توقعت الخبيرة الاقتصادية والباحثة المختصة في الشؤون الأوروبية الدكتورة نجاة عبد الحق أن تؤدي الحرائق التي تشهدها دول أوروبية إلى زيادة العبء على الحكومات التي تواجه أصلا مشاكل اقتصادية واجتماعية، مما يهدد بتصدعات سياسية.

وقالت عبد الحق إن الحرائق التي تضرب العديد من المدن والقرى في أوروبا ستؤدي إلى ارتفاع الأعباء على الدول، باعتبار أن الناس الذين تضرروا ينتظرون الدعم من حكوماتهم.

وتساءلت الدكتورة نجاة عبد الحق عن مدى قدرة هذه الحكومات على الاستمرار في مكافحة هذه الحرائق، خاصة في ظل حاجتها إلى طائرات ومعدات مكلفة جدا.

كما تحدثت عن تكاليف غير مباشرة ستتكبدها الدول الأوروبية جراء الحرائق، وتتمثل خصوصا في تأثر قطاع السياحة.

وكان 8 أشخاص على الأقل لقوا مصرعهم في إيطاليا واليونان، كما سجلت السلطات خسائر مادية فادحة وتعطلت بعض وسائل المواصلات جراء حرائق الغابات وآثار التغير المناخي في أوروبا.

وقد فاقم ارتفاع دراجات الحرارة إلى مستويات قياسية خطر حرائق الغابات في بعض دول القارة، مثل إسبانيا وإيطاليا وفرنسا واليونان وسلوفينيا والبرتغال.

وتعتقد الخبيرة الاقتصادية -في حديثها لحلقة (2023/7/26) من برنامج "ما وراء الخبر" أن الدول الأوروبية لم تجهز نفسها للأزمات المتعلقة بالتغير المناخي ولكيفية مكافحتها، وربطت هذه المسألة بالتباين الحاصل بين هذه الدول، فالسويد وألمانيا مثلا لا تشعران بالأزمة لأن الحرائق لم تصلهما.

وفي السياق نفسه، أشارت إلى أن الدول الأوروبية لم تتمكن من التوصل إلى إستراتيجية موحدة لمعالجة الأزمات، مما ينعكس على موضوع الأمن الاقتصادي في القارة العجوز.

بدوره، ذهب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف الدكتور حسني عبيدي في نفس الاتجاه بقوله إن الدول الأوروبية لم تتفق على وضع إستراتيجية موحدة لمواجهة التحديات التي تزداد خطورة مع التغيرات المناخية، مشيرا إلى أن دولا مثل إيطاليا لا تمتلك طائرات كافية مخصصة لمكافحة الحرائق.

وتحدث عبيدي عن الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة بين ألمانيا وفرنسا، وقال إن الدولتين ليستا على قلب واحد بشأن قضايا عدة، مؤكدا أن أوروبا اكتشفت أنها هشة عندما أصبحت تستورد الكمامات من الصين وتعجز عن إنتاج اللقاحات الكافية خلال انتشار وباء كورونا.

التحديات وصعود اليمين المتطرف

واتفق عبيدي ونجاة عبد الحق على أن تراكم الأزمات ستكون له تبعات على القارة العجوز في العالم، وأكدت الخبيرة الاقتصادية والباحثة المختصة في الشؤون الأوروبية أن كل المعادلات الاقتصادية والجيوسياسية تغيرت في أوروبا منذ بدء حرب روسيا على أوكرانيا، وتوقعت أن تؤدي التراكمات إلى تصدعات اجتماعية تضغط على السياسيين.

وتابعت أن اليمين المتطرف ونتيجة الأزمات المتراكمة وتعطش الجماهير للحلول السريعة يقترب من مراكز صنع القرار، والمؤشرات على ذلك موجودة في فرنسا وإسبانيا وحتى ألمانيا.

ومن وجهة نظر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف فإن الأخطر في الأمر هو أن التراكمات الاجتماعية والاقتصادية تسبب عدم استقرار داخل الحكومات الأوروبية كما حصل في إسبانيا وألمانيا وفرنسا، حيث يتقدم اليمين المتطرف الذي يتغذى بخطاب شعبوي يلعب على وتر ضعف الأداء الحكومي.

لكنه بالمقابل أكد على إيمانه بأن الدول الأوروبية ما زالت قادرة على صياغة رؤية موحدة لمواجهة التحديات، معتبرا أن قوة الاتحاد الأوروبي هي من قوة الدولتين اللتين تقودانه (ألمانيا وفرنسا)، ولو توافقتا يمكن لأوروبا أن تتجنب صعود اليمين المتطرف وتنهض من أزمتها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدول الأوروبیة الیمین المتطرف فی أوروبا

إقرأ أيضاً:

حرب ترامب الاقتصادية

لكل حقبة سياسية إيقاعها الخاص وسِماتها المميّزة. والحقبة السياسية الرئاسية الثانية للرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب تدخل في هذا السياق. فهي، وإن تشابهت في كثير من سِماتها ومناحيها مع حقبته الرئاسية الأولى (2017 - 2021) فإنها تميّزت عنها، واكتست ملامحَ وسِماتٍ خاصة بها.

من أوجه التشابه بين الحقبتين الرئاسيتين الموقف العدائي الواضح من وسائل الإعلام الأميركية والدولية التي أبدت حرصاً على تمحيص ما يطلقه الرئيس ترمب من تصريحات تتَّسم بالعشوائية وبالكثير من المغالطات، ولا تتفق والحقائق. هذه السِّمة من الممكن رصدها بوضوح في الحقبتين.

وهناك قلقٌ وخوفٌ من تصاعد وتيرة التوتر بين الطرفين. ويرى البعض من المعلقين أن التوتر قد ينتقل إلى مرحلة أخرى، تتعرّض فيها وسائل الإعلام غير المرضي عنها إلى تضييق هامش الحرية، على أمل تدجينها، أو تعريضها للإفلاس والإغلاق.

هناك أيضاً الموقف غير الودي من حلفاء أميركا، ومعاملتهم على حد سواء مع غيرهم من الدول التي تُصنّف بغير الحليفة أو غير الصديقة. وعلى سبيل المثال، فإن أول حزمة من قرارته المتعلقة بالحرب التجارية الحمائية، في حقبته الثانية، شملت ثلاث دول.

اثنتان منها: المكسيك وكندا، تصنّفان تاريخياً تحت خانة الأصدقاء والجيران. والثالثة: الصين، وتصنّف في الخانة الأخرى المقابلة. المكسيك تحديداً نالت النصيب الأوفر من سياسة العداء، على عدة مستويات، في الحقبتين. والأمر نفسه يقال عن الموقف من الصين رغم الاختلاف بين البلدين في مستوى العلاقات. وكندا، هي الأخرى، انتقلت من خانة الدول الصديقة إلى الخانة المقابلة بين يوم وليلة.

وتعرّضت مؤخراً لفرض رسوم جمركية على السلع والبضائع التي تصدرها لأميركا بنسبة 25 في المائة، مما اضطر رئيس حكومتها إلى المعاملة بالمثل، وفرض رسوم جمركية بالنسبة نفسها على السلع الأميركية. ومن المتوقع أن تشمل القائمة التالية بريطانيا، الحليف التاريخي لأميركا، وكذلك دول الاتحاد الأوروبي. 

الأمر الذي حدا بقادة تلك الدول مؤخراً إلى التنادي إلى عقد اجتماع في بروكسل لمحاولة الاتفاق على تدابير وقائية تفادياً لضربة تجارية أميركية محتملة قريباً. ومن الممكن التذكير بقرار الرئيس الأميركي بحجب المساعدات الأميركية الخارجية عن جميع الدول باستثناء مصر وإسرائيل.

التمايز بين الحقبتين يمكن رصده في سرعة تحركات إدارة الرئيس ترمب، منذ اليوم الأول لتسلم مهام منصبه الرئاسي ثانية؛ حيث تبيّن أن الرئيس ومستشاريه وأعوانه على عجلة من أمرهم، وفاجأوا العالم بحزمة من القرارات التنفيذية، تجاوزت المائتين. وباستثناء قرار الرئيس بالإفراج عن المتورطين من أنصاره في أحداث يناير (كانون الثاني) 2021 والصادرة ضدهم أحكام قضائية بالسجن، فإن الغالبية من تلك القرارات لا مكان فيها إلا للعصا.

نحن إذن إزاء حقبة سياسية جديدة تتميز بتحركها بإيقاع سريع زمنياً، وكأن الرئيس ترمب يخشى نهاية السنوات الأربع، مدة حقبته الرئاسية الثانية والأخيرة، قبل أن يتمكن من تحقيق ما وعد به أنصاره من وعود. كما يمكن ملاحظة أن الرئيس ترمب، خلال الأيام الأولى من رئاسته الثانية، قد أشهر العصا، بأن أعلن حروباً على المستويين الداخلي والخارجي. ومن المتوقع أن تطال عصاه المرفوعة قطاعات عديدة من الشعب الأميركي، خاصة منها المصنّفة سياسياً تحت خانة الديمقراطيين، واليسار الليبرالي.
وتحدثت عدة تقارير إعلامية عن رغبة العديد من الأميركيين، ممن يصنّفون على الفئتين المذكورتين أعلاه، على مغادرة البلاد والعيش في أوروبا.

العالم الآن ينتظر الخطوة القادمة في تحرّكات الرئيس ترمب، ويراهن البعض على أنَّ الحرب الأوكرانية - الروسية لن يتأخر دورها كثيراً. وكان الرئيس ترمب قد تعهد في تصريح أدلى به مؤخراً بفرض عقوبات على روسيا، في حالة رفضها دعوته بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.

وليس غريباً أن تكون إسرائيل، خلال الحقبتين الرئاسيتين، أكثر الدول ارتياحاً لوجود الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وأن يكون رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو من أول من يتلقون دعوة رسمية لزيارة واشنطن. وللتذكير، فإنَّ الرئيس ترمب كان أول رئيس أميركي يصدر قراراً بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

أضف إلى ذلك قراره في أول أيام ولايته الثانية بوقف العقوبات الأميركية المفروضة ضد المتطرفين من المستوطنين اليهود في الضفة الغربية بمنعهم من دخول أميركا. تلك العقوبات أصدرها الرئيس السابق جو بايدن قبل انتهاء فترته الرئاسية بقليل.

قد يبدو الأمر صحيحاً في أنَّ ترمب لا يريد حروباً عسكرية، ولكنه بدأ فعلاً في شنّ حرب اقتصادية ربَّما تكون أشدَّ هولاً من حروب أميركا العسكرية.

الشرق الأوسط

مقالات مشابهة

  • ما هي الدول الأوروبية التي تعاني أكثر من غيرها من مشاكل التركيز والذاكرة؟
  • حرب ترامب الاقتصادية
  • حرب ترمب الاقتصادية
  • حقيقة ظهور صرصور على السجادة الحمراء لحفل الجرامي 67
  • بقلوب زرقاء.. نجوم غرامي يتضامنون مع متضرري حرائق لوس أنجليس
  • سابريتا كاربنتر تفوز بجائزة أفضل ألبوم بوب في حفل الجرامي 67
  • النجوم يجمعون التبرعات في حفل الجرامي دعما لمتضرري حرائق الغابات
  • تايلور سويفت وليدي جاجا وبيلي إيليش يتألقن على السجادة الحمراء بحفل الجرامي 67
  • كاسي موسجريفز تفوز بجائزة أفضل أغنية ريفية في حفل الجرامي 67
  • توافد النجوم على السجادة الحمراء لحفل جوائز الجرامي 67