت بها مؤسسات دولية بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، بهدف ترتيب وتأمين دخول المساعدات، تمهيدا لقيام العائلات بدور أساسي في حكم غزة".

وأضاف "عُقدت عدة اجتماعات شارك بها النونو، وقد رفض بجانب مخاتير آخرين المقترحات الإسرائيلية، ورفضوا أي تجاوز لسلطة القانون في قطاع غزة".

ولاحقا، تلقى النونو ووجهاء عائلات آخرون، اتصالات من منسق أعمال الجيش الإسرائيلي لشؤون الضفة الغربية وقطاع غزة، تطالبهم بالتعاون وتحاول استمالتهم للتعاون مع الاحتلال الإسرائيلي، بحسب عبده، إلا أن النونو رفض هذا الأمر بشكل قاطع وقال "إن هذا لن يحدث، ولن يكون هناك تعاون مع إسرائيل كقوة احتلال"، وهو ما دفع المنسق الإسرائيلي، إلى استخدام عبارات تهديد مفادها أن النونو "سيخسر"، وأن المجتمع الفلسطيني "سيخسر إذا لم يتعاونوا".

ويرى عبده أن نجاح تمرير المساعدات الأسبوع الماضي بتعاون اللجان الشعبية والوجهاء "لم يعجب الاحتلال الإسرائيلي، الذي أدرك أن المخاتير يلعبون دورا وطنيا، وهو ما يتعارض مع مخططات الاحتلال".

وختم عبده حديثه بالقول "أعتقد أن ما سبق دفع إسرائيل إلى قتل النونو، في سياق عملية لتكريس حالة الفوضى، فإسرائيل بعد أن فشلت في توفير بدائل لحكم حركة حماس في غزة، تريد أن تُحدث حالة فوضى دائمة، بهدف تفريغ شمال قطاع غزة من السكان".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الاحتلال الإسرائیلی التعاون مع الاحتلال اللجان الشعبیة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

محمد الضيف .. نشأته ومحطات حياته

منذ أكثر من ثلاثة عقود، قاد الضيف كتائب "الشهيد عز الدين القسام"، متجاوزا محاولات الاغتيال المتكررة التي جعلته أشبه بالشبح الذي يؤرق إسرائيل ويعيد صياغة معادلات الصراع في كل مواجهة، وصولا إلى معركة "طوفان الأقصى".

 

نشأته وبداية حياته العسكرية:

وُلد محمد دياب إبراهيم المصري، المعروف بـ"محمد الضيف"، عام 1965 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، لعائلة هجّرت من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ليستقر بها المقام في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة.

تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس مخيم خان يونس كما بقية اللاجئين الفلسطينيين الذين هجِّروا من ديارهم وأرضهم وممتلكاتهم.

- تأثر منذ صغره بواقع "الاحتلال وظروف اللجوء القاسية"، وهو ما دفعه للانخراط في صفوف "حماس" خلال دراسته في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث درس العلوم وكان من الناشطين في الكتلة الإسلامية.

 

الانضمام لحركة حماس:

 

انضم إلى حركة "حماس" منذ صغره وكان عنصرًا نشيطا فيها.

 

شارك في فعاليات الانتفاضة الكبرى التي اندلعت نهاية عام 1987 واعتقل في إطار الضربة الأولى التي وجهتها القوات الإسرائيلية للحركة في صيف عام 1989 بتهمة الانضمام إلى الجناح العسكري للحركة الذي كان الشيخ صلاح شحادة (قتل في صيف 2002) قد أسسه آنذاك، وكان يحمل اسم "حماس المجاهدين" قبل أن يطلق عليه اسم "كتائب القسام"، وأمضى عاما ونصف العام في السجن.

أفرجت إسرائيل عام 1991 عن الضيف من سجونها ليلتحق بالمجموعات الأولى لكتائب "القسام" التي أعيد تشكيل الجهاز العسكري من خلالها، وذلك من خلال مجموعة خان يونس، والذين قتل معظمهم مثل ياسر النمروطي وجميل وادي، هشام عامر، وعبد الرحمن حمدان، ومحمد عاشور، والأسير حسن سلامة وغيرهم من المقاومين.

 

بدأت عملية مطاردته بعد أن رفض تسليم نفسه.

 

تمكن خلال هذه الفترة ومن خلال إتقانه للتخفي والبقاء في مكان واحد لفترة طويلة، من ألا يقع في قبضة القوات الإسرائيلية حيا أو ميتا.

برز دور الضيف بعد اغتيال عماد عقل الذي برز اسمه في سلسلة "عمليات فدائية" في نوفمبر من عام 1993، حيث أوكِلت إليه قيادة "كتائب القسام".

 

خلال هذه الفترة، استطاع الضيف أن يخطط وينفذ عدة عمليات نوعية، وكذلك تمكن من الوصول إلى الضفة الغربية وتشكيل العديد من "الخلايا الفدائية" هناك، والمشاركة في تنفيذ عدة "عمليات فدائية" في مدينة الخليل والعودة إلى قطاع غزة.

لعب محمد الضيف دورا كبيرا في التخطيط لعملية خطف الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان عام 1994 في بلدة بير نبالا قرب القدس والذي قتِل وخاطفيه بعد كشف مكانهم.

وظهر الضيف وهو يحمل بندقية وبطاقة هوية فاكسمان التي هربت من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، حيث كان ملثما بالكوفية الحمراء.

ومع اشتداد الخناق على المطلوبين لإسرائيل في قطاع غزة، رفض الضيف طلبا بمغادرة قطاع غزة خشية اعتقاله أو اغتياله، لا سيما في ظل سياسة قصف المنازل التي يعتقد أن بها أيا من المطلوبين، وقال كلمة مشهورة آنذاك: "نحن خلقنا لمقاومة الاحتلال إما أن ننتصر أو نستشهد"، وذلك على الرغم من موافقة عدد من زملائه على الخروج من القطاع.

تمكن الضيف من أن يؤمن وصول المهندس يحيى عياش، أحد خبراء المتفجرات في الضفة الغربية إلى قطاع غزة بعد تضييق الخناق عليه في الضفة الغربية، وللاستفادة من خبرته في صناعة المتفجرات، حيث تم اغتياله بواسطة هاتف مفخخ مطلع عام 1996.

وقف الضيف وراء عمليات الثأر لعياش، من خلال إرسال حسن سلامة إلى الضفة الغربية للإشراف عليها، حيث قتل في هذه "العمليات الفدائية" حوالي ستين إسرائيليا.

 

لاحقا، بدأ بالاستعداد لتنفيذ المزيد من العمليات حتى اندلعت انتفاضة الأقصى في سبتمبر من عام 2000 .

ومع إفراج السلطات الإسرائيلية عن الشيخ صلاح شحادة عام 2001، سلّم الضيف الشيخ شحادة قيادة الجهاز العسكري، حيث كلف شحادة الضيف بالمسؤولية عن الصناعات العسكرية للكتائب.

تعرض الضيف لمحاولة الاغتيال الأولى بعد عام من اندلاع الانتفاضة، حيث كان برفقة عدنان الغول (قتل في 22  أكتوبر 2004) خبير المتفجرات في كتائب القسام ونجله بلال، إ أطلقت عليهم طائرة إسرائيلية صاروخا في بلدة "جحر الديك" وقد نجيا من الاغتيال بأعجوبة بعد مقتل بلال في القصف ليغطي على والده ورفيق دربه.

 

قيادة الجهاز العسكري:

 

وبعد اغتيال شحادة في صيف عام 2002، أعادت قيادة الحركة المسؤولية للضيف لقيادة الجهاز العسكري.

في 26 سبتمبر من عام 2002، نجا الضيف من محاولة اغتيال ثانية بعد قصف السيارة التي كانت تقله في حي الشيخ، حيث قتل مرافقاه وأصيب بجراح خطيرة للغاية.

وأشارت مصادر فلسطينية إلى تعرض الضيف لمحاولة اغتيال ثالثة في قصف أحد المنازل في صيف 2006 خلال العملية العسكرية “لإسرائيلية بعد أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، حيث قيل إنه أصيب بجراح خطيرة. دون أن تؤكد ذلك كتائب "القسام".

 وكانت أخطر محاولات اغتيالاته في عام 2014، خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث استهدفت الطائرات الحربية منزله وقتلت زوجته وابنه، لكن الضيف خرج من تحت الركام ليواصل قيادة المعركة.

منذ توليه القيادة، أدار الضيف العديد من العمليات الفدائية ضد إسرائيل، وكان من أبرز المهندسين الذين عملوا على تطوير القدرات العسكرية لـ"حماس"، بما في ذلك تصنيع الصواريخ المحلية وإنشاء شبكة الأنفاق العسكرية.

 

دوره في "طوفان الأقصى":

 

أطل محمد الضيف في السابع من أكتوبر 2023،  ليعلن انطلاق معركة "طوفان الأقصى" التي أشرف عليها وحضر في ميدانها حتى قتل فيها.

ومن أبرز أسباب الطوفان سلوك الاحتلال الصهيوني، ومخططاته القائمة على حسم الصراع، وفرض السيادة على القدس بمقدساتها، تمهيداً للتقسيم المكاني والزماني، ولبناء الهيكل المزعوم.

محمد الضيف لم يظهر في الإعلام، ولم يُعرف له سوى تسجيلات صوتية معدودة، لكن يُنظر إليه باعتباره العقل المدبر للتكتيكات العسكرية التي غيرت طبيعة المواجهة بين "فصائل المقاومة" وإسرائيل.

فخلال معركة "سيف القدس" عام 2021، كان الضيف وراء استراتيجية استهداف تل أبيب بالصواريخ ردا على الاعتداءات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى.

 

ووضعت إسرائيل، على مدار عقود، محمد الضيف على رأس قائمة المطلوبين، وعدّته أخطر شخصية فلسطينية تهدد أمنها. ورغم كل الجهود الاستخباراتية، لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من الوصول إليه، حتى رحل كما "يحب شهيدا في ميدان أعظم معركة شارك في التخطيط لها وفي قيادتها وهي المعركة التي أثبتت هشاشة كيان الاحتلال وقابليته للهزيمة"، وفق المركز الفلسطيني للإعلام.

مقالات مشابهة

  • الدكتور إسماعيل عبد الغفار: الذكاء الاصطناعي مشروع إنساني يتطلب تكامل الجهود
  • بالفيديو .. الأسير الإسرائيلي سيغال يشكر القسام
  • الأسير الإسرائيلي سيغال يشكر القسام.. مشاهد لتسليم الدفعة الرابعة
  • ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 47 ألفا و487 شهيدا
  • الصليب الأحمر الدولي يؤكد ضرورة تلبية احتياجات العمليات الإغاثية في غزة
  • الاحتلال يُعلن وصول محتجزين مفرج عنهما من قطاع غزة إلى إسرائيل
  • الاحتلال يعلن وصول محتجزين مفرج عنهما من قطاع غزة إلى إسرائيل
  • قوانين «الاحتلال الإسرائيلي» تعرقل عملية إعادة إعمار قطاع غزة
  • محمد الضيف .. نشأته ومحطات حياته
  • مختار غباشي: إسرائيل تسعى لتنفيذ التهجير القسري كوسيلة لتصفية القضية الفلسطينية